صحيفة صدى:
2025-02-03@19:10:34 GMT

الوعي الذاتي وصناعة المصير

تاريخ النشر: 29th, October 2024 GMT

الوعي الذاتي وصناعة المصير

لما كانت معظم حالات العجز في الواقع مُتعلَمة ويمكن تجاوزها بتعلُمٍ مُضاد نجد أن مسؤلية الإنسان الأولى امام وجوده هي التعلم و العمل على اطلاق طاقات النماء بتعهدها بالرعاية الذاتية وصولا إلى فرض كيانه الإنساني ذاتيا واجتماعيا ، وتلك رحلة يحتاج فيها الانسان إلى بوصلة من الوعي وفهم الذات تعينه على اتخاذ قرارات مدروسة توصله الى أهدافه في بناء مشروع الوجود .

ولكي تتمكن من كشف عن مميزات الكيان الذاتي ومواضع الاقتدار فيه واطلاق طاقاتها فمن الضروري ابتداء كشف مواطن الأذى الذاتي خصوصا في نقاط تمترسه ومقاومته ، فالإنسان احوج ما يكون للوعي الذاتي ليصبح على اتصال مع ما هو عليه وما يشعر به ومايفكر فيه ، فعندما يصبح الإنسان واعيا بما هو عليه وما يفعله ( هنا والان ) يسهل عليه ايجاد الحلول والبدائل و صنع خيارات ذات معنى واستجابات أكثر فاعلية بدلا عن الإستجابات السلبية التي تشوه الخبرات الوجودية للإنسان .

يشتمل الوعي على القدرة على مجابهة القلق والمخاوف التي تُولد آليات دفاعية نفسية معطلة للذات ، مع القدرة على توظيف القلق لمجابهة الحياة واستيعاب تجاربها المختلفة ، فبتجاوز القلق يستطيع الانسان أن يتلاقى مع خبراته الوجدانية بدلا من أن يغرق فيها ويظل خاضعا لها ، و بمواجهة القلق و التسامي على المخاوف يحيا الإنسان حرا ويختبر الوجود دون أن يجرفه تيار الإنفعالات .

و إن كانت تحدوك رغبة في صناعة مصيرك فعليك الحذر من اجترار خيبات الماضي واحباطاته فلن ينتج عنها سوى مزيدا من المرارة والاحتقان النفسي و رسوخ لإنعدام الجدارة واستقرار لهوية الفشل و استفحال للعجز المكتسب ، الماضي قد مضى وانقضى و محاولة الغرق فيه هي مجرد انفصال عن الواقع وهروب من تحمل مسؤلية مجابهته فاللحظة الآنية فقط هي ما يمكن التصرف تجاهها بشكل قابل للتحكم .

في مضمار الوعي لا بد من ضبط علاقتك بالزمن فكلما هيمن الزمن على تفكيرك أصبحت كل فكرة تفكر بها متعلقة بالماضي او المستقبل ، فيكون احساسك بذاتك معتمدا على الماضي لأجل هويتك وعلى المستقبل لأجل الاشباع ، لذلك نعتبر الخوف والقلق والندم ومشاعر الذنب هي مناحي من الخلل التي تصيب الوعي المحكوم بالزمن ، بينما الازدهار الحقيقي هو الامتنان للحظة الحالية ولكمال الحياة الان .

من ابرز محطاتك في رحلتك نحو التمكين وصناعة المصير هي كشف آليات التمويه والتهرب والتنصل من مسؤلية المشاعر الذاتية والرغبات الاصلية لأن تلك الأليات بمثابة تواطؤ نفسي على الذات ، ولن يتم ذلك إلا من خلال محاولة التكامل بين الفكر والجسد ، وكشف الخطاب الذاتي السلبي مبكرا والتيقظ لحالات الإكتئاب قبل الاستسلام لها والتلذذ بالاستقرار فيها لأن الأخطر في الاكتئاب هو الإنزلاق في دوامته والتآلف مع معاناته وكأنه لا يوجد منطور آخر للوجود .

واخيرا لابد لنا من وقفة مع معطيات الواقع الداخلي عقلانيا وانفعاليا فكثيرا ما يضيع الإنسان نتيجة بقاءه أسيرا لإفتراضات خاطئة و أحكام تتخذ طابع التصلب القطعي في الرؤى والتعميمات المبالغ فيها، كتعميم تجربة فاشلة على كل نواحي الحياة ، أو التفكير القطبي إما أبيض او أسود والناس إما أخيار او أشرار ، أو افتراض أن السلوك التجنبي اكثر أمنا من المواجهة ، أو تضييق الاحتمالات وعدم روءية متسع من الخيارات في الحياة ،
تلك الافتراضات وغيرها تتحكم بالادارك وتوجه التفكير وتولد الانفعالات السلبية المعيقة لذا تسمى في علم النفس ب ” الألعاب الذاتية البائسة ” لأنها تنبع من فلسفات حياتية مدمرة للذات .

هذه الحالة من الوعي الذاتي هي ماتُحدث التحول في الأحوال والظروف التي كانت تبدو خارجة عن السيطرة وذلك بتدبر سلوكيات ايجابية تحمل الحلول وتحقق الغايات وتكفل المكانة الذاتية ، تحمل المسؤلية عن الذات وتغليب السلوك الإيجابي الفاعل على السلبي الإنهزامي مما يعدل موازين القوى ويفتح السبل ويكشف الإمكانات الكامنة التي لم تكن تبدو جلية للوهلة الأولى ويقود الى تغير المصير الذاتي .

بناء على ماتم بحثه نخلص الى أن المعركة الداخلية التي نخوضها ليست أقل شراسةً من المعركة الخارجية. فغياب الوعي الذاتي أو الخلل الوظيفي فيه و تجلياته السلوكية يمثل تحديا قد يتسبب في هدر الطاقات الحية وضياع الحياة .

المصدر: صحيفة صدى

إقرأ أيضاً:

جامعة الأحقاف تدشن سلسلة ورش التقييم الذاتي للبرامج الأكاديمية

شمسان بوست / خاص:

دشنت جامعة الاحقاف يوم السبت الموافق 1 فبراير 2025م ، ممثلة في عمادة الجودة والاعتماد الأكاديمي بالجامعة وبرعاية كريمة من البروفيسور السيد / عبدالله محمد باهارون رئيس الجامعة سلسلة ورش العمل (التقييم الذاتي للبرامج الأكاديمية) .


وفي افتتاح الورشة رحب عميد الجودة والاعتماد الأكاديمي بجامعة الأحقاف البروفيسور احمد صالح خرد بالجميع مؤكدا على حرص الجامعة للارتقاء بالرسالة الأكاديمية وتقديم الخطط المستقبلية للوصول إلى الأهداف العامة للجامعة ومكانتها من بين الجامعات اليمنية مؤكدا أن هذه الورشة هي سلسلة من الورش التي ستفذها عمادة الجودة للوصول إلى الاعتماد الأكاديمي وتستهدف عمداء الكليات ورؤساء الأقسام وأعضاء هيئة التدريس بالجامعة وعددهم 40 مشاركاً 20 من المكلا و20 من تريم مشددا على ضرورة الاستفادة من مخرجات الورش وتطبيقها على أرض الواقع.


المتحدثان في الورشة الدكتور سالم احمد باوادي والدكتورة وردة عمر المحمدي اشاروا إلى أهمية المعايير السبعة المعتمدة من المجلس الأكاديمي بعدن والاستمارة المستخدمة في المعايير وكيفية القيام بتنفيذها ، وشمل المحور الآخر من الورشة مدخل إلى التقييم الذاتي وتطبيقه في التعليم العالي والبحث العلمي وتخلل الورشة العديد من النقاشات حول محاور الورشة وتقسيم المشاركين إلى سبع فرق كل فرقة تختص بمعيار وتكليفهم بإنجاز ذلك المعيار والوصول إلى النتائج .


يذكر أن الورشة استغرقت يوم واحد بمعدل اربع ساعات يومية .

مقالات مشابهة

  • أمين الفتوى: القراءة مفتاح بناء الوعي والحضارة وحل المشكلات
  • النجاح في الحياة يحتاج منك هذه المهارات..
  • جامعة الأحقاف تدشن سلسلة ورش التقييم الذاتي للبرامج الأكاديمية
  • لابورا نعت كوجانيان: التقاعس عن حماية الناس دعوة صريحة إلى الأمن الذاتي
  • الداعية الإسلامي: إرضاء الله هو الغاية التي لا يجب أن نتركها
  • المفتي طالب: لنخرج من دائرة التصنيف الذاتي
  • وزير الأوقاف يستقبل طلاب مدرسة القديس بولس الفرير بشبرا.. ويؤكد: الوعي هو مفتاح النجاح
  • أستاذ حساسية يكشف عن أعراض الأمراض المناعية الذاتية وأهمية الانتباه لها
  • محمد صبحي: مصر أقوى دولة في المنطقة ومهمتنا أصبحت معركة الوعي.. فيديو
  • محمد صبحي: مصر أقوى دولة في المنطقة ومهمتنا أصبحت معركة الوعي (فيديو)