شـواطئ.. روسيا والغرب.. لمن الغلبة؟ (8)
تاريخ النشر: 29th, October 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يتابع عالم السياسة الشهير ألكسندر جليبوفيتش رار فى كتاب (روسيا والغرب.. لمن الغلبة؟) والذى نقله إلى العربية (محمد نصر الدين الجبالى) بقوله: وفى الوقت الذى كان الاتحاد الأوروبى يعمل على بناء حضارة فريدة تقوم على القيم الليبرالية ورفع مستوى المعيشة وتوفير الحماية القانونية لمواطنيه، كانت روسيا تبحث عن النموذج الذى يمكن أن تنتهجه فى سياستها الخارجية.
إلا أن قضايا الطاقة والحصول على الخامات الطبيعية تبقى الأهم والأكثر إلحاحا بالنسبة لقارة أوروبا. ودون شركاء إستراتيجيين فى البلدان والمناطق التى تمتلك هذه الثروات لن تتمكن أوروبا من البقاء مستقبلا. وقد دعا العديد من كبار المحللين الإستراتيجيين فى الغرب الاتحاد الأوروبى إلى إنشاء اتحاد قوى ومتماسك مع روسيا التى تمتلك كل شىء تحتاجه الاقتصاديات الأوروبية. غير أن أغلب السياسيين فى الغرب يرون عكس ذلك وأن روسيا ليس أمامها مخرج آخر سوى دعم الغرب فى كل سياساته وأفكاره فيما يتعلق بالنظام العالمى.
وهناك فى النخبة الروسية نفور من اللهجة المتعالية فى الغرب، إلا أن هناك أيضا أصواتًا تدعو القيادة الروسية إلى دعم سياسات الغرب فى فرض القواعد الديمقراطية فى العالم كله، وترى أن روسيا يمكنها أن تساوم على مشاركتها فى نشر الديمقراطية فى النظام العالمى وتحقق منافع كثيرة عند إعادة هيكلة النظام العالمى وتفتح لنفسها منافذ على الأسواق الضخمة فى الاقتصاد العالمى.
عندما اندلعت الأزمة المالية العالمية شعر الغرب الخائف بالقلق من انهيار النظام العالمى وتحوله بشكل جذرى والذى لن يكون فى صالح الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبى، وسرعان ما انتهت النقاشات دون نتيجة.
وفى الوقت الذى كانت فيه روسيا والصين تتحدثان عن ضرورة الانتقال إلى عالم متعدد الأقطاب كانت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبى يؤكدان أنه لا مجال لتغيير قواعد اللعبة فى السياسة العالمية. وبقى الدولار العملة العالمية الرئيسية ولم تمنح مجموعة الثمانى الكبار الفرصة لمجموعة العشرين لتشكيل حكومة عالمية وظل صندوق النقد الدولى تحت سيطرة الغرب. ولم يكن بمقدور لا الصين ولا روسيا منافسة هذه المؤسسة الدولية النافذة.
ولكن إلى أى مدى تتوافق هذه الصورة مع الواقع الفعلى؟ سيكون من الصعب على أمريكا الدولة العظمى الوحيدة تمويل كلفة زعامتها العالمية. والوضع نفسه فى القارة العجوز. والدليل على ذلك المحاولات التى بذلتها ألمانيا وفرنسا لتأسيس حكومة أوروبية مشتركة. ولن تنقذ الأساليب التقليدية فى فرض النموذج الليبرالى أوروبا. ولن ينهار الاتحاد الأوروبى ولكنه لن يتوسع أكثر من ذلك ما دام لم يصبح لاعبا عالميا ويسترجع نفوذه الذى حققه بعد انهيار سور برلين. ودون دعم روسيا ودون الأخذ بمصالحها فى الحسبان لن يكون بمقدور القارة العجوز التعامل مع التحديات المستقبلية.
فى بداية العقد الثانى من القرن الحادى والعشرين تسببت الصراعات الجديدة فى زعزعة العلاقات بين الغرب وروسيا. وبدا للكثيرين أن العلاقات المتبادلة والاتصالات بين الغرب والشرق قد تدهورت بشكل غير مسبوق. وذهبت أدراج الرياح فكرة إنشاء البيت الأوروبى المشترك. وظهر خط مواجه جديد يمتد بين الاتحاد الأوروبى وثلاث دول فى أوروبا الشرقية. غير أن السجال بين الغرب وكل من روسيا وأوكرانيا وبيلاروسيا لم يمس الجيوسياسة أو قضايا الأمن، حيث اندلع الصدام الجديد على أرضية القيم الليبرالية أو بالأحرى اختلاف الرؤى، فقد عاش الغرب منذ القدم فى فضاء مسيحى فى حين تسعى روسيا إلى التطور فى روح المسيحية الجديدة وبعد فترة من ملاحقة شيوعية للأديان طوال سنوات القرن العشرين.
وتنتقد روسيا الغرب لأنه قام بتغيير ثقافته المسيحية التقليدية واستبدالها بقيم ليبرالية شكلية. وعلى العكس منها تسعى روسيا إلى العودة إلى الجذور المفقودة فى أوروبا المسيحية. وفى الوقت الذى كان فيه الغرب إبان الحرب الباردة ينتقد السلطة الملحدة فى روسيا أصبح اليوم ينتقد الكنيسة الأرثوذكسية الروسية على تنامى النزعة الأصولية فيها. ويعتقد الناس فى روسيا رغم ذلك أن المشاعر الدينية لكثير من المؤمنين الروس والذين حرموا فى السابق من ممارسة شعائرهم طوال القرن الماضى يجب أن يتم حمايتها هى أيضا من حملات السخرية والسب والأزدراء. ففى حين يسمح بتنظيم حفلات الروم فى الكنائس البروتستانتية فى أوروبا وحيث يسمح بالرقص فى مذابح المعابد، فإن روسيا ما زالت تتعامل بإجلال عميق مع المعتقدات والدوجمات المسيحية التى تعود لمئات السنين.
وللحديث بقية
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: شواطئ روسيا والغرب لمن الغلبة الاتحاد الأوروبى فى الوقت
إقرأ أيضاً:
خبير بريطاني : أوروبا تتعمد تعقيد الاتفاق بين موسكو و واشنطن
إنجلترا – أكد المحلل السياسي البريطاني ألكسندر ميركوريس أن أوروبا تحاول منع الولايات المتحدة من النأي بنفسها عن الصراع الأوكراني لتعقيد الأمر على واشنطن وموسكو للتوصل إلى اتفاق.
وأشار ميركوريس، عبر قناة “دوران” على منصة “يوتيوب”، إلى أن القادة الأوروبيون يريدون إبقاء أمريكا متورطة في الأزمة الأوكرانية، حتى يعرض الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مبادرة غير مناسبة للتسوية فيرفضها الأخير، حتى يتمكنون من الإصرار على دونالد ترامب لمواصلة الأعمال العدائية، حسب تعبيره.
وفي وقت سابق، صرحت رئيسة الدبلوماسية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، بأن محادثات السلام “السابقة لأوانها” بشأن أوكرانيا ستتحول إلى “صفقة سيئة” لكييف.
يذكر أن وكالة “رويترز”، ذكرت في مطلع ديسمبر الجاري أن خطة ترامب لحل النزاع في أوكرانيا، تتضمن رفض عضوية كييف في الناتو وتقديم تنازلات إقليمية لصالح روسيا.
وأشارت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، في وقت سابق خلال مؤتمر صحفي، إلى أن الاتحاد الأوروبي، قدم بالفعل ما مجموعه حوالي 130 مليار يورو كمساعدات، مضيفة بأنه (الاتحاد الأوروبي) سيقدم لكييف تمويلا للعام القادم من صندوق المساعدات المالية لأوكرانيا وقرض مجموعة السبع.
من جهتها تعد موسكو ضخ السلاح إلى أوكرانيا يعيق التسوية ويورط دول الناتو بشكل مباشر في الصراع، حيث أشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إلى أن أي شحنات تحتوي على أسلحة لكييف ستكون هدفا مشروعا للجيش الروسي.
المصدر: نوفوستي