بقلم: محمد بدوي

ما يحدث في ولاية الجزيرة من انتهاكات في مواجهة المدنيين، هذا دون إستثناء مناطق القتال الآخري، لكن مع التركيز على الجزيرة، يمثل إمتداد لنسق الإنتهاكات التي ظلت تلازم الحروب السياسية السودانية منذ الاستقلال، والذي يعرف بالعقاب الجماعي للمدنيين، وظل هذا الشكل موجها للمدنيين المنحدرين من اصول مشتركة أو مناطقية مع القادة المنخرطين في القتال في الحالات.


في وقت مبكر من تدشين الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة الراحل الدكتور جون قرنق دمبيور، أسس الجيش للمليشيات على الشريط الحدودي بين إقليمي الشمال والجنوب آنذاك للقيام بذات الانتهاكات في مواجهة المدنيين داخل إقليم جنوب السودان، تحت ذريعة جنوبية الحركة الشعبية لتحرير السودان، تكرر الأمر مع المجموعات الزراعية المنحدرة من اصول مشتركة مع قادة حركات دارفور بدء من العام ٢٠٠٤.
العقاب الجماعي ظل يحمل كافة أشكال الانتهاكات المجرمة في القانون الدولي والقانون الدولي الانساني، هدفه هو كسر شوكة هذه المجموعات والحط من الكرامة الانسانية، كانتقام من القادة الذين يكونون بعيدين من مسرح القتال، مع اقتران الانتهاكات بخطاب الكراهية، يظل استمرار الانتهاكات محفزا بانتهاك الحقوق الاقتصادية كغنائم للحرب،كما يفرز حالة واسعة من اللجوء والنزوح، على الدوام قوامه الاكبر من النساء والصبيات والاطفال.
المراقب لسجل الانتهاكات في النزاعات السياسية المسلحة في فترة ما بعد الاستقلال، يقف على حقائق اساسية، تكوين وتسليح المليشيات ظل من قبل الدولة وتحت اشرافها، هنالك حالة انتقال لقادة أطراف النزاع بين طرفي القتال بمحفزات ودافع مختلفة، لأن تكتيك الطرفين يظل يعمل في مسرح اخر هو أضعاف الطرف الآخر بأحدث انقسامات داخله، لكن سرعان ما ينتج عن طرف جديد من أمراء الحرب، غياب المحاسبة والعدالة في السجل التاريخي للأحداث، عبر عقبه ترسانة الحصانات التي تمنح حتي للقوات الرديفة أو المليشيات في بداية تكوينها، غياب الرغبة في محاسبة القادة العسكريين، الأمر الذي يظهر في غياب نص مسئولية الرئيس عن المرؤؤس، امتد حتي للقوات الرديفة التي رسخ لها في التمتع بقوانين انشاء مجازة من البرلمان.
مجمل تلك الأسباب مع عوامل أخري سياسية في ظلت هي محركات الصراعات، لكن الجديد في الحرب الراهنة تعدد الأطراف الداخلية والخارجية في الصراع، وبروز التنافس السلطة والموارد بين الأطراف الداخلية والخارجية، وانتعاش أسواق الذهب والسلاح .
من ناحية أخري ظهر فتور المجتمع الدولي من الحالة قياسا بالموافق المعلنة خلال الفترة الانتقالية، بما يمكن يدفع بالقلق من سيناريوها قد تظهر في الأجندة، ليس تشاؤما فقد يكون بينها ما يهدد بقاء وحدة الدولة.
أخيرا: استمرار الحرب، وكذلك القتال الذي يمكن ان نلحظ بانه يتركز في المناطق الغنية بالموارد، وتوجيه العقاب الجماعي نحو المدنيين، وارتقاء خطاب الكراهية بكثافة، يعني انسداد أفق الحل، دون الانتباه إلي أن ما يحدث في الجزيرة لن يبقي في الجزيرة، بل ما يحدث في السودان لن يبقي في السودان كما سبق واشرنا إلي ذلك في مقام اخر، ولا سيما أن عنف صراع الموارد بلغ ذروته عقب الازمة المالية العالمية في ٢٠١٣.

 

badawi0050@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: ما یحدث فی

إقرأ أيضاً:

الإمارات دربت الدعم السريع بذريعة القتال في اليمن.. هذه تفاصيل زيارة حميدتي

كشف مصدران يمنيان مطلعان أن قائد قوات "الدعم السريع" السودانية، محمد حمدان دقلو، زار اليمن بالتنسيق مع دولة الإمارات أثناء مشاركة قوات الجيش السوداني ضمن عمليات التحالف العربي الذي قادتها السعودية ضد الحوثيين منذ 2015.

وقال المصدران أحدهما عسكري لـ"عربي21" إن "حميدتي" وصل إلى منطقة الساحل الغربي اليمني القريب من مضيق باب المندب حيث ممر الملاحة الدولية عام 2017، في ذروة العمليات القتالية التي كانت تدور رحاها بين القوات اليمنية المدعومة من الإمارات والسعودية ومسلحي جماعة الحوثيين إلى الغرب من محافظة تعز، وفي المناطق الجنوبية من محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر.

وأشار المصدر العسكري إلى أن قائد قوات "الدعم السريع" السودانية الذي يقود تمردا على مجلس السيادة الانتقالي المعترف به دوليا في السودان، التقى باللواء، هيثم قاسم طاهر، وزير الدفاع اليمني الأسبق، أحد القيادات العسكرية الانفصالية المدعومة من أبوظبي والذي كان يقود لواءين في الساحل الغربي. في حين كانت "الدعم السريع" تشارك في العمليات القتالية ضد الحوثيين وقوات الرئيس اليمني السابق، علي عبدالله صالح وقتئذ، ضمن القوات التي تشرف عليها أبوظبي شريك الرياض في التحالف العسكري الذي بدء عملياته في مارس/ آذار 2015.

وتابع المصدر ذاته والذي كان حاضرا خلال زيارة "حميدتي" أن قائد قوات "الدعم السريع" مكث في الساحل الغربي اليمني أيام، قبل أن يغادر على متن طائرة خاصة إلى دولة الإمارات".



وحسب المصدرين فإن أبوظبي أنشأت معسكرات حشد وتجنيد السودانيين ضمن قوات "الدعم السريع" في الأراضي الإماراتية وفي جزيرة عصب الإرتيرية، حيث كانت تقوم بذلك تحت لافتة القوات السودانية المشاركة ضمن الائتلاف العسكري الذي تقوده الرياض لدعم السلطة الشرعية اليمنية وإنهاء انقلاب جماعة الحوثيين. 

وأكدا أن "حميدتي" ضمن قيادات عسكرية سودانية أجروا زيارات إلى اليمن، بعد أن استقدمتهم دولة الإمارات تحت غطاء " إيفاد القوات إلى اليمن وفي إطار نظام الرئيس السابق، عمر البشير"، فيما كانت عمليات التحشيد والتجنيد للسودانيين ضمن قوات الدعم السريع لغايات أخرى، اتضحت مؤخرا في السودان. 

وأوضح المصدران أن الضباط الإماراتيين ومخابرات الدولة الخليجية كانت تنشط بكثافة بين السودانيين الذين يتم استقدامهم إلى الساحل الغربي وكانت تقوم بتشكيلهم في وحدات عسكرية وتقوم بتعيين قيادات لتلك الوحدات ضمنت ولاءها.

كما أن الإماراتيين حولوا اليمن إلى منطقة تأطير لقوات "الدعم السريع" بقيادة حميدتي لتنفيذ أجنداتها في السودان، ونظمت خطوط التواصل وضباط الارتباط بينهما، والأدوار والمهام المنوطة بكل قيادي عسكري قبل أن يعودوا إلى معسكرات التجنيد الداخلية التي أنشأتها في البلد العربي الأفريقي، مستغلة علاقتها الجيدة مع عمر البشير قبل أعوام من الإطاحة به عام 2019. 

وأفاد أحد المصدرين المطلعين أن حكومة أبوظبي كانت تقوم بحشد وطلب القوات المسماة بـ"الدعم السريع" وتقوم بتدريبها وتحمل تكاليف إعدادها وتسلحيها، ومن بوابة "اليمن" كانت تعد لمعركة السودان الحالية، مؤكدا أن الدولة الخليجية دخلت إلى الواقع السوداني عبر اليمن إذا قامت باستقدام قوات "الدعم السريع" كوحدات تابعة للجيش السوداني وبالتنسيق مع النظام الرسمي في الخرطوم قبل أن تعود هذه القوات كجيش موازي يقود حربا على الدولة السودانية". 

فيما قال مصدر عسكري ثالث لـ"عربي21" إن مشاركة القوات السودانية في  حرب اليمن كانت فاعلة بالنظر إلى الغزارة العددية التي ضمت "الألاف من السودانيين" والخبرة القتالية والحوافز الأخرى المادية والعقدية ووفرة أسلحة المشاة وتنوعها. فيما ذكر أحد المصدرين أن حجم التنسيق والعمل كان أكبر من المشاركة في حرب اليمن بل الإعداد لمعركة السودان الجارية منذ عامين تقريبا. 



وتابع المصدر العسكري الثالث أن مشاركة السودان في عمليات التحالف القتالية بقيادة السعودية تمثلت في صنفين من القوات الأول بقوات ما تسمى "الدعم السريع" التي يقودها حميدتي ولعبت دور قتالي في الساحل الغربي.

أما الصنف الآخر، فكان عبارة عن "بعثات تدريبية من الجيش السوداني لتعزيز التدريب في صفوف القوات الموالية للحكومة الشرعية، حيث لعبت دورا كبيرا في تدريب قوات "العمالقة" (ألوية سلفية مدعومة من الإمارات والسعودية) وقوات المجلس الانتقالي الجنوبي المنادي بانفصال جنوب البلاد عن شماله قبل تشكيله أوساط 2017. 

ولفت المصدر إلى أن هذه البعثات تابعة لوزارة الدفاع السودانية ولازال جزءا من هذه البعثات موجودة وبالتنسيق بين الحكومة اليمنية والسودانية، مؤكدا أن هناك قوات سودانية من الجيش النظامي موجودة أيضا، في الحدود الجنوبية من المملكة مع اليمن وتشرف عليها الرياض، ومن أبرزها وحدات مدفعية.

مقالات مشابهة

  • الإمارات دربت الدعم السريع بذريعة القتال في اليمن.. هذه تفاصيل زيارة حميدتي
  • يونيسف: حرب السودان حرمت أكثر من 17 مليون طفل من التعليم
  • تشغيل المطارات في السودان.. خدمة للمدنيين أم دوافع عسكرية؟!
  • يونيسف: أكثر من 17 مليون طفل سوداني حرموا التعليم بسبب الحرب
  • الأمم المتحدة توثق تقارير مروعة عن الانتهاكات بولاية الجزيرة السودانية
  • مفوض الأمن بالاتحاد الأفريقي :نشر البعثة في السودان مرتبط بوقف القتال
  • الخارجية: سورية تطالب جميع دول العالم بالقيام بواجبها الإنساني واتخاذها موقفاً حازماً لإيقاف المجازر المتسلسلة التي يرتكبها كيان الاحتلال في المنطقة ومحاسبة قادته على جرائمهم وعدوانهم وضمان عدم إفلاتهم من العقاب
  • النفيسي توقع ما يحدث في الخليج وشبه الجزيرة العربية.. ماذا قال؟ (شاهد)
  • قتلى باشتباكات بولاية الجزيرة ونزوح الآلاف من الفاشر
  • الجزيرة نت تكشف عن حصاد لقاءات المبعوث الأميركي ببورتسودان