غضب مصري من طلاء أسود قصر النيل بـ الرولة.. ترميم أم تدمير؟ (شاهد)
تاريخ النشر: 29th, October 2024 GMT
أثارت عمليات صيانة أسود قصر النيل بمصر جدلا واسعا خلال الساعات الماضية، بعد أن انتشرت صور عبر مواقع التواصل الاجتماعي تظهر طلاء الأسود التراثية بشكل يفقدها قيمتها التاريخية.
ومن جهتما أعربت نقابة الفنانين التشكيليين المصريين عن تخوفها من أعمال صيانة أسود قصر النيل ضمن خطة لصيانة 21 تمثالا في الميادين العامة في القاهرة أعلنت عنها محافظة القاهرة ووزارة السياحة والآثار.
وقالت النقابة في بيان، " بدء الشروع بتنفيذ أعمال الصيانة بدهان أسود كوبرى قصر النيل والتي لوحظ فيها استخدام ( الرولة) فى دهان التماثيل البرونز وهو ما يعد خطأ كبير ومخالف للقواعد العلمية والفنية لأعمال الصيانة مما أفقد التماثيل قيمتها الفنية وطمس (الباتينا) اللونية الأصلية لخامة البرونز لأعمال ذات قيمة فنية".
وأضافت النقابة "أن الأعمال ذات التاريخ الكبير صيانتها لا تتم بالطرق التقليدية وإنما تتم بطرق أكثر دقة لإزالة الأتربة الملتصقة فقط دون استعمال ورنيشات ومواد ملمعة أفسدت العمل على المستوى البصري والتقنى"
وفي بيان أخر على حسابها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك أكدت النقابة أنها تواصلت الجهات المعنية لتحديد موعد مع رئيس الإدارة المركزية للترميم الدقيق وتم التنسيق بين نقابة الفنانين التشكيليين ووزارة السياحة والآثار لتضافر الخبرات للانتهاء من عملية ترميم وصيانة أسود قصر النيل وإعادتها إلى أصل "الباتينا" اللونية للتماثيل.
وأثار تعامل محافظة القاهرة ووزارة السياحة والأثار مع ترميم أسود قصر النيل والطلاء العادي والطرق التقليدية على التماثيل البرونزية انتقادات واسعة وردود فعل غاضبة من قبل العديد من المهتمين بالفن التشكيلي والتراث.
وكانت محافظة القاهرة قد أعلنت قبل أيام بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار بدء حملة تنظيف وصيانة21 تمثالا أثريا موجودين بعدد من الميادين العامة في العاصمة المصرية، وتشمل هذه التماثيل أسود قصر النيل، ومحمد فريد، ومصطفى كامل، وسعد زغلول.
وتعود قصة أسود قصر النيل البرونزية، التاريخية في عهد الخديوي إسماعيل، فكلف النحات الفرنسي الشهير هنري ألفريد جاكيمارت وتشارلز هنري جوزيف كوردييه، بصناعة تمثالين لـ محمد علي باشا، وآخر لـ إبراهيم باشا ابنه -والذي نحته "كوردييه"- و4 تماثيل لأسود برونزية.
وصنعت تماثيل أسود قصر النيل، في الأصل لكي توضع على بوابتي حديقة حيوان الجيزة، لكن حين وصلت التماثيل الأربعة إلى القاهرة من فرنسا، كان الخديوي إسماعيل قد خُلع، وتولى ابنه الخديوي توفيق، الحكم، وكانت تجرى في ذلك الوقت عملية تجميل كوبري الخديوى إسماعيل، ورأى أن الكوبري يحتاج لمظهر يليق بهيبة اسم والده، فتم وضع أسدين على كل مدخل.
وتداول نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي صور ترميم أسود قصر النيل معبرين عن غضبهم عن طريقة الترميم التي تسبب في انهيار قيمة التماثيل الفنية والتاريخية .
تماثيل أسود كوبري قصر النيل مصنوعة من البروزنز .. جهابزة عصرهم وزمانهم قالوا هنطورها و راحوا دهنوها بالرولة دهان أسود علي دماغهم
يارب خدهم وريحنا pic.twitter.com/Y3FVTOD9l4 — Ali Bakry (@_AliBakry) October 28, 2024
أسود قصر النيل كانوا بيتميزوا بال High end Quality و دي حاجة بتبرز تفاصيل نحت التمثال جداً. مش محتاج غير تلميع فقط. فمن خلال خبرتنا مع الحكومة في طمس الآثار و فقرهم في الذوق العام. نقدر نترحم علي القطع الفنية الفريدة دي. عشان يضموها لإرثهم الرديء من الألومنيوم و الأسمنت. pic.twitter.com/2ebR44AdrC — Amr Wadea (@AmrWadea) October 28, 2024
دهنوا أسود قصر النيل وتمثال سعد زغلول بيتومين أسود
تطوير وكده
الله يسود عيشتهم وحياتهم كلها pic.twitter.com/AyC7dodRxy — Ihap Shihe (@ihapshihe) October 28, 2024
أسود قصر النيل منحوتة من برونز مخلوط بالنحاس الأحمر والأصفر لنحات فرنسي اسمه هنري جاكليمار
وأغلب أعمال النحاتين من التماثيل النحاسية تترك دون دهان حتي تظهر علامات الجنزرة علي التمثال من الرطوبة وهذه الجنزرة تحافظ تعطي العمل الفني الظلال التي تؤكد علي جمال الفن.
كفاية عك pic.twitter.com/7fuLJHKt6c — Achraf El Achmawi ✏️ (@AchmawiAchraf) October 29, 2024
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي من هنا وهناك المرأة والأسرة حول العالم حول العالم نقابة الفنانين التشكيليين المصريين محافظة القاهرة وزارة السياحة مصر وزارة السياحة اسود قصر النيل محافظة القاهرة نقابة الفنانين التشكيليين حول العالم حول العالم حول العالم حول العالم حول العالم حول العالم من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك سياسة سياسة من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أسود قصر النیل pic twitter com
إقرأ أيضاً:
طبيب مصري مهاجر يعيد إحياء تراث الشيفتشي في قلب القاهرة
قبل نحو قرن من الزمان، استقرت عائلة قسيسية في القاهرة القديمة، حيث أسست مصنع "قسيسية للزيوت والصابون"، الذي كان الأشهر في المدينة قبل حركة يوليو/تموز 1952 وبعدها. تعود جذور العائلة إلى فلسطين وبلاد الشام، حيث اشتهرت بصناعة الصابون، لكن أحد أبنائها قرر أن يبدأ فصلا جديدا في مصر، فانطلق من حي الجمالية، حيث تأسس أول مصنع للعائلة، وسرعان ما توسعت الأعمال وازدهرت الاستثمارات.
بَيد أن التأميم غيَّر المسار، فعادت العائلة إلى نقطة البداية، ولم يَبق من إرثها الصناعي سوى مصنع "شارع النحاسين"، الذي شكَّل حجر الأساس لانطلاقة جديدة، لكنها لم تدم طويلًا. مع مطلع الثمانينيات، اختار جيل الأحفاد مغادرة القاهرة، وتفرق أفراد العائلة في أنحاء العالم. من بينهم شاب خرج من النحاسين في مطلع العشرينيات من عمره، ليستقر في كندا، حيث درس وتخصص في الطب.
لكن بعد 4 عقود، يعود إبراهيم قسيسية إلى حيث بدأت الحكاية، إلى حي النحاسين، حيث مصنع العائلة الذي تحول مع الزمن إلى "مقلب قمامة"، ليعيد إليه الحياة، ويُحوله إلى مركز الجمالية للحرف اليدوية والتراث.
في مطلع عام 2020، قرر قسيسية العودة إلى مصر، مدفوعًا بحنين لم ينقطع إلى الأرض التي شهدت طفولته ومطلع شبابه. لكن الزمن لم يترك أثره عليه فحسب، بل غيَّر أيضًا ملامح القاهرة التي يعرفها، إذ وجد نفسه أمام مدينة مختلفة عن تلك التي تركها وراءه.
لم تقتصر التغيرات على الجمالية، بل شملت شوارعها، أزقتها، وأهلها، حتى إنه وصفها في حديثه لـ"الجزيرة نت" قائلًا "لو خرج نجيب محفوظ من قبره ليعاود السير بين شوارع ثلاثيته القديمة… لوقع ميتًا مرة أخرى".
إعلانورغم القبح الذي طغى على كل شيء، لم تفتر عزيمة الطبيب المهاجر، فقرر أن يعيد إحياء تراث أجداده، ويستعيد المصنع القديم، ليعيد معه روح الجمالية كما استقرت في مخيلته على مدار 40 عامًا.
إحياء التراثعلى مدار شهر كامل، كان الهدف الأول لقسيسية هو التخلص من أكوام المخلفات التي تراكمت لعقود في مصنع الصابون. بـ3 ورديات يومية، انطلق العمل بلا توقف، حتى انتهت المرحلة الأولى، ليبدأ بعدها مشروع إعادة الروح القديمة للمكان دون المساس بجوهره. أعاد المصنع إلى سيرته الأولى، ملتزمًا بتصميمه المعماري الأصلي، مستلهمًا ألوانه ونقوشه من روح الجمالية القديمة. لكن هذه المرة، لم يكن المصنع مخصصًا لإنتاج الصابون، بل لإحياء تراث شارع النحاسين، حيث اشتهرت الورش قديمًا بتشكيل النحاس وطرقه، من خام معدني بسيط إلى تحف فنية متنوعة.
رحلة عبر الزمنما إن تخطو داخل مركز الجمالية للحرف التراثية، حتى تجد نفسك وكأنك عدت إلى 5 عقود مضت. يبدأ الاستقبال بلمسة أصيلة: فرد أمن يرتدي جلبابًا وطربوشًا، مستوحى من أزياء الأربعينيات، إلى جانبه هاتف أسود قديم، يحاكي الهواتف الأثرية في حقبة ما قبل التكنولوجيا الحديثة. ومن هنا، تبدأ الرحلة داخل المكان، حيث تنتشر ورش الحرف التراثية، لكل منها بصمتها الخاصة، وقد حرص الطبيب الستيني على اختيار أفضل من تبقى من الحرفيين الأصليين، حفاظًا على أصالة الفن وإرث الجمالية العريق.
سيد إمام آخر صناع الشيفتشي في مصرعلى مدار 63 عامًا، ظل عم سيد إمام مخلصًا لحرفته، "الشيفتشي"، التي تعلمها في طفولته على يد الحرفيين الأجانب الذين كانوا يقيمون في الجمالية قديمًا. يتذكر بوضوح تلك الأيام، حين كان في الـ12 من عمره، وكيف وهبته الحياة فرصة ذهبية للتعلم على يد من يصفهم بـ"أسطوات الشغلانة".
فن الشيفتشي.. إرث لا يجيده إلا أهل النحاسيناختص عم سيد في فن "الشيفتشي"، الذي يعني في اللغة التركية كل ما يشفّ ويصف، سواء في المعادن أو الأقمشة. غير أن هذا الاسم العثماني لم يمنح الأتراك تفوقًا في المهنة، كما يوضح عم سيد في حديثه لـ"الجزيرة نت": "سافرت إلى بلاد كثيرة من أجل الشيفتشي؛ العراق، الأردن، لبنان، قبرص، اليونان، وحتى تركيا، حيث قضيت هناك 3 شهور أعمل بخامات تركية، لكنني كنت أقدم لهم شيفتشيا مصريا أصيلا لا يتقنه سوى أهل النحاسين، وأنا آخرهم".
إعلان مركز الجمالية قبلة الحياة لحرفة أوشكت على الاندثاركان "مركز الجمالية للحرف التراثية" حلمًا بعيد المنال في ذهن عم سيد، الذي كان يخشى أن تموت الحرفة بوفاته، بعدما غابت الأجيال الجديدة عن تعلمها. لكن المركز فتح أبوابه لاستقبال متعلمين جدد، يأتون بكامل إرادتهم، لاكتساب مهارات هذه المهنة حتى الاحتراف.
يقول عم سيد بأسى "الدكتور إبراهيم منح حرفة الشيفتشي، والعديد من الحرف الأخرى، قبلة الحياة.. كان من المفترض أن تهتم الدولة بهذه المهن التراثية، لكن للأسف، لم يلتفت إليها أحد".
شغف يتجاوز حدود مصرلم يتوقف دور المركز عند إحياء الحرفة فقط، بل أصبح وجهة تعليمية لطلاب المدارس الصناعية، الذين يحصلون على دورات متخصصة في تشكيل النحاس والفضة والذهب. ولم يقتصر الإقبال على المصريين، فقد جذب المركز طلابًا من الإمارات، السعودية، وألمانيا، جاؤوا بشغف حقيقي لتعلم هذه المهنة النادرة، ليس لمجرد العمل، بل كهواية مختلفة تحمل عبق التاريخ وروح الإبداع.
عند وضع التصميم لمركز الحرف، قرر الدكتور إبراهيم، أن يضع لكل حرفة تراثية ورشة خاصة، تحمل كل منها تعريفا باسم حرفيها، ومهاراتهم وجزء منها يعرض لمنتجاتها، باللغة العربية والإنجليزية، فكانت ورشة مسعد للنحاسيات، ورشة البرنس للأخشاب، ورشة عم جابر للسجاد اليدوي.
تتشارك الورش الثلاث في أنها لآخر رجال المهنة، وأنهم أكثر أهلها مهارة وقدرة على صناعة قطعة مختلفة ومميزة، ففي ورشة السجاد، يحرص عم جابر على عرض أهم سجادة لديه قائلا "لولا عملي في مركز الجمالية لم أكن أستطيع التفرغ لعمل هذه السجادة، في ضمان راتبي الذي يكفيني ويكفي احتياجات أسرتي، هو ما جعل التفرغ لقطعة واحدة أمرا مقبولا، أما لو كنت أعمل وحدي كما السابق، كنت سأضطر لعمل المنتجات الرخيصة سريعة البيع، يتراوح سعر السجاد اليدوي في ورشة جابر من 500 إلى 5 آلاف جنيه، وربما أكثر بحسب الخامة المستخدمة: "أنا بشتغل في الصوف والخيط القطيفة، وبنشتغل هنا على النول الأصلي، والمركز أتاح لي فرصة أني أترك أثر في حرفتي وأدرب آخرين يكملون بعدي ما تعلمته ممن سبقوني.
إعلانأما البرنس، الشاب الأربعيني، الذي يعمل منذ 30 عاما في تشكيل الأخشاب، فقد جاء انضمامه للمركز مصادفة، بعد لقائه بالدكتور، وهو يمر في ورش السبح والأخشاب، وفتح له بابا لم يكن يعلم أنه سيفتح: "الدكتور إبراهيم أعاد لي الشعور بأهمية ما أفعله، رغم أن البعض يقلل من أهمية الحرف اليدوية ويراها بلا مستقبل".
تجهيز الأخشاب وتوطئتها للعمل عليها سواء كعصا أو أي أشكال أخرى"، يحكي البرنس أنه مهمة شاقة يقوم عليها أكثر من عامل في الورش التقليدية، إلا أن المركز وراتبه المستقر، أتاح له الوقت المفتوح لتجهيز كل قطعة على حدة، وإخراجها في أفضل صورة.
لا تزال أحلام الدكتور إبراهيم قسيسية للجمالية لم تنتهِ، رغم كل الروتين الحكومي والتعقيدات، وكل محاولات إيقاف ذلك الحلم، إلا أنه لا يزال مستمرا.