بيان القمة الثلاثية بمدينة العلمين يؤكد حل القضية الفلسطينية وتحقيق السلام العادل خيار استراتيجي وضرورة إقليمية ودولية
تاريخ النشر: 14th, August 2023 GMT
سام برس
أكد البيان الختامي الصادر عن القمة الثلاثية التي جمعت رئيس دولة فلسطين محمود عباس ، ورئيس جمهورية مصر العربية عبد الفتاح السيسي ، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ، يوم الإثنين ، في مدينة العلمين الجديدة في مصر ، أن حل القضية الفلسطينية وتحقيق السلام العادل والشامل هو خيار استراتيجي وضرورة إقليمية ودولية ومسألة أمن وسلم دوليين.
وشدد القادة على الأولوية التي توليها الدول الثلاث للمرجعيات القانونية ، الدولية والعربية لتسوية القضية الفلسطينية ، وعلى رأسها ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين ، ضمن جدول زمني واضح ، واستعادة الشعب الفلسطيني لكامل حقوقه المشروعة، بما في ذلك حقه في تقرير المصير، وفي تجسيد دولته المستقلة وذات السيادة على خطوط الرابع من حزيران/ يونيو لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين وفق قرارات الشرعية الدولية، وتحقيق حل الدولتين وفق المرجعيات المعتمدة.
وشددوا على أن السبيل الوحيد لتحقيق هذا السلام هو تنفيذ قرارات الأمم المتحدة ، ومجلس الأمن ذات الصلة ، وتمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه غير القابلة للتصرف، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي ، وتجسيد دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، بما يحقق حل الدولتين المستند لقواعد القانون الدولي والمرجعيات المتفق عليها والمبادرة العربية للسلام.
وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي والملك عبد الله الثاني بن الحسين دعمهما الكامل لجهود الرئيس محمود عباس في الاستمرار في الدفاع عن مصالح الشعب الفلسطيني على جميع الأصعدة في سبيل استعادة حقوقه، وتأمين الحماية الدولية ، ودعم دولة فلسطين في جهودها لتأمين الخدمات، وحماية الحقوق الأساسية للمواطنين في ظل الظروف والتحديات الصعبة والعدوان المُتكرر والأحداث المؤسفة التي تشهدها الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس، وفي خضم التحديات الإقليمية والدولية المتزايدة.
وشدد القادة على وجوب تنفيذ إسرائيل التزاماتها وتعهداتها وفقاً للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني والاتفاقات والتفاهمات الدولية السابقة، بما فيها تلك المبرمة مع الجانب الفلسطيني، وكذلك الالتزامات السابقة المتعددة بما في ذلك ما جاء في مخرجات اجتماعيْ العقبة وشرم الشيخ، وتحمل مسؤولياتها ووقف اعتداءاتها وتهدئة الأوضاع على الأرض تمهيداً لإعادة إحياء مفاوضات السلام.
وأكدوا ضرورة احترام إسرائيل لالتزاماتها بصفتها القوة القائمة بالاحتلال في الأرض الفلسطينية ، بما فيها القدس الشرقية، ووقف اقتحاماتها لمدن الضفة الغربية المحتلة والتي تقوّض قدرة الحكومة والأمن الفلسطيني على القيام بواجباتهم، ورفع الحصار عن قطاع غزة، وغيرها من الممارسات التي تؤجج التوتر والعنف وتهدد باشتعال الأوضاع، كما أكد القادة أهمية قيام إسرائيل بالإفراج عن الأموال الفلسطينية المحتجزة لديها دون سند قانوني، وبما يُخالف الاتفاقات المبرمة في هذا الشأن.
وأدان القادة استمرار وتصاعد الممارسات الإسرائيلية غير الشرعية التي تقوّض حقوق الشعب الفلسطيني كافة ، وتنتهك قواعد القانون الدولي ، وتقوّض حل الدولتين المتوافق عليه دولياً، والتي تُؤدي إلى إشعال العنف وانتشار الفوضى .
كما أعربوا عن أهمية وقف إسرائيل، بصفتها القوة القائمة بالاحتلال ، جميع الأنشطة الاستيطانية والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية والتهجير القسري لأبناء الشعب الفلسطيني من منازلهم وتغيير طابع وهوية مدينة القدس، والتي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والقرارات الشرعية الدولية ومجلس الأمن.
كما أكد القادة ضرورة وقف إرهاب المستوطنين والتيارات المتطرفة ، ووضعهم موضع المساءلة.
كما أدان القادة انتهاك الوضع القانوني والتاريخي القائم في مدينة القدس ومقدساتها، وطالبوا بوقف اقتحامات المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف...
المصدر: وفا
المصدر: سام برس
كلمات دلالية: الشعب الفلسطینی دولة فلسطین بما فی
إقرأ أيضاً:
من غزة إلى السعودية وسوريا؟ هل يسعى نتنياهو لتحويل التهجير إلى “خيار استراتيجي”؟
يبدو أن بنيامين نتنياهو قرر التخلي عن الحذر الدبلوماسي تمامًا، فلم يعد يحاول حتى تغليف مخططاته بعبارات ملطفة. فبعد سنوات من الحديث عن ضرورة “تحييد غزة” أو “نزع سلاحها”، قفز مباشرة إلى مرحلة جديدة: لماذا لا يتم طرد الفلسطينيين تمامًا إلى مصر والأردن ومن ثم انتقل إلى السعودية أو سوريا؟
هذا الخطاب لم يأتِ من فراغ. منذ أن أعلن دونالد ترامب عن “صفقة القرن” قبل سنوات، كان واضحًا أن المخطط الأمريكي-“الإسرائيلي” يهدف إلى إعادة تعريف حدود النزاع الفلسطيني بطريقة تجعل الفلسطينيين عبئًا على الدول العربية، بدلًا من أن يكونوا طرفًا في معادلة الصراع مع إسرائيل.
الآن، وبعد حملة التدمير الشامل في غزة، ومع تضييق الخناق السياسي على حكومة نتنياهو في الداخل والخارج، تأتي تصريحات نتنياهو وترامب لتعكس محاولة واضحة لتحويل “مشروع التهجير” من فكرة هامشية إلى استراتيجية رسمية.
بين محاولات التصفية السياسية وصناعة الحقائق الجديدة
عندما يقترح بنيامين نتنياهو أن السعودية تمتلك أراضي فارغة واسعة يمكنها استيعاب سكان غزة، أو أن تهجير الفلسطينيين إلى سوريا قد يكون “خيارًا ممكنًا”، فإنه لا يعبّر فقط عن موقف سياسي مؤقت، بل يكشف عن عقيدة إسرائيلية جديدة في التعامل مع الفلسطينيين: تحويل التهجير إلى سياسة رسمية، بدلًا من أن يكون نتيجة حروب أو أزمات.
هذا التصريح لم يأتِ بمعزل عن سياقات تاريخية، بل يُعيدنا إلى سياسة “تصفير القضية الفلسطينية” التي حاولت “إسرائيل” ترسيخها عبر العقود الماضية. من محاولات طرد الفلسطينيين إلى الضفة الشرقية في الأردن، إلى الضغط على مصر لجعل سيناء ملاذًا للمهجّرين، وصولًا إلى الفكرة الجديدة: لماذا لا تستقبل السعودية هؤلاء الناس؟ ولماذا لا يكون لسوريا دورٌ في هذا المخطط؟
ما الذي يحاول نتنياهو تحقيقه من خلال هذه التصريحات؟ وما تأثيرها الإقليمي والدولي؟ وكيف تفاعلت السعودية والدول العربية والعالم مع هذا الطرح؟ وهل نحن أمام إعادة إحياء فكرة التهجير الجماعي كسياسة “إسرائيلية” رسمية؟
أولًا: نتنياهو وتحويل التهجير إلى “خيار استراتيجي”
منذ النكبة عام 1948، ظلّ الفلسطينيون متمسكين بالبقاء في أراضيهم رغم المحاولات “الإسرائيلية” المتكررة لإجبارهم على الهجرة. لكن حرب غزة الأخيرة منحت نتنياهو فرصة جديدة: لماذا لا يتم تصدير المشكلة إلى الدول العربية؟
ما الذي يكشفه اقتراحه بتهجير سكان غزة إلى السعودية وسوريا؟
محاولة خلق “شرعية ديموغرافية جديدة”
– منذ سنوات، تروّج بعض الأوساط “الإسرائيلية” لفكرة أن الفلسطينيين ليسوا “شعبًا أصيلًا” في المنطقة، وأن عليهم البحث عن أماكن أخرى. اقتراح السعودية وسوريا يعزز هذه الرواية بأن غزة ليست سوى عبء يجب التخلص منه.
ضرب فكرة “حق العودة” نهائيًا
– إذا تم تهجير سكان غزة إلى السعودية أو سوريا، فإن ذلك يعني عمليًا إلغاء أي مطالبة مستقبلية بعودة اللاجئين إلى فلسطين، وهو ما يتماشى مع الرؤية الصهيونية لمحو القضية الفلسطينية ديموغرافيًا.
توسيع الصراع ليشمل دولًا عربية أخرى
– إذا أصبحت السعودية أو سوريا جزءًا من ملف تهجير الفلسطينيين، فإن ذلك سيخلق أزمة دبلوماسية جديدة في الشرق الأوسط، ما يمنح “إسرائيل” مجالًا للمناورة وسط الانقسامات العربية.
التحايل على المقاومة الفلسطينية
– تهجير سكان غزة يعني ببساطة تفريغ المقاومة من قاعدتها الشعبية. فبعدما فشلت “إسرائيل” في القضاء على الفصائل عسكريًا، يبدو أن التهجير يُطرح الآن كـ”الحل النهائي”.
ثانيًا: كيف تعاملت السعودية مع هذه التصريحات؟
الخارجية السعودية أصدرت بيانًا قويًا رفضت فيه تصريحات نتنياهو، مؤكدة أن:
– “العقلية المتطرفة المحتلة لا تستوعب ما تعنيه الأرض الفلسطينية لشعب فلسطين وارتباطه بها”.
– “هذه التصريحات تستهدف صرف النظر عن جرائم الاحتلال في غزة”.
– “السلام لن يتحقق إلا بقبول مبدأ التعايش السلمي من خلال حل الدولتين”.
لماذا ترفض السعودية هذه الفكرة؟
الموقف التاريخي للسعودية من القضية الفلسطينية:
– الرياض كانت دائمًا ضد مشاريع توطين الفلسطينيين خارج أراضيهم، وأكدت في كل المناسبات الدولية على حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم داخل فلسطين نفسها.
التداعيات الإقليمية:
– أي قبول ضمني بهذا المقترح سيخلق أزمة بين السعودية والفلسطينيين، وقد يقوّض علاقة الرياض مع العواصم العربية والإسلامية التي ترى في هذا المشروع تمريرًا لخطط “إسرائيلية” توسعية.
الأبعاد الأمنية والاستراتيجية:
– وجود مئات الآلاف من الفلسطينيين داخل السعودية لن يكون مجرد قضية إنسانية، بل سيكون له تداعيات على التوازن الديموغرافي والسياسي داخل المملكة، وهو ما لن تقبله القيادة السعودية.
التوقيت السياسي الحرج:
– السعودية تسعى حاليًا للعب دور دبلوماسي متوازن بين واشنطن وبكين وموسكو، وأي تحرك نحو تبني مقترح إسرائيلي كهذا سيؤدي إلى انهيار هذا التوازن، ويفتح الباب لاضطرابات داخلية وخارجية.
ثالثًا: ماذا عن فكرة تهجير الفلسطينيين إلى سوريا؟
هنا تبدو الأمور أكثر تعقيدًا، فإسرائيل تعرف أن الوضع السوري لم يستقر تمامًا بعد، وأن هناك مساحات واسعة خارج سيطرة النظام السوري. لذا، فإن فكرة تهجير الفلسطينيين إلى سوريا قد تكون بالنسبة لنتنياهو فرصة لجعل القضية الفلسطينية جزءًا من الفوضى السورية المستمرة.
لكن هناك نقاط رئيسية تجعل هذا الاقتراح غير واقعي:
النظام السوري لن يقبل بذلك:
– رغم علاقته المتوترة مع بعض الفصائل الفلسطينية، إلا أن دمشق لم تدعم أبدًا مشاريع توطين الفلسطينيين خارج أرضهم.
روسيا وإيران لن تسمحا بوجود فلسطينيين “مُهجّرين” في سوريا:
– موسكو وطهران تعارضان أي تغييرات ديموغرافية قد تؤدي إلى إعادة رسم خريطة النفوذ في سوريا.
ماذا عن تركيا؟
– تركيا، التي لها وجود عسكري شمال سوريا، لن تكون مرتاحة لفكرة إعادة توطين الفلسطينيين في مناطق قريبة من حدودها، خشية تغيير التوازن الجيوسياسي في المنطقة.
رابعًا: الانقسام “الإسرائيلي” حول مشروع التهجير
ليس كل “الإسرائيليين” مؤيدين لهذه الفكرة، وهناك انقسامات واضحة داخل الأوساط السياسية والأمنية.
المؤيدون:
– التيار اليميني المتطرف، ممثلًا في شخصيات مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، يرون في التهجير الحل الأمثل لمحو أي وجود فلسطيني في غزة.
– بعض رجال الأعمال والسياسيين المقربين من ترامب، الذين يؤيدون الفكرة باعتبارها “صفقة تجارية” ستغير المنطقة.
المعارضون:
– قيادات أمنية “إسرائيلية” ترى أن التهجير سيخلق مشاكل دبلوماسية غير مسبوقة مع الدول العربية.
– بعض الأصوات في اليمين “الإسرائيلي” المعتدل تحذر من أن تنفيذ مثل هذا المخطط قد يقود إلى عقوبات دولية وعزلة سياسية “لإسرائيل”.
خامسًا: ردود الفعل الدولية – صمت مريب أم دعم خفي؟
التصريحات “الإسرائيلية” حول التهجير لم تقابل بإدانة دولية واسعة، بل جاءت ردود الفعل باهتة إلى حد كبير.
– الاتحاد الأوروبي حذّر من “التداعيات الإنسانية” لكنه لم يتخذ موقفًا صارمًا ضد “إسرائيل”.
– الأمم المتحدة أدانت الفكرة من الناحية الأخلاقية، لكنها لم تقدم أي خطوات عملية لوقفها.
ما يثير القلق هنا هو أن الصمت الدولي قد يكون مؤشرًا على قبول ضمني لبعض هذه الأفكار، خاصة في ظل رغبة بعض العواصم الغربية في “تخفيف التصعيد” بأي وسيلة.
سادسًا: الفلسطينيون يرفضون الرحيل – لماذا؟
رغم الدمار الهائل في غزة، لا يبدو أن الفلسطينيين مستعدون للتخلي عن أرضهم، وهو ما يشكل تحديًا جوهريًا لمخططات التهجير.
لماذا يرفض الفلسطينيون الخروج من غزة؟
التمسك بالهوية الوطنية:
– الفلسطينيون يرون في بقائهم مقاومة، والخروج من غزة يعني إعادة إنتاج النكبة بطريقة جديدة.
غياب أي ضمانات مستقبلية:
– أين سيذهب المهجّرون؟ ومن سيضمن حقوقهم في الدول المستضيفة؟ لا أحد يملك إجابة واضحة.
الخبرة التاريخية مع مشاريع التهجير السابقة:
– من مخيمات لبنان إلى الشتات في الأردن وسوريا، لم تؤدِ التهجرات السابقة إلا إلى مزيد من المعاناة دون حل دائم.
نتنياهو: اللعب على حافة الهاوية
بالنسبة لنتنياهو، فإن اقتراح تهجير الفلسطينيين ليس مجرد فكرة عشوائية، بل هو جزء من استراتيجيته للهروب من مأزقه السياسي.
– يواجه معارضة داخلية حتى من بعض قادة الأمن “الإسرائيليين” الذين يرون أن مشروع التهجير غير واقعي وسيؤدي إلى كارثة دبلوماسية.
– الضغط الأمريكي و” الإسرائيلي ” اليميني يدفعه إلى اتخاذ قرارات أكثر تطرفًا لضمان بقائه في السلطة.
– يريد تحويل الأنظار عن الفشل العسكري في غزة عبر طرح أفكار استثنائية تجذب انتباه الإعلام العالمي.
تهجير الفلسطينيين – هل أصبح سياسة إسرائيلية رسمية؟
ما يفعله نتنياهو اليوم هو إعادة صياغة “النكبة” بلغة أكثر دبلوماسية، لكنها بنفس الأهداف القديمة: طرد الفلسطينيين وخلق واقع جديد.
لكن كما فشلت مشاريع التهجير السابقة، يبدو أن هذا المخطط الجديد يواجه مقاومة عنيدة من الفلسطينيين والدول العربية.
إذا كان نتنياهو يراهن على أن العالم سينسى القضية الفلسطينية مع مرور الوقت، فإن ردود الفعل الشعبية في العالم العربي والإسلامي تشير إلى أن هذه القضية لا تزال حيّة، وأن التهجير لن يكون الحل، مهما حاولت إسرائيل الترويج له.
السؤال الحقيقي الآن ليس هل سينجح هذا المخطط، بل إلى أي مدى يمكن أن يذهب نتنياهو وترامب في مغامرتهم هذه قبل أن تنقلب عليهم؟