لجريدة عمان:
2025-04-07@03:22:41 GMT

«رمانة الميزان» في قصص الابتكار

تاريخ النشر: 29th, October 2024 GMT

قدّمت شركة بوسطن دايناميك (Boston Dynamics) الرائدة في تصميم الروبوتات، إعلانًا تشويقيًا لتسويق رؤيتها في مستقبل البشرية الذي تشكله التكنولوجيا المبتكرة، ولم تكتفِ الشركة بعرض القدرات التقنية المتقدمة لروبوتاتها مقارنة بمثيلاتها الأخرى في هذا المجال، بل إنها سردت قصصًا جذابة ومقنعة حول الدور المحتمل لهذه الروبوتات في حياتنا، وأثارت مقاطع المادة الإعلانية تفاعلًا واسعًا مع قصص الروبوت سبوت ميني (SpotMini) البارع في الأعمال المنزلية، وكذلك روبوت أطلس (Atlas) الذي يجوب الأرض متنقلًا عبر التضاريس الوعرة التي لا يصل إليها الإنسان، هذه الدقائق المعدودة لم تستقطب انتباه المتابعين الذين يتخيلون صورةً لمستقبل يدمج الروبوتات في حياتنا اليومية، ولكنه أثار اهتمامًا عالميًا، وحفز تنفيذ المناظرات والحوارات العلمية والفكرية حول التعايش مع الآلة، والآثار الأخلاقية للروبوتات، وهذه هي قوة قصص الابتكار، ولكن ما هي رمانة الميزان في سرد قصص الإبداع العلمي دون تضخيم الإنجازات وفي الوقت ذاته ضمان عدم الإجحاف بالقيمة الابتكارية؟

في البداية دعونا نتوقف عند أهم محطات رحلة الابتكار؛ وهي مرحلة عرض الفكرة الابتكارية، سنجد أنه من المألوف أن يصطدم فريق الابتكار بحائط عدم القبول عند طرح مبادرة جديدة، وقد لا يكون السبب قلة الموارد المتاحة لدعم تنفيذ الفكرة الابتكارية كما يبدو ظاهريا، إذ لا يتعلق الأمر بالموارد وحدها، ولكن دوافع الأحجام قد تعود إلى الخوف الكامن من الإخفاق، فالعوائد المنشودة من الابتكار تبقى مجرد تكهنات، ومع ارتفاع درجة عدم الوضوح في المخرجات وكذلك ارتفاع مخاطر الاستثمار في التقنيات فإن المسؤولية كبيرة على عاتق فريق الابتكار في إقناع الممولين والداعمين، وهنا تظهر أهمية توظيف مهارات السرد القصصي في الاتصال الاستراتيجي للابتكار، ولكن سرد قصص الابتكار مختلف تماما عن الحكايات المعتادة، إذ تكتنف هذا النوع من السرديات تحديات عديدة، فتحقيق التوازن فيها هو أمر معقد، كما أنه لا يمكن تجاهل الصعوبة في عملية توصيل الأفكار المبتكرة والجديدة إلى متخذي القرار والشركاء وأصحاب المصلحة، فالعلماء والمهندسون ومطورو العمليات وصناع الأفكار لا يميلون بحكم طبيعتهم العلمية والتقنية إلى ترجمة الأفكار الكبيرة والمعقدة إلى قصة موجزة وذات أثر وموجهة للشرائح المستهدفة، وجذب ثقتهم وجعلهم أكثر التزامًا بإنجاح هذه الأفكار الابتكارية، وهذه التحديات هي التي أدت إلى أن الكثير من القصص الإبداعية في ابتكارات العلوم والتكنولوجيا قد بقيت قصصا غير مروية، وفي المقابل ظهرت العديد من القصص التي اتبعت مسارات تضخيم الإنجازات، وأصبح الوصول للتوازن المطلوب من أهم خطوات توظيف السرد القصصي.

فإذا تعمّقنا في المثال السابق لشركة بوسطن دايناميك التي تبرز قوة سرد القصص سنجد بأن مهارة السرد القصصي هي جزءٌ لا يتجزأ من بناء ثقافة الابتكار، لكونها ضمن أدوات الوصول إلى التمويل والشراكات الاستراتيجية، وهي كذلك ملهمة، لأن بوسطن دايناميك قد تجاوزت مرحلة البحث عن الداعمين ووصلت لمرحلة متقدمة من التأثير الجماهيري واسع النطاق، فهي الآن أيقونة الإلهام العلمي، ومطمح المبتكرين ورواد الأعمال الناشئين، ويعود ذلك إلى قدرة الشركة على المزج ما بين سرد رحلتها في كيفية نشأتها وتطورها، وبين الخيال العلمي وراء اختراع الروبوتات المتقدمة، وإتاحة السيناريوهات المختلفة لتطبيقها في المستقبل، وبذلك فإن قصص الروبوتات الشيِّقة قد نقلت الجمهور من مرحلة الإعجاب بالتقدم العلمي الباهر إلى التفكير في أفكار علماء الغد، وإلى أي مدى سوف تصل ابتكاراتهم، وهذا النوع من الاستجابة يبرهن بأن التأثير قد أوجد درجة من الارتباط العقلي والعاطفي بالابتكار، والاستقطاب العاطفي هو عنصرٌ حيوي في سرد قصص الابتكار والإبداع، إذ أنه وعلى الرغم من أن قصة روبوتات بوسطن دايناميك تدور حول مفهوم مستقبلي بحت، إلا أنها جاءت في قالب متميز حفز التطلع والفضول والتأمل، وبعبارة أخرى استطاعت القصة أن تستثمر اهتمام الجمهور عاطفيًا، مما زاد اهتمامهم بهذه الابتكارات علميًا واقتصاديًا واجتماعيًا.

وهذا يقودنا إلى أهم التكتيكات في توظيف السرد القصصي في التواصل الاستراتيجي للابتكارات، فمن منظور المبتكرين الناشئين يجب أولًا فهم وإدراك أهمية عبور الحاجز النظري بين المجتمع العلمي ومختلف شرائح الشركاء والمستفيدين، إذ لا بد من غرس ثقافة وممارسات السرد القصصي لعالم الأعمال والابتكار، ففي عصرنا الرقمي المشبع بتكنولوجيا الاتصالات، اكتسب السرد القصصي مسارات وأبعادًا جديدة مع وسائل التواصل الاجتماعي، والبث الصوتي والمرئي (البودكاست) وغيرها من أدوات الإعلام الرقمي، والواقع الافتراضي، وجميعها تلعب دورًا أساسيًا في إتاحة الوسائط التي من شأنها نقل رحلة المبتكرين إلى القطاعات ذات الصلة، وإلى المجتمع الذي يجد نفسه خارج حلقات الابتكار بسبب الحواجز الثقافية والنمطية التي أضفت على المجتمع العلمي الكثير من الانعزال، وبعد الوصول للفهم الواعي لوظائف السرد القصصي ودوره يأتي محور تأطير قصص الابتكار في هياكل سردية لتقديم الرؤى والدروس القيمة، وهنا يجب بناء ثقافة إنتاج قصص الابتكار الأصيلة، وتقليل الاقتباسات واستنساخ النماذج المشهورة من أجل إضفاء الثراء والسياق على القصة الابتكارية، وكلما التزم المبتكرون والرياديون بنقل تجاربهم الفريدة والمتميزة كلما اكتسبت القصص الإبداعية ميزة الأصالة التي تجعل منها مصدر إلهام، وتحفيز الجمهور على الاهتمام بهذه التجربة، والإيمان بجدوى الابتكار، والترويج له.

تتطلب الابتكارات العظيمة ترجمة إلى سرديات مركزة وموجهة لتسريع دورة الابتكار، وكسر حواجز الاتصال بين المجتمع العلمي والقطاعات المستفيدة والمجتمع، وتأصيل التجارب الإنسانية في قلب التقدم التكنولوجي لتعكس القوة التحويلية للابتكار والإبداع، مما يستوجب الاستثمار في السرد القصصي ووضعه في طليعة استراتيجيات التواصل، ولكونها مهارة مستحدثة؛ فإن بناء القدرات هو عاملٌ حاسم في تشجيع المبتكرين على توثيق ومشاركة قصص ابتكاراتهم بمهنية عالية؛ بحيث لا يكون التركيز على إبراز النجاحات وحسب، وإنما يجب تضمين جميع جوانب الرحلة وبكل مصداقية، والاعتراف بالعقبات وكيفية التغلب عليها، فالسرد القصصي لا يتعلق بالتظاهر بأن الرحلة كانت مذهلة، وإنما بصناعة ذاكرة التجارب، ثم مشاركتها لدعم الثقة في دور الابتكار في التطوير والتغيير الإيجابي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: السرد القصصی سرد القصص

إقرأ أيضاً:

مجلس الأمن السيبراني يؤكد التزام الإمارات بدعم الابتكار

شاركت دولة الإمارات، ممثلة بمجلس الأمن السيبراني، في "القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في أفريقيا"، التي عقدت في جمهورية رواندا تحت شعار "الذكاء الاصطناعي والعائد الديموغرافي لأفريقيا: إعادة تصور الفرص الاقتصادية للقوى العاملة في أفريقيا".

وأكد مجلس الأمن السيبراني خلال مشاركته في القمة التزام الإمارات بدعم الابتكار والتطور التقني لصناعة مستقبل رقمي مزدهر ومستدام للجميع.

وشهدت مشاركة الإمارات التباحث حول أحدث التطورات والابتكارات والتقنيات في مجال الذكاء الاصطناعي، وتبادل المعرفة والخبرات مع مختلف الدول، إلى جانب عرض الفرص الاستثمارية في دولة الإمارات في مجال الذكاء الاصطناعي، وتعزيز التعاون مع الشركات العالمية، حيث تم مناقشة فرص إشراك شركات إماراتية رائدة، مثل G42 و CPX في دعم هذه الجهود.

تسريع ابتكارات الذكاء الاصطناعي

ترأس وفد الدولة في القمة الدكتور محمد الكويتي، رئيس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات، وجمعت أكثر من 1000 مشارك من صانعي السياسات ورواد الأعمال والباحثين والمستثمرين من أكثر من 95 دولة، إلى جانب أكثر من 100 شركة في مجال الذكاء الاصطناعي بهدف تسريع ابتكارات الذكاء الاصطناعي، ومواءمة السياسات الاستراتيجية لتعزيز قدرات أفريقيا في مجال الذكاء الاصطناعي لتحقيق التنافسية والنمو الشامل.

وشهدت القمة إطلاق مجلس أفريقيا للذكاء الاصطناعي، وتضمنت عددًا من الجلسات النقاشية وحلقات العمل، وعرضًا لأكثر من 100 شركة واعدة في مجال الذكاء الاصطناعي في أفريقيا، إلى جانب نقاشات حول كيفية تسخير الذكاء الاصطناعي لإيجاد فرص اقتصادية شاملة، وتشجيع الابتكار، وتحسين مهارات القوى العاملة في أفريقيا.

التعاون والتنسيق

وعلى هامش فعاليات القمة، التقى محمد الكويتي، ديفيد كاناموجير، الرئيس التنفيذي لهيئة الأمن السيبراني الوطنية في جمهورية رواندا، وتم بحث التعاون في الأمن السيبراني والتحول الرقمي، إلى جانب عدد من المجالات الحيوية شملت حماية البنية التحتية الرقمية، وتبادل المعلومات حول التهديدات السيبرانية، وتطوير آليات الاستجابة للحوادث، إلى جانب بناء الكفاءات والقدرات الوطنية.

مقالات مشابهة

  • برج الميزان .. حظك اليوم الإثنين 7 لأبريل 2025: انتبه لمشاعرك
  • روبوتات الإسعافات الأولية.. قفزة في عمليات إنقاذ البيئات الصعبة
  • نبوءات إسحاق عظيموف… ماذا تحقق من توقعاته بعد 30 سنة؟
  • برج الميزان .. حظك اليوم الأحد 6 أبريل 2025: استغل وقتك
  • الابتكار الثقافي.. تصميم المستقبل بمقاييس إماراتية
  • مجلس الأمن السيبراني يؤكد التزام الإمارات بدعم الابتكار
  • تراجع فائض الميزان التجاري السلعي لقطر في 2024 بنسبة 10.7%
  • حظك اليوم برج الميزان في الحب والزواج.. انتظر المفاجأة
  • برج الميزان حظك اليوم السبت 5 أبريل 2025.. لا تخف من اتخاذ قرارات صعبة
  • الإعلامية الصينية ليانغ سوو لي: ممر G60 العلمي والتكنولوجي محرك الابتكار لتحقيق التنمية عالية الجودة