معوقات الزراعة وآفاق الاستثمار
تاريخ النشر: 29th, October 2024 GMT
استئناسًا بلغة الأرقام التي باتت اللغة المفضلة في عالم الأعمال والفيصل في الحكم على كثير من الأمور، فإن سلطنة عمان قد حققت نسبًا جيدة من الاكتفاء الذاتي في قطاع الزراعة. تقول الأرقام: إن نسب الاكتفاء الذاتي في إنتاج الخضراوات بلغت (77٪) والفواكه (26٪) وفي التمور (97٪) وتستطرد هذه اللغة الحديث عن نسبة مساهمة سلطنة عمان في إنتاج الغذاء في المنطقة حيث بلغت ( 17.
في الآونة الأخيرة بات موضوع الزراعة والاستثمار في الموارد الزراعية والأمن الغذائي يشغل بالي كثيرًا خصوصًا بعد إدخال الكثير من التحسينات على أساليب الزراعة التقليدية وإقبال الكثير من الشباب على الاستثمار في القطاعات الزراعية وإدخال أصناف زراعية جديدة إلى سلطنة عمان ومحاولة زراعة الكثير من المحاصيل التي لم يكن ممكنًا استزراعها بالطرق التقليدية المتبعة في الزراعة، إضافة إلى تكثيف الحملات الإعلامية وإلقاء الضوء على الكثير من التجارب الناجحة في الاستثمار الزراعي المحلي وهذا برأيي ما شجع الكثير من الناس على التفكير في موضوع الاستثمار في الزراعة بحيث تمثل الزراعة مصدر دخل جيد لممتهنها بدلا من الاعتقاد القديم السائد من أن الزراعة هي فقط لمجرد التسلية وهي إهدار للمال وليس استثمارا له وأن المزارع الصغير لن يتمكن من إيجاد مصدر دخل شهري ثابت له ما دامت الزراعة قائمة على الطرق التقليدية في الزراعة والري. هنالك معوقات في القطاع الزراعي اتفقت أغلب الأصوات على أنها مشكلات تعوق نمو القطاع وتحد من إنتاجيته منها على سبيل المثال صغر المساحات والحيازات الزراعية والتي يغلب عليها الطابع التقليدي في الزراعة من حيث استغلال محصول واحد فقط هو على الأغلب النخيل في المناطق الحارة وبعض المنتجات الورقية الموسمية في السهول الأقل حرارة خصوصا عند اعتدال الجو في الشتاء ولصغر المساحات الزراعية عيب في أنها لا تؤمّن وفرة في المحاصيل التي يمكن زراعتها في مساحات شاسعة جدا وبأساليب تجارية يمكن أن تعود جدواها على المزارعين. من المعوقات أيضا نقص الموارد المائية وتملُّح المياه في بعض المناطق ومنع حفر الآبار إلا بعد الحصول على التصاريح اللازمة التي لا تراعي في بعض الأحيان المساحات المزروعة والحاجة إلى وجود أنظمة مستدامة للري، وعدم إدخال أنظمة الري الحديثة في الزراعة لتقليل المهدور من الماء ربما لاعتقاد البعض أن الأنظمة الحديثة لا توفر كميات كبيرة وكافية لري المزروعات، ومن بين التحديات والمعوقات التي تواجه هذا القطاع أيضا هو هيمنة القوى العاملة الوافدة على الأراضي الزراعية واحتكارها حتى لتسويق الكثير من منتجات تلك المزارع وهذه المشكلة في حد ذاتها ناتجة من عدم يقين المزارع العماني بأهمية الأرض التي يمتلكها وعدم إيمانه بأن الأرض الزراعية يستفيد منها الوافد أكثر مما يستفيد منها مالكها وهذا الأمر قد يكون بحاجة إلى كثير من التوعية وصرامة شديدة في تطبيق بعض المعايير خصوصا في عمليات البيع والشراء. ولعل المشكلة الأكبر في سلسلة هذا القطاع هي ما يتعلق بتسويق المنتجات العمانية من المزارع حيث يعاني الكثير من المزارعين لا سيما صغار المزارعين منهم من عدم وجود منافذ للبيع يمكن من خلالها تسويق منتجاتهم الزراعية دون عناء ودون تكبد الكثير من الخسائر، ولعلي أضيف هنا معوقًا آخر من معوقات تطوير الزراعة وهو عزوف الشباب عن الاشتغال بالزراعة وابتعادهم عن الأرض بحجة أن الزراعة لا توفر دخلا جيدا ولا يمكن الاعتماد عليها كدخل شهري ثابت إضافة إلى أن الكثير من الشباب هجروا قراهم واتجهوا صوب المدن بحثا عن وظائف أخرى. سنحت لي فرصة الجلوس مع بعض المزارعين لسؤالهم عن الزراعة وآفاقها ومشكلاتها والمؤمل منها والدور المعول على الحكومة لدعم هذا القطاع، إجابات الكثيرين منهم كانت متشابهة من أن الزراعة ليست بذات الجدوى الكبيرة وهي لا تعود على صاحبها بالكثير من العوائد المجزية وما يصرفه المزارع على مزرعته أكثر بكثير من العائد المرتجى منها وأن الدعم الحكومي سواء المتمثل في توفير البذور والتقاوي والأدوية يكاد أن يكون شحيحا فضلا عن أن الحكومة لا تقوم بدعم المزارع بشراء منتجاته وتسويقها كما كان عليه الحال في سابق الزمان. الحديث عن الزراعة مشوق إلى حد أنك ترغب في الاستزادة منه دون كلل أو ملل والحديث عن الآفاق الرحبة في ما توفره الأرض من خيرات لزارعها لهو أمر يجعل المرء تواقا إلى قضاء أوقات أكثر في ملامسة الأرض خصوصا مع دخول الاعتدال الشتوي وبدء مواسم زراعة الكثير من المحاصيل الورقية، وكما أن الحديث عن الزراعة والاستثمار شجي فإنه أيضا حديث يفتح الكثير من الآفاق لتطويره والاهتمام به خصوصا أن العماني بطبيعته مزارع بالفطرة وهذا ما تركز عليه مختبرات الأمن الغذائي التي تعقدها وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه من إقامتها للعديد من المختبرات التي تهدف إلى زيادة العائد الاستثماري في الزراعة وإيجاد أفضل السبل والممارسات في الزراعة الحديثة وتشجيع الشباب والمواطنين على الدخول في الاستثمار في المجال الزراعي وتشجيعهم على ذلك. |
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الاستثمار فی سلطنة عمان فی الزراعة الکثیر من کثیر من
إقرأ أيضاً:
العربية للتنمية الزراعية تقدم حلولا بالذكاء الاصطناعي لتحديات استدامة الزراعة والمياه
نظّمت المنظمة العربية للتنمية الزراعية بالتعاون مع منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (ICESCO) ومركز البيئة والتنمية للمنطقة العربية وأوروبا (CEDARE) حدثاً جانبياً، في إطار فعاليات مؤتمر الأطراف الـ29 لاتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخي، الذي يعقد في العاصمة الأذربيجانية باكو خلال الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر 2024، خصص لمناقشة تأثير التغيرات المناخية على موارد المياه والزراعة في العالم الإسلامي والمنطقة العربية.
وقدمت المنظمة العربية للتنمية الزراعية مداخلة رئيسية تناولت التحديات التي تعيق التنمية الزراعية المستدامة في المنطقة، من بينها ندرة المياه، والتقلبات المناخية، وتدهور التربة، بالإضافة إلى الاعتماد الكبير على الواردات الغذائية. كما استعرضت الفرص المتاحة، مثل استخدام المحاصيل المقاومة للتغير المناخي، وتوظيف الابتكارات التكنولوجية في الزراعة وإدارة المياه، إلى جانب تعزيز التعاون الإقليمي ودبلوماسية المياه.
ناقش المشاركون لأبرز التهديدات التي تواجه قطاعي المياه والزراعة في المنطقة، مع التركيز على الظروف البيئية الخاصة بالدول العربية. وتطرقت النقاشات إلى السيناريوهات المحتملة للتغيرات المناخية، وتأثير ارتفاع درجات الحرارة على الموارد المائية والإنتاجية الزراعية، بما في ذلك تزايد حالات الجفاف وتغير أنماط هطول الأمطار، وانعكاسات ذلك على الأمن الغذائي
في سياق متصل، شاركت المنظمة بالتعاون مع ICESCO في ندوة علمية بعنوان "الأمن الغذائي وإدارة الموارد المائية في العالم الإسلامي: العلاقة بين العلم والسياسة". وركزت المداخلة التي قدمتها المنظمة على أهمية تكامل العلوم والسياسات لمواجهة التحديات، مشددة على ضرورة تطوير السياسات الوطنية لمواكبة التطورات التكنولوجية، لاسيما استخدام الزراعة الذكية والذكاء الاصطناعي.
كما شاركت المنظمة في المنتدى الدولي حول الحلول المبتكرة للذكاء الاصطناعي من أجل الزراعة الذكية مناخياً وإدارة الموارد المائية، الذي نظمته الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري بالتنسيق مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية.
وقدمت مداخلة تناولت بعمق الإمكانات التي يوفرها الذكاء الاصطناعي لتحسين إدارة الموارد الزراعية والمائية في المنطقة، وسلطت المداخلة الضوء على دور أنظمة الري الذكية المعتمدة على تحليل البيانات، والتي تتيح تحديد الاحتياجات المائية الدقيقة للمحاصيل وتقليل هدر المياه بشكل كبير.
وأشارت إلى أهمية استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي مثل التعلم الآلي والشبكات العصبية للتنبؤ بالظواهر المناخية المتطرفة، مما يمكّن المزارعين وصناع القرار من التخطيط المسبق واتخاذ التدابير المناسبة لمواجهة تلك التحديات.
كما استعرضت المنظمة تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تعزيز الممارسات الزراعية المستدامة، ومنها تحسين كفاءة الإنتاج الزراعي وتقليل البصمة الكربونية من خلال مبادرات مثل عزل الكربون وأرصدة الكربون. وأكدت أن هذه الحلول التقنية ليست فقط وسيلة للتكيف مع تغير المناخ، بل تمثل أيضاً فرصة لتحفيز الابتكار وتحقيق تحول إيجابي في قطاع الزراعة والمياه، بما يسهم في تحقيق الاستدامة على المدى الطويل.
وفي ختام مداخلاتها اوصت المنظمة على أهمية تبني سياسات تشجع استخدام التقنيات الحديثة، وتكثيف التعاون الإقليمي والدولي لضمان استدامة الموارد الزراعية والمائية، بما يسهم في مواجهة التحديات المتزايدة للتغير المناخي وتحقيق الأمن الغذائي في المنطقة.