رحم الله الرئيس السادات.. ذلك الفلاح المصرى الأصيل.. فقد كان يمتلك مخزونًا من الحكمة والذكاء.. جعله يتخذ الكثير من المواقف الخالدة فى تاريخه.. بل وتاريخ مصر بأكمله!
والآن تعالوا نحكى القصة من أولها:
فذات يوم فوجئ المهندس حسب الله الكفراوى وكان وزيرًا للإسكان وقتها.. فوجئ بالرئيس السادات يخطب فى الجماهير.
وهنا أصيب الكفراوى بالذعر والهلع.. فكيف سيستطيع أن يوفر هذه الأراضى للمصريين.. بسعر جنيه واحد فقط لا غير.. فى حين أن تكلفة توصيل المرافق.. للمتر المربع من الأراضى الصحراوية يصل لـ٢ جنيه كاملة!!
وأسرع الرجل لبيت الرئيس السادات وقال له:
ياريس إنت كده هتخرب بيتنا.. إزاى هنقدر نوفر كل هذه الأراضى للمواطنين بهذا السعر الزهيد.. وسأله إنت عملت كده ليه ياريس.. وهنا تجلت حكمة الرئيس السادات فقال للكفراوى:
«شوف يا كفراوى من لا يمتلك دارًا فى وطنه.. لن يعرف الانتماء للوطن».
وهنا ظهرت فطنة الفلاح المصرى الأصيل وقال لوزير الإسكان حلًا للمشكلة.. بقولك يا كفراوى أنا خلاص أعلنت وكلام الرؤساء ووعودهم دينٌ عليهم.. أنت تعلن أن الأراضى بدون مرافق سعر المتر جنيه واحد.. كما أعلنت فى خطابى.. فى حين أن الأراضى المرفقة يكون سعر المتر فيها ب٣ جنيهات للمتر المربع!
وبهذا الحل العبقرى الذى قدمه السادات.. خرج الكفراوى من الأزمة.. وهدأت مخاوفه!!
وتم بالفعل تنفيذ وعد الرئيس.. ليتاح لكل مواطن يرغب فى بناء بيت له ولأولاده قطعة أرض مناسبة!!
والآن نستخلص من كلام السادات حكمة خالدة ستظل صالحة على مدى التاريخ.. وهى أن من لا يمتلك دارًا فى بلد لن يكون له انتماء لهذا الوطن!!
والآن وبعد موجة الغلاء الفاحش التى اجتاحت البلاد والعباد فى مصر.. أصبح الشاب المصرى لا يستطيع أن يمتلك دارًا أو شقة.. ولا حتى يقدر على دفع إيجار شقة فى حى شعبى.. بعد أن أصبحت ايجارات الشقق تتجاوز آلاف الجنيهات.. فى حين أن مرتبه بالكاد يستطيع به أن يطعم أولاده عيش حاف!!
وهذا مكمن الخطر والذى حذر منه الرئيس السادات من قبل.. وقال من لا يمتلك دارًا لا يسأل عن الانتماء.. لأنه لن يستطيع الزواج ولا تكوين أسرة ويعيش حياة آدمية تليق بالبني آدمين!!
والغريب أن الشاعر المعروف نزار قبانى أكد نفس هذا المعنى بعد السادات بسنين طويلة.. إذ قال بين الوطن والمواطن «عقد» فإذا أنت كوطن استطعت أن توفر للمواطن عملًا مناسبًا ووفرت له سكنًا ودارًا.. وسهلت له الزواج والحياة الكريمة.. فلك أن تسأله أين الانتماء؟!
أما إذا اختلت المعادلة وغاب أى طرف من بنود العقد فليس لك أن تسأله أين الانتماء؟!
لذلك على الحكومة أن تتصرف بأقصى سرعة ممكنة.. لإيقاف غول الغلاء عن افتراس المواطنين.. حتى نستطيع أن نوفر للمواطن المصرى حياة كريمة.. حتى لا يكفر بالوطن وبكل معانى الوطنية.
اللهم قد بلغت اللهم فاشهد.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حياة كريمة إشراقات الرئیس السادات یمتلک دار ا
إقرأ أيضاً:
محمد عفيفي: طه حسين خير ممثل لفكرة الانتماء إلى عالم البحر المتوسط
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
نظم معهد البحوث والدراسات العربية التابع لجامعة الدولة العربية، في مقره بمنطقة جاردن سيتي بالقاهرة، ندوة فكرية تحت عنوان "حوار حول الفكرة المتوسطية في المشرق العربي"، تحدث فيها الدكتور محمد عفيفي أستاذ التاريخ بجامعة القاهرة، والدكتور محمد كمال مدير معهد البحوث والدراسات العربيّة، وأستاذ العلوم السياسيّة في جامعة القاهرة وأدارتها الدكتورة أماني فؤاد أستاذة النقد الأدبي في معهد البحوث والدراسات العربية وأكاديمية الفنون .
وخلال الندوة تحدث عفيفي عن مفهوم الفكرة المتوسطية التي تعني الانتماء إلى عالم البحر المتوسط، موضحًا أنها تقوم على رابطة فكرية في الأساس، بالإضافة إلى أبعاد سياسية واقتصادية، ومرتكزات من التاريخ المشترك بين شعوب هذه المنطقة.
واستعرض عفيفي جذور النزعة المتوسطية في المشرق العربي، موضحا ما كان يعنيه البحر المتوسط في أذهان المفكرين في القرن التاسع عشر، مركّزًا على فترة الثلاثينيات من القرن العشرين، التي شهدت ذروة صعود الفكرة المتوسطية كحركة فكرية في مصر ولبنان، وتداعياتها على الفكر السياسي في تلك الفترة.
كما أشار إلى دور القوى السياسية في مصر تجاه عودة الفكرة المتوسطية في التسعينيات، والتي تم تبنيها في سياق العلاقات بين الحكومات الفرنسية والمصرية لمواجهة "مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي تم طرحه في العام 2004 ولاقى غضبا كبيرا من حكومات الدول العربية.
وأشار إلى أن هذا المفهوم شهد تحولًا كبيرًا حينما أصبح أيديولوجيا عقب الحرب العالمية الأولى، في فترة شهد فيها العالم دمارًا واسعًا واستنزافًا كبيرًا. ومن هنا، بدأت المتوسطية كحركة فكرية وأدبية، حيث انطلقت من فرنسا عبر مجلة "كراسات الجامعة" التي ركزت على الانتماء إلى عالم البحر المتوسط وتأثيره في الأدب والفكر حيث امتدت تأثيرات هذه الحركة إلى إسبانيا، ثم إلى تونس والجزائر، وعلى المستوى المصري كان طه حسين خير ممثل لهذه الفكرة في كتابه "مستقبل الثقافة في مصر".
وأضاف الدكتور عفيفي أن النزعة المتوسطية في إيطاليا نمت مع صعود الفاشية الايطالية التي أتت بموسوليني الذي كان يطلق على البحر المتوسط لفظ "بحرنا"، مستعيدًا تعبيرًا لاتينيًا قديمًا في إطار محاولاته إحياء مجد الإمبراطورية الرومانية وكان يطمح لجعل البحر المتوسط بحيرة رومانية .
وقال إنه في المقابل، شهدت مصر وبلاد المشرق، مثل لبنان وسوريا، صعودًا للأيديولوجيات والقوميات، مع انتشار الفكر الشيوعي وتأسيس جماعة الإخوان المسلمين. كما ظهرت في لبنان مجلة "فينيقية"، أغلب كتاباتها باللغة الفرنسية، وتناولت الانتماء إلى الماضي الفينيقي وعالم البحر المتوسط، مع رفضها لفكرة القومية العربية، حيث اتسمت نصوصها بجرأة واضحة.
ورغم أن النزعة المتوسطية نمت وتأججت على حساب القومية العربية لفترة، إلا أن الأخيرة استعادت مكانتها مع أحداث ثورة 1936 في فلسطين، التي شهدت تصاعدًا حادًا للصراع الأيديولوجي في المنطقة.
في السياق، أشار الدكتور محمد كمال إلى أن طه حسين عدَّل فكره تجاه المتوسطية بعد توليه عمادة معهد الدراسات والبحوث العربية عام 1961، وهي فترة تولى خلالها هذا المنصب لفترة قصيرة جدًا. وأوضح أن تراجع طه حسين عن تبني الفكرة المتوسطية جاء في سياق التحولات السياسية التي أعقبت نجاح ثورة 23 يوليو 1952.
فقد تبنى قادة الثورة فكر القومية العربية، ما أدى إلى تراجع الأفكار المتوسطية وغيرها من الأيديولوجيات الأخرى. وفي ظل هذا المناخ السياسي، اضطر طه حسين إلى تعديل موقفه من المتوسطية بشكل تكتيكي وسياسي يتناسب مع المرحلة.
وعلى الرغم من هذه التعديلات، ظل هذا الجيل من الرواد، مثل نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم، أوفياء لقوميتهم المصرية، محافظين على هويتهم الفكرية والثقافية حتى وفاتهم.
ومن جانبها، قالت الدكتورة أماني فؤاد بأنه قد تنامى ُبعدًا جديدًا إلى فهمنا بمساهمة الحضارة اليونانية الرومانية في تشكيل الحضارة الأوروبية. فبينما أشار مفكرون كطه حسين وسلامة موسى إلى أن هذه الحضارات القديمة كانت مصدرًا للإلهام للأدب والفلسفة الأوروبيين،و ترى الدكتورة فؤاد أن هذه الحضارات قدمت أيضًا أسسًا مهمة لحقوق الإنسان، وحرية التعبير، وتقدير التنوع الثقافي.
وطرحت الدكتورة فؤاد سؤالًا: كيف يمكن تحويل هذه الأفكار النخبوية إلى سلوكيات وثقافة عامة؟ إن الانتقال من الفكر إلى السلوك يتطلب جهدًا مشتركًا من المثقفين، وصناع القرار، ووسائل الإعلام. يجب أن يتم ترجمة هذه الأفكار إلى برامج تعليمية، ومبادرات مجتمعية، وقوانين تحمي الحريات الأساسية.
تتجاوز أهمية هذه الأفكار حدود الجغرافيا الزمنية والمكانية. فالتأكيد على حقوق الإنسان، وحرية التعبير، والتسامح، هي قيم عالمية تسعى البشرية جمعاء لتحقيقها. إن فهم جذور هذه القيم في الحضارات القديمة يمكن أن يعزز من تقديرنا لها، ويشجعنا على العمل من أجل نشرها في جميع أنحاء العالم. فالحوار بين الحضارات، وتبادل المعارف، هو السبيل الأمثل لبناء عالم أكثر عدالة وسلامًا.
حضر اللقاء عدد من المثقفين والكتاب من بينهم؛ الناقد محمد عبدالباسط عيد،والشاعر أحمد الجعفري، والناقد سيد ضيف الله، والدكتور محمد الطناحي أستاذ التاريخ في معهد البحوث والدراسات العربية، والكاتبة نهال القويسني.