عندما تصبح التكنولوجيا آيديولوجية مُوجَّهة
تاريخ النشر: 29th, October 2024 GMT
محمود بن خلف العدوي
رغم أن التكنولوجيا ساهمت وتساهم في تطوير المجتمعات وتقدمها، وتعمل على تحسين جودة حياة الأفراد والمؤسسات من خلال الأدوات والتطبيقات المصاحبة لها، ولكن في المقابل يمكن أن تكون أيضاً وسيلة من الوسائل والآيديولوجيات الموجهة ضد الشعوب، وذلك خلال التأثير والتلاعب بالعقول لتغيير سلوكيات الأفراد ليتم إعادة تكوين القيم والأخلاق والهوية بما يتوافق ويتماشى مع أهداف تلك الآيديولوجيات وذلك باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي أو المنصات الرقمية.
ويمكن تعريف التكنولوجيا الآيديولوجية على أنها إحدى الوسائل التي تتبعها بعض الدول والمؤسسات لتوجيه التفكير الجماعي لمجتمع معين بما يخدم مصالحها السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، وذلك بنشر أفكار وثقافات معينة تعزز قيم، وأفكار، ومعتقدات منحرفة فتساهم بذلك في تفكيك المجتمعات أخلاقيا واجتماعيا وتفريغه من الهوية التي يتمنى إليها، مما يسهل على تلك الدول والمؤسسات التأثير على سلوكيات الأفراد، وجعلهم أداة من أدوات صناعة الفوضى داخل مجتمعاتهم.
وفي ظل التحولات التي تشهدها منطقة الدول العربية والحرب الغاشمة على قطاع غزة ولبنان، يتضح جلياً كيف أن تكنولوجيا كالآيديولوجية بدأت في التوغل داخل المجتمعات العربية عن طريق قيادة وتعزيز الصراعات في منصات التواصل الاجتماعي، فتعمل على بث الفتن والأخبار الزائفة والشائعات عن طريق هذه المنصات أو عن طريق المنصات الرقمية لتجعل أفراد الشعوب العربية تغرق في صراع الحوارات والمناقشات اللاأخلاقية لتخرج من أدبيات الحوار إلى مرحلة أن تكفر كل طائفة الأخرى.
واتساع مثل هذه الصراعات لن يخدم الوحدة العربية بأي شكل من الأشكال بل سيؤدي إلى تفريغ الروح العربية من قيمها وأخلاقها النبيلة السامية لتصبح أرواحا غير مبالية بما يحدث للشعوب العربية الأخرى من تدمير، وقتل، وتشريد، وتهجير، فيتأكل النسيج العربي شيئا فشيئا وتدب في الأرواح الأحقاد والضغائن والأطماع.
لذا.. يجب على المجتمعات العربية أن تعي هذا الخطر الكبير، وأن تلقي كل ما من شأنه أن يؤثر على كيانها المتماسك، ونسيجها الاجتماعي في بئر لا قاع له، وأن يكون هناك دور أكبر لمشايخ العلم، والمثقفين من العرب الذين طالما كانت لهم بصمة في المحافظة على الكيان العربي المتلاحم من خلال كتاباتهم، وتغريداتهم الهادفة في منصات التواصل الاجتماعي أو المنصات الرقيمة لتوعية الشعوب العربية بهذا الخطر المُدمِّر.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
المفتي: الشريعة مطبقة بمفاهيمها الشاملة وليست مقتصرة على الحدود فقط
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد الدكتور نظير عياد، مفتي الديار المصرية، أن الشريعة الإسلامية قائمة ومطبقة في المجتمعات الإسلامية بمختلف أشكالها، وليست مقتصرة فقط على الحدود والعقوبات، كما يروج بعض الجماعات المتطرفة.
وأوضح المفتي خلال حلقة برنامج "حديث المفتي"، المذاع على قناة الناس، اليوم الاثنين، أن الشريعة الإسلامية منظومة شاملة تنظم جميع جوانب الحياة، من العقائد والعبادات إلى المعاملات والعلاقات الاجتماعية والقوانين الاقتصادية والسياسية.
وأضاف أن الادعاءات التي تروج بأن الشريعة غير مطبقة تنطوي على مغالطات كبيرة، حيث إن أحكام الشريعة تُنفذ بطرق متعددة في المجتمعات الإسلامية، سواء من خلال القوانين المستمدة من الفقه الإسلامي، أو من خلال تطبيق قيم العدل والرحمة وحفظ الضرورات الخمس (الدين، النفس، العقل، المال، النسل).
وأشار الدكتور نظير عياد إلى أن هناك فئتين تخلطان بين مفهوم الشريعة وتطبيقها: الأولى هي الجماعات المتطرفة التي تزعم أن الشريعة غائبة لمجرد عدم تطبيق الحدود، بينما الثانية هي التيار الحداثي المتطرف الذي يرفض الشريعة بدعوى عدم مناسبتها للعصر.
وأكد أن كلا الطرفين يقدمان تصورات خاطئة، إذ إن الشريعة الإسلامية تحمل في جوهرها مرونة فقهية تسمح لها بالتكيف مع مختلف العصور دون أن تفقد مبادئها الأساسية.
وشدد مفتي الديار المصرية على ضرورة نشر الوعي الصحيح بمفهوم الشريعة الإسلامية، وتشجيع الاجتهاد الفقهي المعاصر لضمان تحقيق مقاصد الشريعة في الواقع العملي، مشيرًا إلى أن الخطاب الذي يروج لتعطيل الشريعة يؤدي إلى التشدد والتكفير، وهو ما يتنافى مع رسالة الإسلام السمحة التي جاءت رحمة للعالمين.