كشفت دراسة حديثة عن وجود انقسام عميق في غلاف الأرض الصخري يمتد عبر ما يُعرف بـ"حلقة النار" في المحيط الهادي، وهي شريط جغرافي يشبه شكل حدوة الحصان يمتد بداية من جنوب قارة أميركا الجنوبية وينطلق بعد ذلك صعودا في أميركا الشمالية بمحاذاة جبال روكي إلى ألاسكا، ثم عبر مضيق بيرنغ إلى اليابان، ثم في النهاية نيوزيلندا.

ويعكس هذا الانشقاق الجيولوجي آثار تكوّن وتفكك القارات العظمى الغابرة، وأبرزها قارة "بانغيا" التي يعتقد أنها انشقت قبل ملايين السنين وتكونت منها قارات العالم الحديث، ويمثل هذا الانشقاق محورا تاريخيا لتكوين قشرة الأرض وخصائصها الجيولوجية.

ويقسم هذا الشق العميق قشرة الأرض إلى مجالين جيولوجيين أساسيين: يُعرف الأول بالمجال الأفريقي، ويمتد من سواحل آسيا وأستراليا الشرقية، مرورا بأوروبا وأفريقيا والمحيط الأطلسي، ووصولا إلى سواحل أميركا الشمالية الغربية. في المقابل، يغطي مجال "الباسيفيك" محيط الهادي بالكامل.

وتتميز الصخور تحت المجال الأفريقي بثراء عناصرها وتنوع نظائرها، على خلاف مجال الباسيفيك الأكثر تجانسا، كما جاء في الدراسة المنشورة في دورية "نيتشر جيوساينس".

يكمن أحد الأسئلة التي تثير اهتمام الجيولوجيين حول أسباب تفكك القارات العظمى (ناسا) بانغيا والمجال الأفريقي

شهدت الأرض على مدى مليار عام تكوّن قارتين عظميين، الأولى هي "رودينيا"، التي تكونت منذ نحو 1.2 مليار سنة وتفككت قبل 750 مليون سنة، تليها "بانغيا" التي ظهرت قبل حوالي 335 مليون سنة ثم انشقت بعد نحو 200 مليون سنة، وظلت قطع اليابس الهائلة تلك في انزلاق مستمر.

وشكّل هذا الانزلاق المستمر ما يشبه الحزام الناقل، إذ سحبت أجزاء من القارات القديمة نحو الأعماق في عملية تُعرف بالتقوس، مشكلة الطبقات التي تقبع الآن في محيطات الأرض، ونظرا لاستمرار هذه العملية لملايين السنوات، تكونت ظلال جيولوجية لعناصر ونظائر قديمة حُفظت في الوشاح الأفريقي، وهو ما أكدته نتائج الدراسة.

وفي إطار بحثهم المستمر، شرع الباحثان لوس دوسيه وزميله تشينغ شيانغ لي بتحليل حوالي 4 آلاف عينة صخرية من الصخور البازلتية المستخرجة من أعماق المناطق المنتشرة في المحيطات، ليكشفوا عن اختلافات واضحة بين مجالات الوشاح الأفريقي والباسيفيكي، مما يمنح نظرة شاملة على تاريخ الأرض الجيولوجي.

سحبت أجزاء من القارات القديمة نحو الأعماق في عملية تُعرف بالتقوس (ويكيميديا) أسرار وشاح الأرض وسر النتوءات العميقة

يكمن أحد الأسئلة التي تثير اهتمام الجيولوجيين حول أسباب تفكك القارات العظمى، وظهر بحسب الدراسة أن ذلك بسبب بروزات أو نتوءات عميقة من الوشاح تقع مباشرة فوق طبقة اللب الخارجي للأرض وأسفل قشرتها، وهذه المناطق المثيرة للاهتمام تُعرف باسم "مناطق منخفضة السرعة القصية".

ويُقصد بذلك، مناطق كبيرة في وشاح الأرض تتميز ببطء انتشار الموجات الزلزالية، وهو ما يعكس خصائصها الفيزيائية الفريدة، مثل الكثافة ودرجة الحرارة، ويجعلها أيضا مناطق ذات أهمية خاصة في دراسة الديناميكيات الجيولوجية العميقة للأرض.

ويعتقد العلماء أن هذه المناطق المدفونة على أعماق سحيقة أسهمت في انبعاث الطاقة التي تدفع القارات نحو التفكك والتشكل باستمرار.

ولا تنحصر أهمية هذا الاكتشاف عند التفسير الجيولوجي، بل تمتد لتشمل دور الديناميكيات الطبيعية في الحفاظ على استمرارية الحياة على الكوكب، فهذه العمليات تسهم في إعادة تدوير عناصر مثل الكربون والزنك من باطن الأرض إلى سطحها، مما يجعل من الحركة التكتونية ميزة فريدة لكوكب الأرض، وما هو معروف، فإن الأرض هي الكوكب الوحيد المعروف الذي يتمتع سطحه بالصفائح التكتونية.

وتكشف الدراسة عن بعض المناطق التي تحتوي على تركيزات عالية من عناصر نادرة تستخدم في التقنيات الحديثة، مثل الأجهزة الذكية ومصادر الطاقة المستدامة، مما قد يفتح آفاقا جديدة للاستكشاف والاستخدام المستدام للموارد الأرضية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

تحذير من ظلام تكنولوجي.. ناسا تكشف سيناريو كارثي يهدد العالم

حذرت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا من احتمال وقوع ما وصفته بـ "الانقطاع التكنولوجي الشامل"، وهو سيناريو فوضوي قد يشهد توقف أنظمة الاتصالات والملاحة والطاقة حول العالم، في حال تعرض الأرض لعاصفة شمسية قوية تضرب المجال المغناطيسي للكوكب.

ناسا بدأت العد التنازلي.. ما موعد نهاية الحياة على كوكب الأرض؟العد التنازلي للحياة على الأرض.. دراسة تكشف موعد النهاية وفق توقعات ناسا

وقالت الوكالة إن ما يعرف بـ "ظاهرة الظلام التكنولوجي" قد يحرم كوكب الأرض مؤقتا من معظم التقنيات الحيوية التي يعتمد عليها البشر يوميا، موضحة أن هذه الحالة، وإن استمرت لفترة قصيرة، فإن تداعياتها قد تكون عالمية ومدمرة.

عاصفة شمسية تهدد بنسف التكنولوجيا

ووفقا لتقارير “ناسا”، فإن العواصف الشمسية تتولد نتيجة انفجارات هائلة للطاقة تعرف باسم التوهجات الشمسية والانبعاثات الكتلية الإكليلية، حيث تطلق الشمس خلالها جسيمات مشحونة وإشعاعات قوية تسافر بسرعة عالية عبر الفضاء، وقد تصطدم بالغلاف المغناطيسي للأرض.

وفي حال كانت العاصفة شديدة، فقد تتسبب في تعطيل الأقمار الصناعية وشبكات الكهرباء والاتصالات، ما يؤدي إلى توقف أنظمة الإنترنت، والملاحة (GPS)، والبث التلفزيوني، وحتى المعاملات المالية والإمدادات الطبية.

مهمة SunRISE درع مبكر ضد “الغضب الشمسي”

استعدادا لهذا الخطر، أطلقت ناسا مهمة بحثية جديدة تحمل اسم “SunRISE”، تهدف إلى دراسة المجال المغناطيسي للشمس وتحليل الموجات الراديوية الصادرة عن غلافها الجوي الخارجي، من أجل فهم آلية تشكل العواصف الشمسية والتنبؤ بها مبكراً لحماية التكنولوجيا قبل فوات الأوان.

درس من الماضي حادثة كارينغتون

العواصف الشمسية ليست ظاهرة جديدة ففي عام 1859، شهد العالم ما يُعرف بـ “حادثة كارينغتون”، حين تسببت عاصفة شمسية هائلة في تعطيل أنظمة التلغراف وإشعال شرارات كهربائية في الأسلاك، بينما أضاءت السماء بشفق قطبي شوهد في مناطق بعيدة عن القطبين.

ورغم بدائية التكنولوجيا آنذاك، إلا أن الأضرار كانت واضحة، فكيف سيكون الحال اليوم في عصر يعتمد كلياً على الأنظمة الرقمية؟

فوضى عالمية محتملة

تشير تقديرات الخبراء إلى أن عاصفة شمسية مشابهة اليوم قد تُحدث شللاً شبه تام في الحياة اليومية:

تعطل الأقمار الصناعية يوقف الاتصالات والإنترنت والبث الفضائي.

انهيار أنظمة GPS يربك حركة الطيران والملاحة البحرية والبرية.

انقطاع التيار الكهربائي قد يمتد إلى قارات بأكملها.

توقف الأنظمة المالية والطبية والتجارية يهدد الأمن الاقتصادي والاجتماعي العالمي.

وتؤكد “ناسا” أن مثل هذا الحدث سيكون بمثابة جرس إنذار للبشرية حول هشاشة بنيتها التكنولوجية واعتمادها المفرط على الأنظمة الرقمية.

طباعة شارك وكالة الفضاء الأمريكية ناسا ناسا الانقطاع التكنولوجي الشامل ظاهرة الظلام التكنولوجي العواصف الشمسية

مقالات مشابهة

  • حزب الله يعمل تحت الأرض.. لوفيغارو تكشف 6 أسرار
  • دراسة تكشف الأفضل للصحة.. البيض البني أم الأبيض؟
  • «السر في السعادة».. دراسة تكشف عن الأشخاص الأطول عمرًا
  • تحذير من ظلام تكنولوجي.. ناسا تكشف سيناريو كارثي يهدد العالم
  • هل انتهى عصر تسخين محرك السيارة.. دراسة تكشف الحقيقة
  • دراسة تكشف السر وراء عدم قدرتنا على التوقف عن تناول الأطعمة الضارة
  • دراسة حديثة تكشف "تأثيرات غير متوقعة" لأدوية الاكتئاب
  • جينيفر أنيستون تكشف عن نصيحة والدها التي كادت تبعدها عن هوليوود
  • «كاوست» تكشف عن نظام ميكروبي بـ«فوهات حطيبة»
  • دراسة تكشف ارتفاع حالات السرطان المرتبطة بالسمنة بين كبار السن