العلاقات العمانية الصينية تمتد لـ 5 آلاف عام وتشهد نموا مذهلا في العصر الحديث
تاريخ النشر: 29th, October 2024 GMT
نوفمبر المقبل إطلاق قمر اصطناعي عماني لأغراض مراقبة الأرض وتعزيز الاتصالات
هناك رغبة أكيدة في تفعيل كرسي جلالة السلطان قابوس - طيب الله ثراه - العلمي في الصين
اتفاقيات ومذكرات تفاهم في مجالات اقتصادية.. وآفاق جديدة للتعاون في الطاقة والتكنولوجيا
البَلدان يتشاركان بوجهات نظر متقاربة في القضايا الدولية والسعي لتطوير مشروعات الطاقة المتجددة
أشاد سعادة ناصر بن محمد البوسعيدي، سفير سلطنة عمان لدى جمهورية الصين الشعبية، بالعلاقات التاريخية التي تربط بين البلدين، والتي تتميز بأواصر عريقة قائمة على الاحترام المتبادل وصون مصالح البلدين، والحرص على نموهما واستقرارهما.
وأشار إلى أن العلاقة بين سلطنة عمان والصين شهدت نموًا مذهلًا في العصر الحديث، تجسد في العديد من المشروعات ومذكرات التعاون بين البلدين. كما تخلل هذه العلاقة زيارات متبادلة على أعلى المستويات الرسمية. وخلال فترة تمثيلي الدبلوماسي لعمان في الصين، لمست المشاعر الطيبة التي يكنها الشعب الصيني تجاه الشعب العماني، مما أثار في نفسي شعور الفخر والاعتزاز بهذه العلاقة التي تجاوزت الحدود البرية والبحرية، وتخطت المسافات البعيدة.
وأكد البوسعيدي أن هذه العلاقات تم بناؤها بفضل التوجه الحكيم الذي قاده المغفور له بإذن الله جلالة السلطان قابوس بن سعيد، والذي استمر في دعمها جلالة السلطان هيثم بن طارق ـ حفظه الله ورعاه ـ. وقد أسهمت هذه القيادة في إقامة علاقات متميزة مع الصين، التي تعد واحدة من القوى الاقتصادية العالمية والبلد الأكثر نموًا وازدهارًا في مختلف المجالات.
وأشار إلى أن سلطنة عمان تفخر بما حققته من تقدم نتيجة لسياستها الخارجية المنفتحة والمرنة والمتوازنة، معربًا عن تطلعه لأن تشهد العلاقات مع الصين تطورًا مستمرًا يعود بالنفع على شعبي البلدين ويعزز من الاستقرار والرفاه لهما.
وأفاد سعادة ناصر بن محمد البوسعيدي، في حوار خاص أجرته "عمان" في بكين، أن هناك اتفاقًا مع إحدى الشركات المعروفة في جمهورية الصين لإطلاق قمر اصطناعي عماني يحمل اسم O.L.Y في 7 من نوفمبر المقبل. يهدف هذا القمر إلى مراقبة الأرض وتعزيز الاتصالات وتطوير التكنولوجيا الفضائية في سلطنة عمان.
وأشار سعادته إلى أن الصين تُعدّ من الدول الرائدة في تكنولوجيا الفضاء، حيث أحرزت تقدمًا كبيرًا في مجالات متعددة، مثل إطلاق الأقمار الصناعية لاستكشاف الفضاء وتطوير تقنيات الفضاء التجاري. وهذا التطور يفتح آفاقًا واسعة للتعاون مع سلطنة عمان، التي تسعى لتطوير قدراتها في هذا القطاع الحيوي.
تفعيل الكرسي العلمي
وفيما يتعلق بكرسي جلالة السلطان قابوس، طيب الله ثراه، العلمي، أشار سعادة ناصر بن محمد البوسعيدي إلى أنه يتم التنسيق المباشر في هذا الشأن، حيث توجد رغبة أكيدة في تنشيط هذا الجانب. وقد جاء ذلك مدعومًا بزيارة عدد من المسؤولين الصينيين لجامعة السلطان قابوس ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي، حيث تم التوافق خلال الزيارة على تفعيل الكرسي.
وأوضح سعادته أن هناك طلبة صينيين يُبتعثون سنويًا لدراسة اللغة العربية في سلطنة عمان، مقابل ابتعاث طلبة عمانيين للدراسة في جمهورية الصين الشعبية، وذلك في إطار التعاون المثمر بين البلدين في مجال كرسي السلطان قابوس. ويستفيد حاليًا أكثر من 50 طالبًا وطالبة، معظمهم يدرسون الماجستير والدكتوراه، بالإضافة إلى المنح التي تقدمها الصين للطلبة العمانيين.
مشروعات مستقبلية
وحول المشروعات المستقبلية التي ستجمع بين سلطنة عمان وجمهورية الصين، أشار سعادة ناصر بن محمد البوسعيدي، سفير سلطنة عمان في الصين، إلى وجود تعاون كبير وتنسيق مباشر بين جهاز الاستثمار ورغبة قوية من المستثمرين الصينيين لإقامة مشروعات استثمارية في سلطنة عمان. وأوضح أن هذه الرغبة تعود إلى الموقع الجغرافي المتميز لسلطنة عمان، واستقرارها الأمني، واكتمال بنيتها الأساسية.
وأضاف سعادته أن هناك توجهًا للتعاون في عدة مجالات، بما في ذلك الجوانب التجارية والعسكرية والثقافية والزراعية، بالإضافة إلى قطاعي التعدين والغاز وصناعة الحديد. وبخصوص المدينة الصينية في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، ذكر أنه كانت هناك بعض المعوقات سابقًا، ولكن تم تجاوزها، حيث توجهت العديد من الشركات الصينية الآن لإقامة مشروعات في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم.
وأوضح البوسعيدي أن حجم التبادل التجاري بين سلطنة عمان والصين يتنامى عامًا بعد عام، حيث شهدت السنوات الأخيرة نموًا ملحوظًا. فقد ارتفع حجم التبادل التجاري لسلطنة عمان خلال النصف الأول من العام الجاري إلى 19.7 مليار ريال عماني، مقارنة بـ 18.1 مليار ريال عماني خلال الفترة نفسها من العام الماضي. كما سجلت حركة التبادل التجاري بين سلطنة عمان ودول العالم زيادة بنسبة 8.8% في النصف الأول، حيث زاد إجمالي الصادرات السلعية، متضمنه أنشطة إعادة التصدير، إلى 11.6 مليار ريال عماني، بينما بلغ حجم الواردات نحو 8 مليارات ريال عماني، مع تسجيل نسبة ارتفاع بلغت 6.7% للصادرات و10.8% للواردات.
وأفاد سعادته بأن حجم التبادل التجاري بلغ 37.6 مليار ريال عماني بنهاية عام 2023، محققًا أعلى مستوى قياسي له في عام 2022، نتيجة للزيادة في حجم كل من الصادرات غير النفطية وصادرات النفط والغاز، في ظل الارتفاع الكبير لأسعار الطاقة خلال العام السابق.
وأوضح سعادته أن نمو الصادرات السلعية جاء مدعومًا بزيادة حجم الصادرات النفطية وغير النفطية خلال النصف الأول من العام الجاري، حيث سجلت الصادرات غير النفطية نموًا بنسبة 8.1%، ليصل حجمها إلى 3.6 مليارات ريال عماني، مقارنة بـ 3.3 مليار ريال عماني خلال الفترة نفسها من العام الماضي. كما شهدت صادرات النفط والغاز زيادة بنسبة 5.3%، حيث ارتفع حجمها من 6.8 مليار ريال عماني خلال النصف الأول من 2023 إلى 7.2 مليار ريال عماني، وفقًا للإحصائيات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات.
وتتضمن صادرات النفط والغاز أكثر من 842 مليون ريال عماني من صادرات النفط المصفى، مما يعكس استمرار النمو في صناعات التكرير وزيادة القيمة المضافة لقطاع النفط. وفي الوقت نفسه، تمثل الصادرات غير النفطية المستندة إلى المشتقات النفطية مساهمة متزايدة في الصادرات، حيث حققت صادرات البلاستيك ومنتجاته والمطاط ومنتجاته زيادة بنسبة 11.5%، لترتفع صادراتها من 424 مليون ريال عماني خلال النصف الأول من 2023 إلى 473 مليون ريال عماني بنهاية الفترة نفسها من العام الجاري. وكان إجمالي صادرات هذه المنتجات قد سجل 879 مليون ريال عماني خلال العام الماضي.
من ناحية أخرى، ترصد الإحصائيات تراجعًا في حجم صادرات بعض المنتجات نتيجة للتغيرات الدولية التي تؤثر على الطلب ومستويات الأسعار، حيث انخفضت صادرات منتجات الصناعات الكيميائية والصناعات المرتبطة بها بنسبة 0.7% خلال النصف الأول، ليبلغ حجم صادراتها 521 مليون ريال عماني.
وخلال النصف الأول من العام الجاري، شهدت أنشطة إعادة التصدير نموًا ملحوظًا بمعدل 13.9%، حيث سجل حجمها 867 مليون ريال عماني. وجاء هذا النمو مدعومًا بنشاط إعادة تصدير معدات النقل والمنتجات المعدنية ومنتجات الصناعات الغذائية.
وأشار سعادته إلى أن حركة إعادة التصدير نشطت في سلطنة عُمان مع العديد من الدول، حيث تتصدرها عدد من الدول الخليجية وإيران والصين. وخلال السنوات الثلاث الماضية، شهد حجم الصادرات غير النفطية زيادة ملحوظة، وذلك بدعم من توجهات التنويع الاقتصادي التي تهدف إلى تعزيز مكانة المنتجات العمانية محليًا وعالميًا.
كما أشار إلى تنفيذ البرنامج الوطني "نزدهر"، الذي يستهدف تمكين سلطنة عمان من أن تصبح وجهة تنافسية للاستثمار وزيادة دورها في منظومة التجارة العالمية. يأتي ذلك من خلال تطوير ودعم الشراكات الاستثمارية بين سلطنة عمان ومجتمع الأعمال المحلي والدولي. ووفقًا لاستراتيجية الصناعات التحويلية 2040، التي تم إعلانها العام الجاري، تسعى سلطنة عمان إلى رفع حجم الصادرات غير النفطية إلى ما يعادل 24.9 مليار ريال عماني بحلول عام 2040.
مجالات استثمارية
وأكد سعادة ناصر بن محمد البوسعيدي أن سلطنة عمان والصين قد وقعتا عدة اتفاقيات ومذكرات تفاهم في مجالات اقتصادية واستثمارية تتضمن قطاعات المواني وصناعة النقل، ومن أبرزها ميناء الدقم، الذي يُعدّ مشروعا استراتيجيا يهدف إلى تطوير الميناء والمنطقة الاقتصادية المحيطة به. وقد جذب هذا المشروع استثمارات صينية في مجالات النقل والخدمات اللوجستية، بالإضافة إلى مشروعات البنية الأساسية مثل الطرق والجسور، حيث تتضمن التعاون في بناء وتحديث هذه البنية لتحسين الاتصال بين المحافظات.
وفي مجال الطاقة، أوضح سعادته أن هناك مشروعات للطاقة المتجددة تتضمن استثمارات في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، حيث ستسهم الشركات الصينية في تعزيز قدرات سلطنة عمان في هذا القطاع. كما يوجد تعاون في مجال الزراعة والتكنولوجيا، كمشروعات الزراعة الذكية، والتي تستهدف تطوير تقنيات الزراعة الحديثة لزيادة الإنتاجية وتحسين الأمن الغذائي.
وفيما يتعلق بالصناعات التحويلية، تتضمن الاتفاقيات إنشاء مجمعات صناعية تستهدف تطوير هذه الصناعات وتعزيز الإنتاج المحلي. كما يُعقد تعاون في مجالات السياحة، حيث تشمل المشروعات المشتركة تطوير الوجهات السياحية في سلطنة عمان بالتعاون مع شركات صينية لجذب السياح من الصين. مؤكدا أن هذه المشروعات تعكس التزام البلدين بتعزيز التعاون الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة. كما تتطور العلاقات الثقافية والتعليمية بين البلدين، مع تزايد عدد الطلاب العمانيين الذين يدرسون في الجامعات الصينية والعكس صحيح.
وأضاف سعادته أن الصين ترى في سلطنة عمان بوابة تجارية واستثمارية مهمة إلى دول الخليج والشرق الأوسط، مما يعزز استقرار العلاقات الاقتصادية بين البلدين. وتُعدّ الصين شريكا مهما لسلطنة عمان في نقل المعرفة والتكنولوجيا، خاصة في مجالات التصنيع المتقدم والبنية الأساسية الرقمية.
نقاط التلاقي
وفيما يتعلق بنقاط التلاقي بين سلطنة عمان وجمهورية الصين الشعبية، أشار سعادته إلى أن هذه النقاط تتمثل في عدة جوانب مهمة تعكس التعاون الوثيق بين البلدين على مستويات متعددة. حيث تسعى سلطنة عمان إلى تنويع اقتصادها بعيدًا عن الاعتماد على النفط، وتتمتع الصين بالخبرات والقدرات اللازمة للمساهمة في هذا التنويع، خاصة في قطاعات البنية التحتية والصناعة والطاقة المتجددة.
وأوضح أن التعاون التجاري والاستثماري يعدّ نقطة التقاء رئيسية بين البلدين، حيث تُعد الصين من أكبر المستوردين للنفط العماني، في حين تعدّ سلطنة عمان بوابة للشركات الصينية للوصول إلى الأسواق الإقليمية. كما أن سلطنة عمان تُعد موردا رئيسيا للنفط والغاز للصين، مما يضمن استقرار إمدادات الطاقة ويعزز الاقتصاد العماني.
وقال إن البلدين يتشاركان في السعي لتطوير مشروعات الطاقة المتجددة، حيث تمتلك الصين التكنولوجيا والخبرة في مجالات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بينما تتطلع سلطنة عمان للاستفادة من هذه الخبرات لتطوير قطاع الطاقة المستدام. كما تؤدي الصين دورا رئيسيا في تطوير المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، بما في ذلك إنشاء المدينة الصناعية الصينية العمانية وتطوير البنية الأساسية في هذا الميناء الاستراتيجي الذي يعزز التجارة الإقليمية والدولية.
كما يجعل موقع سلطنة عمان المتميز على المحيط الهندي والخليج العربي منها نقطة تلاقي مهمة للشحن البحري بين الصين وأوروبا وأفريقيا. كما أن كلا من عمان والصين تتبع سياسة خارجية قائمة على الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، مما يعكس موقفًا متوازنًا في العلاقات الدبلوماسية.
وأكد سعادته أن البلدين يتشاركان أيضًا بوجهات نظر متقاربة في القضايا الدولية مثل الأمن الإقليمي والاستقرار العالمي والتنمية المستدامة، ويعملان معًا في المنظمات الدولية لتعزيز السلام والاستقرار. كما يلتقي البلدان في تعزيز الابتكار ونقل التكنولوجيا، خاصة في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الزراعية والتقنيات الحديثة التي يمكن أن تسهم في تعزيز التنمية المستدامة في سلطنة عمان. وتلتقي الصين مع دور سلطنة عمان كوسيط في حل النزاعات الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط، مما يساعد في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي الذي يعد مهمًا لمصالح الصين الاقتصادية والتجارية.
وفي المجمل، تتأسس نقاط التلاقي بين سلطنة عمان والصين على المصالح الاقتصادية المشتركة والتعاون في مجالات الطاقة، وتعزيز البنية الأساسية، والتبادل الثقافي والعلمي، والاستقرار الإقليمي، مما يعزز من الشراكة الاستراتيجية بين البلدين ويفتح آفاقا جديدة للتعاون في المستقبل.
تسهيلات متنامية
وحول تسهيلات زيارات مواطني البلدين، أكد سعادة سفير سلطنة عمان لدى جمهورية الصين الشعبية أن هناك تسهيلات متبادلة لزيارات مواطني سلطنة عمان وجمهورية الصين الشعبية، تهدف إلى تعزيز العلاقات السياحية والتجارية والثقافية بين البلدين.
وأوضح أن هذه التسهيلات، تتضمن أولًا، للمواطنين الصينيين، حيث تقدم سلطنة عمان تسهيلات من خلال توفير تأشيرات سياحية وتأشيرات عند الوصول لبعض الفئات، وخاصة المسافرين الذين يأتون ضمن جولات سياحية مع وكالات معتمدة أو المسافرين لأغراض تجارية. أما التسهيلات للمواطنين العمانيين، فيمكن للعمانيين الحصول على تأشيرات دخول الصين بسهولة نسبية، سواء كانت تأشيرات سياحية أو تجارية أو دراسية.
وأشار سعادته إلى أنه شهدت الفترة الأخيرة تسهيلات إضافية للعمانيين، منها تسهيلات للطلاب العمانيين الذين يرغبون في الدراسة في الجامعات الصينية، حيث توفر الحكومة الصينية منحًا دراسية في إطار التعاون الثقافي والتعليمي. كما يوجد طلاب صينيون يدرسون في المؤسسات التعليمية العمانية، ويتم تنظيم برامج سياحية متبادلة بين البلدين تتيح للمواطنين زيارة الصين وعمان بسهولة أكبر، خاصة في إطار الرحلات الجماعية المنظمة أو بالتعاون مع شركات سياحية معتمدة.
كما تم توقيع عدد من مذكرات التفاهم التي تهدف إلى تسهيل حركة المواطنين بين البلدين، خاصة في المجالات التجارية والثقافية. وتتضمن هذه التفاهمات توفير إجراءات أسهل للحصول على التأشيرات لمواطني البلدين الذين يزورون البلدين لأغراض تجارية أو استثمارية.
وقال إن سلطنة عمان تسعى إلى جذب السياح الصينيين كجزء من استراتيجيتها لتنويع الاقتصاد بعيدًا عن النفط، لذا تعمل الحكومة العمانية على توفير تسهيلات كبيرة للسياح الصينيين، منها تقديم معلومات سياحية بلغتهم وتسهيل إجراءات التأشيرات. وتقدم سلطنة عمان الآن تأشيرات إلكترونية لمواطني العديد من الدول، منها الصين، مما يسهل عملية الحصول على التأشيرات السياحية عبر الإنترنت دون الحاجة لزيارة السفارات.
العلاقات التكنولوجية
وحول التعاون في نقل التكنولوجيا بين سلطنة عمان وجمهورية الصين الشعبية، أكد سعادة ناصر البوسعيدي أن التعاون يمثل أحد المجالات الواعدة لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتكنولوجية بين البلدين. ويمكن أن يسهم في دعم طموحات سلطنة عمان في تنويع اقتصادها وتطوير بنيتها الأساسية، وتعزيز قدراتها في الابتكار والصناعات المتقدمة في مجالات التكنولوجيا الصناعية والصناعات الثقيلة.
وأوضح أن الصين تمتلك خبرة كبيرة في تطوير الصناعات الثقيلة مثل البتروكيماويات والتعدين وصناعة المعدات، ويمكن لسلطنة عمان الاستفادة من نقل هذه التكنولوجيا لتطوير صناعاتها المحلية، خاصة في المناطق الاقتصادية مثل الدقم التي تهدف إلى جذب الاستثمارات الصناعية. هناك أيضًا تعاون في مجالات التصنيع الذكي والروبوتات وتقنيات الإنتاج المتقدمة، مما يمكن أن يعزز القدرات الصناعية لعمان ويسهم في رفع مستوى الجودة والكفاءة في الإنتاج.
وبين سعادته أن الصين تعدّ من الدول الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، ويمكن لسلطنة عمان الاستفادة من نقل تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاتها في قطاعات مثل التعليم والصحة والنقل. كما يمكن للصين مساعدة سلطنة عمان في بناء مراكز للابتكار والبحث والتطوير في هذا المجال.
كما تمتلك الصين خبرة في تطوير المدن الذكية وأنظمة الحكومة الإلكترونية، وهو ما يتوافق مع جهود سلطنة عمان لتعزيز التحول الرقمي. ويمكن نقل التكنولوجيا الصينية إلى سلطنة عمان لتعزيز الرقمنة وتحسين الخدمات العامة والبنية الأساسية الذكية، مما يعكس التزام البلدين بتعزيز التعاون في مجالات الابتكار والتكنولوجيا الحديثة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: جمهوریة الصین الشعبیة الصادرات غیر النفطیة خلال النصف الأول من سلطنة عمان والصین ملیار ریال عمانی ملیون ریال عمانی التبادل التجاری البنیة الأساسیة تعاون فی مجالات من العام الجاری ریال عمانی خلال بین سلطنة عمان السلطان قابوس جلالة السلطان تعاون فی مجال سلطنة عمان فی فی سلطنة عمان صادرات النفط بین البلدین لسلطنة عمان التعاون فی العدید من أن الصین تهدف إلى من الدول وأوضح أن أن هناک خاصة فی أن هذه فی هذا
إقرأ أيضاً:
الاقتصاد الصحي في سلطنة عمان التحديات والفرص«1»
يشكل الاقتصاد الصحي جزءًا محوريًا من السياسات الاقتصادية والاجتماعية، حيث يعكس الاستثمار في القطاع الصحي أهمية الصحة كركيزة للتنمية البشرية والاقتصادية. شهد القطاع الصحي في سلطنة عمان تطورًا كبيرًا منذ السبعينيات، مدفوعًا بالخطط التنموية الحكومية، مع التركيز على توفير خدمات شاملة لجميع السكان، ما أدى إلى تحسين المؤشرات الصحية الوطنية.
ارتفاع التكاليف الصحية في سلطنة عمان يمثل قضية مهمة تؤثر على الأفراد والمجتمع ككل، إذ تشهد الخدمات الصحية في سلطنة تطورًا ملحوظًا على مستوى البنية الأساسية والخدمات المقدمة، لكن هذا التقدم يأتي مصحوبًا بزيادة في النفقات.
هناك عدة أسباب رئيسية لهذا الارتفاع، منها: ارتفاع الطلب على الخدمات الصحية بسبب الزيادة السكانية المتسارعة والتحول في نمط الأمراض من الأمراض المعدية إلى الأمراض المزمنة. ثم يأتي التطور التكنولوجي في القطاع الصحي العالمي والحاجة إلى استيراد هذه التقنيات، وارتفاع تكلفة الأدوية والمستلزمات الطبية والاعتماد على الاستيراد بسبب محدودية الإنتاج المحلي، وهناك سبب آخر وهو ارتفاع توقعات المرضى بشأن جودة الرعاية الصحية والخدمات المقدمة، كما أن التوجه نحو تنويع الاقتصاد قد يقلل من الأولوية التمويلية للقطاع الصحي مقارنة بقطاعات أخرى.
بالرغم من وجود هذه التحديات للقطاع الصحي هناك أيضا مخارج للتغلب على هذه التحديات والمصاعب ومنها: أولا: تعزيز الاستثمار في إنتاج الأدوية والمستلزمات الطبية محليًا وإقليميا (بالتعاون مع منظومة دول الخليج) لتقليل الاعتماد على الاستيراد. تعزيز الاستثمار في إنتاج الأدوية والمستلزمات الطبية على المستويين المحلي والإقليمي يمثل خطوة استراتيجية لتقليل الاعتماد على الاستيراد وضمان استدامة القطاع الصحي. دول مجلس التعاون الخليجي تمتلك مقومات اقتصادية وبنية أساسية تمكنها من تطوير صناعة دوائية ومستلزمات طبية قادرة على تلبية احتياجاتها المحلية والإقليمية. وهنا من الممكن تأسيس مجلس خليجي للصناعات الدوائية يهدف إلى تنسيق الجهود وتعزيز التكامل بين الدول الأعضاء ووضع سياسات مشتركة لدعم الصناعات الدوائية والمستلزمات الطبية، ومن ثم إنشاء مصانع إقليمية مملوكة بشكل مشترك بين دول الخليج لإنتاج أدوية ومستلزمات طبية تخدم المنطقة والتركيز على إنتاج الأدوية الأساسية المكلفة واللقاحات والمستلزمات الطبية التي تشهد طلبًا متزايدًا، وفي سبيل ذلك يجب أن يتم استغلال الموارد الطبيعية لكل دولة لتوفير المواد الخام المستخدمة في الصناعة وتبادل الخبرات والمعرفة التقنية بين الدول الخليجية لتطوير منتجات بجودة عالية. ثم يأتي توحيد التشريعات واللوائح الخاصة بتسجيل الأدوية واعتمادها بين دول المجلس وتسهيل حركة المنتجات الدوائية بين الدول الأعضاء بدون قيود جمركية.
سينتج عن هذا التعاون تحقيق أمن دوائي إقليمي يقلل من الاعتماد على الأسواق الخارجية، ويدعم الاقتصاد الخليجي من خلال تنويع مصادر الدخل، وكذلك يعزز التعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي لتحقيق تنمية صحية مستدامة. هذا الاستثمار في إنتاج الأدوية والمستلزمات الطبية محليًا وإقليميًا يمثل خطوة حيوية لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز الاقتصاد الصحي لدول مجلس التعاون الخليجي.
ثانيا: تحسين كفاءة إدارة الموارد الصحية من خلال الاستفادة من البيانات والتحول الرقمي. فمع التطور التكنولوجي المتسارع، أصبحت البيانات والتحول الرقمي أدوات حاسمة لتحسين إدارة الموارد الصحية وضمان تقديم خدمات صحية عالية الجودة. الاستفادة من هذه التقنيات يساعد في مواجهة تحديات القطاع الصحي ويعزز من كفاءته وفعاليته.
وتكمن أهمية تحسين كفاءة إدارة الموارد الصحية رقميا في ترشيد النفقات الصحية لتقليل الهدر المالي وضمان تخصيص الميزانيات بشكل أفضل وكذلك تقليل الأخطاء الإدارية والطبية التي تؤدي غالبا إلى ارتفاع التكاليف. كما أن تحسين كفاءة إدارة الموارد الصحية رقميا سيؤدي إلى تعزيز جودة الخدمات الصحية، فمن خلال تحسين التخطيط وتوزيع الموارد رقميا سيؤدي هذا إلى تقديم خدمات صحية أسرع وأكثر دقة ويساعد في ضمان توفر الموارد الأساسية مثل الكوادر الطبية والمستلزمات الصحية في الوقت والمكان المناسبين. وكذلك فإن استخدام أنظمة بيانات متطورة يساهم في الاستجابة السريعة للأزمات ويساعد على اتخاذ قرارات مستنيرة وسريعة خلال الأزمات الصحية مثل الأوبئة.
هناك عدة استراتيجيات مهمة في المجال التقني التي من الممكن أن تسهم بتحسين كفاءة إدارة الموارد الصحية رقميا ومنها: إنشاء نظام صحي رقمي موحد يهدف إلى تطوير قاعدة بيانات وطنية تجمع المعلومات الصحية لجميع المواطنين والمقيمين وربط المستشفيات والمراكز الصحية بنظام رقمي مركزي لتسهيل تبادل المعلومات، واستخدام البيانات الضخمة (Big Data) لتحليل البيانات الصحية على نطاق واسع لتحديد الأنماط والتوجهات وتوجيه القرارات الصحية بناءً على تحليلات دقيقة تتنبأ بالاحتياجات المستقبلية، وتطبيق الذكاء الاصطناعي (AI) لتحسين جدولة المواعيد الطبية وإدارة الأسرّة في المستشفيات وتحسين التشخيص الطبي من خلال تحليل الصور والتقارير الطبية باستخدام تقنيات التعلم الآلي. كما يمكن الاستفادة من التحول الرقمي في إدارة الموارد البشرية الصحية من خلال تطوير نظام رقمي لإدارة الكوادر الطبية بما يضمن توزيع العاملين حسب الحاجة ويُمكّن من مراقبة أداء الكوادر الصحية وتحفيزها على تحسين الإنتاجية. وهناك أيضا توجه عالمي نحو تبني وتطوير الصحة الإلكترونية (E-Health) والصحة الرقمية (Digital Health) بتعزيز استخدام التطبيقات الصحية التي تتيح للمرضى حجز المواعيد، والوصول إلى السجلات الطبية، والتواصل مع الأطباء عن بعد وتوفير خدمات التطبيب عن بُعد (Telemedicine) لتغطية المناطق الطرفية وبعض الظروف التي تمنع المريض من الوصول إلى مقدم الخدمة الصحية.
إن الاستفادة من البيانات والتحول الرقمي في إدارة الموارد الصحية سيمثل نقلة نوعية نحو تحقيق نظام صحي متطور ومستدام في سلطنة عمان،ويدعم«رؤية عمان 2040» ويساهم في ضمان رفاهية المواطنين والمقيمين. كما سيعمل على تحسين كفاءة توزيع الموارد وتقليل الهدر وتعزيز جودة الخدمات الصحية وزيادة رضا المرضى وبناء قطاع صحي مستدام قادر على مواجهة التحديات المستقبلية.
ثالثا: تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتوفير خدمات صحية مستدامة. فتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص (PPP) يعتبر خطوة استراتيجية لدعم استدامة القطاع الصحي في سلطنة عمان. يمكن لهذه الشراكات أن تسهم في تحسين جودة الخدمات الصحية وزيادة الكفاءة وتخفيف العبء المالي عن الحكومة، مع تحقيق أهداف «رؤية عمان 2040» في تعزيز رفاهية المجتمع وتنويع الاقتصاد.
وهناك عدة مجالات للتعاون الصحي بين القطاعين العام والخاص ومنها: تطوير البنية الأساسية الصحية في بناء وتشغيل المستشفيات والمراكز الصحية وكذلك إنشاء وحدات طبية متخصصة من خلال جذب المستثمرين الإقليميين والدوليين، ومجالات الصحة الرقمية من خلال الاستثمار في تطوير تطبيقات الصحة الإلكترونية والتطبيب عن بُعد وتطوير أنظمة السجلات الصحية الرقمية بالتعاون مع الشركات التكنولوجية، والأبحاث الصحية والتطوير للمساهمة بتمويل مشترك للأبحاث الصحية بين الحكومة والشركات الخاصة المحلية والدولية لتطوير حلول مبتكرة للعلاجات وإدارتها.
ومن الممكن أن يأخذ التعاقد الصحي مع القطاع الخاص أنواعا كالتعاقد طويل الأجل والتعاقد الاستثماري والتعاقد التشاركي. ومن المهم في هذا المجال التأكيد على ضرورة وضع قوانين تضمن توزيع الأدوار والمسؤوليات بين القطاعين بشكل متوازن، كما يمكن للحكومة تأسيس هيئة أو تقسيم تنظيمي في إحدى الوحدات للإشراف على تنفيذ ومتابعة الشراكات بين القطاعين. تكون للهيئة الصلاحيات التي تمكنها من تقديم التحفيز المناسب مثل الإعفاءات الضريبية وتنظيم الدعم المالي لجذب الاستثمارات.
تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص في القطاع الصحي يمثل خطوة حيوية لضمان تقديم خدمات صحية مستدامة وذات جودة عالية في سلطنة عمان، ويساهم في تحقيق التوازن بين التوسع في الخدمات الصحية وترشيد التكاليف المالية.
يواجه الاقتصاد الصحي في عمان تحديات هيكلية تتعلق بالتمويل وزيادة الطلب على الخدمات الصحية، لكنه يزخر بفرص لتعزيز الكفاءة من خلال تعزيز الاستثمار في التصنيع الطبي وتطوير وتبني التكنولوجيا والاستثمار في الشراكة بين القطاعين العام والخاص. يتطلب تحسين الاقتصاد الصحي استراتيجية شاملة تستند إلى الاستفادة من التعاون الإقليمي والشراكات بين القطاعين العام والخاص لضمان استدامة هذا القطاع الأساسي والحيوي، كما يساعد التصدي لهذه التحديات في تحقيق توازن بين تحسين جودة الخدمات الصحية وضبط تكاليفها بما يتناسب مع احتياجات المجتمع العماني.