مُذَكِّرَات مُغتَرِب في دُوَلِ الخِلِيجِ العَرَبي (٤١)
تاريخ النشر: 29th, October 2024 GMT
قال عليٌ بنُ أبي طالب كرَّم اللهُ وجهَه :
تَغَرَّب عَنِ الأَوطانِ في طَلَبِ العُلى … وَسافِر فَفي الأَسفارِ خَمسُ فَوائِدِ
تَفَرُّيجُ هَمٍ وَاِكتِسابُ مَعيشَةٍ وَعِلمٌ وَآدابٌ وَصُحبَةُ ماجِدِ
فَإِن قيلَ في الأَسفارِ ذُلٌّ وَغٌربَةٌ وَقَطعُ فَيَافٍ وَاِرتِكابُ
الشَدائِدِ
فَمَوتُ الفَتى خَيرٌ لَهُ مِن حَياتِه بِدارِ هَوانٍ بَينَ واشٍ وَحاسِدِ
وهكذا الاغترابُ وجُلُّه سفرٌ ، لا مَندُوحةَ لنا عنه - أي لا غِنى عنه - بل وفيه من الفوائدِ والفضائلِ ما لا يقفُ عند خمسٍ ؛ هذا إذا قَيَّضَ اللهُ لك صُحبةَ ماجدٍ وقوماً ذوي خُلُقٍ وعفافٍ في سَفرِك وإقامَتك .
حَزمتُ أشواقي وأشيائي ويَمَّمتُ شطرَ المَطار في الكُويت العاصِمة . كان ذلك في أوائل ٢٠١٧م . وكان مسارُ الرِّحلة على طيران Flydubai الكويت - دبي - الخرطوم . وفي دبي انتظارٌ لساعاتٍ ستٍ transit / connecting flight . وبالرَّغم من طولِ الرحلةِ إلا أنَّها تقودُني إلى " ديارٍ كنتُ فيها وكانَ أبي وكانَ بَنو لِساني" .
" عُد بي إلى النيلِ لا تسألْ عن التعبِ
قلبي يحنُّ حنينَ الأيْنُقِ النُّجُبِ
مَن كانَ يحملُ مِثلي حُبَّ مَوطِنه
يأبَى الغيابَ ولو في الأنْجُمِ الشُّهُبِ " سيف الدين الدسوقي
كنتُ مَحظُوظاً بل مَحظِيَّاً في مطار دُبي الذي يُعُجُّ بالمُسافِرين مِن كلِّ لونٍ وجِنس ، فمَرَّت السَّاعاتُ مُرورَ الكِرام - كما يُقال . تكمُنُ الحَظوةُ في أنّني وأثناءَ جُلوسي في صالةِ العبور / الانتظار تعرّفتُ على سيِّدةٍ من أوكرانيا تُجيدُ اللغةَ الانجليزية ولدَيها - كذلك - عبور transit من دبي إلى كييف . تعارَفنَا ثُمّ تَجاذَبنا الأُنسَ النَّبيل وتَشارَكنا الطَّواف على الأسواقِ الحُرَّة
duty-free markets,
فكانتْ تلك الساعاتُ مُلونةً بِكُلِّ المعاني التي كنتُ " أمَتِّع نفسي بالدَّهشة " فيها وجَمالِ أوكرانيا في شخصِ "أناستاسيا" تلك السِّيدةالرَّائعة.
وقد عَبَّرتُ عن ذلك فيما بعد بِقصيدةٍ تحملُ اسمَ الفَتاةِ عُنواناً ، يقولُ مَطلَعُها :
أأنت الحديقةُ أم أزْهَارُ
الحديقةِ أنتِ *** فَقَدْ تَشَابهتْ عليَّ البقرْ !
أأنتِ المَهَا أمْ أنَّها اسْتعارتْ منكِ العيونْ
سُبحانَ من أبْدعَ خلقَ البَشَرْ !
أأنتِ الفجرُ في بياضِهِ أمْ مَنْحتِ بدرَ التمِّ هالةً
صَفَا على إثرِها القَمرْ .
الحمدُ للهِ وصَلنا بالسَّلامةِ ووجدتُ أبنائي في استقبالي عند مطارِ الخُرطوم . وكانتْ الدَّارُ مُختلِفةً هذه المَرَّة إذ انتقلتْ الأُسرة من حي النَّصر إلى الجِريف شَرق . وأخيراً التأمَ الشَّملُ ، تَنفَّستُ الصُّعَداء ونَفضتُ غُبارَ الكُويت واغتسلتُ من أدْرانِها وصَلَّيتُ ركعتين شُكراً لله . بعد الاستجمامِ والمؤانسةٍ لِبِضعةِ أيَّامٍ ، ذهبتُ إلى السَّفارةِ السَّعودية لأستَجلِي حقيقةَ الفيزا فوجدتُ أنّها قد وصلتْ بالفِعل وأنَّ الاجراءاتِ المُتَعلِّقة بها مِن الألف إلي الياء لا بُدَّ أنْ تتِم عن طريقِ إحدى الوكالاتِ المُرتبِطة بالسَّفارة .
تركتُ الأمرَ لوكالةٍ مشهورةٍ أوصَى بها أحدُ أقربائي ، واستفدتُ مِن فُسحةِ الوقتِ هذه في السَّفر وزوجتي إلى الجَزيرة لنَقضِيَ أُسبوعاً هناك ثم أعودُ لمُتابعةِ الاجراءاتِ المُتعلقةِ بالجوازات . قضَينا أوقاتٍ جميلةً وسط الأهلِ والأحبابِ في بيتِ العائلة الكبير الذي تُزيِّنُه السِّتُ الوالِدةُ بوجُودِها البَهي وحكاويها التي لا تَنقطِع خاصةً وأنَّها تُعتَبرُ مَرجِعاً في الأنسابِ والأحَاجي .
محمد عمر الشريف عبد الوهاب
m.omeralshrif114@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: فی الأ
إقرأ أيضاً:
صحيفة لاريبوبليكا الإيطالية: “نجيم” اعتقل في الفندق وكان يخطط للذهاب إلى ملعب تورينو
نشرت صحيفة لاريبوبليكا الإيطالية، تقريرًا بعنوان “معذّب المهاجرين”: القبض على أسامة نجيم في تورينو، بتاريخ 20 يناير 2025، رصدته وترجمته “الساعة 24”.
وجاء في سياق التقرير أن تم اعتقال أسامة نجيم على رأس مركز الاحتجاز في طرابلس -حيث يُحتجز المهاجرون الذين تم اعتراضهم في البحر بتفويض من إيطاليا- تم بتفويض من المحكمة الجنائية الدولية.
وطرح التقرير سؤالًا؛ ماذا كان يفعل أسامة نجم في فندق في تورينو مع مجموعة من الليبيين؟ وجاء الجواب على هذا السؤال، موضحًا المدى الكامل للمؤامرة الدولية الجديدة التي قد تكون نذير إحراج لا يستهان به لإيطاليا.
وتابع؛ لأن أسامة نجيم، الذي اعتقله قسم التحقيقات العامة والعمليات الخاصة الإيطالية يوم الأحد تنفيذاً لمذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية تتهمه بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، هو قائد الشرطة القضائية الليبية ولكنه أيضاً رئيس مركز احتجاز معيتيقة في طرابلس، جحيم آلاف المهاجرين.
وأردف التقرير؛ هذا هو المكان الذي ينتهي فيه المطاف بمعظم من يتم اعتراضهم أثناء عبور البحر الأبيض المتوسط، حيث ينتهي بهم المطاف إلى خفر السواحل الليبي الذي تموّله إيطاليا وتدربه منذ سنوات على وجه التحديد لمنع المغادرين: أكثر من 15000 مهاجر في عام 2024 وحده وفقًا لأحدث تقديرات المنظمة الدولية للهجرة. رجال ونساء وأطفال يدفعون الثمن الباهظ للغاية من القتل والعنف والاغتصاب والتعذيب والخطف والاحتجاز التعسفي.
وواصل التقرير موضحًا أن، سلسلة لا نهاية لها من الجرائم والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا نهاية لها والتي بفضل شهادات بعض الناجين من معسكر الاعتقال ذاك تتهم المحكمة الجنائية الدولية الآن أسامة نجيم وجلاديه من قوة الردع الخاصة التي يقودها.
وأكمل التقرير، أنه بعد عبد الرحمن ميلاد البيجا، زعيم المهربين الليبيين الذي عين رئيسًا للأكاديمية البحرية في طرابلس وقتل في كمين في سبتمبر الماضي، جاء الآن قدر أسامة نجيم الجلاد أن يكون على علاقة خطيرة بإيطاليا. وإذا كان البيجا قد وصل إلى إيطاليا قبل سبع سنوات كممثل لوفد مدعو من قبل وكالات الأمم المتحدة بل ونزل في وزارة الداخلية الإيطالية، فإن ملامح رحلة أسامة نجيم إلى تورينو كلها سيُعاد بناءها.
توصف القضية بأنها “حساسة للغاية” من قبل مصادر استخباراتية وتحقيقات مختصة في القضية التي بدأت يوم الأحد عندما قام قسم التحقيقات العامة والعمليات الخاصة الإيطالية في تورينو تنفيذاً لمذكرة توقيف بتاريخ 18 يناير بإيقاف أسامة نجيم في أحد الفنادق. ويبدو أنه كان يخطط للذهاب إلى الملعب، وفق التقرير.
“لا يمكنني القول سوى أن أسامة نجيم كان في تورينو مع مواطنين ليبيين آخرين”، هذا ما أكدته المدعية العامة الإيطالية لوشيا موستي التي أحالت الملف بالفعل إلى وزارة العدل ومحكمة الاستئناف في روما حيث سيتم النظر في لائحة الاتهام الجوهرية لقضاة المحكمة في لاهاي.
التقرير تابع؛ “قد يتحول اعتقال أسامة نجيم أيضاً إلى مشكلة دبلوماسية لإيطاليا. في طرابلس لم يؤخذ الأمر على محمل الجد. “احتجاز تعسفي، حادث شائن”، هذا كان رد فعل الشرطة القضائية في طرابلس التي دعت الحكومة الليبية إلى التدخل”.
وذكر التقرير، جملة “جلّاد” معيتيقة، موضحًا أن هذا ما يطلقه المهاجرون الناجون من مركز الاحتجاز، الذين جمعت بعض المنظمات الإنسانية شهاداتهم على أسامة نجيم. وهو شخص آخر من المعروفين القدامى للعدالة الدولية وموجود على القائمة السوداء للأمم المتحدة منذ خمس سنوات على الأقل.
ويقال أيضًا أنه يقف وراء عملية ابتزاز المهاجرين، آلاف المهاجرين الأفارقة الشباب الذين يتم اعتراضهم في البحر، وحبسهم في مراكز الاحتجاز، ثم يختفون حرفيًا: في الواقع، وفقًا للاتهامات، يتم إعادة بيعهم للميليشيات الليبية وإجبارهم على القتال. بحسب التقرير
أضاف التقرير أن هذا؛ “واقع تندّد به الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية منذ سنوات ولكن إيطاليا وأوروبا تنأى بنفسها أمامه، بعد أن سلكت منذ سنوات طريق التعاون مع السلطات الليبية”.
” أسامة نجيم هو دليل على أن النظام الليبي بأكمله، المدعوم في السنوات الأخيرة بملايين اليورو من الحكومات الإيطالية والاتحاد الأوروبي، هو نظام فظيع وإجرامي: قطاع الطرق أمثاله لم يفعلوا سوى تطبيق التفويض الذي حصلوا عليه لوقف المهاجرين، بوسائل وأموال من المؤسسات الغربية”، كما تقول منصة المجتمع المدني الإيطالي التي تقوم بعمليات الإنقاذ في البحر الأبيض المتوسط، “ميديتيرانيا لإنقاذ البشر”. وفق ما ورد في التقرير.
وختم التقرير موضحًا أن؛ المنظمة الإيطالية أضافت: “من الواضح أنه كان يختبئ في إيطاليا، لأن المهربين الليبيين يشعرون بالأمان هنا.”
الوسوملاريبوبليكا