أنقرة (زمان التركية) – مع حلول الذكرى الثانية والعشرين لتأسيس حزب العدالة والتنمية الحاكم، تعاني تركيا اليوم من أحد أعنف الفترات الاقتصادية في تاريخها، في ظل حكومة حزب العدالة والتنمية الذي يتولى حكم البلاد منذ نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2002.

وخلال السنوات الخمس الأخيرة التي انتقلت فيها تركيا إلى نظام الحكم الرئاسي تواجه البلاد أزمة في سعر الصرف ومعدلات تضخم مرتفعة.

وتشير بيانات هيئة الإحصاء التركية التي فقدت ثقة غالبية الأتراك إلى تسجيل التضخم 47.8 في المئة خلال شهر يوليو/ تموز، بينما تشير بيانات مجموعة أبحاث التضخم المستقلة إلى ارتفاع التضخم إلى 112.9 في المئة.

ومن المنتظر أن تعاود معدلات التضخم خلال الأشهر القادمة الارتفاع إلى أعلى مستوياتها خلال الأربعة وعشرين عاما الأخيرة، التي سبق وأن سجلتها في أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2022 ببلوغها 85.5 في المئة.

وأوضح اتحاد النقابات العمالية أن معدلات التضخم في تركيا بلغت 70.4 في المئة اعتبارا من يوليو/ تموز المنصرم، وأن حد الجوع الذي يعكس إجمالي النفقات اللازمة للحصول على التغذية الكافية والمتوازنة لأسرة مؤلفة من 4 أشخاص نحو 11 ألف و658.10 ليرة.

وكان هذا الرقم يتجاوز منذ الشهر الأول للعام الجاري الحد الأدنى للأجور بعد رفعه ليسجل 11 ألف و402 ليرة.

وتعكس بيانات اتحاد النقابات العمالية ارتفاع حد الفقر الذي يشير إلى إجمالي النفقات الشهرية لأسرة مؤلفة من 4 أشخاص لتوفير احتياجاتها من الملبس والمسكن والتعليم والصحة والنقل والاحتياجات المشابهة إلى 37 ألف و974.10 ليرة.

ويعادل إجمالي الحد الأدنى للأجور لشخصين في أسرة مؤلفة من 4 أشخاص نحو 60 في المئة من قيمة حد الفقر.

ويتوقع أن نحو 80 في المئة من الأتراك يعيشون تحت حد الفقر الذي كشف عنه اتحاد النقابات العمالية.

ويواجه الاقتصاد التركي أزمة في العملة خلال السنوات الأخيرة، حيث باتت الليرة أكثر العملات تراجعا على الصعيد العالمي.

في عام 2018 كان سعر صرف الدولار 3.75 ليرة، غير أنه تجاوز اليوم 27 ليرة.

وقبيل الانتخابات تم السيطرة على سعر الصرف من خلال بيع احتياطي المركزي التركي للدولار وتقييد العمليات بالنقد الأجنبي وإطلاق ودائع الليرة المؤمنة ضد تقلبات سعر الصرف والإجراءات التي تجبر على التحول من النقد الأجنبي إلى الليرة، غير أنه عقب الانتخابات تم تحرير سعر الصرف بشكل تدريجي.

ومن المنتظر أن يتواصل التراجع في قيمة الليرة وارتفاع سعر الصرف خلال الأشهر القادمة بسبب معدلات التضخم المرتفعة وتراجع احتياطي البنك المركزي والعجز الجاري المرتفع.

وأدت سياسات الفائدة وسعر الصرف المطبقة قبيل الانتخابات إلى انفجار العجز الجاري، ففي النصف الأول من عام 2023 سجل الميزان الجاري عجزا بنحو 36.8 مليار دولار رغم ارتفاع عائدات السياحة في يونيو/ حزيران.

ومن المنتظر أن يواصل الارتفاع في يوليو/ تموز رغم الإجراءات المشددة.

وتؤجج التوقعات بارتفاع سعر صرف الدولار والتضخم في ظل الفائدة الحقيقية السلبية عمليات الاستيراد وفي مقدمتها الذهب والسيارات.

ويسجل صافي احتياطي البنك المركزي باستثناء اتفاقيات المقايضة مستويات منخفضة بقيمة سالب 49.1 مليار دولار رغم ارتفاعها عقب الانتخابات.

وتشير احصائيات البنك المركزي إلى دين خارجي بنحو 45 مليار دولار في حساب الودائع واتفاقيات المقايضة.

واعتبارا من الحادي والثلاثين من مارس/ آذار سجل الدين الخارجي لتركيا مستويات قياسية بلغت 476 مليار دولار من بينها 207.4 مليار دولار مستحقة خلال عام أو أقل.

وفي الوقت نفسه تواجه تركيا أزمة مسكن تفاقمت خلال السنوات الأخيرة بالتزامن مع أزمات التضخم وسعر الصرف.

ومع تحول المسكن أداة استثمار لرؤوس الأموال المحلية والأجنبية عانى ملايين الأتراك من أزمة مسكن وضعت المالك والمستأجر في مواجهة بعضهما البعض.

وبات الأتراك عاجزين عن شراء المسكن في الوقت الذي يحصل فيه المستثمرون الأجانب على الجنسية نظير شراء مسكن بقيمة محددة.

من جانبه أفاد رئيس جمعية قانون العقارات، علي جوفنش كيراز، أن قضايا الإخلاء ارتفعت خلال النصف الأول من العام الجاري إلى 47 ألف دعوى قضائية بعدما بلغت 22 ألف قضية خلال عام 2022.

واعتبارا من مايو هذا العام بلغت متوسط سرعة الزيادة في أسعار العقارات السكنية بتركيا نحو 103.6 في المئة وبلغت نسبة الزيادة الإجمالية للثلاث سنوات الأخيرة نحو 546 في المئة.

وتشير إحصاءات المركزي التركي إلى ارتفاع متوسط سعر الوحدة السكنية التي تبلغ مساحتها 100 متر مربع إلى 2 مليون و357 ألف ليرة في شتى أرجاء تركيا و3 مليون و600 ألف ليرة داخل مدينة إسطنبول.

هذا وتبحث الحكومة عن حل للأزمة الاقتصادية الراهن في الودائع الأجنبية الواردة من الخليج العربي، إذ يجري العديد من المسؤولين الحكوميين وفي مقدمتهم أردوغان والإدارة الاقتصادية زيارات دورية إلى دول الخليج العربي لحثهم على استثمار الأموال في تركيا.

ومؤخرا أجرى أردوغان جولة خليجية خلال الشهر الماضي شهدت توقيع اتفاقيات استثمارية مختلفة مع كل من السعودية وقطر والإمارات.

وتسعى السلطات لبيع أصول استراتيجية للأجانب وفي مقدمتهم العرب بسبب أزمة نقص النقد الأجنبي بالبلاد. وعلى الرغم من الانتقادات وأزمة المسكن تواصل السلطات التركية تقديم الجنسية إلى الأجانب نظير شراء عقار.

Tags: الاقتصاد التركيالدولارالليرةتركياسعر الصرف

المصدر: جريدة زمان التركية

كلمات دلالية: الاقتصاد التركي الدولار الليرة تركيا سعر الصرف ملیار دولار سعر الصرف فی المئة

إقرأ أيضاً:

مؤشرات وول ستريت تتراجع رغم تطمينات الفيدرالي بشأن التضخم


تراجعت الأسهم وارتفعت عوائد السندات، لكنهما قلّصا التحركات الأكبر، بعدما هدّأ رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، خلال مؤتمره الصحفي، المخاوف المبكرة بشأن تزايد قلق البنك المركزي تجاه التضخم.

شهد صندوق المؤشرات المتداولة "كيو كيو كيو" (QQQ) الذي تبلغ قيمته بقيمة 328 مليار دولار، ويتتبع مؤشر "ناسداك 100"، تذبذباً بعد إغلاق التداول المنتظم. وانتعشت أسهم شركة "تسلا" بعد انخفاضها الأولي عقب إعلان نتائجها، في حين تراجعت أسهم "مايكروسوفت" مع تباطؤ نمو قطاع الحوسبة السحابية خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2024.

أبقت لجنة السوق المفتوحة على سعر الفائدة الفيدرالي ضمن نطاق 4.25% إلى 4.5%. وفي بيان، كرر المسؤولون أن التضخم لا يزال "مرتفعاً بعض الشيء"، لكنهم رفضوا الإشارة إلى تحقيق تقدم نحو هدفهم البالغ 2%. لاحقاً، أوضح باول أن الإشارة إلى التضخم كانت مجرد اختصار لجملة كانت مكتوبة بشكل أطول في البيان، وليس إشارة ذات دلالة.

تشدد أقل

وكتب بيتر بوكفار، مؤلف تقرير "ذا بوك ريبورت": "باول يقول إنه لا داعي للقلق". وأضاف أن باول أكد في مؤتمره الصحفي أن التعديلات في التعليقات حول سوق العمل والتضخم في بيان المجلس الفيدرالي لا ينبغي تفسيرها على أنها إشارة معينة.
من جانبه، رأى كريشنا جوها من شركة "إيفركور" أن مؤتمر باول الصحفي كان "أقل تشدداً بشكل ملحوظ" مقارنة بتحديثات البيان.

ارتفاع صادرات الحبوب الروسية إلى 72 مليون طن خلال 2024سعر الدولار رسميا الآن في البنوك اليوم الخميس بعد التراجع الكبير

تراجع مؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 0.5%، وانخفض مؤشر "ناسداك 100" بنسبة 0.3%، كما انخفض مؤشر "داو جونز" الصناعي بنسبة 0.3%.

ارتفع العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بمقدار نقطتي أساس إلى 4.55%. لم يطرأ تغيير كبير على مؤشر "بلومبرغ" للدولار الفوري، أما الدولار الكندي، فقد قلّص خسائره بعد أن خفض بنك كندا أسعار الفائدة، لكنه أسقط أي توجيهات بشأن تعديلات مستقبلية على تكاليف الاقتراض.

قلق عمالقة التكنولوجيا

كانت التقلبات الأخيرة بين عمالقة التكنولوجيا مصدر قلق كبير لوول ستريت، حيث تركزت الأسهم التي تقود أداء مؤشر "إس آند بي 500" في عدد قليل من الشركات بشكل لم يحدث منذ أكثر من 20 عاماً. وتُظهر البيانات أن أقل من ثلث شركات المؤشر تمكنت من التفوق على أداء "إس آند بي 500" خلال العامين الماضيين، كما أشار الاستراتيجي في "بنك أوف أميركا" مايكل هارتنيت.

يشبه ذلك ما حدث قبل فقاعة "دوت كوم" في نهاية التسعينات، عندما كان هناك عدد محدود من الأسهم يتفوق على المؤشر. وكانت المخاطر الناجمة عن هذا التركيز واضحة هذا الأسبوع، حيث أن التراجع الناتج عن إطلاق تطبيق "ديب سيك" (DeepSeek) قضى على نصف تريليون دولار من القيمة السوقية لشركة "إنفيديا".

وقال تورستن سلوك من شركة "أبولو": "تصحيح الأسهم التقنية بسبب (ديب سيك) لم يغير المشكلة العامة المتعلقة بالتركيز في مؤشر (إس آند بي 500). ما زال المستثمرون في المؤشر معرضين بشكل كبير لقطاع التكنولوجيا".

مقالات مشابهة

  • تركيا.. برلماني سابق عن حزب أردوغان يدعو لإنهاء سياسة التصادم
  • ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين في تركيا أكثر من 5%
  • العدالة والتنمية تستدعي الوزير بركة بخصوص مشاريع نقل المياه بين الأحواض
  • ليست مزحة.. وزير خارجية أميركا يعلّق على عرض ترامب لشراء غرينلاند
  • الأمن الغذائي في ليبيا مهدد مع تصاعد الأسعار واستمرار عدم الاستقرار الاقتصادي
  • «الغرف التجارية»: ننسق مع العراق لخلق تحالفات للتصنيع المشترك والتنمية
  • وزيرة البيئة: نجحنا في جعل الاستثمار البيئي واقع حقيقي يدعم الاقتصاد والتنمية
  • مؤشرات وول ستريت تتراجع رغم تطمينات الفيدرالي بشأن التضخم
  • جي بي مورجان يتوقع تسجيل الدولار 45 ليرة
  • تركيا.. ارتفاع مؤشر الثقة الاقتصادية خلال يناير