غزة- مدلين خلة - صفا "دوى صوت انفجار هز المكان بأكمله، خرج جميع من في البيت يبحثون عن مصدره لمعرفة من التي ستُفجع بولدها، يرددون بصوت واحد "يكون بعون أمه ويصبر قلبها، شاب طويل بعمر الورد". كان صوت القصف قريب جدًا، تُحاول مداراة إحساسها بالسؤال عن مكان القصف حتى لا تُفجع في استشهاد نجلها الوحيد، متسائلة "عرفتوا وين القصف؟".

الجميع هنا انتابه الصمت حين اقترب الرجال وهم يحملون ذلك الشاب ويدخلونه بسرعة كبيرة لأحد سيارات الاسعاف التي ملأت المكان، قطع الصمت صرخة شقيقته، "لا.. مش هو.. والله استنوا هاد محمد". صدمة وكابوس فجأة تحول الصمت لدى الجميع إلى صدمة كبيرة، هل حقًا هذا محمد، خرج قبل دقائق للحصول على بعض الماء الصالح للشرب، طلب من والدته إعداد كوب من الشاي، قائلًا لها: "مش حتأخر، مسافة الطريق، زبطي براد الشاي وباجي قبل ما يغلي". ركضت شقيقته ومن في المنزل للتأكد من جثمان الشهيد، إلا الأم التي لا تريد تصديق أن وحيدها تركها للأبد، تُحاكي نفسها "محمد طلب مني شاي وحيجي يشربه، محمد ما راح يتركني بعرف إني مالي غيره في الدنيا". ورغم ما تُحاور به نفسها، إلا أن القلق أخذ يأكل قلبها، وكأن الصاروخ سقط في جوف صدرها فأخذت تتقدم بخطوات تائهة متثاقلة مصحوبة برجفات قلبها غير المنتظمة، تنظر بعينيها لا تريد أن تُصدق ما تراه تصلبت نظراتها فوحيدها ينام على لوح من "الزينكو"، يفترش جسده الأرض، محمد الذي كان يملأ عليها عالمها قبل لحظات. حلم أم كابوس، تحاول "ريم الطيب" النهوض منه والخروج إلى الحقيقة والواقع، لكنه واقع مؤلم، وليس حلم ذهب محمد وترك نزيف قلبها لا يداويه أطباء العالم. تقول الأم الطيب لوكالة "صفا" وقلبها يعتصر ألمًا : "محمد ما كان ابني، هو أخوي وسندي وملجأي، كان الدنيا كلها خبيته برموش عيني عن العالم والحرب، ولا خطوة خطاها طوال عام من القصف والحرب إلا كانت معي، إلا هاد المشوار ذهب لحاله وضله رايح للأبد". لحظات مؤلمة  تروى لحظاتها الأخيرة معه، قائلة: "قبل ما يستشهد بنصف ساعة كان معنا يطلب من شقيقاته ما يقفن على الشبابيك، لأن القذائف بكل مكان وبلاش تيجي شظية لوحدة فيكن، احنا محاصرين، ولا يوجد مشافي ولا دفاع مدني لإنقاذ المصابين". وتضيف "رن جواله وكان صاحبه المتصل سألته ايش فيه رد عليا جاي مي حلوة للشرب بدي أروح أعبي، رفضت إلا أنه أصر متحججًا المكان هيو هان قريب 100 متر بس تخافيش مش حيصير شي". "خوفي عليه كان يُزعجه كتيرًا، كان يقول لي أنا شاب كبير لم أعد صغيرًا، لا تقلقي عليا، قلت له مش بإيدي إنت الوحيد الذي طلعت في من الدنيا مالي غيرك". وتتابع "خرج لتعبئة الماء، دعيت ربنا أن يُبعد عنه أي مكروه، لكن الصواريخ والقذائف طيلة اليوم لم تتوقف، والوضع صعب، ذهب محمد لمناياه، أحب لقاء ربنا وراح عنده". استشهد وحيدها ورحلت معه ابتسامة الأم المكلومة، التي وجدت نفسها تتكأ على ما تبقى لها من ذكريات تمنحها الصبر على فراقه، انقلبت حياتها واسودت، بعدما كانت وردية في وجود وحيدها. تعيش الأم اليوم أكبر صراع مع ذاتها، ترغب كثيرًا بالرحيل إلى جانبه، لكنها تنظر حولها فتجد شقيقات محمد لم يتحملن فراقه، تربط جرحها لتداوي ألم بناتها. تتذكر جيدًا كيف كانت طباعه "كان محمد حنون مطيع مهذب، كل الناس بتحكي بخلقه الحسن، خوفي عليه ما أنجب ولد دلوع، بالعكس كان رجل يُعتمد عليه". وتضيف في حديثها "ما كان يرفض طلب لأخواته، كل الحارة تحبه، كان يساعد الكل بقدر المستطاع، وكان يقول لي في الحرب ما تعملي شي أنا بعمل كل ما بدك إياه بس ارتاحي، أنا بنقل مي حلوة وللاستخدام، وبولع نار للأكل بديش أشوفك تعبانة أبدًا". قطع حديثها صوت شاحنة تعبئة المياه المحلاة، فكأن سهمًا اخترق ذاكرتها التي لم تُشف بعد من هول الصدمة، فكانت دموع الوجع والقهر طريقها للتفريغ عن حزنها. جرح الأم على وحيدها الذي خرجت به من الدنيا بعد 17عامًا من الحرمان لم يندمل، عادت بحياتها إلى لحظاتها قبل مَجِيء محمد إلى الدنيا، لكن كيف لها أن تعتبر أنه لم يوجد، محمد الذي سهرت عليه الليالي وأحاكت له ملابسه بيديها حتى بلغ عمره 20 عامًا رحل دون أن يخبرها برحيله، وعدها أن يعود خلال دقائق لكن مضت أيام ولم يعود، بقي وعده لوالدته دون ايفاء وسيبقى حتى يشاء الله.

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: محمد الطيب حرب غزة طوفان الأقصى

إقرأ أيضاً:

بحبك بالزاف وأنتِ عارفة.. رامي رضوان يهنئ دنيا سمير غانم لنجاح «مكسرة الدنيا»

هنّأ الإعلامي رامي رضوان زوجته الفنانة دنيا سمير غانم بمناسبة انطلاق عروض مسرحيتها الجديدة “مكسرة الدنيا”، معبرًا عن حبه وفخره بها قائلًا: “بحبك بالزاف وأنتِ عارفة”.


 

من جانبها، أعربت دنيا سمير غانم عن سعادتها الكبيرة بردود الأفعال الإيجابية على العرض الأول، مؤكدة أن فريق العمل بذل مجهودًا مضاعفًا خلال البروفات، قائلة: “حطينا مجهود زيادة أوي في البروفات عشان الناس تتبسط، عندنا أغاني كمان تعبنا فيها جدًا جدًا”.


 

وشهدت المسرحية حضورًا جماهيريًا كبيرًا، ورفعت شعار “كامل العدد” منذ يومها الأول.

وتجسد دنيا شخصية “حلويات”، وهي قائدة فريق سيرك يعيش في مدينة بسيطة،تدور أحداث المسرحية في إطار موسيقي استعراضي حول تحدي كبير تواجهه “حلويات”، فإما أن تحقق نجاحًا غير مسبوق في عرضها الأخير أو يخسر السيرك موقعه لصالح مشروع تجاري.


 ونشرت دنيا سمير غانم البوستر الدعائي للمسرحية عبر حسابها الرسمي بموقع انستجرام، وكتبت معلقة: “مسرحية مكسرة الدنيا من 3 إلى 7 يناير على مسرح محمد العلي فى موسم الرياض .. إن شاء الله تعجبكم”.

مسرحية مكسرة الدنيا من بطولة دنيا سمير غانم ومحمد ثروت وسامي مغاوري ، ويستمر عرضها من 3 يناير إلي 7 من الشهر ذاته .

من ناحية أخرى تستعد دنيا سمير غانم لعرض فيلمها الجديد روكي الغلابة، خلال موسم الصيف المقبل .

ويشارك في بطولة الفيلم بجوار دنيا سمير غانم ومحمد ممدوح، الفنان محمد ثروت وعدد كبير من الفنانين، والعمل من تأليف كريم يوسف، وإخراج أحمد الجندي، وإنتاج أحمد السبكى.

مقالات مشابهة

  • بحبك بالزاف وأنتِ عارفة.. رامي رضوان يهنئ دنيا سمير غانم لنجاح «مكسرة الدنيا»
  • صرخات بلا مجيب.. جنا الطفلة التي أطفأ والدها نور حياتها
  • رامي رضوان يدعم دنيا سمير غانم في أول ليلة عرض لـ «مكسرة الدنيا»| صورة
  • اليهود في تاريخ الحضارات الأولى.. كتاب جوستاف لوبون عن دار «أم الدنيا»
  • الإمام الطيب عن حرب غزة: لماذا هذه القسوة؟ والبابا تواضروس: صناعة السلام ثقيلة
  • نانسي عجرم تشعل حفلها بالسعودية بـ الدنيا حلوة و أطبطب وادلع
  • "شيخ الأزهر يوجه برعاية الأم الملهمة زينب الشربيني التي تحمل ابنها لكليته"
  • ماذا قال تامر عبدالمنعم عن وحيد حامد ؟
  • ليفربول وبايرن ميونخ وأتلتيكو مدريد وأتالانتا وباريس سان جيرمان أبطال النصف الأول من الموسم.. محمد صلاح يغرد وحيدًا في سباق الحذاء الذهبي.. ومرموش يفرض كلمته وسط العمالقة
  • أسرار القرآن: سورة الملك حماية من عذاب القبر وبركة في الدنيا