أصبحت منصات التواصل أرضا خصبة للإعلانات الاحتيالية، مستغلة القاعدة الضخمة للمستخدمين بالإضافة إلى الخدمات المشروعة والأدوات التسويقية. وعلى الرغم من الجهود المبذولة للحد من الأنشطة الاحتيالية، فإنها مستمرة في الصعود.

وكشفت لجنة التجارة الفدرالية أن أكثر الخسائر التي أُبلغ عنها بسبب الاحتيال في وسائل التواصل في النصف الأول من عام 2023 كانت من أشخاص حاولوا شراء شيء من خلال إعلان على "فيسبوك" أو "إنستغرام".

وذكر الضحايا قصصا عن سلع لم يستلموها وأموال ضائعة -وكانت الملابس والأجهزة الإلكترونية على رأس القائمة- لكن هذه ليست الطريقة الوحيدة التي يستخدم بها المحتالون وسائل التواصل للإيقاع بالناس.

وبحسب بيانات "داتا سبوت لايت" (Data Spotlight) تعد عمليات الاحتيال العاطفي مصدرا آخر لعمليات الاحتيال التي تُسهلها وسائل التواصل.

وفي أوائل عام 2023، قال نصف الأشخاص الذين أبلغوا عن خسارة أموالهم بسبب عملية احتيال عاطفي عبر الإنترنت إن ذلك بدأ من خلال "فيسبوك" أو "إنستغرام" أو "سناب شات".

الإعلانات الاحتيالية تملأ منصات التواصل

مع وجود مليارات المستخدمين الذين يشاركون تفاصيلهم الشخصية عبر الإنترنت، أصبح بإمكان المحتالين استهداف شرائح معينة بسهولة باستخدام أدوات إعلانات متطورة.

ومن جهة أخرى، تتيح منصات وسائل التواصل لأي شخص إنشاء حساب وبدء الإعلان مع الحد الأدنى من التحقق، مما يسهل على المحتالين إنشاء وتوزيع إعلانات مزيفة بسرعة.

وفقا للجنة التجارة الفدرالية، تسببت عمليات الاحتيال عبر وسائل التواصل في خسائر تجاوزت 2.7 مليار دولار في عام 2023 وحده.

ويستغل المحتالون أدوات التسويق الشرعية التي توفرها منصات وسائل التواصل، مستفيدين من خوارزمياتها لتوسيع نطاق إعلاناتهم لتصل إلى أكبر عدد من المستخدمين.

وبينما تُعتبر عمليات الاحتيال في التسويق عبر الإنترنت هي الأكثر شيوعا، فإن تقارير لجنة التجارة الفدرالية تشير إلى أن عمليات الاحتيالات التي تستخدم وسائل التواصل للترويج لخطط استثمار وهمية تمثل أكبر الخسائر، حيث تشكل 53% من إجمالي الأموال المبلغ عنها في النصف الأول من العام.

وقد لعبت العملات المشفرة دورا كبيرا في عمليات الاحتيال الاستثمارية التي أُبلغ عنها، حيث أظهرت أكثر من نصف التقارير أن الضحايا دفعوا للمحتالين عن طريق العملات المشفرة.

وفي النهاية، يصبح الأمر مجرد لعبة أرقام، كلما زاد عدد الأشخاص المعرضين لهذه الإعلانات المضللة، زادت احتمالية أن يقع البعض ضحية لها ويخسرون أموالهم.

على الرغم من وجود سياسات لمنع الإعلانات الاحتيالية، فإن منصات التواصل غالبا ما تواجه صعوبة لتطبيقها بشكل فعال (غيتي) لماذا يصعب اكتشاف الإعلانات الاحتيالية؟

على الرغم من وجود سياسات لمنع الإعلانات الاحتيالية، فإن منصات التواصل الاجتماعي غالبا ما تواجه صعوبة لتطبيقها بشكل فعال. إذ إن الإعلانات الاحتيالية تتجاوز المراجعات من خلال مجموعة من التكتيكات، سنقوم بذكرها:

استغلال الثغرات: يستغل بعض المحتالين أدوات إنشاء الإعلانات الخاصة بالمنصات، ويستخدمونها لتقليد الشركات أو المنتجات الشرعية. ومن خلال إنشاء إعلانات تبدو احترافية وموثوقة، يمكن أن يخدعوا كلا من نظام مراجعة المنصة والضحايا المستهدفين. كثرة الإعلانات: تستضيف منصات التواصل الاجتماعي ملايين الإعلانات يوميا، مما يُشكل تحديا بالغا على المراقبين (البشر والأنظمة الآلية) لتعقب كل عملية احتيال. وحتى مع الخوارزميات المتطورة، فقد تتسلل بعض الإعلانات الاحتيالية نتيجة العدد الهائل من الطلبات. وجود طرف ثالث في صناعة الإعلانات: العديد من الإعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي تُوضع من خلال وسطاء مثل وكالات الإعلان أو المنصات الخارجية.

وهذا الطرف الثالث يخلق مسافة بين المعلن الفعلي وشركة التواصل الاجتماعي، مما يُصعب عملية تتبع مصدر الإعلان الاحتيالي.

الشرعية المزيفة: غالبا ما تقوم الإعلانات الاحتيالية بتقليد العلامات التجارية المعروفة باستخدام شعارات وألوان وخطوط مألوفة. وقد يواجه المشرفون صعوبة في تقييم إعلان إذا لم يفهموا السياق أو الفروق الثقافية وراءه. على سبيل المثال، قد يراجع المشرف إعلانا عن منتج غير معروف بالنسبة له، ولكن بالنسبة للمستخدم المُستهدف فسيفهم بأنه احتيالي. استخدام التزييف العميق: أدى انتشار المحتوى المُنتج بالذكاء الاصطناعي بما في ذلك التزييف العميق إلى إضافة طبقة أخرى من التعقيد. إذ أصبح المحتالون يستخدمون الذكاء الاصطناعي لإنشاء مقاطع فيديو وصور وأصوات تبدو واقعية جدا ويمكنها خداع كل من المستخدمين وأنظمة المراجعة.
وتسهل هذه الأدوات على المحتالين إنتاج إعلانات عالية الجودة ومقنعة يصعب تمييزها عن المحتوى الحقيقي. الأسلوب المتغير: يغير المحتالون محتوى إعلاناتهم بشكل متكرر، مما يجعل من الصعب على الأنظمة الآلية اكتشاف أساليبهم. وقد يستخدمون صورا أو نصوصا معدلة قليلا لتجنب الفلاتر المصممة لالتقاط عمليات الاحتيال المعروفة. الاستهداف المحلي: قد يستهدف المحتالون مناطق معينة أو مجموعات أصغر حيث تكون سياسات مراجعة الإعلانات أقل صرامة، وهذا ما يزيد من فرصهم في التسلل دون أن يلاحظهم أحد. اكتشاف عمليات الاحتيال على وسائل التواصل

التعرف على الإعلانات الاحتيالية على وسائل التواصل أمر بالغ الأهمية من أجل حماية نفسك وأموالك. حيث تفشل جهود مراقبة الإعلانات غالبا، لأن هناك عددا كبيرا جدا من الإعلانات لا يمكنها اكتشافها.

ولكن من الجدير بالذكر أنك لن تواجه هذه المشكلة، لأن التحقق مما إذا كان الإعلان شرعيا أو احتياليا سيتطلب فقط بضع ثوان من وقتك. وإليك ما يجب أن تنتبه له:

الأسعار المشبوهة: عند النظر إلى إعلان ما -تحقق مما إذا كان السعر منطقيا- إن إحدى العلامات الشائعة للإعلان الاحتيالي هي العروض التي تبدو ممتازة بشكل مبالغ فيه. والإعلانات التي تَعد بتخفيضات ضخمة أو منتجات مجانية غالبا ما تكون احتيالية. وإذا قدّم الإعلان عرضا مغريا بشكل غير منطقي، فمن الوارد أن يكون احتياليا. وفي حال لم تكن على دراية بنطاق سعر المنتج، فيمكنك دائما التحقق منه عبر الإنترنت. الحسابات غير الموثوقة: أغلب الإعلانات الاحتيالية تُنشر بواسطة حسابات أو صفحات غير موثوقة. ويمكن كشف الحسابات الوهمية بسهولة، إذ إنها لا تحتوي على كثير من التفاعل وعدد المتابعين يكون قليلا. على عكس الصفحات الرسمية والتي غالبا ما تكون مميزة بعلامة زرقاء بجانب الاسم، ويكون التفاعل واضحا فيها. العناصر المزيفة: يستخدم المحتالون دعايات مزيفة مُدّعين أنها من مشاهير أو منظمات معروفة. بالإضافة إلى ذلك، فإن عناوين "يو آر إل" (URL) المشبوهة هي دليل واضح على عملية احتيال، فغالبا ما يُنشئ المحتالون عناوين "يو آر إل" تشبه بشكل كبير مواقع الويب الشرعية، ولكنها تتضمن أخطاء إملائية أو أحرفا إضافية. أخطاء كتابية: الأخطاء الكتابية في الإعلان سواء أكانت نحوية أم إملائية هي خط أحمر عريض على أن الإعلان احتيالي، حيث إن الإعلانات الشرعية تكون مكتوبة باحترافية وتخضع لعمليات تدقيق نحوية وإملائية. التقييمات السلبية: تعتبر التقييمات السلبية دليلا حاسما على وجود عملية احتيال. حيث إن كثرة الشكاوى والتحذيرات سينذر أن الإعلان غير حقيقي.

ولكن قد تكون هناك تقييمات مزيفة، وهي تقييمات إيجابية مبالغ فيها، والتي تأتي بعبارات إيجابية قصيرة أو تكون مكتوبة بطريقة تُظهر أن روبوتا هو الذي كتبها وليس إنسانا.

ماذا تفعل عند مواجهة إعلان احتيالي؟

إذا واجهت إعلانا احتياليا وأردت أن تفعل شيئا مفيدا، إليك بعض الخطوات المفيدة:

الإبلاغ عن الإعلان: تحتوي معظم المنصات على خيار للإبلاغ عن الإعلانات، والقيام بذلك يمكن أن يساعد المنصة على اتخاذ إجراءات ضد المحتالين ومنع الآخرين من الوقوع ضحية. تجنب التفاعل: لا تضغط على الإعلان أو أي روابط مرتبطة به، حتى التفاعل مع الإعلان يمكن أن يوجهك إلى موقع تصيد أو يعرضك لمزيد من الاحتيالات. تثقيف الآخرين: شارك تجربتك مع العائلة والأصدقاء لزيادة وعيهم، فكلما زاد عدد الأشخاص الذين يعرفون بالاحتيال، كانت فعاليته أقل. مراجعة إعدادات الخصوصية: تقليل المعلومات التي تشاركها على وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يجعل من الصعب على المحتالين استهدافك بإعلانات مخصصة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات التواصل الاجتماعی على وسائل التواصل عملیات الاحتیال منصات التواصل عبر الإنترنت عملیة احتیال غالبا ما من خلال یمکن أن التی ت

إقرأ أيضاً:

طبيب تركي: إدمان وسائل التواصل يسبب تعفن الدماغ

حذّر البروفيسور الدكتور آشقين أسن خاصتورك، أخصائي جراحة الدماغ والأعصاب، من أن الاستخدام غير الضروري والترفيهي لوسائل التواصل الاجتماعي يسبب تعفن الدماغ.

وقال خاصتورك، الذي يعمل في مستشفى أبحاث السرطان والتدريب التابع لوزارة الصحة بالعاصمة التركية أنقرة، في مقابلة مع الأناضول، إن تعفن الدماغ يؤثر على جميع الفئات العمرية.

وأوضح أن مصطلح تعفن الدماغ يرتبط بالاستخدام المفرط والمستمر لوسائل التواصل الاجتماعي والمحتوى اللا متناهي في تلك المنصات، مما يؤدي إلى تخدير الدماغ.
ورغم أن هذا المصطلح قد يبدو مخيفا في البداية، فإنه يجب ألا يُفهم كتشخيص طبي إنما توصيف لحالة صحية، وفق قول خاصتورك.

وتابع أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مفرط يؤدي إلى تدهور الوظائف الفكرية للإنسان، مثل الذاكرة، والانعزال الاجتماعي، وبالتالي تطور حالات من الاكتئاب بسبب العزلة.

وفي ديسمبر/كانون الثاني الجاري، اختار قاموس أكسفورد، أحد أهم وأقدم المعاجم في اللغة الإنجليزية، مصطلح تعفن الدماغ (Brain rot) ليكون مصطلح العام 2024، في تصويت جرى بمشاركة أكثر من 37 ألف شخص.

ظاهرة شائعة

وقال البروفيسور خاصتورك إن الاستخدام غير الصحي لوسائل التواصل الاجتماعي يؤدي إلى امتلاء الدماغ بما يشبه النفايات، الناتجة عن متابعة آلاف الفيديوهات، مما يسبب له الضرر.

إعلان

وأضاف أن تعفن الدماغ هو مصطلح شعبي يشير إلى حالة عامة تنتج عن الاستخدام غير الطبيعي لوسائل التواصل الاجتماعي، مثل الاستعمال المستمر للأجهزة المحمولة، مما يؤدي إلى تدهور في الوظائف الفكرية والعلاقات الإنسانية.

وأوضح خاصتورك أن هناك بعض السلوكيات التي تشير إلى تعفن الدماغ، تتمثل أبرزها في العيش مع الهاتف بشكل دائم، والمتابعة المحمومة للإشعارات، وتفضيل وسائل التواصل على العلاقات الإنسانية والهوايات المختلفة.

وأشار إلى أن هذه الظاهرة أصبحت شائعة بشكل متزايد بين الكثيرين، بعدما أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءا لا غنى عنه في الحياة اليومية.

تأثيرات سلبية

وقال البروفيسور خاصتورك رغم تأثير تعفن الدماغ على جميع الفئات العمرية فإن الأطفال والمراهقين الأكثر تأثرا.

وأضاف: الدراسات التي أُجريت في الولايات المتحدة عام 2023 أظهرت أن الاعتماد على وسائل التواصل والهاتف المحمول قد ازداد بشكل كبير، حيث ارتفع من 40% إلى 70% في الفئة بين 6 و14 عاما، في حين وصل وقت الاستخدام اليومي للإنترنت بين المراهقين إلى 9 ساعات.

وتعقيبا على تلك المعطيات، قال خاصتورك إن هذا التوجه يُثير القلق بشأن مستقبل الأجيال القادمة.

واستكمل: المراهقة تعد مرحلة حاسمة في تكوين الشخصية، حيث يؤثر الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي في بناء الشخصية وتطوير المهارات الاجتماعية والعاطفية.

وأشار إلى أن المجتمعات الغربية بدأت تتخذ تدابير للحد من تأثيرات تعفن الدماغ، مثل تقليل الوقت الذي يقضيه الأطفال والمراهقون في التفاعل مع وسائل التواصل والتركيز على علاقاتهم الاجتماعية الواقعية.

مواجهة تعفن الدماغ

ودعا البروفيسور خاصتورك الأسر إلى اتخاذ تدابير فعالة للحد من إدمان الهواتف المحمولة والشاشات لدى الأطفال والمراهقين.

وأضاف: من المهم أن نتخذ تدابير جادة لمنع الإدمان على الشاشات والهواتف، مثل فرض حد أدنى لسن استخدام الهواتف المحمولة، على سبيل المثال 16 عاما، واتخاذ تدابير مثل جمع الهواتف من الأطفال من قبل الآباء والأمهات بعد ساعة معينة.

إعلان

كما اقترح من ضمن تدابير منع الإدمان على الشاشات إمكانية وضع حدود لوقت الاستخدام، وإيقاف الإنترنت خلال أوقات النوم والمناسبات الاجتماعية مثل العشاء أو المحادثات مع الأصدقاء.

واختتم خاصتورك حديثه قائلا: من المهم أن يكون البالغون قدوة في مواجهة تعفن الدماغ، يجب أن نتبنى نمطا معتدلا لاستخدام الشاشات، ونبرز أهمية الهوايات والعلاقات الإنسانية، ونعمل على خلق مناطق وأوقات خالية من الأجهزة في حياتنا اليومية.

مقالات مشابهة

  • ألبانيا تحظر تطبيق تيك توك لمدة عام بعد مقتل مراهق
  • حظر تيك توك بعد مقتل مراهق
  • من اليمن 3 عمليات في 72 ساعة.. هل نحن بصدد الإعلان عن مرحلة سادسة؟
  • طبيب تركي: إدمان وسائل التواصل يسبب تعفن الدماغ
  • الاحتلال ينفذ عمليات نسف بمحيط مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة
  • #أنا_مع_بلادي.. الجزائريون يردون على المخزن والصهاينة
  • #أنا_مع_بلادي.. الجزائريون يردون المخزن والصهاينة
  • زواج رونالدو وجورجينا.. حكاية صورة أثارت الجدل على منصات التواصل
  • بيع سيارات شيري بالتقسيط .. الشركة تُحذّر
  • أتريس على صفيح ساخن.. هاشتاج "حق مكة لازم يرجع" يُشعل منصات التواصل