استوقفني مشهد عملية البحر الميت وكان دافعا لاختيار عنوان هذا المقال، ويؤكد أننا بين مشروعين، أولهما هو مشروع تطويق المقاومة وحصارها، وثانيهما يتعلق بالشعوب وكسر الطوق عنها وفك الحصار عن مقاومتها.. فاستوقفني هذا المشهد بتسلل ثلاثة من المواطنين الأردنيين إلى الأراضي المحتلة ليشكلوا بذلك عملا متراكما ومتواترا في استهداف العدو وأمنه الذي يزهو به، فإذا به يفقده من كل صوب وحدب، فتأتيه هذه الاختراقات من الأردن تارة ومن مصر تارة ومن لبنان وسوريا تارة أخرى رغم أنف الأنظمة.

مثل هذه العمليات هي الرد العملي على مخططات الاستيطان ليس فقط لفلسطين، ولكن للمشاريع المفروضة من الخارج مثل مشروع الشرق الأوسط.

وقد كتبنا في مقال سابق عن مفهوم الشرق الأوسط ومفهوم دول الطوق؛ وأكدنا في عدة كتابات أن الشرق الأوسط ليس مجرد مفهوم فقط يرتبط بالمعاني، ولكنه في واقع الأمر مشروع يتعلق بالمباني المقصودة في فك المنطقة وإعادة تركيبها بما يحقق أهداف من أطلقه واصطنعه على عينه؛ هادفا إلى تحقيق استراتيجياته ومقاصده الكبرى ومصالحه الكولونيالية القديمة والجديدة على حد سواء.

وتوترات عدة أحداث خاصة بعد الطوفان لتوضح هوان الحال وفرض المصطلح الخطير في المجال؛ وجرى على ألسنة الزعماء المزعومين غافلين عن عمليات تسميمه وخطورته، وأخطر من ذلك استخدام المجرم "نتنياهو" لخرائط تهدف إلى تصنيف الدول وفقا لهواه؛ من دول وأهل الخير الذين خضعوا واستسلموا لخطة الكيان الصهيوني في الإبادة الجماعية لأهل غزة وفلسطين؛ أما أهل الشر فهم من قاوموه أو لديهم شبهة مقاومة.

الشرق الأوسط سواء كان قريبا أم بعيدا؛ كبيرا أم محدودا صغيرا؛ متسِعا أو مُضَيقا؛ قديما أم جديدا؛ هو مشروع تتجدد طبعاته؛ ويتسع ويضيق وفقا لمصالح من أطلقه، وهو في حقيقته تعتمل في جوفه مفاهيم أخرى تتسلل ثم تقوم بعمليات تسميم كبرى في عالم المعاني وكسر الإرادات، وتمرير نسخة السلام الأمريكي الصهيوني المسمى بصفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية
الشرق الأوسط سواء كان قريبا أم بعيدا؛ كبيرا أم محدودا صغيرا؛ متسِعا أو مُضَيقا؛ قديما أم جديدا؛ هو مشروع تتجدد طبعاته؛ ويتسع ويضيق وفقا لمصالح من أطلقه، وهو في حقيقته تعتمل في جوفه مفاهيم أخرى تتسلل ثم تقوم بعمليات تسميم كبرى في عالم المعاني وكسر الإرادات، وتمرير نسخة السلام الأمريكي الصهيوني المسمى بصفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية تحت عنوان التسوية.

وقد خاضت الأنظمة شبه المستقلة حروبا نظامية متعددة منذ العام 1948 مع الكيان الصهيوني؛ تفوق فيها ذلك الكيان بدعم الغرب والمحاربة معه، ورغم كل تلك الهزائم لم تفق الأنظمة؛ ولم تكن صحوتها في حرب أكتوبر عام 1973 إلا عملا استثنائيا؛ سرعان ما خسرت تلك النظم ما كسبته عسكريا مطوقة بهزيمة سياسية من العيار الثقيل. وفي ظل توالي النكبات والهزائم العربية خرجت علينا المنظومة العربية والغربية معا بمعزوفة واحدة حول مقولة دول الطوق، وقد تطورت سياسات تلك الدول مع إسرائيل بشكل كبير على مر الزمن، وهذه التطورات يمكن تلخيصها في عدة مراحل رئيسة:

مرحلة الصراعات المسلحة: كانت هذه الدول، مثل مصر وسوريا والأردن، تتبنى سياسات معادية لإسرائيل، مما أدى إلى صراعات مثل حروب 1948 و1967 و1973، وقد كانت هذه الدول تدعم القضية الفلسطينية وقضيتها العادلة.

مرحلة اتفاقيات السلام: وهي تلك المرحلة التي شهدت توقيع اتفاق كامب ديفيد، وقد ترتب عليها الكثير من الأمور في المنطقة خاصة بعد مقاطعة الدول العربية لمصر، كما زاد من تعقيد هذه المشهد العدوان الإسرائيلي على لبنان مطلع الثمانينيات، واستكملت هذه المرحلة بتوقيع اتفاقيات السلام مع إسرائيل، سواء أوسلو أو وادي عربة مطلع التسعينيات من القرن الماضي.

مرحلة الهرولة نحو التطبيع: حيث شهدت السنوات الأخيرة تطورات جديدة في العلاقات، مثل اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل ودول مثل الإمارات والبحرين والسودان عبر اتفاقات أبراهام 2020، وتراجع الدعم للقضية الفلسطينية، والتماهي مع العربدة الإسرائيلية في المنطقة.

المرحلة الحالية، انحدار ما بعد التطبيع: وفيها تصاعد الصراعات وتفاقمها في معظم دول الطوق، إضافة إلى الأزمات الاقتصادية وخطورتها، إلا أن السابع من تشرين الأول/ أكتوبر أسس لرؤية جديدة في التعامل مع إسرائيل، وأوقف المشروع الصهيوني؛ سواء فيما يتعلق بترتيب أوضاع المنطقة، أو على مستوى تطوير علاقاتها التطبيعية مع الدول العربية. كما أن هذا الحدث المؤسس يعبّر بدرجة مركزية عن جهود الشعوب العربية في مقاومة ومواجهة الكيان الصهيوني، وكيف أن الشعوب ترفض مسارات النظم الرسمية التي تخضع للرؤى الأمريكية والإسرائيلية، ومن ثم فإن السابع من أكتوبر جاء ليبلور هذا الدور الشعبي ويرمزه، ومن هنا نستطيع أن نلقي نظرة سريعة على المقاومة الشعبية في دول الطوق في مواجهة الكيان الصهيوني.

لا يمكن الوقوف بشكل حصري على كل وقائع وعمليات وأحداث المقاومة الشعبية التي واجهت إسرائيل من دول الطوق العربية، بما في ذلك العمليات التي تمت من داخل الأراضي المحتلة، فهي أكبر من أن يحاط بها في مقال واحد، وإنما الأمر من الممكن أن يُجبر في إطار استعراض أبرز العمليات التي واجهت بها الشعوب العربية الاستيطان الإسرائيلي؛ ووجهت رسائل مباشرة إلى العدو الصهيوني بأنه احتلال غاشم ودخيل ولا يمكن أن يتم استيعابه أو قبوله بين شعوب ودول المنطقة، وأن مسارات التطبيع التي تتم بين الحين والأخر تخص فقط من قام بالتوقيع عليها ولا تعبر عن الشعوب العربية بأي حال من الأحوال.

ومن الممكن أن نبدأ بالانتفاضات الفلسطينية، سواء الانتفاضة الأولى أو الثانية، وصولا إلى عمليات المقاومة الأكثر مباشرة وشجاعة وهي تلك التي يواجه فيها فرد واحد أو اثنان آلة الصلف والغرور الإسرائيلي، إضافة إلى الحروب التي قامت بها المقاومة ضد الكيان الصهيوني، وصولا إلى ذلك اليوم الذي سيبقى في تاريخ المقاومة الفلسطينية ضد الكيان وهو يوم السابع من أكتوبر. ولم تتوقف العمليات الفلسطينية اليومية منذ ذلك التاريخ سواء من غزة أو من الضفة، وهي جميعها علامات فارقة في تاريخ المقاومة والحروب وتؤخذ منها الدروس والعبر في الإقدام والشجاعة والكفاءة القتالية، وليس آخرها الصمود الأسطوري الذي قدمه القائد يحيي السنوار (أبو إبراهيم)، وكذلك مواجهة لبنان للصلف والغرور الإسرائيلي سواء بكسر أنفه عام 2006، أو العمليات المزلزلة التي يتعرض لها في الوقت الحالي خلال محاولاته اقتحام الجنوب اللبناني، حيث تقدم المقاومة اللبنانية أروع الأمثلة في مواجهة هذا الاحتلال وتكبيده الخسائر الكبيرة.

المقاومة التي تواجه الكيان الصهيوني تضامنا مع طوفان الأقصى من كل من مصر والأردن لها سوابق تاريخية؛ من مثل سليمان خاطر، وأيمن حسن، ومحمد صلاح، وصولا إلى بعض العمليات التي تزامنت مع طوفان الأقصى. وفي الأردن لم تكن عملية البحر الميت أو عملية جسر الملك حسين هما فقط ما قدمه الشعب الأردني للمقاومة الفلسطينية ضد الكيان الصهيوني، فقد سبق هذا العديد من العمليات التي عكست عن وعي الشعب الأردني وإيمانه بقضيته العادلة في مواجهة الكيان الصهيوني.

فقد كشفت السلطات الإسرائيلية خلال العام الماضي توقيفها لعدد من الأردنيين بحوزتهم أسلحة لاستهداف الإسرائيليين، إضافة إلى العملية التي نفذها محمد فيصل السكسك عام 2007، وأحمد الدقامسة عام 1997، وفي العام نفسه عملية سونا الراعي، وعملية مروان عرندس وخليل زيتون ورائد الصالحي عام 1991، وسلطان العجلوني عام 1990، وقد شهد ذلك العام أكثر من عملية سواء باستهداف الإسرائيليين بالسلاح الناري أو السكين.

فقد أكدت مثل هذه العمليات وجود رفض شعبي لهذا الكيان، وأن الشعوب تتشوق لنصف فرصة لمواجهة هذا الكيان، فعملية البحر الميت الأردنية مثّلت استكمالا لعملية جسر الملك حسين، وقد جاءت هذه العمليات لتعبر عن تضامن شباب الأردن المباشر مع ما يحدث في غزة، ورفضهم للصلف والغرور الصهيوني وانتداب أنفسهم لدعم عزة والدفاع عنها، وفي ذلك كانت وصاياهم بضرورة استمرار مواجهة العدو الصهيوني والوقوف في وجهه.

اكسروا الطوق؛ دعوة إلى شعوب دول الطوق، وخطاب لدول الطوق خاصة الأردن ومصر؛ طوق لمن؟! طوق لفلسطين وقضيتها ومقاومتها فتحمونها وتدعموها؟ أم طوق عليها لحصارها وطوق حماية للكيان الصهيوني؟ وإسرائيل لا تزال تقيم الأسوار والجُدر والسواتر وتطوق نفسها حتى تأمن، فيأتيها الاستهداف من كل صوب وحدب؛ نعم لن يأمن الكيان الصهيوني ولن يهنأ بأمن؛ فسيكون يوم تُهدم فيه الجدر والأسوار؛ وسيكون يوم تزحف فيه الشعوب من دول الطوق إلى الحدود؛ وتطوق أنظمة الخنوع والهوان المستأسدة على شعوبها باستبدادها وطغيانها.

x.com/Saif_abdelfatah

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المقاومة العمليات الفلسطينية إسرائيل الاردن إسرائيل فلسطين عمليات المقاومة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة تفاعلي سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الکیان الصهیونی العملیات التی الشرق الأوسط دول الطوق

إقرأ أيضاً:

نداء أوجلان.. توقعات مرتفعة ومسار سياسي ينقصه الوضوح

عادت مسألة حزب العمال الكردستاني وصراعه الممتد مع تركيا إلى الواجهة من جديد، إثر الدعوة التي وجهها مؤسس الحزب وزعيمه التاريخي عبد الله أوجلان في 27 فبراير/شباط 2025 لحل الحزب وإلقاء السلاح ووقف العمليات القتالية ضد أنقرة.

وتعد الدعوة -التي وُصفت بالتاريخية- الثالثة لأوجلان منذ اعتقاله عام 1999، وقد سبقتها دعوة أخرى في مارس/آذار 2013 ثم في الشهر ذاته عام 2015 بعد مسار تفاوضي سري قاده جهاز الاستخبارات التركي، وتوصل الطرفان بعده إلى إصدار ورقة من 10 مواد للوصول إلى اتفاق نهائي ينهي حالة المواجهة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2كيف أدارت المقاومة "حربا نفسية" تفوقت على السردية الإسرائيلية؟list 2 of 2تحديات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزةend of list

ولكن الاتفاق وصل إلى طريق مسدود بعد تطورات الأحداث في سوريا عام 2015 وإعلان حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي إدارة ذاتية بمنطقة شمال سوريا، بالتزامن مع إعلانات مشابهة في عدد من المدن شرقي تركيا وجنوبها الشرقي، مما دفع أنقرة إلى خوض حرب شوارع واستعادة السيطرة، ثم ضرب الحزب في سوريا والعراق.

وحول دلالات وتداعيات الإعلان الأخير، نشر مركز الجزيرة للدراسات ورقة تحليلية بعنوان "نداء أوجلان لحل حزب العمال.. توقعات مرتفعة ومسار سياسي ينقصه الوضوح" ناقش فيه الباحث المختص بالشأن التركي سعيد الحاج السياق الإقليمي والدولي لدعوة أوجلان وسقف التوقعات وراء المسار السياسي الجديد.

إعلان مبادرة سياسية دون تعقيب رسمي

شددت الحكومات التركية المتعاقبة بعد عام 2015 على أنه لن تكون هناك عملية تسوية جديدة بالتنسيق مع حزب العمال الكردستاني، وركزت على المواجهات الأمنية والعسكرية، وتقويض أي تطور إقليمي قد يخدم أجندة الحزب.

ولكن وساطة قيادة إقليم كردستان العراق ونداء قيادات كردية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان "بإخراج العملية السياسية من الثلاجة" إلى جانب تطورات أخرى، عززت سبل إطلاق مسار سياسي جديد بخصوص المسألة الكردية في تركيا.

وجاء نداء أوجلان بمثابة تتويج لمسار غير معلن بدأ في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بتصريح رئيس حزب الحركة القومية التركي دولت بهتشلي المتحالف مع أردوغان، دعا فيه للسماح لأوجلان بإلقاء كلمة أمام كتلة الحزب البرلمانية وإعلان حل حزب العمال الكردستاني والمرور إلى مرحلة "تركيا بلا إرهاب".

ونفى المستشار القانوني للرئيس التركي أي نية لانتهاج "عملية تسوية" جديدة مع حزب العمال الكردستاني، في حين رحب أردوغان بمبادرة بهتشلي، وسمحت وزارة العدل بزيارة وفد من حزب الديمقراطية ومساواة الشعوب -الذي يُوصف بأنه الواجهة السياسية لحزب العمال الكردستاني- بزيارة أوجلان في سجنه ونقل ما دار بينهما لأحزاب أخرى في البرلمان.

وتوالت زيارات الوفد إلى أوجلان ونقل في المرة الثالثة رسالة بعنوان "نداء السلام والمجتمع الديمقراطي" جاءت فيها الدعوة إلى عقد مؤتمر عام وإلقاء السلاح نهائيا وانتهاج العمل السياسي، مؤكدا تحمله المسؤولية التاريخية عن ندائه.

وبعد يومين من الرسالة، أعلنت قيادة حزب العمال الكردستاني موافقتها على "كل ما جاء فيها" على أن يشرف أوجلان بنفسه على المؤتمر بعد "تهيئة الظروف القانونية" وهو ما عززه بهتشلي بالاتصال مع رئيس حزب الديمقراطية ومساواة الشعوب تونجار بكيرخان، ورئيس حزب الشعوب الديمقراطي السابق صلاح الدين دميرطاش للتأكيد على وقوفه وراء أي دور يخدم المسار السياسي.

زعيم حزب الحركة القومية بهتشلي يستقبل وفدا برلمانيا من حزب الديمقراطية ومساواة الشعوب (مواقع التواصل)

 

طموح عالٍ

رفع نداء أوجلان الأخير من سقف التوقعات وراء العملية السياسية، فعلى عكس المبادرات السابقة لم تكتف هذا الدعوة إلى وقف القتال فحسب بل إلقاء السلاح وحل الحزب، وهو ما يمكن تصنيفه ضمن خانة المراجعات الفكرية لدى أوجلان بخصوص الهدف من وراء الحزب، فقد جاء في الرسالة أيضا تراجعه عن المشاريع الانفصالية والفدرالية والإدارة الذاتية.

إعلان

وبالتزامن مع ذلك أوضح أوجلان استعداده للاضطلاع بدور إيجابي ولم يطرح أي شروط على الحكومة التركية، في حين اقتصرت رسالته على التوجه للحزب "الكردستاني" الذي لم يتأخر في تلبية النداء والموافقة على مضمون الرسالة.

وقد حظي نداء أوجلان بدعم أطراف وشخصيات فاعلة أخرى في المشهد الإقليمي الكردي مثل قيادة حزب الديمقراطية ومساواة الشعوب، والرئيس السابق لحزب الشعوب الديمقراطي، وقائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي، ورئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان البارزاني، ورئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني.

وفي المقابل، تأتي رمزية بهتشلي -بوصفه حليفا لأردوغان وزعيم التيار القومي في البلاد مع علاقته الوطيدة بالدولة العميقة- ضمانا على الآمال المعلقة من وراء العملية السياسية الوليدة.

وقد فُهم من تصريح بهتشلي ودعوته لإطلاق أوجلان بأن هناك توجها لدى الحكومة أو الدولة التركية بخصوص المسار السياسي، قد تُرجم بسماح أردوغان لأوجلان باستقبال الزيارات العائلية والحزبية والسماح بإذاعة رسالته في الإعلام.

وكل ما سبق يشير إلى أن جميع الأطراف المعنية في تركيا والمنطقة ترغب في انتهاج مسار سياسي، ويوحي ذلك بوجود مفاوضات وتفاهمات سابقة على التصريحات الصادرة عن مختلف الأطراف لم يعلن عنها حتى الآن، خاصة مع تغير النظام في سوريا وتصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بخصوص سحب قواته من البلاد.

الرئيس السوري الشرع (يمين) وقائد قوات "قسد" عبدي بعد توقيع اتفاق الاندماج بالدولة السورية (الفرنسية)

 

آمال ولكن..

رغم التفاؤل بمستقبل المسار السياسي الوليد لحل المسألة الكردية فإنه من الصعب توقع حلول سريعة دون عقبات، مع تداخل العوامل الإقليمية والدولية، و"فاتورة ضحايا بعشرات آلاف" حسب الأرقام الرسمية التركية.

كما قللت قيادات من "العمال الكردستاني" في جبال قنديل شمالي العراق من أهمية ما يصدر عن أوجلان بوصفه "أسيرا لا يملك قراره" كما نفذ الحزب هجوما على شركة صناعات دفاعية اليوم التالي لتصريح بهتشلي.

ورغم موافقة اللجنة التنفيذية للحزب على مضمون الرسالة فإنها طالبت بإدارة أوجلان نفسه للمؤتمر وتنفيذ حل الحزب ونزع السلاح، داعية لتوفير "السياسة الديمقراطية والأرضية القانونية" للمسار الوليد، مما يعد رفعا مبكرا لسقف الشروط.

إعلان

وتحتاج أنقرة بالرغم من ذلك لاستحقاقات قانونية وسياسية تمررها عبر البرلمان لإنجاح المسار السياسي الوليد، من قبيل كيفية التعامل مع هذه المنظمة وقياداتها وكوادرها وأنصارها، وخصوصا المتهمين منهم، فضلا عن مصير أوجلان نفسه، وهي مسارات شائكة قد لا تحظى بتأييد الشارع وبعض الأحزاب السياسية.

ويضاف إلى ذلك عدم إصدار الحكومة التركية أي مبادرة محددة أو ملامح مفصلة للمرحلة القادمة، فالمبادرة حتى الآن لا تزال حبيسة رد فعل أوجلان على تصريح بهتشلي مع بقاء أردوغان بعيدا عن التعقيب المباشر والتفصيلي عن مضمون المبادرة.

وفي المحصلة، تحظى هذه المبادرة بفرصة أعظم من سابقاتها خاصة بعد بيان اللجنة التنفيذية للعمال الكردستاني الذي أكد على زعامة أوجلان والامتثال الكامل لندائه، في حين تتموضع الحكومة التركية في مساحة أكثر أريحية تفتح لها أبواب إغلاق الملف الأكثر حساسية في التاريخ التركي، في وقت لم تعلن حتى الآن عن التخلي عن الخيار العسكري والحرب الاستباقية.

 

[يمكنكم قراءة الورقة التحليلية كاملة من هذا الرابط]

مقالات مشابهة

  • وضع الأوطان مرآة لحكامها وليس لشعوبها!!!
  • كواليس ودلالات.. هل تكسر زيارة الشيباني الجمود بين دمشق وبغداد؟
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: قاموس الأفكار
  • وزير الخارجية اللبناني يؤكد أن موضوع التطبيع مع الكيان الصهيوني غير مطروح نهائيًا
  • تحقيق أممي: الكيان الصهيوني ارتكب أعمال إبادة في غزة عبر تدمير قطاع الصحة الإنجابية
  • نداء أوجلان.. توقعات مرتفعة ومسار سياسي ينقصه الوضوح
  • القائم بأعمال وزارة الصحة يؤكد أهمية اختصاصي الصحة العامة والنظم الصحية لتطوير القطاع الصحي
  • مي عز الدين تكسر صمتها وتتحدث عن عودتها للدراما
  • برج الحمل .. حظك اليوم الخميس 13 مارس 2025: إنجازات عظيمة
  • صحة الشرقية: فحص أكثر من 259 ألف طالب بمبادرة عيون أطفالنا.. مستقبلنا