"كانت صدمة هائلة حين علمت منذ سنتين بإصابتي بمرض السرطان، فأنا أم لأربعة أطفال وأنحدر من عائلة ضعيفة الحال وليس لدينا مال يكفي لمتابعة العلاج. لوهلة ما شعرت أن قطار حياتي توقف وعليّ أن أتأهب لفراق العائلة الأبدي". هكذا تحدثت مريم (38 سنة) لـ"الحرة" عن تجربتها مع مرض السرطان. مريم واحدة من بين مرضى السرطان في تونس، والذين انضم إليهم 18 ألفا و770 مصاب جديد سنة 2023 لوحدها، وزارة الصحة التونسية، موزعين بين 10وآلاف و850 من الذكور و8 آلاف و620 إناث، بينما تشير تقديرات معهد "صالح عزيز" الحكومي المتخصص في العلاج من الأمراض السرطانية إلى تسجيل أكثر من 22 ألف إصابة جديدة العام الفارط، أي بمعدل 60 حالة يوميا.
وتحتفي تونس، مثل سائر بلدان العالم، بـ"شهر أكتوبر الوردي" وسط حملات مكثفة للتوعية بأهمية الفحص المبكر لمرض السرطان، غير أن تزايد نسق الإصابات بهذا الداء في السنوات الأخيرة بات يثير القلق لدى التونسيين، ويبعث مخاوف من عدم قدرة المؤسسات الصحية عن تلبية احتياجاتهم العلاجية. وتكشف مسارات العلاج من هذا المرض قصص معاناة للتونسيين في ظل مشاكل مرتبطة بالإمكانيات المادية والأدوية والتجهيزات المتوفرة لمرضى السرطان في المستشفيات التونسية. موت بطيء تقر مريم بأن رحلتها مع العلاج كانت "أشد وطأة" من مرضها على اعتبار أنها تنحدر من محافظة القصرين، وسط غرب البلاد، ويتوجب عليها قطع أزيد من 200 كيلومتر إلى مستشفى "صالح عزيز" الحكومي في تونس العاصمة. وتوضح قائلة "قدمت إلى المستشفى فوجدت طوابير طويلة تنتظر دورها لإجراء الفحوصات، شعرت بانهيار نفسي وعزمت على العودة من حيث أتيت لولا أن طلب مني أحد الأطباء التريث". وتضيف "ربما كنت أوفر حظا من غيري، إذ أرشدني أحد الأطباء إلى عنوان جمعية مرضى السرطان التي تبنت ملفي الطبي وتدخلت لإيوائي في الدار الخضراء وأخذت على عاتقها جزءا من تكاليف العلاج وإجراءاته، لكن هذا لا يحجب حقيقة ما تواجهه الأعداد المهولة من مرضى السرطان في تونس، إذ يعاني أغلبهم من تباعد مواعيد حصص العلاج وضعف التجهيزات التي غالبا ما تكون معطلة".
دراسة: معدلات الإصابة بالسرطان تتزايد بين الأجيال الأصغر سنا أظهرت دراسة جديدة كبيرة أن معدلات الإصابة بالسرطان لـ 17 من أكثر 34 نوعًا من السرطان شيوعًا تتزايد في الأجيال الأصغر سنًا، وذلك مقارنة بالأجيال الأكبر سنًا، وهو التحول الذي ربما يرجع إلى التغييرات الجيلية في النظام الغذائي وأسلوب الحياة والتعرض البيئي، بحسب صحيفة "واشنطن بوست". تتقاطع قصة مريم مع ما عاشته أمل (45 سنة)، المتحدرة من محافظة توزر جنوب غرب البلاد. أمل اكتشفت إصابتها بمرض سرطان الثدي في 2021، غير أنها لم تباشر العلاج إلا بعد عامين، بسبب ضعف إمكانيات العائلة وارتفاع تكاليف العلاج. تقول أمل لـ "الحرة": "أجريت عملية جراحية لاستئصال الثدي، فيما أضطر في كثير من الأحيان إلى تأجيل حصص المعالجة جراء تعطل أجهزة العلاج الكيميائي فضلا عن نقص الأدوية وارتفاع أسعارها". وتتابع أمل قائلة إن "معاناة مرضى السرطان في تونس تجعل من رحلة العلاج التي يخوضونها "أشبه بصراع مع الموت البطيء"، فـ"أغلب من تراهم في المستشفيات العمومية لم يختاروا العلاج فيها وتحمل ما تعانيه من نقائص وضعف إمكانيات، علاوة على عناء التنقل لمسافات طويلة قد تتجاوز 500 كيلومترا، بقدر ما دفعتهم إلى ذلك محدودية قدراتهم المادية وارتفاع تكاليف العلاج في المصحات الخاصة". وبحسب تصريحات أطباء جراحة الأورام في تونس لوسائل إعلام محلية، فإن فترة تداوي المصابات بسرطان الثدي تستوجب 15 حصة علاج كيميائي، بكلفة تقدر بنحو 1300 دولار في القطاع الخاص، وترتفع الكلفة إلى نحو 2500 دولار باحتساب الإقامة في المصحة وتكاليف الأدوية. ناقوس خطر ورغم أن بروتوكولات العلاج، على اختلافها أنواعها، تقتضي التقيّد بفترات زمنية معينة لا تتجاوز في معظم الحالات 15 يوما بين كل حصة، لضمان استجابة فعالة من جسد المريض للعلاج، فإن "عجز" المنظومة الصحية العمومية عن التكفل بجميع المرضى يؤدي إلى "تأخر في مواعيد العلاج لتتراوح بين السنة والسنة ونصف"، وفق ما تؤكده رئيسة جمعية مرضى السرطان، روضة زروق. وتقول زروق لـ "الحرة" إن الإحصائيات المعلنة حول عدد مرضى السرطان لا تعكس حقيقة الأوضاع في البلاد، مضيفة "العدد أكبر من ذلك، في ظل غياب سجل وطني لهذا المرض". وتشير رئيسة المنظمة غير الحكومية إلى أنّ وزارة الصحة تعتمد ثلاث سجلات منفصلة تتوزع بين الشمال والوسط والجنوب. وشددت على أن تطور هذا المرض "يستدعي دق ناقوس الخطر ويستوجب تقصيا مبكرا حتى يسهل العلاج ولا يثقل كاهل المريض ماديا ومعنويا ولا يرفع أعباء الدولة في توفير الأدوية"، لافتة إلى أن "كل تأخير في هذا الأمر سيزيد في تضاؤل فرض الشفاء منه".
رئيسة جمعية مرضى السرطان بتونس، روضة زروق وتتكفل جمعية مرضى السرطان بحوالي 15 ألف مريض سنويا، إذ توفر للمرضى الإقامة والمتابعة خلال مراحل العلاج بالتنسيق مع المستشفيات العمومية والخاصة، وفق ما تؤكده روضة زروق. وتتوزع مراكز العلاج الإشعاعي والكيميائي في 5 مستشفيات حكومية بتونس، توجد في محافظات كل من قابس وصفاقس في الجنوب الشرقي للبلاد وسوسة الساحلية وتونس وأريانة وجندوبة في الشمال.
توجه نحو الانفراج من جانبه، يقر رئيس قسم الجراحة بمستشفى "صالح عزيز"، طارق بن ذياب، بوجود نقص في الأدوية وطولا في مواعيد العلاج بالأشعة والكيمياوي فضلا عن الاكتظاظ في المستشفيات. ويضيف لـ"الحرة" أن قسم الجراحة بالمستشفى المختص في الأمراض السرطانية يسير بـ"نسق عادي" وفق المواعيد المضبوطة مسبقا، نافيا تسجيل أي تأخير فيها. ويشدد على أن الوضع بالمستشفيات التونسية "يتجه إلى الانفراج" عقب إمضاء اتفاقية بين الصندوق الوطني للتأمين على المرض "كنام" (حكومي) والمصحات الخاصة في البلاد يتكفل بمقتضاها هذا الصندوق بمصاريف الكشف بالأشعة التي يجريها المرضى في القطاع الخاص، فضلا عن التوجه إلى توسيع الأقسام الخاصة بهذا المرض.
نمط عيش يوضح رئيس قسم الجراحة بمستشفى "صالح عزيز" إلى أن عدد الإصابات بالسرطات في تونس في "نسق متصاعد"، ذاكرا أنه لا يمكن تحديد العدد بالنظر إلى غياب سجل وطني يحصي الحالات. لكنه يلفت النظر، في المقابل، إلى ما يعتبرها أسبابا تساهم في زيادة الإصابات بالداء في تونس، هي مرتبطة بـ"تغيّر نمط عيش التونسيين"، وفقه، بينها "الإقبال على الأكل غير الصحي، إلى جانب السمنة والتدخين واستهلاك الكحول، وكثرة استخدام المواد الكيميائية". ويبرز الخبير الصحي أن الأمراض السرطانية المتفشية عند النساء في تونس تتمثل في سرطان الثدي والقولون والمستقيم، في حين تنتشر عند الرجال سرطانات الرئة والمثانة والبروستات.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية:
جمعیة مرضى السرطان
صالح عزیز
هذا المرض
إقرأ أيضاً:
برج السرطان.. حظك اليوم الإثنين 20 يناير 2025: تخلص من الغرور
برج السرطان (22 يونيو - 22 يوليو)، ويتميز مولود السرطان بأنه حدسي، عملي، لطيف، نشيط، فني، محب للخير، مهتم بشئون الآخرين.
تعرف على توقعات برج السرطان وحظك اليوم الإثنين 20 يناير 2025 على الصعيد العاطفي والصحي والمهني والمالي خلال التقرير التالي.
برج السرطان وحظك اليوم الإثنين 20 يناير 2025
عليك أن تدرك أن أي علاقة لا تدوم وأن العديد من التقلبات والأحداث غير المتوقعة يمكن أن تجعل يومك فوضويًا، قد تحمل بعض النساء المتزوجات اليوم. تغلب على مشاكل الأنا من خلال التواصل المفتوح.
برج السرطان اليوم على الصعيد العاطفي
يجب على أولئك الذين يعيشون في علاقات أن يركزوا على التواصل، مما سيساعد في تقوية الروابط. قد يجد مواليد السرطان العازبون أنفسهم منجذبين إلى شخص جديد، ويجب أن يكونوا منفتحين على استكشاف علاقات جديدة.
برج السرطان اليوم على الصعيد الصحي
ضع صحتك في المقام الأول من خلال التركيز على الصحة البدنية والعقلية. قم بدمج التمارين الرياضية المنتظمة واتباع نظام غذائي متوازن في روتينك اليومي لتعزيز مستويات الطاقة. يمكن أن تساعد ممارسات اليقظة الذهنية، مثل التأمل أو تمارين التنفس العميق، في تخفيف التوتر وتعزيز الاستقرار العاطفي.
برج السرطان وحظك اليوم على الصعيد المهني
ضع غرورك جانباً وركز على العمل، قد تكون هناك مشكلات تتعلق بالإنتاجية ومن الجيد أن يكون لديك خطة عمل مناسبة لهذا اليوم. يُنصح ببناء علاقات صحية مع زملائك وكبار السن.
برج السرطان وتوقعات الفترة المقبلة
لا تدخل في مناقشات تتعلق بالعقارات مع الأشقاء، فقد يؤدي هذا إلى خلافات قد تؤثر أيضًا على علاقتك بهم. وبينما يكون اليوم جيدًا لشراء سيارة جديدة، تأكد من أن حسابك المصرفي يسمح بذلك.