وشاح الأرض الممزق.. دراسة تكشف سر تشكل قارات الأرض وتفككها
تاريخ النشر: 29th, October 2024 GMT
كشفت دراسة حديثة عن وجود انقسام عميق في غلاف الأرض الصخري يمتد عبر ما يُعرف بـ"حلقة النار" في المحيط الهادي، وهي شريط جغرافي يشبه شكل حدوة الحصان يمتد بداية من جنوب قارة أميركا الجنوبية وينطلق بعد ذلك صعودا في أميركا الشمالية بمحاذاة جبال روكي إلى ألاسكا، ثم عبر مضيق بيرنغ إلى اليابان، ثم في النهاية نيوزيلندا.
ويعكس هذا الانشقاق الجيولوجي آثار تكوّن وتفكك القارات العظمى الغابرة، وأبرزها قارة "بانغيا" التي يعتقد أنها انشقت قبل ملايين السنين وتكونت منها قارات العالم الحديث، ويمثل هذا الانشقاق محورا تاريخيا لتكوين قشرة الأرض وخصائصها الجيولوجية.
ويقسم هذا الشق العميق قشرة الأرض إلى مجالين جيولوجيين أساسيين: يُعرف الأول بالمجال الأفريقي، ويمتد من سواحل آسيا وأستراليا الشرقية، مرورا بأوروبا وأفريقيا والمحيط الأطلسي، ووصولا إلى سواحل أميركا الشمالية الغربية. في المقابل، يغطي مجال "الباسيفيك" محيط الهادي بالكامل.
وتتميز الصخور تحت المجال الأفريقي بثراء عناصرها وتنوع نظائرها، على خلاف مجال الباسيفيك الأكثر تجانسا، كما جاء في الدراسة المنشورة في دورية "نيتشر جيوساينس".
شهدت الأرض على مدى مليار عام تكوّن قارتين عظميين، الأولى هي "رودينيا"، التي تكونت منذ نحو 1.2 مليار سنة وتفككت قبل 750 مليون سنة، تليها "بانغيا" التي ظهرت قبل حوالي 335 مليون سنة ثم انشقت بعد نحو 200 مليون سنة، وظلت قطع اليابس الهائلة تلك في انزلاق مستمر.
وشكّل هذا الانزلاق المستمر ما يشبه الحزام الناقل، إذ سحبت أجزاء من القارات القديمة نحو الأعماق في عملية تُعرف بالتقوس، مشكلة الطبقات التي تقبع الآن في محيطات الأرض، ونظرا لاستمرار هذه العملية لملايين السنوات، تكونت ظلال جيولوجية لعناصر ونظائر قديمة حُفظت في الوشاح الأفريقي، وهو ما أكدته نتائج الدراسة.
وفي إطار بحثهم المستمر، شرع الباحثان لوس دوسيه وزميله تشينغ شيانغ لي بتحليل حوالي 4 آلاف عينة صخرية من الصخور البازلتية المستخرجة من أعماق المناطق المنتشرة في المحيطات، ليكشفوا عن اختلافات واضحة بين مجالات الوشاح الأفريقي والباسيفيكي، مما يمنح نظرة شاملة على تاريخ الأرض الجيولوجي.
يكمن أحد الأسئلة التي تثير اهتمام الجيولوجيين حول أسباب تفكك القارات العظمى، وظهر بحسب الدراسة أن ذلك بسبب بروزات أو نتوءات عميقة من الوشاح تقع مباشرة فوق طبقة اللب الخارجي للأرض وأسفل قشرتها، وهذه المناطق المثيرة للاهتمام تُعرف باسم "مناطق منخفضة السرعة القصية".
ويُقصد بذلك، مناطق كبيرة في وشاح الأرض تتميز ببطء انتشار الموجات الزلزالية، وهو ما يعكس خصائصها الفيزيائية الفريدة، مثل الكثافة ودرجة الحرارة، ويجعلها أيضا مناطق ذات أهمية خاصة في دراسة الديناميكيات الجيولوجية العميقة للأرض.
ويعتقد العلماء أن هذه المناطق المدفونة على أعماق سحيقة أسهمت في انبعاث الطاقة التي تدفع القارات نحو التفكك والتشكل باستمرار.
ولا تنحصر أهمية هذا الاكتشاف عند التفسير الجيولوجي، بل تمتد لتشمل دور الديناميكيات الطبيعية في الحفاظ على استمرارية الحياة على الكوكب، فهذه العمليات تسهم في إعادة تدوير عناصر مثل الكربون والزنك من باطن الأرض إلى سطحها، مما يجعل من الحركة التكتونية ميزة فريدة لكوكب الأرض، وما هو معروف، فإن الأرض هي الكوكب الوحيد المعروف الذي يتمتع سطحه بالصفائح التكتونية.
وتكشف الدراسة عن بعض المناطق التي تحتوي على تركيزات عالية من عناصر نادرة تستخدم في التقنيات الحديثة، مثل الأجهزة الذكية ومصادر الطاقة المستدامة، مما قد يفتح آفاقا جديدة للاستكشاف والاستخدام المستدام للموارد الأرضية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
دراسة حديثة تكشف إمكانات علاجية جديدة لسرطان الرئة ذي الخلايا الصغيرة
اكتشف علماء جامعة بيردو في لافاييت بولاية إنديانا الأمريكية، أن عقار سوبينوكسين، وهو دواء جزيئي صغير، يمكن أن يستخدم كعلاج جديد محتمل لسرطان الرئة ذي الخلايا الصغيرة، حسب تقرير نشره موقع "ميديكال إكسبرس" وترجمته "عربي21".
وقالت إليزابيث تران، أستاذة الكيمياء الحيوية في كلية الزراعة، إن "بعض أنواع السرطان يصعب علاجها بشكل كبير، ومن بينها سرطان الرئة ذي الخلايا الصغيرة".
ويمثل سرطان الرئة ذي الخلايا الصغيرة، الذي يرتبط عادة بالمدخنين، 15% فقط من جميع أنواع سرطان الرئة. وعلى الرغم من هذه النسبة المنخفضة، يُسبب سرطان الرئة ذي الخلايا الصغيرة حوالي 250,000 حالة وفاة سنويا حول العالم، وفقا للتقرير.
وأضافت تران أن "الأمر المُحزن حقا في هذا الأمر، وهو السبب الذي دفعنا إلى دراسة سرطان الرئة ذي الخلايا الصغيرة، هو أن متوسط بقاء المريض على قيد الحياة بعد التشخيص يبلغ حوالي 10 أشهر. في الوقت الحالي، تكاد العلاجات الكيميائية الفعالة تكون معدومة".
نشرت تران والباحث الرئيسي المشارك بينيت إلزي، الأستاذ المشارك في علم الأمراض المقارن بكلية الطب البيطري، نتائجهما في مجلة "iScience".
ويشير الفريق إلى أن السوبينوكسين سيُعالج الأورام بفعالية أكبر عند دمجه مع علاج آخر. وقد استكشفت أحدث التجارب آثار السوبينوكسين على نشاط بروتين DDX5 في سلالات الخلايا البشرية السرطانية وفي نموذج حيواني.
وصرح إلزي: "نأمل أنه بينما يُبقي السوبينوكسين الأورام صغيرة الحجم ويمنعها من النمو، يُمكننا أيضا استهداف الأورام بمواد أخرى تقضي عليها".
وأعلن فريق من الباحثين عن تخليق السوبينوكسين، المعروف أيضا باسم RX5902، في عام 2010. أظهر السوبينوكسين، المتوفر تجاريا، فعاليته في علاج سرطان الثدي الثلاثي السلبي شديد العدوانية.
يمنع السوبينوكسين تطور سرطان الخلايا الصغيرة (SCLC) من خلال بروتين DDX5. ونشر باحثون في مختبر تران نتائج في عام 2020 تُظهر أن DDX5 يُساعد في دعم النمو الخبيث للسرطان.
وينتمي DDX5 إلى عائلة هيليكازات الحمض النووي الريبوزي (RNA)، وهي إنزيمات تُفكك جزيئات الحمض النووي الريبوزي لبدء عملية تسمح بأداء وظائف خلوية مختلفة، حسب التقرير.
وأفادت دراسة نُشرت عام 2020 أن حجب نشاط DDX5 في خلايا سرطان الخلايا الصغيرة (SCLC) عبر التلاعب الجيني يُقلل من الفسفرة التأكسدية. هذا يُضعف الميتوكوندريا ويؤدي إلى موتها.
وقال الباحث المشارك سوبهاديب داس، وهو باحث ما بعد الدكتوراه في الكيمياء الحيوية: "تتلف الميتوكوندريا، ويحدث خلل في الفسفرة التأكسدية، بالإضافة إلى خلل في التنفس الخلوي".
وجد الباحثون أن السوبينوكسين يعمل على DDX5 لتقليل الفسفرة التأكسدية، كما أشار داس.
وبحسب التقرير، فإن الفسفرة التأكسدية تعد جزءا أساسيا من عملية التنفس الخلوي التي تُغذي تقريبا جميع الأنشطة البيولوجية والجسدية. يُولّد التنفس الخلوي ثلاثي فوسفات الأدينوزين (ATP)، وهو الجزيء الحامل للطاقة الذي يُغذي النشاط الخلوي.
دفعت الأبحاث التي يعود تاريخها إلى قرن مضى العلماء إلى الاعتقاد بأن خلايا السرطان تعتمد كليا على تحلل الجلوكوز لإنتاج ATP. ومع ذلك، ظهرت في العقد الماضي أدلة جديدة على أن بعض خلايا السرطان تعتمد على الفسفرة التأكسدية لإنتاج ATP.
وقالت تران: "لا يزال الاعتقاد السائد أن خلايا السرطان تعتمد على الطاقة فقط من خلال مسار تحلل الجلوكوز، ولكن تبين أن هذا ليس صحيحا في جميع أنواع السرطان".
ففي خلايا السرطان التي تعتمد بشكل أساسي على تحلل الجلوكوز، يتم امتصاص السكر وحرقه للحصول على الطاقة دون أن يمر الناتج النهائي لهذا التفاعل بالفسفرة التأكسدية للحصول على ATP بكميات كبيرة.
وأضافت تران: "بعض أنواع السرطان تستخدم الفسفرة التأكسدية، وإذا لم تكن لديها أي طاقة، فلن تتمكن من النمو"، مردفة بالقول "لا يزال هناك سؤال مطروح لأننا لا نعرف بدقة كيف يلعب DDX5 دورا في عملية إنتاج ATP".
انضمت تران، عالمة أحياء الحمض النووي الريبوزي (RNA)، إلى هيئة التدريس في جامعة بيردو عام 2009. ركز عملها المبكر في بيردو على استخدام خميرة الخباز كنظام نموذجي لفهم بيولوجيا الحمض النووي الريبوزي.
وقالت تران: "لقد أجرينا الكثير من الأبحاث على هيليكاز الحمض النووي الريبوزي (RNA) في هذا النظام النموذجي. اكتشفنا وظيفته في الخلية، لكننا كنا نعلم أيضا أن نظيره البشري له صلة بالسرطان، ولم نفهم السبب". دفع هذا تران إلى بدء البحث في سرطان الخلايا الصغيرة في الرئة (SCLC) عام 2018.
"لم نكن نريد فقط فهم دور نظير هيليكاز الحمض النووي الريبوزي في الخلايا البشرية، بل أردنا أيضا معرفة ما إذا كان مرتبطا بتعزيز نمو السرطان وانتشاره، فهل يمكننا إيقافه؟ هل هناك طريقة ما لاكتشاف علاج كيميائي جديد يُمكن استخدامه لعلاج أنواع السرطان؟"، حسب تران.
تروج تران لإمكانية دراسة مثبطات هيليكاز الحمض النووي الريبوزي، مثل سوبينوكسين، ليس فقط كعلاجات للسرطان، ولكن أيضا كأدوات مختبرية لمعرفة كيفية عمل الهيليكازات ووظائفها. ينتمي DDX5 إلى عائلة مكونة من ٤٠ هيليكاز الحمض النووي الريبوزي.
وأشارت تران إلى أن الفهم الأفضل لبيولوجيا الحمض النووي الريبوزي قد يؤدي إلى أهداف جديدة لعلاج الأمراض البشرية. غالبا ما تستهدف العلاجات الكيميائية الدورة التي تمر بها الخلايا للنمو والانقسام.
وأضافت: "لم يكن الحمض النووي الريبوزي (RNA) بشكل عام ضمن اهتمامات الناس. له سابقة، لكنني لا أعتقد أنه يحظى باعتراف عام". ا
وبحسب التقرير، فقد تفق إلزي على أن التعمق في بيولوجيا الحمض النووي الريبوزي (RNA) قد يُسفر عن علاجات سريرية جديدة للسرطان تستهدف عائلة بروتينات DDX.
وقال: "أتطلع إلى توسيع نموذجنا وتحسينه والإجابة على أسئلة أكثر صعوبة من خلاله".