لجريدة عمان:
2025-01-29@00:19:03 GMT

المقاطعة والامتيازات الطبقية

تاريخ النشر: 29th, October 2024 GMT

شغلني في الأيام الماضية التفكير في مسألة المقاطعة. يبدو أننا ناجحون وناجحات في تحويل كل شيء إلى وسيلة للإلغاء، في ثقافة عُرفت بالإلغاء أكثر من أي شيء آخر خلال العقد الماضي. فعلى الرغم من كون ما نفعله جيدا، إلا أنه ومن غير المقبول أن تكون لدينا أخطاء أو عيوب، أو مثالب. لكن ماذا لو تم استخدام ممارسة الإلغاء من قبل من يمتلكون الامتيازات حصرا، تحديدا فيما يتعلق بسياق مقاطعة المنتجات الداعمة للاحتلال الصهيوني؟ هذه ليست دعوة للتفكير بضرورة الإيمان بجذرية بجدوى المقاطعة، ولكن للتفكير بجذرية حول الخيارات الأخرى البديلة.

أعتقد بأن الإلغاء ممارسة سلبية لا تنتج شيئا، إنها ببساطة توقفنا عند نقطة ما تُشعرنا أننا حققنا انتصارا، إلا أن تلك النقطة سرعان ما تهمد وتتلاشى.

بينما أتصفح مواقع التواصل الاجتماعي، لفتني حساب إحدى المؤثرات على الإنستجرام، والتي عُرفت بمساندتها القضية الفلسطينية حتى قبل أكتوبر 2023 في حالة قد تكون استثنائية، إذ لا يتشبك المشاهير مع المجال العام، ولا يعبرون عن آرائهم حولها لأسباب عديدة منها الخوف على سلامتهم من التجاوزات الأمنية الداخلية في بلدانهم، أو التأثير على فرصهم في التعاقد مع الشركات الكبرى، التي يعتمد الكثير منهم عليها اعتمادا مطلقا. لا أحب تبني الموقف الاستعلائي بالقول إن واحدة من هذه الأسباب هو "التفاهة" أو دعوني أقول "Mediocracy" التي تحكم عالمنا اليوم، لأنني على قناعة أنها ليست نتيجة فردانية، بل هي عمل ممنهج يتناغم مع قيم العصر النيوليبرالي الذي نعيش فيه. أعلنت هذه المشهورة عن افتتاح محل جديد في مسقط، مما تسبب في شن هجوم واسع عليها بسبب "فرضية" أن هذه العلامة تدعم إسرائيل، عند متابعة معظم من يتبنين هذا الهجوم نجد أنهن ينتمين لعائلات ميسورة.

لقد عُرفت في السنوات الأخيرة مطاعم "الفاست فوود" كملاذات للطبقة العاملة الدنيا في الكثير من دول العالم، في ظل التضخم وارتفاع سعر المواد الغذائية، وقلة الوقت الذي يسمح للعمال بطبخ طعامهم بأنفسهم، أو عدم وجود المساحات السكنية الموائمة لذلك. كما عُرفت العلامات التجارية المشهورة بـ"الفاست فاشن" على أنها قادرة على أن تتيح لغالبية الناس فرصة ارتداء ملابس جيدة وعصرية بأسعار جيدة، وكنتُ قد كتبت عن هذه الشركات التي تستغل الأطفال والنساء في دول كبنجلاديش وغيرها لإنتاج عدد كبير من الملابس بتكلفة قليلة وغير عادلة للعمال. في مقابل هذه العلامات، هنالك العلامات المسجلة الفاخرة، التي سمعنا عن تقليعات لها، تفاجئنا كل مرة، مثل أن تمتلك "ملفا" مقنعا لوضعك في طابور الطلبات على حقيبة Hermes والتي يبدأ سعرها من 5000 ريال عماني. أي أن امتلاك هذا المبلغ وحده لا يؤهلك للحصول على هذه الحقيبة. ناهيك عن فضائح هذه الشركات المرتبطة باستعباد العمال، أو القضاء على الحيوانات من أجل جلودها، وغيرها من المساوئ. ما الخيارات الأخرى المتاحة إذن؟

انتشر في عُمان خلال السنوات العشر الأخيرة نشاط "البوتيك" وهي علامة خاصة بمصمم أو مصممة عادة ما تكون محلية، تعرض من خلالها تصميماتها الخاصة، غالبا ما يتم تنفيذ القطع المعروضة في المكان نفسه الذي تُعرض فيه، وتستخدم موارد بشرية ومادية متاحة على الأرض، تعتمد على مصممين ومصممات عمانيين مثلا، لكن ماذا عن الأسعار داخل هذه المحلات؟ فلننظر مثلا لمحلات "أشمغة" الرجال المحلية، التي أطلقت هوية ملفتة للزبائن واكترت مساحة بيع في مجمع راق، هل طالعنا المبالغ الطائلة التي يتطلب دفعها من أجل سداد الكلفة التشغيلية لهذه المحلات ومن ثم تحقيق الربح؟ عدا عن غلاء الأدوات وتضخم الأسعار في البلاد. ثم ما الذي يصبح مطلوبا من الطبقات الدنيا؟ أن لا تتعامل مع من يوفر لها حاجتها، أو أن نحدثهم باستعلاء عن إمكانية تخليهم عن هذه "الرفاهية" لصالح التزامهم الأخلاقي بقضية ما. ثم ما الفرص التي يُستبعد منها هؤلاء وينبذون لأجلها إذا ما قرروا إيثار القضية على أنفسهم؟

أكرر أن هذه ليست دعوى للتطبيع مع عدم المقاطعة، لكن التفكير في أن هذا الأمر مسؤوليتنا جميعا، وأن شروط تغيير هذا الواقع الذي أنتج لنا كيانا غاصبا، متغلغلة وعميقة في بنية حياتنا، وتتطلب مراجعة لكل فكرة الاستهلاك والتملك، والتفاوت الطبقي، والفرص المتكافئة فهي إذن دعوة جذرية لا تقتصر على التلويح بمهاجمة من لم يقاطع منتجا ما مثلا. بل التفكير في الأساسات التي يقوم عليها هذا العالم واقتصاده، وحكم الأقلية فيه، الذي يجعلنا ندور في حلقة مفرغة من الخسارة اللانهائية، والتي لا تغير الكثير كما نعتقد. على السلطات ايضا أن تعيد التفكير في إعادة السيطرة على القطاعات الحيوية كقطاع التغذية والصحة مثلا، بدلا من تركها لشراسة وتوحش التجار وتقديراتهم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التفکیر فی

إقرأ أيضاً:

تحذير عاجل| الهالات السوداء علامة على وجود مشكلة صحية كبيرة

تم إدراج الهالات السوداء والأظافر الهشة والتعب كعلامات تحذيرية محتملة لـ "مشكلة صحية كبيرة" أدت إلى دخول ما يقرب من 200 ألف شخص إلى المستشفى في إنجلترا العام الماضي، وفقًا لتقرير جديد.

في يومه العالمي كيف تحمي نفسك من مرض الجذاممن غير ما تستحمي في الشتا| هذه الطرق تمنح جسمك رائحة منعشة


حذر الأطباء من أن الهالات السوداء تحت العينين غالبا ما يتم تجاهلها باعتبارها مجرد أثر جانبي للحرمان من النوم، ولكنها يمكن أن تكون أيضا مؤشرا على انخفاض مستويات الحديد.
يعتمد الجسم على الحديد في النمو والتطور وبشكل أكثر تحديدًا، فهو مهم في تكوين خلايا الدم الحمراء، التي تحمل الأكسجين في جميع أنحاء الجسم.
إذا كان لديك نقص في هذا المعدن المهم، فقد شاركك الطبيب العلامات التي يمكن أن تكون بمثابة أعلام حمراء.
وحذر الدكتور فراس علوان، من عيادة هارلي ستريت، من أن "العلامات الجسدية التي يمكن أن تشير إلى انخفاض الحديد تشمل الهالات السوداء، الأظافر الهشة، تساقط الشعر أو فقدان الشعر لحالته".
بالإضافة إلى تلك المذكورة أعلاه، يمكن أن تشمل الأعراض أيضًا؛ الشعور بالقلق المتزايد، والتعب، والدوار، أو ضيق في التنفس.
وأضاف الطبيب أن "أعراض مثل الدوخة والخفقان وضيق التنفس أو التعب المستمر يجب أن تستدعي العناية الطبية". 
قد لا تكون علامات انخفاض الحديد واضحة دائمًا، حيث يكون الكثير منها نتيجة لعوامل نمط الحياة القياسية، مثل الإجهاد.
ومع ذلك، مع دخول ما يقرب من 200 ألف شخص إلى المستشفى بسبب انخفاض مستويات الحديد في إنجلترا العام الماضي، فمن المهم أن تكون على دراية بالعلامات.
وأضاف الطبيب لصحيفة Sunday People: "إذا واجهت هذه العلامات، فمن الضروري طلب المشورة على الفور، لأن التدخل المبكر يمكن أن يمنع الحالة من التفاقم".
بالإضافة إلى ذلك، تفيد تقارير Healthline أن دراسة أجريت في عام 2014 حددت أن 50% من المشاركين الذين يعانون من الهالات السوداء يعانون من فقر الدم.
وبمجرد معالجة هذه المشكلة، أفاد الكثيرون في وقت لاحق أن الهالات السوداء تحت أعينهم قد اختفت.
يعد نقص الحديد أكثر انتشارًا عند النساء بسبب عوامل مثل الدورة الشهرية الغزيرة والحمل.

يوضح الدكتور نيتو باجيكال: "من الناحية الطبية، يمكن أن تسبب الدورة الشهرية الغزيرة فقر الدم، مما يجعلك تشعرين بالتعب وانخفاض الطاقة، إذا كان فقدان الدم أكثر من 80 مل، فإن هذا يسمى غزارة الطمث".
المصدر: gloucestershirelive.
 

مقالات مشابهة

  • شاب فرنسي يخترع تطبيق كبد الصهاينة ملايين الدولارات 
  • مدبولي: مصر مرت بالفترة الأصعب وحان وقت التفكير في مرحلة انطلاق حقيقي
  • ( ما أعظمها من كلمة وما أعظمه من خطاب )
  • 7 إشارات تدل على اضطرابك المالي.. ما هي؟
  • برلماني يطالب بالاصطفاف خلف القيادة السياسية لمقاومة التفكير المضلل لتهجير الفلسطينيين
  • 4 علامات مبكرة للسكري.. تعرّف عليها
  • ما وراء المال والتعليم: الحرب الطبقية الجديدة في أمريكا
  • معلمين قنا تطلق فعاليات دورة أساليب التفكير وصناعة القرار لـ360 معلما
  • تحذير عاجل| الهالات السوداء علامة على وجود مشكلة صحية كبيرة
  • المقاطعة الشاملة: هل تُغيِّرُ قواعد اللعبة الاقتصادية ضد الكيان الإسرائيلي؟