هل يجب الالتزام بشكل الملابس في عهد النبي؟ دار الإفتاء تحسم الجدل
تاريخ النشر: 29th, October 2024 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية، إن التأسي بالملابس والأزياء المتعارف عليها في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم التي ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التزيي بها ليس من الأشياء التي يُطَالَبُ المسلم بالتأسي بها؛ فهي من الأمور العادية الَّتِي تخضع لِمُتَعارف كُلِّ أُمَّةٍ أو أُسْرَةٍ ولِزَمَانِهَا ومَكَانِهَا.
وأضافت دار الإفتاء في فتوى لها، أن اللِّبَاسُ هو: ما يَسْتُرُ الْبَدَنَ ويَدْفَعُ الْحَرَّ والْبَرْدَ، والجمع أَلْبِسَةٌ، واستعمال اللِّبَاسِ تعتريه الأَحْكَامُ الخمسة: فالفَرْضُ منه: ما يَسْتُرُ العَوْرَةَ ويدفع الحرَّ والبرد؛ قال تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: 31]، أي: ما يَسْتُرُ عورتكم عند الصَّلاة، والْمَنْدُوب إليه أو الْمُسْتَحَبُّ: هو ما يَحْصُل به أصل الزِّينة وإظهار النِّعمة؛ قال تعالى: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ [الضحى: 11]، والْمَكْرُوه: هو اللِّباسُ الذي يكون مظنَّةً للتَّكبُّر والخيلاء، والحرام: هو اللبس بقصد الكبر والخيلاء.
وذكرت دار الإفتاء أن الأَصْلُ في اللِّبَاسِ الْحِلُّ مهما كانت المادَّة التي صُنِعَ منها إلا ما ورد نصٌّ بتحريمه كالحرير للرجال، فلا ينبغي جعل مُرَادِ الْمُحَدِّثِين من معنى السُّنَّة في وَصْف النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم من حيث هَيْئَتهِ ولِبَاسهِ موضع السُّنة في اصطلاح الفقهاء من الاسْتِحْبَاب والنَّدْبِ؛ لأَنَّ هذا فيه خَلْطٌ بيِّن.
وصف اللباس في الإسلاموأوضحت دار الإفتاء أن لِبَاسُ الرَّجُلِ أو الْمَرْأَةِ من الأمور العادية التِي تخضع لِمُتَعارف كُلِّ أُمَّةٍ أو أُسْرَةٍ ولِزَمَانِهَا ومَكَانِهَا، ولتحقق المصلحة أو الضَّرَر في اسْتِعْمَالِهَا، ولَيْسَت مِمَّا يُتَعَبَّدُ به حتَّى يَتَقَيَّد لابسها بنوع أو زيٍّ منها، فهي على أَصْلِ الإِبَاحَةِ، أَمَّا إِذَا اقترن باللِّبْسِ ما يحرم شرعًا كَأَنْ يلبس نَوْعًا من اللِّبَاسِ إِعْجَابًا وخيلاء، أو تلبس المرأة لِبَاسًا يُظْهِرُ عَوْرَتَهَا أو يلبس زِيًّا يَقْصِدُ بلبسه التَّشَبُّه بزي الكُفَّارِ كان ذلك غير جَائِزٍ شَرْعًا، لا لِذَات الْمَلْبَسِ ولكن لِمَا قَارَنَهُ من الْمَعَانِي الممنوعة، وقد يكون ذلك مُحَرَّمًا، وقد يكون مكروهًا، ويُقَدَّرُ ذلك بِقَدْرِ ما قَارَنَهُ من تلك المعاني.
روى الإمام البخاري تعليقًا أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: «كُلُوا وَاشْرَبُوا وَالْبَسُوا وَتَصَدَّقُوا في غَيْرِ إِسْرَافٍ ولا مَخِيلَةٍ»، وقال ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: "كُلْ ما شِئْتَ وَالْبَسْ واشرب ما شِئْتَ ما أَخْطَأَتْكَ اثْنَتَانِ: سَرَفٌ، أو مَخِيلَةٌ" رواه البخاري في (كتاب اللِّبَاس)، يدلُّ هذا على أنَّ الْمَمْنُوع هو ما كان فيه إِسْرَافٌ وما قُصِدَ به الخيلاء، وإذا انتفى هذان الأمران فلا حرج.
والشَّرْعُ الشريف لم ترد فيه نصوص تُحَدِّدُ نوع الثياب ولا هيئتها؛ لأَنَّ الإسلام يُشَرِّعُ أُصُولًا صالحة لِكُلِّ زمان ومكان، وما اصطلح عليه الناس من هيئة للزي ورسمه وحب الزينة وتهيئة الثياب أَمْرٌ مشروع في الإسلام، وقد نقلت كتب السُّنَّة أنه كان يلبس الضيق من الثياب والواسع منها، وكذلك الصحابة والتابعون -انظر:"فتح الباري" للعلامة ابن حجر (10/ 268، ط. دار المعرفة)-، ولم يرد عن النبي عليه أفضل الصلاة والسلام، ولا عن أحد من أصحابه أو التابعين صفة أو هيئة خاصة للثياب سواء أكان للرجال أم للنساء.
حكم ارتداء الزي المخالف لأهل البلدوأشارت إلى أن ترك الشرع الشريف بيان هيئة الثياب وطريقة إحاطتها بالجسد وتفاصيلها؛ لاعتبارها من الأمور الدنيوية التي تعرف بالضرورات والتَّجَارِبِ والعادات، وقد نهى صلى الله عليه وآله وسلم عن لبس ثوب الشهرة فقال: «مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ أَلْبَسَهُ الله يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَوْبًا مِثْلَهُ، ثُمَّ تُلَهَّبُ فِيهِ النَّارُ» رواه أبو داود (حديث: 4029).
وقد رأى الإمام أحمد رَجُلًا لابِسًا بُرْدًا مخططًا بَيَاضًا وسوادًا، فقال: [ضع هذا، والبس لباس أهل بلدك، وقال: ليس هو بحرام، ولو كنت بمكة، أو المدينة لم أعب عليك] اهـ. "غذاء الألباب" (2/ 163، ط. مؤسسة قرطبة).
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء الملابس صلى الله علیه وآله وسلم دار الإفتاء
إقرأ أيضاً:
ما حكم القنوت في صلاة الفجر؟.. اختلفت عليه المذاهب الأربعة
يعتبر القنوت في صلاة الفجر أحد الموضوعات التي تثير خلافًا فقهيًا بين العدديد من العلماء، ما بين من يرى استمراريته سنة نبوية، ومن يعتبره مرتبطًا بظروف استثنائية كالنوازل، وهو ما الأمر الذي أوضحته دار الإفتاء عبر موقعها الرسمي، وحسمت الجدل بين الآراء الفقهية.
حكم القنوت في الفجروأكدت دار الإفتاء أن القنوت في صلاة الفجر هو سنة نبوية مستمرة، عمل بها كثير من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من علماء الأمصار، مستندة إلى حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ قَنَتَ شَهْرًا، ثُمَّ تَرَكَهُ ، وأَمَّا فِي الصُّبْحِ فَلَمْ يزل يقنت حَتَّى فَارق الدُّنْيَا»، وهو حديث صحيح رواه جماعة من الحفاظ وصححوه -كما قال الإمام النووي وغيره.
ووفقًا لهذا الحديث الذي ذكرته دار الإفتاء، الذي أخذ به الشافعية والمالكية في المشهور عنهم، فإن القنوت في صلاة الفجر مستحب مطلقًا، سواء كانت هناك نازلة أم لا، أما الفريق الآخر من العلماء، كالحنفية والحنابلة، فقد رأى أن القنوت في صلاة الفجر مرتبطًا بحدوث النوازل فقط، وهي الأزمات الكبرى التي تصيب الأمة، مثل الأوبئة، أو القحط، أو الحروب.
القنوت في النوازلوتابعت الإفتاء:«أجمع العلماء على مشروعية القنوت في صلاة الفجر عند وقوع النوازل، كما اختلفت المذاهب حول تعميم القنوت في الصلوات الأخرى في أثناء النوازل؛ فالمالكية قصروا القنوت على صلاة الفجر، بينما رأى الشافعية تعميم القنوت على جميع الصلوات المكتوبة».
الاعتراض على القنوتوأكدت أن الاعتراض على القنوت في صلاة الفجر، بحجة أنه غير صحيح، اعتراض لا محل له في ظل الأزمات المتلاحقة التي تعيشها الأمة الإسلامية، مؤكدة أن القنوت في هذه الظروف يعد وسيلة للتضرع إلى الله لرفع البلاء وتحقيق النصر، استنادا إلى قوله تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 43].
ودعت دار الإفتاء المسلمين إلى احترام التنوع الفقهي وعدم الإنكار على الملتزمين بالقنوت في صلاة الفجر، مؤكدة أن الدعاء والتضرع إلى الله تعالى يظلان من أهم أسباب رفع البلاء وحفظ الأمة.