شخصية المعلم.. بين مثالية شوقي وريشة الجاحظ
تاريخ النشر: 29th, October 2024 GMT
"المعلم"، كلمة ما أعظم ترديدها، ويا ما أحيلى ترجيعها، غير أن حظوة الاسم لم تدرأ عن صاحبها حظ الاستهداف تعريضا وتنكيتا في نسخة التندر، التي كان لها ما بعدها من امتهان مجتمعي، وما بين يديها من تجن "سينمائي".
وشتان ما بين إشراق صورة "توفية التبجيل" الناصعة التي أودعها الشاعر أحمد شوقي تضاعيف بيته السائر:
"قم للمعلم وفه التبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولا!"
وبين سخرية ريشة أبي عثمان الجاحظ الكاريكاتيرية اللاذعة، التي حاول أن يداري تحاملها بوضع مصطلح "معلم الصبيان"، الذي جعله مندوحة تكتيكية لإفراغ شحنة الاستهداف، ولم يكتف بذلك؛ بل ركب موج التسويغ لتصنيف كتاب عقده لـ"نوادر المعلمين" من خلال "نماذج عملية" و"مشاهدات حية".
ومن منفذ "الموضوعية السطحية"، سوغ أبو عثمان إمضاء عزمه، وسوق إقدامه بعد الإحجام، حين ذكر قصة المعلم الذي زعم أنه عزز لديه الفكرة وأملى عليه تنفيذها، وحاصل القصة الغريبة وجوها السياقي أن الجاحظ عزم على وضع كتاب عن الحمقى وقوده "معلمو الصبيان"، ثم أدركته بقية من ضمير فاستنكف أن يؤلفه فيعرض بهم.. حتى تعرّف -ذات مرة- على معلم كُتاب ("الكُتَّاب" مركز تحفيظ الأطفال القرآن)، فعرف في وجهه الفضل وفي سمته الوقار وفي هيئته الهيبة، ثم انقطعت عنه أخباره -زمنا- فسأل عنه فقيل له إنه قد اعتزل في منزله وغشيه الحزن لفقد عزيز، فأتاه يعزيه، ثم سأله عن الفقيد: "هل هو أحد الوالدين أم أخ أم ابن؟"، فذكر له أنه ليس أحدا ممن ذكر، بل حبيبة اسمها أم عمرو، فرقَّ له وأراد أن يخفف عنه، ثم سأله عن شأنها، فأخبره أنه لم يرها، وإنما سمع مارا ينشد:
يا أم عمرو جزاك الله مكرمة
ردي علي فؤادي أينما كانا
لا تأخذين فؤادا تلعبين به
فكيف يلعب بالإنسان إنسانا؟!
ثم ذكر أن عشق أم عمرو دخل قلبه من سماع البيت، الذي لا يمكن أن تستحقه إلا امرأة ما في الدنيا أحسن منها، مضيفا أن الشخص ذاته مر -بعد ذلك- من أمام بيته ينشد:
إذا ذهب الحمار بأم عمرو
فلا رجعت ولا رجع الحمار!
"فاستنتج أن أم عمرو قد ماتت! هكذا بهذه السطحية!" ولعل الجاحظ -غفر الله له- قد "ألّف" هذه القصة ليجعلها مندوحة لتصنيف كتابه المتحامل، الذي مرر -في التقديم له- مسوغا هو أشبه بـ"الخدعة الذهنية" حين علل الحمق والغباء المعروض في "نوادره" بـ"معاشرة الصبيان!"، غير أن "مبرره" اصطدم بصخرة "فارق المقام" بين شخصيتي البخيل -التي أشرت إليها سابقا- والمعلم، إذ تأبى الفطرة والذوق "تعميم التجربة" التي ساقها بين يدي شروعه في "إصدار" الكتاب؛ ذلك بأن استهداف المعلم -في حد ذاته- "عدوان أخلاقي"، لما تحته من هدم لصورة المدرس عموما، ومدرس القرآن خصوصا، أما صورة البخيل فهي -في الكتاب الذي خصصه لها الجاحظ- جولة تفكه مستملحة لا تنقصها الاستساغة، ثم إن "عموم" تلك الشخصية مثل "خصوصها"، فهي لا تدفع عن نفسها، ولولا التجانف لإثم التسمية، وربط تلك المنقصة ببلدان بعينها -وشعوب بذاتها- لكان معه حق في الاستهداف.
ولو قيل إنه ليس لبخيل عرض، لكاد ذلك يكون مسلمة لا اختلاف عليها، لأن البخل سلوك شاذ عن سواء الفطرة.
ولقد جرت مياه نمطية كثيرة تحت جسر السخرية الجاحظية، فعرفت شخصية المعلم حالة تنازع بين مقام الرفع المثالي الذي دعا إليه شوقي في بيته الذائع، وبين درك الخفض السحيق الذي دشنه الجاحظ بتأليف نوادره "المركزة".
غير أن "استيقاف" الشاعر الرسالي ظل حبيس "المحفوظات"، بينما انتقلت سخرية الكاتب العابث إلى دنيا الواقع ومشاهد التجربة، ولم تزل تربو وتستفحل، حتى ظاهرت بين درعي الاستخفاف الرسمي والنمطية المجتمعية، فنقصت "الهيبة" من أطرافها، وتقزمت أبعاد "الصورة"، فتدخلت يد "الرسمية" وأحلت لفظة "الأستاذ" قاموس التداول، بعدما صرفتها عن سياقها الذي أوردها فيه أبو الطيب المتنبي -عبر مديحياته السائرة- لتقذف بها في مجال التعليم وحقل التدريس، مدشنة بذلك -عن عرضي صدفة أو اتفاق قصد- جدار تمييز معنويا سميكا ينطق لسان حاله بالفرق اللقبي بين "المعلم" الذي يطلق -بالدرجة الأولى- على مقدم الدروس في المدارس "الابتدائية"، و"الأستاذ"، الذي هو أعلى درجة علمية جامعية.
كما يطلق اللقب الأخير (الأستاذ) -في موريتانيا بالتحديد- على مقدم الحصص التدريسية في الإعدادية والثانوية، وتختلف الدلالة الاصطلاحية لألقاب "المعلم"، و"المدرس"، و"المحاضر"، و"الأستاذ"، تبعا للعرف الرسمي المعتمد، والتعريف التخصصي الناظم.
ولأن الألقاب الثلاثة الأولى عربية فصيحة واضحة الدلالة، أتجاوزها إلى "الأستاذية" التي غادرها المعنى الذي حدها به المتنبي، بعدما خصتها غلبة الاستعمال بمراد "الرسمية" الذي جعلها مقابلا تمييزيا لـ"المعلم".
وفي كلمة "المدرس" معنى ليس في لفظة "الأستاذ" فارسية الأصل، التي تدور حول ثلاثية: الزعامة والقيادة والبأس، وهي مزايا لا تناقض رسالة المدرس، لكنها منفصلة عن دوره "التهذيبي" ومهمته "التعليمية"، داخلة في ميدان السياسة والحرب والقتال والفروسية. واقرؤوا -إن شئتم- قول "مالئ الدنيا وشاغل الناس":
أمساور أم قرن شمس هذا؟
أم ليث غاب يقدم "الأستاذا"؟
وقيله:
ترعرع الملك "الأستاذ" مكتهلا
قبل اكتهال، أديبا قبل تأديب!
ثم انظروا بم ترجعون عند المقارنة بين مراد أبي الطيب المعنوي، وبين الاصطلاح الوضعي الرسمي؟ ومن الجلي -الذي لا يحتاج إلى استرسال- أن أستاذية المتنبي تخرج من مشكاة مثالية شوقي، لا من كاريكاتيرية الجاحظ!
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
الأساتذة المصريون في عُمان
يا موعدين بالهنا عَلبخت دلوني
د. سعيد بن سليمان العيسائي **
يتحدثُ مقالنا اليومَ عن الأساتذةِ المصريينَ الذين عَمِلوا في السلطنة، وكان لهم حظ وافر عند عودتهم إلى وطنهم مصر، وقد تحدثت عن التواصل الثقافي والحضاري بين مصر وعُمان في محاضرة ألقيتها في اتحاد كُتَّابِ مصر عام 2013 عندما كنت مُلحقًا ثقافيًا بالقاهرة.
وليس بغريب أن يكون عنوان مقالنا هو أغنية للفنان المصري عبد الغني السيد، المولود في القاهرة عام 1908، والمتوفى في 9 ديسمبر عام 1962 ، وهي من أغاني الزمن الجميل. ومقالنا هذا هو جزء واستمرار لتلك المحاضرة، وللصالون الثقافي الذي أقمناه في القاهرة قبل أسابيع، والذي كان موضوعه عن التواصل الثقافي والحضاري بين مصر وعُمان، وقدَّم فيه رموز الفكر والثقافة والفن أوراق عمل ومداخلات قيمة.
ونشير هنا إلى مقال الأستاذ أحمد الفلاحي، الكاتب والأديب، الذي عمل في حقل الإعلام والصحافة منذ بداية النهضة عام 1970، وعمل مساعدًا للملحق الثقافي بالقاهرة لسنوات، مكَّنته هذه الميزات من أن يطلع على مجال التعاون الإعلامي بين مصر وعُمان، كما مكَّنته مقالته التي عنوانها: (التواصل الإعلامي بين مصر وعُمان)، التي نشرها في صحيفة عُمان، وتحدث فيها عن بعض الصحفيين المصريين الذين زاروا عُمان قبل عام 1970 ، ودَونُوا ملاحظاتهم ومُشاهداتهم، ونشروها في بعض المجلات والصحف المصرية القديمة، كما أشار إلى ما نشره بعض العلماء والشعراء العُمانيين في بعض تلك الصحف والمجلات، وخَصَصَ الجزء الأخير من مقاله للحديث عن بعض الصحفيين المصريين الذين عَمَلوا في بعض الصُّحف والمجلات العُمانية.
والملاحظ على هذا المقال أنه ركَّز على جوانب من التعاون الصحفي بين مصر وعُمان، ولم يتطرق إلى بعض الجوانب الإعلامية الأخرى.
وفى إطار حديثنا عن التواصل الثقافي والحضاري بين مصر وعُمان نود أن نشير إلى ندوة: (العلماء العُمانيون والأزهريون والقواسم المشتركة) التي عُقِدت بجامعة السلطان قابوس خلال الفترة من 3 إلى 5 جُمادى الأخرة 1434هـ، الموافق 14 إلى 16 إبريل 2013م، حَضَرَ هذه الندوة عدد كبير من العلماء العُمانيين والأزهريين، وقدمت فيها أوراق عمل مهمة تناولت العلاقات بين الأزهر وعُمان عبر عُقودٍ من الزمان، وقد تشرفت بحضور هذه الندوة بترشيح وتزكية من العلماء المشاركين.
وقبل أن ندخل في الحديث عن عمل الأساتدة المصريين في السلطنة نودُّ أن نشير إلى خطاب للرئيس الراحل محمد حسني مبارك، شاهدته في التليفزيون المصري قبل سنوات طويلة، يقول فيه باللهجة المصرية: "هُوَ فِيهَا إِيه لمَّا الواحدْ يُخرج بَرْا عَشان يِحَوِّش قِرشين حِلوين لِعْيَالُه".
وذكر لي أحد كبار المسوولين العُمانيين أنه عندما قابل الرئيس المصري الراحل محمد مرسي، حاملًا رسالة من السلطان قابوس، قال له الرئيس مرسي: "إنَّ أحد أهم أوجه مساعدة مصر هو النظر في إمكانية استيعاب كفاءاتها وخبراتها للعمل في السلطنة".
ونقصد بالأساتدة المصريين المحظوظين أو الموعودين في مقالنا، هم أولئك الأساتذة الذين عملوا في السلطنة، وعادوا إلى بلدهم مصر، وحصلوا على مناصب ووظائف قيادية مرموقة؛ حيث أصبح منهم الوزراء، ورؤساء الجامعات، ونواب رؤساء الجامعات والعُمداء، ورؤساء تحرير الصحف.
فمن الوزراء: فضيلة الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية الأسبق، ومعالي الشيخ الدكتور محمد صابر عرب، وزير الثقافة الأسبق، ومعالي الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف السابق، ومعالي الدكتور شاكر عبد الحميد وزير الثقافة الأسبق.
ومن رؤساء الجامعات: الأستاذ الدكتور عبد الحي عزب، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، والأستاذ الدكتور ماجد نجم رئيس جامعة حلوان الأسبق.
ومن نواب رؤساء الجامعات: الأستاذ الدكتور جمال رجب سيدبي نائب رئيس جامعة السويس الأسبق.
ومن الذين حصلوا على منصب عميد كلية: الأستاذ الدكتور أحمد درويش، والأستاذ الدكتور أحمد كشك، والأستاذ الدكتور عبد الحميد زهري، والأستاذ الدكتور سعد خلف عبد الوهاب، والأستاذ الدكتور محمود عباس عابدين.
ومن العمداء: الأستاذ الدكتورحسن عماد مكاوي عميد كلية الإعلام الأسبق بجامعة القاهرة، والحاصل على جائزة الدولة التقديرية، والأستاذة الدكتورة سهام نصَّار التي عملت بقسم الإعلام بجامعة السلطان قابوس، وكلية العلوم التطبيقية بصحار، وعندما عادت تولت منصب عميد كلية الإعلام بجامعة سيناء.
أمَّا الذين حصلوا على وظيفة رؤساء قسم في كلياتهم وجامعاتهم فهم كثر.
وإذا انتقلنا إلى الصحفيين الذين عملوا في السلطنة، وحصلوا على رؤساء تحرير في وطنهم الأم مصر، فنذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر: الكاتب الصحفي محمد الهواري، الذي عَمِلَ في صحيفة عُمان، وتولى رئاسة مجلس إدارة الأخبار. والكاتب الصحفي ممتاز القط، الذي عَمِلَ في صحيفة عُمان، وتولى رئاسة تحرير الأخبار. والكاتب الصحفي عبد الناصر سلامة، الذي عَمِلَ في صحيفة عُمان، وأصبح رئيسًا لتحرير جريدة الأهرام. والكاتب الصحفي سامي حامد، الذي عَمِلَ مديرًا لتحرير جريدة الوطن لعشرين عامًا، وعندما عاد تولى رئاسة تحرير جريدة المساء. والكاتب الصحفي محمد القصبي، الذي عَمِلَ مديرًا لتحرير مجلة الأسرة لعشرين عامًا، وعندما عاد عمل مديرا لتحرير جريدة الأخبار المسائية.
وأشير هنا إلى أنَّ المرحوم محمد القصبي، حضر المحاضرة التي ألقيتها في اتحاد كُتاب مصر عام 2013، والتي امتلأ فيها المسرح عن بَكْرَةِ أبيه، وكتب فيها الأستاذ محمد مقالًا بعنوان: "هل يترشح الدكتور الكاتب سعيد العيسائي في عُضوية مجلس الشعب المصري؟"، وكان عنوان المحاضرة عن التواصل الثقافي والحضاري بين مصر وعُمان.
وفي عام 2023 نشر مقالة في صحيفة الرؤية بعنوان: "نحن والعُمانيون.. هل قدرًا ساذجًا؟"، وكان هذا المقال قبل وفاته بشهرين، وأشار فيها إلى مقالته التي نشرها في صُحفٍ مصرية شهيرة كالأهرام والجمهورية إلى تلك المحاضرة، وكرر مقولته مرة أخرى: (هل يترشح الكاتب الدكتور سعيد العيسائي لعضوية مجلس الشعب المصري؟). وإن دلَّ هذا على شيء فإنما يدل على وفائه، وحُبه للبلد الذي عَمِلَ فيه، رحمة الله على الصحفي والكاتب والروائي محمد القصبي، وأسكنه فسيح جناته.
ومن الصحفيين الذين عملوا في صحيفة عُمان الكاتب الصحفي حسين عبد الغني، الذي أصبح مديرًا لمكتب قناة الجزيرة الإخبارية بالقاهرة.
زمن الإعلاميين: الأستاذ الإعلامي محمد الوكيل، الذي عَمِلَ في أخبار تليفزيون سلطنة عُمان، وعندما عاد للقاهرة تولى رئاسة قطاع الأخبار في التليفزيون المصري.
وعندما عملتُ مراجعًا ومُدققًا لغويًا في دائرة الأخبار بتليفزيون سلطنة عُمان لمدة عامين في بداية التسعينيات كان يعمل في الدائرة 3 محررين مصريين: أحدهما اسمه: صبحي، والثاني: رجب، ولعل الثالث هو: محمد الوكيل.
ومن الذين جمعوا بين الصحافة والإعلام الدكتور عبد الحميد الموافي، الذي عَمِلَ في صحيفة عُمان، واستفادت منه دائرة الأخبار بإذاعة سلطنة عُمان. وأذكر أنه كان يكتب تحليلات سياسية بجريدة عُمان لعدة سنوات.
وسمعت أنَّ الإعلامي المصري الكبير أمين بسيوني، كان يتعاون مع وزارة الإعلام العُمانية بشكل غير ثابت؛ حيث كان يتردد بين القاهرة ومسقط بشكل دائم ومستمر.
ومن الذين جمعوا بين الصحافة والإعلام إبراهيم شعراوي، الذي كان يكتب في الصحافة العُمانية مقالات ذات طابع ثقافي، ويعد برامج ثقافية في إذاعة سلطنة عُمان آنذاك، والواضح أنه كان يعمل مُعلمًا للغة العربية بوزارة التربية والتعليم.
ومن الذين كانوا يُعدون برامج ومسلسلات تليفزيونية ذات طابع ثقافي وتاريخي أبو الوفا القاضي، الذي كان يعمل مُوجهًا للغة العربية في مسقط.
ونود أن نشير هنا إلى الدكتور يوسف شوقي، الذي أسس مركز عُمان للموسيقى التقليدية، وكان يُعِدُّ ويقدم برنامجًا أسبوعيًا في هذا المجال هو حصيلة زياراته وتسجيلاته للفنون التقليدية في مُعظم مُدن وولايات السلطنة.
ولا ننسى أن نشير إلى بعض الصحفيين المصريين الذين عملوا في السلطنة، ولم يحالفهم الحظ في الحصول على وظائف قيادية، أو مناصب، ومنهم: الصحفي والكاتب والروائي محمد جبريل، الذي عمل مديرًا لتحرير جريدة الوطن لعدة سنوات. ومنهم كذلك الكاتب الأستاذ أحمد سليم، الذي عمل مديرًا لتحرير مجلة العقيدة الذي كلفني بإجراء لقاء صحفي مع أحدِ كبارِ المسؤولين السعوديين، وكان يقيم في فندق قصر البستان ، وكتبت في هذه المجلة عدة مقالات عندما كان الأخ الأستاذ المرحوم مبارك العامري نائبًا لمدير التحرير.
وأذكر أنَّ أحمد سليم كان يعلق صورة له مع أحد الرئيسين السادات، أو محمد حسني مبارك، وهو يصافحه على المنصة.
ومنهم كذلك: محمد رضوان، الذي عمل مديرًا لتحرير مجلة النهضة، التي كتبت فيها عددًا من المقالات.
ومن الصحفيين الذين عملوا في صحيفتي عُمان والوطن، وحصلوا على وظائف قيادية في صحف الأخبار والجمهورية والمساء محمد الهواري، وممتاز القط، وفتحي سند، ومحمد علي إبراهيم، وخالد إمام، ولا أنسى هنا الأستاذ عبد الستار خليف الصحفي والروائي الذي عمل في صحيفة الوطن من عام 1987 إلى وفاته عام 2011، وقد زرت الأستاذ الراحل في مكتبه بجريدة الوطن، وفي منزله الذي كان لا يبعد كثيرًا عن صحيفة الوطن، وأجرى معي حوارًا صحفيًا عن الأستاذ الراحل مبارك العامري عندما كان يمر بظروف مرضية، وسألته عن الأستاذ الدكتور الناقد الكبير يوسف خليف الذي قرأت له العديد من كتبه بحكم التخصص فقال لي: إنه عمه.
ومن الأساتذة المصريين الذين كانوا يكتبون مقالات في الصحف العُمانية الأستاذ الدكتور عاطف عدلي العبد، الذي يشيد بالسلطنة بعد عودته إلى كلية إعلام القاهرة؛ حيث تحدث الأستاذ الفنان يوسف طلال، أنَّ أستاذه الدكتور عاطف كان يحدثهم عن عُمان بشكل دائم.
ومنهم الأستاذ يوسف الشاروني، الذي عملت معه بدائرة الإعلام والترجمة بشركة تنمية نفط عمان، في إحدى فترات الصيف، عندما كنت بالمرحلة الجامعية، ورأيته في حفل افتتاح الممر الجديد بسفارة السلطنة بالقاهرة، فسألته بعد مرور أكثر من 30 عامًا من أنا؟ قال: أنت سعيد العيسائي.
ومن الأمور التي تجدر الإشارة إليها أيضًا الرسائل الإعلامية في مصر وعُمان، والتي منها (رسالة عمل الإخبارية)، (رسالة القاهرة الإخبارية) ووتبادل المذيعين بين البلدين، وبخاصة مذيعو التليفزيون، واستمر هذا التعاون الإعلامي بين مصر وعُمان لعدة سنوات.
وأذكر أنَّ بدايات هذا التعاون بدأت بالمذيع التليفزيوني المصري أحمد سمير في بدايات السبعينيات من القرن الماضي، الذي كان يغطي زيارات وجولات السلطان الراحل في تلك الفترة، ولا ننسى المصور الخاص لجلالته، الأستاذ محمد مصطفى، الذي بدأ العمل مع جلالته منذ بداية السبعينيات، وحصل على الجنسية العُمانية.
ومن الذين عملوا في عُمان منذ السبعينيات، وحصلوا على الجنسية العُمانية بنداري أحمد بنداري، المتخصص في مسرح الجريمة، وكان يكتب مقالات في هذا المجال بمجلة الشرطة لعدة سنوات.
وأذكر هنا مقولة رواها لي أستاذنا الشيخ أحمد بن سعود السيابي أمين عام مكتب الإفتاء، الذي كان يتردد على القاهرة عدة مرات في العام للاجتماع بعلماء الأزهر، ومسؤولي وزارة الأوقاف حين يقول: "إنَّ هولاء العلماء كانوا يبتدرون قائلين لزملائهم الذين لم يتح لهم العمل في السلطنة إن من أراد أن يحصل على منصب منكم في مصر فليعمل في عمان أولًا".
وإذا كنا قد خصصنا مقالنا هذا للأساتذة المصريين الذين عملوا في عمان، وحصلوا على مناصب عندما عادوا إلى مصر، فإن هناك الآلأف من المصريين الذين عملوا في السلطنة لسنوات طويلة في وظائف أخرى كالطب والتعليم والهندسة وغيرها، وحصلوا على خيرٍ كثير غير المناصب.
** كاتب وأكاديمي