العلاقات العمانية الجزائرية.. آفاق واعدة للمستقبل
تاريخ النشر: 29th, October 2024 GMT
العلاقات العمانية الجزائرية تتسم بالمصداقية والاحترام المتبادل والتنسيق السياسي والتعاون فـي مختلف المجالات، حيث انطلقت هذه العلاقات منذ الزيارة التاريخية للسلطان قابوس بن سعيد - طيّب الله ثراه - إلى الجزائر عام ١٩٧٣، والتي جاءت بعد التغيير فـي سلطنة عمان عام ١٩٧٠ وانفتاح البلاد على العالم، ووضعت أسس التعاون بين البلدين والشعبين الشقيقين.
كما جاءت زيارة الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد ـ رحمه الله ـ إلى سلطنة عمان عام ١٩٩٠ لتشكل نقلة جديدة فـي مجمل العلاقات بين مسقط والجزائر، مما فتح المجال لعلاقات اتسع مجالها بعد تشكيل اللجنة العمانية الجزائرية وتبادل الكثير من الزيارات بين مسؤولي البلدين، علاوة على وجود العشرات من الشركات العمانية والجزائرية فـي كلا البلدين من خلال المشروعات الاستثمارية التي يقوم بها القطاع الخاص، وهناك تطور لافت فـي مجال التبادل الثقافـي والعلمي. ومن هنا تأتي زيارة «دولة» التي يقوم بها حاليًا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى بلادنا ولقاؤه المثمر مع السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - والمباحثات المهمة بين قيادتي البلدين والوفود الرسمية لتعطي زخمًا سياسيًا واقتصاديًا وثقافـيًا فـي علاقات البلدين والشعبين الشقيقين. كما أن هناك مجالات اقتصادية مهمة وحيوية فـي مجال التعاون بين البلدين، لعل فـي مقدمتها الطاقة المتجددة وتنشيط الجوانب الاستثمارية والتجارية وقضايا الاستثمار فـي مجال النفط والغاز باعتبار البلدين من الدول المنتجة والمصدرة للطاقة إلى العالم، كما أن موضوع إقامة الصناعات المشتركة من قبل شركات القطاع الخاص يعد من الأمور الأساسية خاصة وأن هناك إمكانات كبيرة لدفع التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين الشقيقين وفـي عدد من المجالات الحيوية التي تشكل دفعة قوية لتبادل الصادرات والواردات. إن زيارة «دولة» للرئيس الجزائري لسلطنة عمان ولقاءه المهم مع السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - والمسؤولين بين البلدين يشكل نقلة مهمة فـي تطوير العلاقات ودفعها للأمام فـي ظل ثبات العلاقات السياسية بين البلدين طوال أكثر من نصف قرن. ويعد النموذج العماني والجزائري، على صعيد الدبلوماسية، من النماذج المشرفة فـي تاريخ البلدين الحديث حيث لعبت الدبلوماسية الجزائرية دورًا مهمهًا فـي حلّ عدد من الملفات المعقدة، وكانت الدبلوماسية الجزائرية ورموزها دومًا حاضرة فـي المشهد السياسي العربي والإقليمي والدولي ولعلّ من أشهر الإنجازات الدبلوماسية الجزائرية هو دورها المهم فـي حل قضية الرهائن خلال الأزمة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران بعد انتصار الثورة الإسلامية وسقوط شاه إيران عام ١٩٧٩، حيث تمت السيطرة على السفارة الأمريكية فـي طهران من قبل الثوار واحتجاز عدد من الدبلوماسيين الأمريكيين وكان للدبلوماسية الجزائرية دور مؤثر من خلال الدور الدبلوماسي الذي قاده وزير الخارجية آنذاك عبد العزيز بوتفليقة ـ رحمه الله ـ والذي أصبح فـيما بعد رئيسًا للجزائر الشقيقة، وكان حلّ أزمة الرهائن نجاحًا كبيرا للدبلوماسية الجزائرية التي يسجل لها حل عدد من الملفات الصعبة خاصة على صعيد القارة الإفريقية وفـي لبنان، ولا نزال نتذكر كبار الدبلوماسيين الجزائريين من أمثال الأخضر الإبراهيمي الذي كان مبعوثًا للأمين العام لعدد من الأزمات فـي لبنان والعراق وأفغانستان. ومن هنا تميزت الدبلوماسية الجزائرية عبر وزراء خارجيتها بمصداقية عالية وحياد يدل على الحنكة السياسية، والذي جعل من الدور الجزائري مهمًا وحيويًا فـي التعاطي مع عدد من الأزمات الإقليمية والدولية بهدف خفض التصعيد وحل الخلافات والصراعات بالطرق السلمية ومناصرة القضايا العادلة. هناك بالمقابل الدبلوماسية العمانية والتي كان لها أدوار مشهودة خلال أكثر من نصف قرن ومن خلال متابعة وبذل جهود كبيرة فـي عدد من الملفات المعقدة فـي المنطقة وحتى بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران ولعل الملف النووي الإيراني يعد من أبرز الملفات والذي نتج عنه الاتفاق النووي الإيراني عام ٢٠١٥. كما لعبت الدبلوماسية العمانية دورًا بارزًا على صعيد خفض التصعيد خلال الحرب العراقية الإيرانية، والتي انتهت عام ١٩٨٨، علاوة على دور لعب مهم فـي عودة العلاقات العربية مع مصر خلال القمة العربية فـي الدار البيضاء عام ١٩٨٩ علاوة على الجهود الدبلوماسية المتواصلة لخفض التصعيد والتوتر فـي المنطقة، التي وصلت الآن إلى مرحلة صعبة ومعقدة خلال العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة وعموم فلسطين وأيضا الهجمات العسكرية بين إيران والكيان الإسرائيلي. ومن هنا فإن الدبلوماسية العمانية والجزائرية لعبتا دورًا محوريا طوال تاريخهما الحديث ولا يزال دورهما مهما فـي قضايا السلام والاستقرار فـي المنطقة والعالم العربي، من خلال السمات المشتركة التي تجمع سياستهما الخارجية حيث المصداقية حاضرة والحرص على تطبيق القانون الدولي واحترام ميثاق الأمم المتحدة وحل الخلافات والصراعات بالطرق السلمية ومناصرة القضايا العادلة وفقا للقانون الدولي ومنها القضية الفلسطينية التي تعد قضية العرب المركزية. إن التنسيق السياسي بين سلطنة عمان والجزائر يمضي بشكل إيجابي وفق توجيهات قيادتي البلدين ولعل زيارة دولة التي يقوم بها حاليًا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ولقاءه المثمر مع جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - ستكون لها نتائج مثمرة وإيجابية تعزز من أواصر التعاون الاقتصادي والتنسيق السياسي بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين وأيضا يساهم فـي تعزيز العلاقات العربية العربية وفق منهجهما الدبلوماسي المميز والذي أصبح سمة من لعب دور إيجابي يهدف إلى إيجاد حلول دبلوماسية على صعيد المنطقة والعالم. |
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الدبلوماسیة الجزائریة بین البلدین على صعید من خلال عدد من
إقرأ أيضاً:
ولي عهد أبوظبي ورئيس وزراء سنغافورة يبحثان سبل تعزيز العلاقات بين البلدين
عقد سموّ الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، جلسة مباحثات رسمية مع معالي لورانس وونغ، رئيس وزراء سنغافورة، في مقر البرلمان السنغافوري.
وفي بداية اللقاء، رحَّب رئيس الوزراء السنغافوري بزيارة سموّ الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، مؤكِّداً على أهمية هذه الزيارة في مواصلة توطيد علاقات التعاون وتعزيز العمل المشترك بين البلدين الصديقين والارتقاء به في المجالات كافة.
وتناول اللقاء سُبل تعزيز العلاقات الثنائية الإستراتيجية والجهود المبذولة لتطويرها في مختلف المجالات، بما يخدم المصالح المشتركة لكلا البلدين، ويعود بالخير والنفع على شعبيهما الصديقين.
واستعرض الجانبان العلاقات الثنائية الوطيدة بين دولة الإمارات وجمهورية سنغافورة الصديقة، والجهود التي يبذلها البلدان على جميع المستويات للمضي قُدُماً بالعلاقات الراسخة بينهما إلى آفاق أوسع من التعاون في مختلف القطاعات الحيوية.
وأكَّد سموّ الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، خلال اللقاء، أهمية تعزيز الشراكات الإماراتية – السنغافورية، مشيراً سموّه إلى الرؤى المشتركة التي تجمع البلدين وشعبيهما الصديقين في مختلف المجالات التنموية والاقتصادية والتكنولوجية، ولاسيَّما في قطاعات الذكاء الاصطناعي والحلول التكنولوجية المتقدمة، والابتكار، والطاقة النظيفة، والتخطيط العمراني؛ وذلك بهدف دعم جهود التنمية المستدامة في كلا البلدين.
كما أشار سموّه إلى حرص دولة الإمارات المستمر على استكشاف المزيد من فرص التعاون والشراكة مع جمهورية سنغافورة الصديقة، في جميع المجالات ذات الاهتمام المشترك، وتحديداً في المشاريع التي تُركِّز على الابتكار والاستدامة والتنمية الشاملة والاقتصاد القائم على المعرفة.
ودوَّن سموّ الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، على هامش اللقاء، كلمة في سجل كبار الزوّار بمقر البرلمان، جاء فيها: “سعدتُ اليوم بلقاء معالي لورانس وونغ، رئيس وزراء جمهورية سنغافورة، حيث بحثنا سُبل تعزيز العلاقات الثنائية.. نتطلّع إلى مواصلة توطيد التعاون المشترك والشراكات الإستراتيجية بين البلدين في مختلف القطاعات الحيوية، بما يُلبي تطلُّعات الشعبين الصديقين”.
حضر اللقاء كلٌّ من معالي أحمد علي الصايغ، وزير دولة، ومعالي خلدون خليفة المبارك، رئيس جهاز الشؤون التنفيذية – أبوظبي، ومعالي فيصل عبدالعزيز البناي، مستشار رئيس الدولة لشؤون الأبحاث الإستراتيجية والتكنولوجية المتقدمة، ومعالي الدكتور مغير خميس الخييلي، رئيس دائرة تنمية المجتمع – أبوظبي، ومعالي محمد علي الشرفاء، رئيس دائرة البلديات والنقل – أبوظبي ، ومعالي أحمد تميم الكتاب، رئيس دائرة التمكين الحكومي – أبوظبي، ومعالي سيف سعيد غباش، الأمين العام للمجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، وسعادة جمال عبدالله السويدي، سفير الدولة لدى جمهورية سنغافورة، كما حضر اللقاء عددٌ من كبار المسؤولين في الحكومة السنغافورية.و
وكان سموّ الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، وصل إلى مقر البرلمان السنغافوري في مستهل زيارته الرسمية إلى سنغافورة.
وكان في مقدمة مستقبلي سموّه لدى وصوله إلى مقر البرلمان معالي لورانس وونغ، رئيس الوزراء السنغافوري.
وجرت لسموّ الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، مراسم استقبال رسمية، حيث اصطحب معالي لورانس وونغ، سموّ الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان إلى منصة الشرف، وعُزف خلال المراسم السلامان الوطنيان لدولة الإمارات وجمهورية سنغافورة، ثم استعرض سموّه ومعالي رئيس الوزراء ثلّةً من حرس الشرف الذين اصطفوا لتحيتهما في قاعة الاستقبالات الرسمية في مبنى البرلمان.
وصافح سموّ ولي عهد أبوظبي كبار مستقبليه من الجانب السنغافوري، فيما صافح معالي لورانس وونغ الوفد الرسمي المرافق لسموّه.
رافق سموّه وفد يضمُّ معالي أحمد بن علي محمد الصايغ وزير دولة ، ومعالي خلدون خليفة المبارك، رئيس جهاز الشؤون التنفيذية، ومعالي فيصل عبدالعزيز البناي، مستشار رئيس الدولة لشؤون الأبحاث الإستراتيجية والتكنولوجية المتقدمة، ومعالي الدكتور مغير خميس الخييلي، رئيس دائرة تنمية المجتمع، ومعالي محمد علي الشرفاء، رئيس دائرة البلديات والنقل – أبوظبي، ومعالي أحمد تميم الكتاب، رئيس دائرة التمكين الحكومي – أبوظبي، ومعالي سيف سعيد غباش، الأمين العام للمجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، وسعادة جمال عبدالله السويدي، سفير الدولة لدى جمهورية سنغافورة.وام