قالت بعثة تابعة للأمم المتحدة اليوم الثلاثاء إن قوات الدعم السريع في السودان وحلفاء لها ارتكبوا مستويات "مهولة" من الاعتداءات الجنسية، إذ اغتصبوا مدنيات أثناء تقدم القوات واتخذوا بعض النساء لعبودية الجنس خلال الحرب المستمرة منذ أكثر من 18 شهرا.

وقال تقرير بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة إن الضحايا تتراوح أعمارهن بين 8 أعوام و75 عاما، وارتكبت قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها معظم العنف الجنسي في محاولة لإرهاب الناس ومعاقبتهن على روابط مزعومة مع "الأعداء".

وقال رئيس البعثة محمد شندي عثمان في بيان مصاحب لتقرير من 80 صفحة يستند إلى مقابلات مع ضحايا وأسر وشهود "حجم العنف الجنسي الذي وثقناه في السودان مهول".

ولم ترد قوات الدعم السريع بعد على طلب من وكالة رويترز للتعليق، غير أنها سبق وأن قالت إنها ستحقق في الادعاءات وستقدم الجناة إلى العدالة.

وخلال الصراع الحالي، سيطرت قوات الدعم السريع على أجزاء كبيرة من السودان، منها ولاية غرب دارفور، حيث تُتهم بارتكاب عمليات قتل على أساس العرق بحق قبيلة المساليت بمساعدة مليشيات أخرى.

وقالت بعثة الأمم المتحدة إن الإهانات العنصرية ضد غير العرب في أجزاء من ولاية غرب دارفور استخدمت على نطاق واسع خلال الهجمات الجنسية، مما يشير إلى استهداف عرقي.

الحمل القسري

ونقل التقرير عن إحدى الضحايا، وهي من مدينة الجنينة في ولاية غرب دارفور، أن مغتصبها قال لها تحت تهديد السلاح "سنجعلكن يا فتيات المساليت تنجبن أطفالا من العرب".

وجاء في التقرير أن قوات الدعم السريع احتجزت امرأة أخرى من غرب دارفور لأكثر من 8 أشهر إلى أن حملت من خاطفها الرئيسي بعد عمليات اغتصاب متكررة.

وفي 4 حوادث أخرى، تُخطف النساء من الشارع ثم يتعرضن للضرب والاغتصاب قبل إطلاق سراحهن أو تركهن فاقدات للوعي في الشارع.

وقالت الضحايا إن الجناة كانوا غالبا ما يرتدون زي قوات الدعم السريع أو أوشحة تخفي وجوههم.

وقالت البعثة في التقرير إنها وثقت عددا أقل من حالات العنف الجنسي التي تورط فيها الجيش السوداني، وإن الأمر يحتاج إلى مزيد من التحقيق.

وأضافت أيضا أن لديها تقارير موثقة تفيد بأن الطرفين المتحاربين جندا أطفالا.

ووجدت البعثة الشهر الماضي أن الجيش وقوات الدعم السريع ارتكبا انتهاكات جسيمة مثل التعذيب والاعتقال القسري.

وتسببت حرب السودان في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم مع مقتل الآلاف وتشريد أكثر من 11 مليون شخص، وانتشار الجوع على نطاق واسع وتدخل قوى أجنبية.

وبعد 18 شهرا من الحرب بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، وهو أيضا رئيس مجلس السيادة، وقوات الدعم السريع بقيادة حليفه ونائبه السابق محمد حمدان دقلو الملقب "حميدتي"، "تزداد المعاناة يوما بعد يوم، مع 25 مليون شخص في حاجة الآن إلى المساعدة"، وفق ما قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أمام مجلس الأمن أمس الاثنين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات قوات الدعم السریع غرب دارفور

إقرأ أيضاً:

العقوبات على البرهان وأثرها: السودان بحاجة إلى قرار أممي لوقف المأساة الإنسانية

في 16 يناير 2025، أعلنت الولايات المتحدة عن فرض عقوبات على قائد القوات المسلحة السودانية عبد الفتاح البرهان، مشيرة إلى انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وجرائم حرب ارتكبتها القوات تحت قيادته. القرار جاء ضمن سلسلة إجراءات دولية تهدف إلى محاسبة المسؤولين عن الفظائع في السودان، لكن الحقيقة الماثلة أمامنا تشير إلى أن العقوبات وحدها ليست كافية. الوضع الإنساني في السودان يتطلب استجابة أممية أكثر شمولاً، لإيقاف الحرب وفرض حماية حقيقية للمدنيين.
التداعيات الحالية للعقوبات
لا شك أن العقوبات الأمريكية على البرهان ومورد الأسلحة المعني تمثل إشارة قوية بعدم التسامح مع مرتكبي الجرائم في السودان. استهداف القادة العسكريين وأذرعهم المالية يهدف إلى تقويض قدرتهم على استمرار الصراع. ومع ذلك، فإن التأثير الفعلي لهذه العقوبات غالبًا ما يتباطأ بسبب تعقيدات النزاع السوداني وتعدد الأطراف المتورطة فيه.
فبينما تسعى الولايات المتحدة للضغط على البرهان ودقلو (حميدتي)، فإن الواقع الميداني يشهد تصاعدًا في العنف ضد المدنيين. تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 25 مليون سوداني يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وهو رقم صادم يعكس عجز العالم عن حماية الأبرياء في مناطق النزاع.
العقوبات ليست كافية
بالرغم من أهمية العقوبات كأداة للضغط الدبلوماسي، فإنها بمفردها لا تستطيع وقف نزيف الحرب. يحتاج السودان إلى تدخل أممي عاجل لحماية المدنيين وضمان إيصال المساعدات الإنسانية. غياب الإرادة الدولية لاتخاذ خطوات حاسمة يجعل المدنيين يدفعون الثمن الأكبر للصراع بين قوى عسكرية لا تعير اهتمامًا لمستقبل البلاد.
تشير الأوضاع إلى ضرورة فرض منطقة آمنة لحماية المدنيين، تحت مظلة الأمم المتحدة، تترافق مع مراقبة صارمة لوقف إطلاق النار وإجراءات تمنع استهداف البنية التحتية المدنية.
ضرورة قرار أممي شامل
من غير الممكن أن يظل المجتمع الدولي يكتفي بإدانة الجرائم وتوجيه العقوبات. ما يحتاجه السودان الآن هو قرار أممي يتضمن-
1. نشر قوات حفظ سلام دولية في المناطق الأكثر تضررًا لحماية المدنيين ومنع التصعيد العسكري.
2. فرض حظر كامل على توريد الأسلحة للأطراف المتحاربة في السودان، مع مراقبة دقيقة لتطبيقه.
3. إطلاق محادثات سلام ملزمة تحت إشراف الأمم المتحدة، تضمن مشاركة جميع الأطراف بما فيها القوى المدنية، لتهيئة الطريق نحو انتقال ديمقراطي حقيقي.
4. آلية مراقبة إنسانية دولية تضمن تدفق المساعدات بلا عوائق وتمنع استخدام الغذاء كسلاح حرب.
المستقبل في ظل الضغط الدولي
بين العقوبات الأمريكية ودعوات الأمم المتحدة، لا يزال الأمل قائمًا لإنقاذ السودان. ولكن هذا الأمل لن يتحقق دون تعاون دولي واسع يستند إلى رؤية شاملة لإنهاء الصراع ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم.
إن الشعب السوداني الذي يعاني يوميًا من تداعيات الحرب يستحق أكثر من بيانات الإدانة. يحتاج إلى أفعال ملموسة تُعيد له أمنه واستقراره، وتفتح الباب أمام مستقبل يعمه السلام والديمقراطية.
العقوبات على البرهان خطوة مهمة، لكنها ليست الحل الكامل. الوضع في السودان يتطلب وقفة جادة من المجتمع الدولي، فالمدنيون المحاصرون بين نيران المتقاتلين يستحقون حماية أممية عاجلة. آن الأوان أن ينتقل العالم من الإدانة إلى الفعل لإنقاذ السودان من دوامة الفشل والدمار.

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة: الحرب في السودان تزداد خطورة على المدنيين بعد الهجمات في ولاية الجزيرة  
  • العقوبات على البرهان وأثرها: السودان بحاجة إلى قرار أممي لوقف المأساة الإنسانية
  • السودان.. مقتل 11 شخصًا في هجوم للدعم السريع بقرية الخيران
  • مناوي يكشف عن مدد عسكري ضخم لقوات الدعم السريع قادم من ليبيا
  • السودان: اتهامات لقوات الدعم السريع بالاختطاف والابتزاز في الحصاحيصا 
  • رويترز: الولايات المتحدة ستفرض عقوبات على قائد الجيش السوداني
  • القوة المحايدة لحماية المدنيين: قوتنا تعرضت لكمين من قوات الدعم السريع بتخوم محلية كبكابية
  • شبكة أطباء السودان: الدعم السريع تقتل 11 شخصاً في هجوم على قرية بولاية الجزيرة
  • آلاف يفرون من بلدتين في دارفور بسبب المعارك
  • هكذا تبدو مدينة ود مدني بعد استعادتها من قوات الدعم السريع