قراءة في موازين القوة والتأثير: الكيزان وقوى الحرية والتغيير وسط غبار الحرب السودانية
تاريخ النشر: 29th, October 2024 GMT
تعيش الساحة السياسية السودانية اليوم واحدة من أكثر مراحلها تعقيدًا، حيث تتشابك القوى والنفوذ على خلفية صراعات وتناقضات تفاقمت مع مرور الزمن. وفي ظل هذا الوضع المتشابك، يظهر لنا تساؤل محوري: من يمتلك القدرة والتأثير في مسار الحرب السودانية، وما هي الأدوار الحقيقية للكيزان وقوى الحرية والتغيير (قحت)؟
خلفية الصراع: ثلاثون عامًا من النفوذ وسنتان من الشراكة
على مدى ثلاثين عامًا، استحوذ الكيزان على السلطة بانفراد، ما خلق منظومة واسعة ومعقدة من النفوذ السياسي، الاقتصادي، والعسكري، متغلغلة في مفاصل الدولة.
أما قوى الحرية والتغيير (قحت)، فقد أدارت فترة انتقالية في ظروف صعبة مليئة بالتحديات، وعقدت شراكة مع المؤسسة العسكرية لمدة عامين. ورغم ما واجهته من انتقادات، كانت هذه الفترة قصيرة ومليئة بالتحديات، خاصة في ظل التدخلات المستمرة والمحاولات للالتفاف على العملية الديمقراطية. وقد رحبت قوى الحرية والتغيير بتغيير النظام في 2019 وسعت إلى خلق أرضية ديمقراطية مستقلة عن سيطرة الكيزان.
الكيزان وحضورهم في مسار الحرب الحالية
يمكن القول إن الكيزان، رغم تغير أوجه حضورهم، لم يفقدوا نفوذهم بشكل كامل. فالعديد منهم اليوم منغمسون في مفاصل القوات المسلحة والدعم السريع، وأقاموا شبكات داخلية قوية تتيح لهم التأثير على مسار النزاع وتوجيه الأحداث بما يخدم مصالحهم. في الواقع، يشير هذا الحضور إلى أن الكيزان قد تمكنوا من تأمين موطئ قدم ثابت لهم ضمن تشكيلات عسكرية متعددة، مما يسمح لهم بإعادة تنظيم صفوفهم وتأمين نفوذ عسكري مباشر.
وهذا الحضور يوضح قوة تأثير الكيزان، الذين وإن كانوا غير ظاهرين في الساحة الإعلامية بشكل مباشر، إلا أن تأثيرهم المستتر يساهم في تسيير الصراع من وراء الكواليس. فتواجدهم العسكري وسط القوات النظامية وغير النظامية يكشف أن الكيزان، بفضل حضورهم المتغلغل، لا زالوا قادرين على تغيير معادلة الحرب وفقًا لمصالحهم السياسية والأيديولوجية.
الإعلام وتركيزه على قوى الحرية والتغيير: سؤال عن ازدواجية المعايير
أما على الجانب الإعلامي، فإن التركيز يبدو مسلطًا بشكل غير متوازن على قوى الحرية والتغيير، التي تُعتبر من بين القوى المدنية الرافضة للحرب والساعية إلى الحلول السلمية. هذا التركيز المكثف على قحت، بينما يتم تجاهل دور الكيزان ودعمهم للمجموعات المسلحة، يشير إلى ازدواجية واضحة في التعامل الإعلامي مع الأطراف المتصارعة. يُمكن تفسير هذا التركيز على أنه محاولة لصرف الانتباه عن القوى التي تساهم بشكل مباشر في تأجيج الصراع.
من يمتلك التأثير الفعلي؟ قراءة بين السطور
يمكن القول بأن الكيزان، بفضل امتلاكهم للقدرة المالية والشبكات المعقدة، يظلون لاعبين مؤثرين في الساحة السياسية والعسكرية السودانية، حتى لو لم يظهروا على السطح. بينما قوى الحرية والتغيير، ورغم شعبيتها المدنية ووقوفها ضد الحرب، تجد نفسها تحت هجوم إعلامي مكثف، الأمر الذي يُضعف موقفها ويجعل من دورها كعامل استقرار أقل فعالية في عيون المتابعين.
ولكن من يمتلك العقل يميز فعلى الرغم من المحاولات الإعلامية لصرف النظر، يبقى واقع الحال أن الكيزان، بنفوذهم الخفي ودعمهم المباشر وغير المباشر للمجموعات المسلحة، يلعبون دورًا رئيسيًا في مسار النزاع الدائر.
zuhair.osman@aol.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: قوى الحریة والتغییر أن الکیزان
إقرأ أيضاً:
وزير الطاقة: ولي العهد صنع التغيير والتأثير.. وبرامج المملكة موجهة للعالم
الرياض : البلاد
أكد صاحبُ السموُّ الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز وزير الطاقة، أن صُنّاع التأثير في احتياج لصناع التغيير، مشيرًا إلى أن التغيير الذي صنعه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، أسهم في إيجاد تأثير حقيقي للمملكة.
جاء ذلك خلال مشاركة سموه في جلسة حوارية, أدارها معالي وزير الإعلام الأستاذ سلمان بن يوسف الدوسري، ضمن أعمال النسخة الرابعة للمنتدى السعودي للإعلام بعنوان “دهاليز الطاقة وصناعة القرار”، مشيرًا سموه إلى أن “مفهوم صناع التغيير في المملكة تطور وأصبح مفهومًا شموليًا، وصُنَّاع التغيير الآن قيادة تحث على التغيير، وأن من يصنع التغيير هم من سيستفيد من التغيير، ويجب أن نُشعر أنفسنا بأن كل واحد منا هو صانع للتغيير”.
وقال سموه: إن المادة الإعلامية أصبحت متاحة للمؤثرين من خلال برامج الرؤية، ولذلك يقال حاليًا إن “المملكة ترحب بالعالم”، كما أنها تشرك العالم في برامجها وفعالياتها الكبرى مثل أحداث استضافة معرض إكسبو 2030، وكأس العالم 2034، وفتح المجال للاستفادة من النشاطات المختلفة في المملكة كالسياحية والاقتصادية والإعلامية والتجارية والاستثمارية.
وتطرق سموه إلى تجربته في الظهور إعلاميًا خلال ظروف صعبة، ومنها حادثة الهجوم على منشآت أرامكو الذي استوجب الظهور رغم صعوبة الأمر وتجاوز تبعات هذا الحادث المرير بتأثيره النفسي والمعنوي والاقتصادي، مؤكدًا سعيه لنقل تجربته للمسؤولين والموظفين في وزارة الطاقة وتعريضهم لتجارب مشابهة؛ بهدف كسر الحاجز النفسي والخروج من الأزمات.
وتحدث سمو وزير الطاقة حول مشاركاته في الفترة الماضية, مبينًا أن كل مشاركة لها ظروفها وسياقها، بعضها كان من الضروري الظهور فيها بحكم الموقع، وبعضها كان من الواجب المشاركة فيها لتعزيز مخرجات الحدث، مشيرًا إلى الأقرب إلى قلبه هو المشاركة في مؤتمرات مؤسسة مسك، لأسباب كثيرة من أبرزها الطابع التعليمي، وكونه كان محاضرًا في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن سابقًا.
وضرب سموه مثالًا بمشاركته في مؤتمر التعدين الدولي مشيرًا إلى أن التحول الذي طرأ على موضوع أمن الطاقة، والذي لم يعد يقتصر على أمن البترول أو الصادرات البترولية من منطقة الشرق الأوسط بل يشمل أيضًا المواد الطبيعية والمكونات الضرورية للطاقة المتجددة، وبالتالي فإنه لابد من المشاركة في هذا الحدث لأن الرسالة التي نود إيصالها لها تأثير كبير.
وعن تجربته في أسواق البترول، قال سموه:” إن فهم الطاقة يحتاج إلى رؤية شاملة، ولا يمكن أن تفهم بمفهوم النطاق الضيق أسعار أو أسواق، فقطاع الطاقة أشمل بكثير من أنك تتعلمه من اقتصاديات الطاقة، فلابد أن يكون الشخص ملمًّا بعلوم متنوعة، ولا يمكن لأحد أن يكون خبير طاقة بدون النظرة الشمولية والوعي بالتعايش مع متغيرات هذا المجال” .