بدعم من الجيش..ميليشيا جديدة تتنشر في شرق السودان
تاريخ النشر: 29th, October 2024 GMT
قالت ميليشيا جديدة الثلاثاء، إنها نشرت قواتها في شرق السودان بالتنسيق مع الجيش، الذي يخوض حرباً طاحنة ضد قوات الدعم السريع منذ أكثر من عام ونصف، في سابقة من نوعها في منطقة لم تصلها الحرب بعد.
وخلّفت الحرب في السودان عشرات آلاف القتلى، وشردت أكثر من 11 مليوناً، بينهم 3.1 ملايين خارج البلاد، حسب المنظمة الدوليّة للهجرة، وسببت وفق الأمم المتحدة إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث.
لكن الحرب لم تصل إلى منطقة شرق السودان التي تضم ولايات البحر الأحمر، وعاصمتها بورت سودان التي باتت عاصمة مؤقتة، إضافة إلى ولايتي كسلا، والقضارف.
وأطلقت الميليشيا الجديدة التي تلقت تدريبات عسكرية في إريتريا المجاورة على نفسها "الأورطة الشرقية". الوضع خطير..غوتيريش: الظروف غير مواتية لنشر قوة من الأمم المتحدة في السودان - موقع 24شدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في مجلس الأمن الدولي اليوم الإثنين، على الدعم اللازم لحماية المدنيين في السودان الذي تعصف به الحرب، لكنه قال، إن الظروف غير مواتية لنشر قوة للأمم المتحدة، فيه.
وقالت الميليشيا في بيان: "قواتكم الباسلة بقيادة الجنرال الأمين داود محمود .تنتشر وتنفتح نحو الإقليم الشرقي بعد عملية مشاورات فنية وعسكرية مع قوات الشعب المسلحة".
وتابعت أنّ ذلك "يأتي ضمن استراتيجية قوات الأورطة الشرقية لحماية الأرض والعرض مع المنظومة الأمنية في البلاد".
ولم يرد الجيش السوداني على الفور على أسئلة عن الأمر.
والأورطة الشرقية واحدة أربع ميليشيات تلقت تدريبات عسكرية في إريتريا، ما يثير مخاوف من دخول أطراف مسلّحة جديدة النزاع الدامي مع غياب أي حل في الأفق. ونشرت هذه الميليشيا الجديدة قواتها في ولاية كسلا المتاخمة لولاية الجزيرة في وسط السودان، والتي أدت موجة العنف فيها إلى نزوح عشرات الآلاف مع إحصاء مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أوتشا نزوح أكثر من 47 ألفاً إلى ولايتي كسلا والقضارف.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله السنوار الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية أحداث السودان قوات الدعم السريع
إقرأ أيضاً:
هل اقترب الحسم العسكري في السودان؟
تعكس الانتصارات المتتالية التي يحققها الجيش السوداني على قوات الدعم السريع ترجيح ميزان القوى لصالح الجيش، وفي حين توشك الحرب أن تتم عامها الثاني، فإن الحل السياسي يبدو أبعد من أي وقت مضى بينما يأمل الجيش أن يواصل الحسم العسكري.
وأدخلت محاولة انقلاب فاشلة نفذتها قوات الدعم السريع في 15 أبريل/نيسان 2023 البلاد في حرب مفتوحة شملت كل أرجاء السودان، بدءا من العاصمة الخرطوم، وتوسعت لتشمل إقليم دارفور وولايتي الجزيرة وسنار.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2اتفاق الشرع وقسد.. هل نشهد تحولا تاريخيا في المسألة الكردية؟list 2 of 2حكومة العهد الجديد في لبنان.. آمال عريضة تواجه تحديات اقتصادية وسياسيةend of listوحقق الجيش السوداني انتصارات متتالية في جبل موية وسنجة ليأخذ مسار الحرب في التغير بعد السيطرة على ود مدني التي تراجعت بعدها قوات الدعم السريع بوتيرة أسرع مما توقعه المراقبون، وهو ما نتج عنه تحقيق انتصارات في محاور أخرى مختلفة.
وعن تقدم الجيش السوداني نحو الخرطوم واحتمالات تحقيق نصر حاسم في المعركة، نشر مركز الجزيرة للدراسات ورقة تحليلية بعنوان "حرب السودان: بعد عامين من القتال.. هل من حل في الأفق؟" ناقش فيها الباحث في الشؤون الأفريقية محمد تورشين دوافع وأسباب اعتماد الجيش السوداني الخيار العسكري في حربه مع قوات الدعم السريع، رغم محاولات إقليمية ودولية الدفع باتجاه مباحثات مباشرة بين طرفي الصراع.
إعلان كيف انطلقت الحرب؟سيظل سؤال: من أطلق الرصاصة الأولى لحرب أبريل/نيسان 2023؟، وكذلك أسباب ودوافع الحرب، علامة فارقة في تاريخ السودان الذي لم ينعم بالاستقرار قط منذ استقلاله عن بريطانيا عام 1956، لكن هذه الحرب مختلفة عن سابقاتها، إذ انحصرت الحروب السابقة في أطراف البلاد، كما اختلفت دوافعها وسياقاتها والفاعلين فيها عن الحرب الدائرة حاليا.
واندلعت المواجهات بين الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع في 15 أبريل/نيسان 2023 بعد توتر وتراشق إعلامي بين الطرفين، انتهى بمحاولة قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) الاستيلاء على القصر الجمهوري والقواعد العسكرية للجيش في العاصمة الخرطوم، ثم توسعت المواجهات لتشمل كافة أنحاء البلاد.
وتعود علاقة حميدتي بقائد الجيش الحالي عبد الفتاح البرهان إلى عام 2003 عندما كانا يعملان وسط دارفور، ثم توطدت علاقة الرجلين بعد إشراك حميدتي في المجلس العسكري الثاني، وتعيينه نائبا للبرهان وإلغاء المادة الخامسة من قانون الدعم السريع لتقنين وضعها والسماح لها بتوسيع قواتها إلى نحو 100 ألف جندي.
وبدأت الخلافات في الظهور بين الرجلين بعد انقلاب أكتوبر/تشرين الأول 2021 على حكومة عبد الله حمدوك ثم الفشل في اختيار رئيس وزراء جديد وتشكيل حكومة جديدة، لتبدأ بعد ذلك سلسلة من الاجتماعات واللقاءات المشتركة برعاية دولية وإقليمية مشتركة قادت إلى ما عرف بـ"مؤتمر الاتفاق الإطاري".
نص اتفاق المؤتمر على خضوع الجيش لرئيس الوزراء ودمج كل الفصائل المسلحة في القوات المسلحة في الجيش السوداني، بينما ظل الخلاف معلقا على الجدول الزمني لدمج الدعم السريع في الجيش، فبينما كان قادة الجيش يريدون التخلص من حميدتي في غضون عامين، كان هو يرغب في تمديدها إلى 10 سنوات لاستغلال ما يمكن من الوقت للحفاظ على إمبراطوريته الاقتصادية وتمكين موقعه في القيادة.
ولا يمكن لحميدتي عسكريا أو سياسيا أن يظل في القيادة دون رعاية قوة أكبر منه، فهو لم يستوف شروط الانخراط في الكلية الحربية السودانية لعدم امتلاكه شهادة ثانوية، ويحمل في سجله السياسي جرائم ارتكبها زمن الرئيس المعزول عمر البشير فضلا عن مشاركته في فض اعتصام القيادة العامة في الخرطوم.
إعلانلكن مشاركة حميدتي في عملية عاصفة الحزم ساهمت في تعزيز طموحه لحكم السودان، خاصة مع امتلاك قواته أسلحة ثقيلة وسيارات رباعية الدفع واستغلاله مناجم الذهب وتصدير كميات ضخمة منها إلى الإمارات.
وساهم نجاح الجيش السوداني في حماية قائده البرهان من الاغتيال أو الاعتقال في الأسبوع الأول من الحرب في إفشال محاولة قوات حميدتي السيطرة على السلطة، ما نتج عنه تصعيد الصراع إلى جميع مدن السودان.
وقد راهن حميدتي على ترسانته العسكرية وتفوق قواته لتوسيع رقعة الصراع وإطالة أمده من أجل صناعة أدوات ضغط تخضع الجيش للجلوس إلى طاولة المفاوضات والقبول بحفاظ حميدتي على استقلالية قواته، كما كانت قبل حرب أبريل/نيسان 2023، لكن التقديرات كانت خاطئة على ما يبدو.
وفي 26 سبتمبر/أيلول 2024، أعلن الجيش السوداني عن عملية عسكرية -وُصفت وقتها بالأكبر منذ بدء الحرب- استطاع خلالها السيطرة على ود مدني وجسري النيل الأبيض والحلفايا، وتوجها بتحقيق اختراق أكبر نحو فك الحصار عن مقر قيادته وسط الخرطوم، وعن سلاح الإشارة جنوب الخرطوم بحري، إلا أن المساعي لم تكتمل بالسيطرة الكاملة على ولايتي الجزيرة والخرطوم، وهو ما ينبئ بعودة الحرب إلى مراكزها التقليدية في كل من كردفان ودارفور.
مواقف القوى السياسية السودانيةالسودان منذ استقلاله يدور فيه صراع بين القوى المحافظة ممثلة بالأحزاب الإسلامية وحلفائها، والقوى اليسارية والقومية ممثلة بالأحزاب الشيوعية والبعثية والناصرية وحلفائها.
ويتمحور جوهر الصراع حول السلطة، لكن تجلياته ومجالاته متعددة، ويمكن حصرها في 3 مسائل أساسية: الدستور الدائم، وعلاقة الدين بالدولة، والهوية الوطنية.
لكن بعد حرب أبريل/نيسان انقسمت الأحزاب بين مؤيد للجيش ومؤيد لقوات الدعم السريع وحلفائه الخارجيين للسيطرة على البلاد أو تشكيل حكومة موازية في مناطق الدعم السريع.
إعلانوقد تطابقت أجندة الدعم السريع على سبيل المثال مع تحالف القوى المدنية والديمقراطية (تقدم) في الحرب على الجيش من أجل القضاء على وجود عناصر النظام السابق وفرض الديمقراطية والحكم المدني.
في المقابل، تطلق القوى السياسية التي تقف مع الجيش على حرب أبريل/نيسان اسم "حرب الكرامة"، وترى في قتال الدعم السريع قضاء على التمرد واستعادة العملية السياسية القائمة على أسس وقواعد العملية السياسية الديمقراطية إبان الفترة الانتقالية.
وازدادت الساحة السياسية تعقيدا مع ظهور تكتل جديد باسم التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة (صمود) بقيادة عبد الله حمدوك بعد اختلاف مكونات "تقدم" حول تشكيل حكومة موازية في المنفى أو دعم مساعي الدعم السريع في تشكيل حكومة موازية في مناطق حكمها.
كما أعلن قائد الجيش البرهان خطة طريق لما بعد الحرب تضمنت تشكيل حكومة حرب من كفاءات التكنوقراط لاستكمال مهام الانتقال ومساندة القوات المقاتلة للقضاء على ما تبقى من قوات الدعم السريع، داعيا إلى التنافس السياسي في الانتخابات المزمع إجراؤها بعد الحرب ومؤكدا، "استحالة عودة حزب المؤتمر الوطني للحكم ثانية على أشلاء السودانيين".
تحول الصراع في السودان إلى فرصة للتنافس على النفوذ الإقليمي والدولي في المنطقة بعد سقوط نظام البشير ما بين دول خليجية سارعت للاستثمار في الزراعة، والصين التي توجهت للاستثمار في النفط، بينما ركزت روسيا اهتمامها على بناء قاعدة بحرية لها على البحر الأحمر.
ومع اندلاع الحرب دخلت الإمارات العربية المتحدة على خط دعم قوات الدعم السريع، بينما قدمت مصر وإيران دعمهما عسكريا للقوات المسلحة. كما اتهمت قوات الدعم السريع القاهرة أحيانا بالانخراط المباشر في الحرب بسلاح الجو المصري.
إعلانوترى الإمارات في السودان فرصة متعددة الأوجه، بدءا من مناجم الذهب وميناء أبوعمامة على ساحل البحر الأحمر المرتبط بسلة الموانئ التي تسيطر عليها أبو ظبي على امتداد القرن الأفريقي.
وتحدثت الحكومة السودانية أكثر من مرة عن العثور على أسلحة إماراتية بعد الاستيلاء على معسكرات لقوات حميدتي.
في المقابل، حصل الجيش السوداني على طائرات بدون طيار إيرانية الصنع من طراز "مهاجر" و"أبابيل"، وهو ما ساعد الجيش على تحقيق تقدم عسكري متسارع على قوات الدعم السريع، ويساعد طهران في البحث عن ظهير إقليمي جديد وتعزيز حضورها في البحر الأحمر.
وبينما تشير تقارير إلى حصول الحكومة السودانية على تعهدات من موسكو بتقديم إمدادات عسكرية ضخمة مقابل الحصول على ضمانات مؤكدة بإقامة قاعدة روسية على سواحل البحر الأحمر، فرضت واشنطن عقوبات على قيادات الجيش السوداني وقيادات الدعم السريع على حد سواء بعد فشل المساعي الأميركية السعودية في حل الأزمة عبر منبر جدة.
السيناريوهات المحتملةفي ظل دخول الحرب عامها الثالث، وإصرار الطرفين على الحسم العسكري، فإن آمال الوصول إلى تسوية سياسية تبدو بعيدة المنال، وتلوح في الأفق 3 سيناريوهات محتملة لانتهاء الحرب:
الحسم العسكري: وهو السيناريو الأقرب مع تحقيق الجيش السوداني انتصارات متتالية ومتسارعة في كل من ولايتي سنار والجزيرة، بينما يُتوقع أن تظل معارك العاصمة الخرطوم الأكثر شراسة وتعقيدا باعتبارها مفتاح النصر لاستعادة بقية المناطق. التقسيم: في حال لم تبق قوات الدعم السريع مطاردة من الجيش في بعض مناطق دارفور، فإن حميدتي سيدفع نحو إحكام سيطرته على كردفان ودارفورعلى غرار النموذج الليبي والصومالي ما يفتح بابا أوسع للتدخل الأجنبي. التسوية: يعتمد هذا السيناريو على قيام المجتمع الدولي والاتحاد الأفريقي بالضغط على طرفي الصراع للجلوس إلى طاولة المفاوضات، تماما كما فعلت السعودية والولايات المتحدة في منبر جدة أو كما فعلت المنظمة الحكومية الدولية للتنمية في شرق أفريقيا (إيغاد)، دون أن تكون مخرجات المناسبتين محل إجماع لدى الأطراف المتصارعة. إعلان
[يمكنكم قراءة الورقة التحليلية كاملة من خلال هذا الرابط]