وكيل الأزهر: الإيمان وعزيمة المصريين ووحدتهم صنعوا المعجزات في نصر أكتوبر المجيد
تاريخ النشر: 29th, October 2024 GMT
أكد الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، أن الندوة التثقيفية للاحتفال بذكرى انتصارات أكتوبر التي يعقدها الأزهر بالتعاون مع قيادة قوات الدفاع الشعبي والعسكري كل عام تمثل لقاء واجتماعا مهما يتجدد كل عام، ويخلق فينا روحا جديدة، فنحن في ظل احتفالات النصر نشعر بأننا في أمس الحاجة إلى تجديد حياتنا في شتى مناحيها، على هدي من روح أكتوبر، تلك الروح التي انتصرت على الأوهام، وصاغت من الهزيمة والانكسار بطولة ونصرا.
وأضاف وكيل الأزهر خلال كلمته اليوم الثلاثاء بالندوة التثقيفية بحضور اللواء أ.ح/ أسامة عبدالحميد محمد داود، قائد قوات الدفاع الشعبي والعسكري، بمركز الأزهر للمؤتمرات، أن القوات المسلحة الباسلة استطاعت أن تحرز النصر والعز والفخر، وأن تطرد هذا العدو الصهيوني المتغطرس من أرضنا الطاهرة، وأن تهزم أساطيره، وتكشف أكاذيبه، وتلقنه درسا خلده التاريخ.
وأعرب وكيل الأزهر عن الفخر الشديد بهذا النصر الذي حققه جيشنا الباسل، مشيرا إلى مجموعة من عوامل النصر تنوعت بين الإيمان الذي يصنع التضحيات والبطولات، وعزيمة المصريين التي صنعت الانتصارات، والوحدة التي كانت من أقوى الأسلحة في وجه العدو، وما خلقه ذلك علينا من واجبات تجاه أمتنا وأوطاننا، قائلا إن الإيمان صنع التضحيات والبطولات للمسلمين دائما، فإن من ورائه تاريخا ورجالا وأحداثا، وهذا الإيمان هو الذي حمل أصحاب رسول الله ﷺ أن يجودوا بأنفسهم راضين، تاركين لنا المثل الأعلى حتى لقد قال عمير بن الحمام، وقد أخرج تمرات من قرنه فجعل يأكل منهن، قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي إنها لحياة طويلة، ثم رمى بما كان معه من التمر، وأقبل بشجاعة وبطولة وقاتل العدو حتى قتل.
وتابع فضيلته أن الإيمان هذا هو الذي دفع عمرو بن الجموح أن يتجاوز عذره، وكان رجلا أعرج شديد العرج، فذهب إلى رسول الله ﷺ وكان له بنون أربعة مثل الأسد، أرادوا منعه من القتال يوم أحد، وقالوا له: إن الله عز وجل قد عذرك ، فأتى رسول الله ﷺ، فقال: إن بني يريدون أن يحبسوني عن الخروج معك، فوالله إني لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه في الجنة، وحمل روحه على كفه حتى قتل شهيدا، وما تزال روح الشهادة تطوف فينا، فلسنا نحب أنفسنا أكثر من أوطاننا، ولسنا نقدم أنفسنا على أمتنا، وما زال الشهداء يتركون دنيانا، ويتركون في أعناقنا أمانة الوطن.
وتحدث فضيلته خلال كلمته عن عزيمة المصريين التي صنعت الانتصارات، قائلا إنها كسرت ظهور المحتلين وحطمت أحلام الغزاة، واستطاعت هذه العزيمة أن تثبت أن ما يروجه العدو من أكاذيب إنما هو هواء يذهب بأقل الأنفاس الطاهرة التي تجري بصيحة التكبير «الله أكبر» فإذا بارليف الحصين كأن لم يكن، وإذا الجيش الذي لا يقهر ما بين قتيل وجريح وأسير، وإذا أرضنا المسلوبة عادت أرض الكرامة والعز، وما تزال هذه العزيمة فيكم أيها الشباب، وما زالت أوطانكم تناديكم بأن تكونوا من جنودها المخلصين.
كما تطرق فصيلته للحديث عن عنصر آخر من عناصر النصر وهو الوحدة بين أوطاننا ومجتمعاتنا، مؤكدا أنها كانت أقوى سلاح في وجه العدو، وما زال هذا السلاح في أيدينا، وما زلنا قادرين على أن نتحد في وجه عدو ماكر خبيث يقتل أطفالنا ويخرب بلادنا ويشيع فيها الفوضى، وإن من أهم ما نقدمه للأوطان أن نكون كما أراد الله «أمة واحدة»، وأن نعتصم بحبل الله جميعا، وأن نلتف حول قياداتنا داعمين واثقين.
واستطرد وكيل الأزهر بالقول إننا لو أردنا أن نتكلم عن بطولات شعبنا الأبي وأمتنا القوية لطال بنا المقام فإنها قد ضربت أروع الأمثلة في كل ميدان من ميادين الشرف؛ فهم في ميدان القتال أبطال، وجنودها في ميدان الوعي خير رجال، فلا يفوتني أن أتذكر الأبطال الذين صنعوا النصر، والذين ضحوا بأرواحهم وأنفسهم، وقدموا أغلى ما يمتلكون دفاعا عن وطنهم وعن أهليهم، وأسأل المولى سبحانه أن يتقبلهم، وأن يسكنهم الفردوس الأعلى.
ووجه وكيل الأزهر سبع رسائل قال إن هؤلاء الأبطال الذين صنعوا النصر كأنما تركوا فينا رسائل ضرورية، يجب علينا جميعا أن نتذاكرها، وهي هذه الرسائل السبع:
الرسالة الأولى: أن نعتصم بالله ونثق في الله، قال الله تعالى: «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا»، وقال تعالى: «ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم».
الرسالة الثانية: أن نعمل على جمع الصف، ولم الشمل، وترك النزاع والشقاق اللذين يؤديان إلى فشل وهزيمة، فلا مجال لفرقة ولا لخلاف، قال الله تعالى: «وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين»، وإذا كانت سنة الله في خلقه الاختلاف والتباين فهو التنوع المثري الذي لا يؤدي إلى خصومة ولا شقاق.
الرسالة الثالثة: أن تمتلئ قلوبنا بالرجاء في نصر الله؛ فإن اليأس سلاح قاتل مدمر، متى تمكن من الإنسان قتله بلا سلاح، وإن أحد أسلحة العدو أن يبث فينا اليأس والإحباط والقنوط إما بتغييبنا عن ديننا، وإما بتضخيم قدراته وأدواته، ولكننا مهما ضعفت أمتنا فإنها لن تموت، ونصر الله آت لا ريب، ذلك وعد الله، ووعد رسوله صلى الله عليه وسلم، حيث يقول في الحديث الشريف: «بشر هذه الأمة بالسناء والرفعة والدين والتمكين في الأرض».
الرسالة الرابعة: عن هذه المشاعر التي يجب أن تجمعنا وتضمنا، ففي ظل ما نعاني من ويلاته يجب علينا أن نتضامن، وأن نتعاون، وأن نتراحم على كل المستويات: أفرادا ومنظمات ومجتمعات، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء».
الرسالة الخامسة: عدم الاستجابة للشائعات، لا في نقلها ولا في سماعها، فالشائعات تضعف الصف، وبها يدب الوهن في القلوب.
الرسالة السادسة: الشعور بالمسؤولية، فلست صغيرا، ولا طفلا، وقد أخبرنا التاريخ أن قادة جيوش كانوا أقل منكم في العمر، وأن مبدعين ومفكرين وأهل علم كانوا أصغر منكم في السن، ولكن خلد التاريخ ذكرهم بما قدموا.
الرسالة السابعة والأخيرة: الالتفاف حول القادة المخلصين لله؛ لأن الأمة التي لا تجتمع على قائد مخلص يصبح أمرها فرطا.
واختتم وكيل الأزهر كلمته بالإشارة إلى أن هذه الندوة التثقيفية تأتي في ضوء توجيهات السيد رئيس الجمهورية بشأن توعية المجتمع المدني؛ لتنمية روح الولاء والانتماء، والتي تؤكد حاجة الأوطان إلى وعي أبنائها، الذين يصونون هويتها، ويحفظون شخصيتها، مقدما الشكر لكل القائمين على تنظيم الندوة على ما بذلوه من جهد؛ لتخرج الندوة في أكمل صورة وأتمها.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: وكيل الأزهر العدو الصهيونى نصر اكتوبر وکیل الأزهر رسول الله
إقرأ أيضاً:
متحرك الصياد
بسم الله الرحمن الرحيم
١٨ فبراير ٢٠٢٥م
متحرك الصياد
لـواء ركن ( م ) د. يونس محمود محمد
وُلدت فكرة متحرّك الصيّاد في حُضن الهجّانة ومجتمعها الموفور القيم، الراسخ في أرضه مثل أشجار التبلدي، الثري بتجارب الحياة، وتليين قسوتها وتطويع ظروفها بمهارات مكتسبة ودفع فطري ( *جبلة* ) ولما أشعل الجنجويد الحرب، كانت الأبيض من الأهداف الحيوية بالنسبة لهم بعد القيادة العامة، ومطار الخرطوم، ومطار مروي، ومطار الأبيض، وساعتها لم تخذل الأبيض وطنها وتجلت بطولاتها ربما بأكثر مما فعلت الأهداف الأخرى ( *للإنصاف* ) لأن تلك الأهداف متجاورة وذات أفضليّة في التعاون المشترك، بينما هجّانة الأُبيض في مَعزٍل، ومحيطٍ مليء بأرتال الجنجويد، لكنهم إستخرجوا من الذاكرة الجمعية فزعة الصيد، فجاء إسم المتحرك ( *الصيّاد* ) بذات صفات وخصائص المفترسات، القُدرة والرغبة والدأب في ملاحقة الفرائس، الحدس، والنظر الحاد الذي يهزم كل مقدرات التمويه والتخفي، السمع المرهف الذي يمميز الأصوات الخافتة والأنفاس اللاهثة، وحاسة شم ( *تكرف* ) ريح الطرائد مهما بعدت، يملك أدوات الفتك، السرعة، المخلب، الأنياب، المرونة.
نعم من كل هؤلاء الصفات نُسجت راية المتحرك ورُفعت في حمى الهجّانة ( *أم ريش* ) فإلتف حولها المعاشيون من الضباط والصف والجنود، وهوت إليها أفئدته المستنفرين من شباب كردفان، فأتمّ إليها حشد مقدّر، محفود، تصدّى للدفاع عن الوطن، وردّ غوائل الجنجويد الأوباش الذين آذوا الناس وإنتهكوا كل حرمة.
وحقّق متحرّك الصيّاد نجاحات مقدّرة في ظروف تكوينه، فكبُرت فكرة المتحرك ووضحت أهميته لدى القيادة العامة، فتم رفده بكتائب من قوة نيالا، وكتائب من تماسيح النيل الأبيض وكتائب من جهاز الأمن والمخابرات.
إتخذت هذه الجحافل من ود عشانا مربضًا أوليًا، وأفردت لقيادته زمرة من الضباط ( *الأسود* ) الذين تعاقبوا فيه على القيادة الميدانية والسيطرة الأعلى، حيثُ حوت قائمة الشرف كل من العميد الرُكن د. عمر حسن حميدة ، والعقيد الرُكن إسماعيل عبد القادر ، والعميد الرُكن ياسر الفريع، والعميد الرُكن عبد الرحيم كافي وهو القائد الميداني الآن.
أما جنرالات السيطرة والتخطيط، والمتابعة، والتنسيق مع القيادة العامة، منهم اللواء الرُكن محمد أحمد العقيد، العميد الرُكن حسين جودات، واللواء الرُكن عاصم عبد الله الفاضل وهو قائد السيطرة الآن.
متحرّك الصيّاد حرّك مخاوف الجنجويد؛ لأنهم أرادوا الإستفراد بالأُبيض ليسيطروا عليها ففشلوا كما فشلوا في السيطرة على فاشر السلطان، ولذلك حاولوا إجهاض مجهودات متحرك الصيّاد قبل أن تتحقق مخاوفهم فقادوا أكثر من أربعة محاولات في منطقة الغبشة، فأذاقهم الويلات، وتولّوا يلعقون جراحات الهزيمة.
ثم انتظمت خُطى الصيّاد على طريق النصر فأدخل الفرحة في كل المناطق التي عانت من ظلم الجنجويد، فطوى الصيّاد كل من ( *تكال البلة* ، *أم خيرين* ، *أم روابة* ، *الله كريم* ، *السميح* ، حتى ركز رايات نصره بالأمس في *الرهد أبو دكنة* ) ”جنجويدي ما سكنه“.
أما مشاهد التلاقي بين المواطنين وجيشهم الفاتح، فذلك أمر يعز والله على الكلمات أن تسعه لأنها مشاعر حيّة تفيض بالصدق، تحكي عن المعاناة التي قاسوها والذل الذي يتعمّد الجنجويد أن يسقوه للناس، كأنما بينهم وهؤلاء المواطنين ما صنع الحدّاد، لم يتركوا جريرةً إلا وارتكبوها ولا يبالون، ولذلك إطلالة طلائع متحرك الصيّاد جاءتهم مثل بشارات الخريف، ورياح الدعاش المبشّرة بالمطر، مثل فلق الصباح وإنبلاج الفجر بعد ليل طويل، مثل عودة الغائب الحبيب، مثل روح العافية تسري في عروق العليل، مثل إعلان النجاح بعد مخاض المعاناة، ومعالجة الأمل.
الصيّاد دخل إلى الرهد يحمل في فراه ( *النصر* )
وسليب الجنجويد الذي تركوه وراء ظهورهم، وطلبوا النجاة بعدما رأوا آيات الصمود، وبيّنات الشجاعة الحقة غير المغشوشة بمخدر الآيس، ووعود آل دقلو، ودراهم شيطان العرب.
نعم ترك الجنجويد وراءهم ( *أوهام النصر* ) والسيطرة على كردفان وإذلال أعرق قوة في الجيش السوداني ( *الهجانة* ) وهتك سترها ودخول حجرها العفيف.
ترك الجنجويد وراءهم أسوأ سيرة وأقذر ممارسة، وأقبح منظر، ذكريات من القتل والدماء والأشلاء، والغُبن والمواجع ما لا يمكن نسيانه في قرون السنوات.
نعم سيبقى ما فعله الجنجويد كدمةً في وجدان الشعب السوداني، كل ما تحسّسها قفزت إليه صور البطش، وتردد صدى صرخات الحرائر المُغتصبات.
متحرك الصيّاد ، ردّ بقوته، وبسالة جُنده وفدائية ضباطه الأصاغر ( *الأكابر* ) وحكمة ودراية قيادته الميدانية، أما السيطرة العُليا للمتحرك فهي نماذج باذخة لضباط القوات المسلحة المؤهلين من كل جانب، العسكري، والإستراتيجي، والأخلاقي، والقيمي، والعقدي، فضلاً عن الإشراف المباشر من المستوى السيادي، الفريق أول شمس الدين كباشي، فشتّان ما بينهم والملاقيط الربّاطين القتلة المجرمين.
إن الفرحة بعودة هذه المُدن والقُرى الحبيبة هي فرحة وطن يبكي ويحتضن قواته المسلحة، يذرف على كتفها دمع الفرح والخلاص من القهر.
حيّ الله متحرك الصيّاد، وسقاهم من رحيق العافية والحياة والخلود في الوجدان السوداني.
مؤيدين أينما تولوا أشرقت شموس النصر، وإنهزمت مليشيا الظلام .
والله أكبر والعزة للسودان