تشهد العلاقات المصرية الجزائرية تاريخًا طويلًا من التعاون الوثيق على المستويين السياسي والاقتصادي. ويواصل البلدان تنمية هذه العلاقات عبر تعزيز التعاون في مجالات عديدة تشمل التجارة والطاقة والاستثمار والزراعة. في هذا السياق، وصل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى مصر يوم الأحد، 27 أكتوبر 2024، في زيارة رسمية تستمر يومين للقاء نظيره المصري عبد الفتاح السيسي.

تهدف الزيارة إلى بحث القضايا الثنائية وعدد من الملفات الإقليمية الهامة، كما تليها زيارة هي الأولى من نوعها لرئيس جزائري إلى سلطنة عُمان.

الرئيس المصري والرئيس الجزائريالتبادل التجاري بين مصر والجزائر

حققت التجارة الثنائية بين مصر والجزائر تطورًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين حوالي 1.2 مليار دولار في عام 2023، بزيادة قدرها 15% عن عام 2022.

تصدّر مصر العديد من المنتجات إلى الجزائر، إذ بلغت قيمة الصادرات المصرية حوالي 850 مليون دولار في عام 2023. تشمل هذه الصادرات منتجات زراعية مثل الحمضيات والبطاطس والفواكه، بالإضافة إلى منتجات كيميائية، ومواد بناء، ومنتجات غذائية.

وفي المقابل، استوردت مصر من الجزائر ما قيمته 400 مليون دولار في 2023. وتتركز الواردات على الغاز الطبيعي والمنتجات البترولية، التي تلبي جزءًا من احتياجات مصر المتزايدة في قطاع الطاقة، بالإضافة إلى التمور.

ويمثل قطاع الطاقة أحد أبرز محاور التعاون بين البلدين، حيث تستورد مصر الغاز الجزائري بقيمة تقارب 200 مليون دولار سنويًا لتلبية الطلب المحلي. ويشارك العديد من الشركات المصرية في مشاريع تنموية داخل قطاع الطاقة الجزائري.

الحفني: زيارة رئيس الجزائر لمصر تأتي في توقيت حيوي لتعزيز العلاقات|تفاصيل الرئيس السيسي: توافق تام مع الجزائر حول استعادة الاستقرار في المنقطة

كما تمتد الاستثمارات المصرية إلى مجالات الصناعة والبناء؛ فشركات مثل "المقاولون العرب" تقوم بمشاريع إنشائية كبرى في الجزائر، ويقدر حجم هذه المشاريع بأكثر من 100 مليون دولار. يشمل التعاون أيضًا قطاع الأدوية والمنتجات الكيميائية.

في القطاع الزراعي، بلغت قيمة الصادرات الزراعية المصرية إلى الجزائر حوالي 150 مليون دولار في 2023، وتشمل الحمضيات والخضروات والأسمدة. أما في مجال السياحة، فقد زار مصر أكثر من 120 ألف سائح جزائري في 2023، ما يجعل الجزائر من أكبر الأسواق السياحية العربية لمصر.

وبلغت الاستثمارات المصرية في الجزائر نحو 500 مليون دولار حتى عام 2023، حيث تتركز في مجالات البناء والصناعة والطاقة. وتتطلع الشركات المصرية إلى تعزيز الإنتاج الغذائي داخل الجزائر، بهدف التصدير إلى السوق الإفريقية.

الاتفاقيات الاقتصادية بين مصر والجزائر

لتعزيز التعاون الاقتصادي، وقع البلدان عددًا من الاتفاقيات الاقتصادية تشمل:

اتفاقية التعاون التجاري (2021): تهدف إلى تسهيل تدفق السلع وتخفيف القيود الجمركية.اتفاقية الطاقة (2022): تتعهد الجزائر بموجبها بتزويد مصر بالغاز الطبيعي.اتفاقية تشجيع الاستثمارات المشتركة (2019): تشجع رجال الأعمال من البلدين على الاستثمار المشترك.مذكرة تفاهم في الزراعة (2023): تستهدف تعزيز التعاون الزراعي وتبادل التقنيات الحديثة.

وتؤكد هذه الاتفاقيات على الرغبة المشتركة بين مصر والجزائر في توطيد علاقات التعاون ودعم الاستثمارات المشتركة، بما يعود بالنفع على اقتصاد البلدين وشعبيهما.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الجزائر العلاقات المصرية الجزائرية تبون عبد المجيد تبون الرئيس الجزائرى السيسي مصر والجزائر ملیون دولار دولار فی بین مصر

إقرأ أيضاً:

ماذا يحدث بين الجزائر ودول الساحل؟

 

 

تحتل منطقة الساحل الإفريقي، الممتدة من السنغال إلى السودان، مكانة محورية في الحسابات الأمنية والسياسية للجزائر، نظرًا لما تشهده من هشاشة مزمنة وتوترات متصاعدة، وعلى الرغم من الروابط التاريخية والثقافية التي تجمع الجزائر بدول الساحل الخمس (مالي، النيجر، موريتانيا، بوركينا فاسو، وتشاد)، إلا أن العلاقة بين الطرفين تتسم بالتعقيد، نتيجة تداخل المصالح الأمنية، الاقتصادية، والدبلوماسية، في ظل منافسة جيوسياسية متزايدة بالمنطقة.

 

العلاقات التاريخية والتطورات الحديثة

لطالما شكلت الجزائر جزءًا من الفضاء التجاري والثقافي الرابط بين شمال إفريقيا ودول جنوب الصحراء عبر القوافل والمسارات الصوفية. وبعد استقلال دول الساحل في ستينيات القرن الماضي، دعمت الجزائر حركات التحرر وأرست علاقات سياسية وثيقة معها، غير أن معطيات الألفية الجديدة، خاصة تصاعد التهديدات الإرهابية وتهريب السلاح والمخدرات، أضفت طابعًا أمنيًا ضاغطًا على هذه العلاقات.

الأمن ومكافحة الإرهاب محور الشراكة

باتت منطقة الساحل تمثل مصدر تهديد مباشر للجزائر، خاصة مع بروز جماعات مثل "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" و"داعش في الصحراء الكبرى". وقد قادت الجزائر عام 2010 تأسيس "لجنة الأركان العملياتية المشتركة" (CEMOC) بتمنراست لتنسيق الجهود الأمنية مع مالي والنيجر وموريتانيا، مع الالتزام بعدم التدخل العسكري المباشر خارج حدودها وفقًا لعقيدتها الدفاعية التقليدية.

ورغم تعدد المبادرات الأمنية، بقي الوضع في الساحل هشًا، مما دفع الجزائر إلى المزج بين الدعم الأمني والتحركات الدبلوماسية الهادفة إلى إرساء حلول سياسية مستدامة.

دبلوماسية الوساطة: دور محوري رغم التحديات

برزت الجزائر كوسيط رئيسي خلال أزمة شمال مالي (2012-2015)، حيث قادت مفاوضات معقدة أفضت إلى "اتفاق الجزائر للسلام والمصالحة". ورغم التوقيع، إلا أن التنفيذ بقي متعثرًا بسبب هشاشة مؤسسات الدولة المالية وتغيرات المشهد الميداني، في ظل تدخلات قوى دولية أخرى.

مع ذلك، تتمسك الجزائر بموقعها كوسيط محايد، مستندة إلى شبكة علاقاتها التاريخية ورصيدها الدبلوماسي في القارة الإفريقية.

اقتصاد متواضع وتحديات بنيوية

في الجانب الاقتصادي، تبقى العلاقات بين الجزائر ودول الساحل محدودة نسبيًا مقارنة بالإمكانات المتاحة. ورغم مبادرات كالطريق العابر للصحراء ومشاريع ربط الطاقة، إلا أن ضعف البنية التحتية وانعدام الاستقرار حال دون تحقيق شراكة اقتصادية فاعلة.

الهجرة غير النظامية: مصدر قلق إضافي

تحولت الجزائر إلى بلد عبور وإقامة للآلاف من المهاجرين القادمين من دول الساحل، ما فرض عليها تحديات أمنية واجتماعية متزايدة. ورغم تعزيز الرقابة الحدودية وحملات الترحيل، ترى الجزائر أن الاستقرار السياسي والاقتصادي في الساحل يمثل الحل الجذري لمعضلة الهجرة.

منافسة إقليمية ودولية متصاعدة

لم تعد الجزائر الفاعل الوحيد في الساحل، حيث دخلت قوى دولية وإقليمية مثل فرنسا، روسيا، تركيا، والمغرب على خط التنافس، مما فرض معادلات جديدة على تحركات الجزائر الإقليمية، وسط محاولات للحفاظ على توازن دقيق بين حماية مصالحها وتجنب الاصطفاف في صراعات محورية.

انعكاسات التدهور الأمني على الجزائر

يشكل تدهور الوضع في الساحل تهديدًا مباشرًا للجزائر، بدءًا من خطر التسلل الإرهابي، مرورًا بتصاعد الهجرة غير النظامية، وصولًا إلى تنامي أنشطة التهريب العابر للحدود. كل ذلك يدفع الجزائر إلى تخصيص موارد إضافية لتأمين حدودها الجنوبية وتعزيز قدراتها الدفاعية.

هل تندلع حرب بين الجزائر ودول الساحل؟

رغم التوترات، تستبعد التحليلات الاستراتيجية نشوب حرب مباشرة بين الجزائر ودول الساحل. العقيدة الدبلوماسية الجزائرية التي ترتكز على احترام السيادة وعدم التدخل العسكري، إضافة إلى هشاشة الجيوش النظامية بدول الساحل، تجعل سيناريو المواجهة العسكرية الشاملة ضعيف الاحتمال.

ومع ذلك، تبقى الجزائر يقظة تجاه سيناريوهات تصعيد محدودة قد تفرض تحركات عسكرية موضعية، لا سيما في حال سيطرة جماعات إرهابية على معابر حدودية، أو صعود حكومات معادية لها، أو تدخل قوى أجنبية معادية في الجوار المباشر.

تحديات وفرص المستقبل

بين تهديدات الإرهاب، والهجرة، والاضطرابات السياسية، تلوح أمام الجزائر فرصة لتعزيز دورها الإقليمي عبر تبني دبلوماسية اقتصادية فاعلة، والاستثمار في مشاريع تنموية تربط الساحل بالاقتصاد الجزائري، مع الاستمرار في دعم الحلول السياسية للأزمات المحلية.

الرهان الأكبر يكمن في قدرة الجزائر على تحويل موقعها الجغرافي ووزنها الدبلوماسي إلى أدوات لصياغة مستقبل أكثر استقرارًا لمنطقة الساحل، بعيدًا عن كلفة الحروب والصراعات المباشرة.

مقالات مشابهة

  • بعد زيارة اليوم.. تاريخ العلاقات بين مصر وأنغولا
  • لقاء في بنغازي يبحث تفعيل العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية بين ليبيا وتركيا
  • الإحصاء: 34.2 مليون دولار قيمة التبادل التجاري بين مصر وأنـجولا في 2024
  • 3 ملفات مهمة على طاولة القمة المصرية الأنجولية بالقاهرة
  • ماذا يحدث بين الجزائر ودول الساحل؟
  • قسم شرطة حلب الجديدة يستعيد مسروقات بقيمة 20 ألف دولار أمريكي و35 مليون ليرة سورية
  • شرطة حلب تستعيد مسروقات بقيمة 20 ألف دولار أمريكي و35 مليون ليرة سورية وتعيدها لصاحبها أصولاً
  • مأساة جديدة في البحر.. غرق وفقدان العشرات قبالة تونس والجزائر
  • السفير عماد عدوي : العلاقات السودانية المصرية تعيش أفضل فتراتها
  • الإحصاء: 494 مليون دولار حجم التبادل التجاري بين مصر واستراليا خلال 2024