الدرس المستفاد من حرب إسرائيل القاسية.. لا تزال القوة في عالمنا هي الحق
تاريخ النشر: 29th, October 2024 GMT
بعد مرور أكثر من عام على حرب إسرائيل في غزة يصعب الحديث عن «تصعيد». لأن عزل لحظات بعينها من التصعيد العسكري، من قبيل هجمة إسرائيل إلى إيران يوم السبت، يبدو إشارة إلى أن ما يجري في غزة في غير هذه اللحظات طبيعي أو مقبول. لكن قد يكون بوسعنا بدلا من ذلك أن نتكلم عن مواجهة. قد يكون بوسعنا أن نتكلم في أن حملة إسرائيل في شمال غزة على مدار الأسبوعين الماضيين تواجه العالم بما بات من الصعب إنكاره: وهو أن ما يجري على الناس في غزة تطهير عرقي.
فإلى أين يذهبون؟ حسن، لدينا إجابة لهذا السؤال أيضا. في وقت سابق من الشهر الحالي أقيم على مقربة من قطاع غزة مؤتمر بعنوان «الاستعداد لإعادة توطين غزة» وحضره مئات الأشخاص. على مسمع من أصوات المدفعية وإطلاق النيران، اجتمع الإسرائيليون ليقرروا ماذا هم فاعلون بغزة ومن يعيشون فيها فور انتهاء الحرب. فاقترح شاب قائلا «علينا أن نقتلهم، نقتل كل فرد منهم». ولم يكن وزير الأمن الوطني في إسرائيل إيتمار بن جيفير أكثر عقلانية بكثير إذ قال «سوف نشجع كل مواطني غزة على الانتقال الطوعي. سنعرض عليهم فرصة للانتقال إلى بلاد أخرى لأن تلك الأرض تخصنا». ما شكل هذا «التشجيع»؟ بناء على أحداث العام الماضي، نأمن القول بأن الأمر لا يتعلق بعقل أو إقناع. سوف يتخذ هذا التشجيع شكل الغارات الجوية «المتواصلة» على شمال غزة بحسب وصف الأمم المتحدة للمرحلة الأخيرة من الهجوم. وسوف يتخذ شكل إحراق المرضى أحياء في أسرة المستشفيات مثلما حدث لشعبان الدالو الذي كان لا يزال موصول الذراع بأنبوب التغذية، ويتخذ شكل استهداف الأطفال بالمسيَّرات ثم «النقر المزدوج» أي إرسال هجمة ثانوية لضرب من يتجمعون حولهم لتقديم المساعدة. ويتخذ شكل إيجاد ظروف التجويع من خلال إعاقة وصول الإمدادات، وإصدار الأوامر للفرق الطبية وفرق الدفاع المدني بالرحيل عن مخيم جباليا للاجئين، وإعلان العديد من صحفيي الجزيرة الذين لا يزالون يعملون في المنطقة «إرهابيين». هذه استراتيجيات متطرفة لكنها بصفة عامة تتماشى مع النهج المعمول به في أرجاء الأراضي المحتلة، أي إرغام الفلسطينيين على الانتقال «الطوعي» من خلال إحراق الأرض التي يعيشون عليها. لقد زرت أخيرا العديد من المدن في الضفة الغربية، وبدا واضحا مدى توسع المستوطنات الإسرائيلية غير المشروعة وأنه تحقق من خلال حرمان الفلسطينيين من أي خيار إلا الانتقال، وذلك بالترويع وخنق النشاط الاقتصادي بإغلاق مواقع الأسواق وملئها بنقاط التفتيش والجنود وبالحيل البيروقراطية التي ترخص هدم البيوت وإغلاق المتاجر، وهكذا تزداد مدينة الخليل الفلسطينية ارتفاعا وكثافة، إذ يبني الناس شققا ينتقلون إليها من المنطقة التاريخية التي يتضاءل قاطنوها «طوعا» من خلال إجراءات تجعل المنطقة غير قابلة للحياة. والذين يبقون من الفلسطينيين يجدون أنفسهم محاصرين في مواجهات مع المستوطنين والجنود، ثم يتم وصمهم بأنهم يمثلون خطرا أمنيا ويلقون حتفهم عند الاعتراض على هذه الخطة. وثمة صدى كبير لهذا في غزة. لقد قال البروفيسور أوزي رابي رئيس مركز دوشيه ديان في جامعة تل أبيب خلال حوار إذاعي في سبتمبر إنه يرجو أن يُزال «كامل السكان المدنيين من الشمال، ومن يبقون منهم يحكم القانون بأنهم إرهابيون ويخضعون لعملية التجويع أو الإبادة». وهذا يتفق مع ما يسمى بخطة الجنرالات، وهي مقترح تقدَّم به عدد من الجنرالات المتقاعدين إلى الحكومة الإسرائيلية في أول أكتوبر داعين إلى منح الفلسطينيين أياما قليلة للرحيل عن شمال غزة ثم إعلان الشمال منطقة عسكرية وقتل من يبقون فيها أو تجويعهم. ثمة ما يصيب بالشلل في هذه المرحلة الجديدة من الحرب، المرحلة الصارخة بل والاحتفائية. ثمة شيء مذهل في هذه القسوة الغريبة التي لا بد أن يبتلعها العالم كل صباح. وجميع الانتصارات الخطابية والقانونية التي تحققت في العام الماضي، وجميع المظاهرات والاعتراضات والإدانات من منظمات المجتمع المدني، لا تساوي شيئا ما دام الذي وصلنا إليه هو أن يحمل الأطفال الفلسطينيون إخوتهم الجرحى لساعات. ومع ذلك، لا يمكن إيقاف ذلك، ولن يكون له إيقاف. إن ما تواجه به إسرائيل العالم الآن هو معرفته بأن النظام لم يختل، وإنما أنه مصمم ليفعل بالضبط ما يفعله الآن. والنظام مصمم لأن تكون حسابات المصلحة الشخصية للقوى الإمبريالية وحلفائها هي المهمة. ويبقى الفلسطينيون في مرمى النيران، لا نيران إسرائيل فقط، وإنما نيران الأنظمة العربية المستقرة بما لها من قرب من الولايات المتحدة التي تطالب بالسكون عندما يتعلق الأمر بأفعال إسرائيل. وهم أيضا في مرمى نيران صناعة الأسلحة المربحة بحيث لا يمكن تقليصها. وفي مرمى نيران نظام خاضع لإدارة أمريكية باع حياة الفلسطينيين من أجل رعاية قوة مهيمنة في المنطقة للحد من قوة إيران. وهم في مرمى نيران نمط الحكم الغربي كله، ذلك النظام الذي أبى أن يحجم أفعال إسرائيل تحجيما ذا بال واستمر في توبيخ المواطنين الذين هددوا بتغيير وجهة أصواتهم الانتخابية. لقد سئلت كامالا هاريس الأسبوع الماضي عن المواطنين الذين قد يوجهون أصواتهم إلى مرشح حزب ثالث تعبيرا عن غضبهم من السياسة التي تتبعها الإدارة في غزة فأجابت بقولها «إنني أعلم أيضا أن كثيرا من الناس الذين يهتمون بهذه القضية يهتمون أيضا بتخفيض أسعار مواد البقالة، ويهتمون أيضا بأمر ديمقراطيتنا». فهل تريد بطنا أكثر امتلاء أم تريد تقليل الموتى في فلسطين؟ يا له من خيار. لقد ارتددنا في التاريخ إلى حيث القوة هي الحق، وحيث تصير أصواتنا الانتخابية وأصواتنا البشرية غبارا تذروه الرياح. ولو لم تحرك أجساد الأطفال المشوهة شعرة في رأس كامالا هاريس، فأي فارق قد يحدثه صوت يوجَّه إليها أو إلى غيرها، بل الأصوات جميعا؟ كيف لأحدنا أن يبرر المحو الجاري لشعب في وضح النهار، وكيف يجد سبيلا ليدمجه في منطق سياسي يرى في معاناتهم في ظل إدارة ديمقراطية أهون الشرين؟ كيف يضع أحد مسافة بين نفسه وبين الفلسطينيين في غزة دون تقبل لموت جزء من إنسانيته مع قيامه بذلك؟ إن آخر مراحل الحزن هي التقبل. ولكننا لا يمكن أن نتقبل ما مضى بالفعل. وفي غزة، الموت مستمر، والتخريب لا يتوقف، والنوايا شديدة الوضوح، ولا سبيل إلى التقبل، إنما هو التمزق والانسحاب والارتباك. ولا سبيل إلى التكيف مع ما يجري. ومع وصول إسرائيل إلى ذروة مقيتة أخرى، فإن ما يتضح على نحو لا سبيل إلى إنكاره هو أن القوى التي تسمح لها بالمضي إلى ذلك المدى هي قوى لا يمكن فهمها أو فضحها، وإنما تجب الثورة عليها. نسرين مالك من كتاب الرأي في جارديان عن الجارديان البريطانية |
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: شمال غزة لا یمکن من خلال فی مرمى فی غزة
إقرأ أيضاً:
صحيفة: إسرائيل وصلت إلى نقطة يمكن فيها إنهاء الحرب في غزة وإعادة الأسرى
تحدثت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، عن آخر المستجدات الخاصة بإمكانية عقد صفقة تبادل أسرى مع قطاع غزة ووقف إطلاق النار.
وقالت الصحيفة، "في المنظومة الأمنية يعتقدون أن إسرائيل وصلت إلى نقطة يمكن فيها إنهاء الحرب في غزة وإعادة الأسرى، لكن لا يزال هناك فجوة من المستوى السياسي".
إقرأ أيضاً: مؤسسات الأسرى تعلن عن استشهاد معتقلين من قطاع غزة
ونقلت يديعوت، عن مصدر إسرائيلي مطلع على التفاصيل، تأكيده أنه "يجب أن نقول الحقيقة للجمهور، لن تكون هناك صفقة إذا لم تتخذ حكومة نتنياهو والكابنيت قرارًا بوقف الحرب".
وتابعت الصحيفة، "هل سيكون نتنياهو قادرًا على تمرير قرار في الكابنيت للسير نحو صفقة مع إنهاء الحرب والانسحاب الكامل من غزة؟ فمع انضمام وزير الخارجية غيدعون ساعر إلى الحكومة، توسعت مساحة المناورة المتاحة لنتنياهو، مما حال دون إمكانية إسقاط الحكومة من قبل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.
إقرأ أيضاًَ:إسرائيل تعلن اعتراض صاروخ من اليمن - إصابات نتيجة التدافع نحو الملاجىء
بدورها نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن جدة الأسير عيدان ألكسندر الذي نشرت له كتائب القسام مقطع فيديو مصور، قولها، "لقد تحدثت مع نتنياهو وقلت له: "سيدي رئيس الوزراء، هذا هو الوقت لتحقيق معجزة كبيرة وإعادة الجميع - أخبرني أنه يعمل على ذلك، وأريد أن أصدق كلامه، عليه أن يكون شجاعًا، يتغلب على المخاوف السياسية، ويمضي قدمًا في صفقة تعيد الجميع".
كما نقلت عن عمة الجندي الأسير عيدان ألكسندر قولها، حول حديث نتنياهو مع العائلة: "المحادثة مع نتنياهو عززت ثقتنا، وآمل بشدة أننا شجعناه على أن يكون شجاعًا لإعادة عيدان وبقية الأسرى، رسالته كانت أن الظروف قد نضجت، وبفضل التفاهمات في الشمال يبدو أن الأمور بدأت تتحرك وهناك فرصة لإتمام الصفقة".
إقرأ أيضاً: شهداء وإصابات في غارات إسرائيلية متفرقة على قطاع غزة
ونشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس ، أمس السبت، شريطا لأسير إسرائيلي يحمل الجنسية الأمريكية.
ووجه الأسير الإسرائيلي خلال الفيديو رسالة للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، يدعوه إلى بذل كل الجهود لإبرام صفقة تبادل أسرى، ونيل الحرية.
وأضاف، "يرجى عدم استخدام الخطأ الذي ارتكبه بايدن، فالأسلحة التي يرسلها تقتلنا الآن، والحصار غير القانوني الذي يفرضه علينا يقتلنا الآن".
من جهته قال وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير لإذاعة الجيش الإسرائيلي، إن "الصفقة المطروحة حاليا لن تعيد جميع المختطفين".
وأضاف "سأستقيل إن تم التوصل لوقف إطلاق النار وإبرام صفقة غير مسؤولة، وأتحدث في كل جلسة عن أهمية تهجير سكان قطاع غزة طوعيا والظروف مناسبة لذلك الآن".
وتابع "أنا أعمل بجد مع رئيس الوزراء لتعزيز تشجيع الهجرة من غزة، وبدأت ألاحظ لديه انفتاحًا معينًا تجاه هذا الموضوع، لأن أفكار مثل الاستيطان في غزة هي أفكار مرحب بها، والمرات الوحيدة التي انتصرنا فيها على أعدائنا كانت عندما أخذنا منهم الأرض، لكن هذا لا يكفيني، أريد أيضًا تشجيع هجرة سكان غزة".
وأفادت صحيفة الأخبار اللبنانية، بأن الوسيط المصري يتوقع حدوث انفراجة في قطاع غزة خلال الأسبوع المقبل، مشيرة إلى أن القاهرة تعمل بشكل حثيث على حلحلة "النقاط العالقة" بعد زيارة وفد استخباراتي منها إلى إسرائيل، الخميس الماضي.
وبحسب مصادر مصرية، قالت الصحيفة إنه على وقع استمرار التحضيرات لمؤتمر "الاستجابة الإنسانية في غزة»، والذي يُعقد الإثنين المقبل في القاهرة، تأمل الأخيرة الاتفاق مع وفد حركة "حماس" المقرّر وصوله اليوم إليها، على "إطار واضح" بشأن العديد من النقاط الخلافية التي ترى أنها "تعيق" التوصل إلى اتفاق تهدئة في قطاع غزة".
المصدر : وكالة سوا