معاريف: كيف يتم إقناع المواطنين الإسرائيليين بالتجسس لصالح إيران؟
تاريخ النشر: 29th, October 2024 GMT
اعتبرت باحثة إسرائيلية متخصصة في السلوكيات خلال العصر الرقمي أن أهم الأسباب التي تدفع المواطنين الإسرائيليين للاستجابة لإغراءات استخبارات دول معادية، هي الرغبة في خوض تجارب مثيرة، والحوافز المالية، والبحث عن المعنى.
وقالت الباحثة ليراز مارغاليت من جامعة رايخمان العبرية، في مقال نشرته صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، إنه تم الكشف في الأسابيع الأخيرة عن حالتين إضافيتين لإسرائيليين وافقوا على التجسس والتعاون مع الاستخبارات الإيرانية.
أحدهما هو موتي ميمان، رجل أعمال (72 عاما) من أشكلون، والثاني هو فلاديمير فيكتورسون (30 عاما)، إضافة إلى صديقته آنا برنشتاين (18 عاما).
سؤال مؤلمتثير عمليات التجنيد -حسب الكاتبة- سؤالا مؤلما: ما الذي يدور في ذهن المواطن الإسرائيلي ليقبل بعرض للتجسس لفائدة إيران -العدو اللدود لإسرائيل في الوقت الراهن- ويخون بلده؟
وأكدت الكاتبة أن الإيرانيين لا يعملون على تجنيد الجواسيس بشكل عشوائي، بل يعملون على إعداد ملف نفسي متكامل لاستقطاب من يتناسب مع أهدافهم، ويتضمن ذلك سمات محددة لاختيار شخص على حساب آخر.
وأوضحت أن فهم الدوافع النفسية التي تحرك الشخص هو المفتاح لفهم عمليات التجنيد الاستخباراتية، فكل إنسان لديه عدد من الدوافع التي تحركه، منها الحاجة للتقدير، والارتباط والقرب، والتأثير والمساهمة، واليقين أو الإثارة.
وأضافت أن معظم الناس لا يعرفون ما هي تلك الدوافع التي تقود قراراتهم واختياراتهم، وأحيانا يتطلب الأمر مساعدتهم للوصول إلى ذلك.
ليس المال وحدهورغم أن كثيرين يظنون أن المال هو الدافع الرئيسي للتعاون مع الإيرانيين، فإنه ليس الدافع الوحيد -وفق الباحثة الإسرائيلية- فالمال هو جزء من القصة، لكن الحاجة العاطفية والنفسية لتعبئة الفراغ العاطفي، والشعور بالإثارة، والإحساس بالمعنى، كلها عوامل تلعب دورا في عملية التجنيد.
وترى الكاتبة أن الأشخاص الذين يوافقون على التعاون مع دولة معادية، عادة ما يكونون مدفوعين برغبة في الخروج من روتين الحياة الممل والبحث عن الإثارة، أو يسعون للشعور بقيمتهم في الحياة، إذا كانت لديهم علاقات مضطربة مع آبائهم، مما جعلهم يشعرون بالتهميش.
وفي حالة ميمان، رغم أنه طلب مبلغا كبيرا قدره مليون دولار لتنفيذ المهام التي طلبها الإيرانيون، قد يكون الدافع الرئيسي هو الحاجة للشعور بأنه جزء من هدف كبير.
واعتبرت الكاتبة أن قصة تجنيد فيكتورسون وبرنشتاين أكثر تعقيدا، حيث إن تصرفاتهما، مثل رسم الغرافيتي وتشغيل السيارات. فالموافقة على اغتيال شخصية بارزة في إسرائيل، تثير الكثير من التساؤلات، "فمن الصعب تصديق أن المال وحده هو ما يحرك هذه الأفعال. هذه مهام يدفعها أيضا حب الإثارة، وتحدي القانون، والشعور بنشوة المشاركة في عملية سرية وخطيرة".
عوامل نفسيةلذلك فإن عملية تجنيد العملاء، غالبا ما تدمج -وفقا للكاتبة- عوامل نفسية مثل النرجسية والإشباع الذاتي، إلى جانب الدوافع الاقتصادية، حيث يشعر المُجنَّد بأن الحياة تأخذ معنى جديدا، ويتوّلد لديه إحساس بالقوة والأهمية من خلال التعامل مع جهات استخباراتية.
وذكرت الكاتبة أن الإيرانيين يستخدمون تقنيات نفسية مثل مبدأ "الاستمرارية" و"الالتزام"، ففي البداية يعطون للجواسيس مهمات سهلة نسبيا. وبعد ذلك، يُطالبونهم بمهمات أكبر وأكثر خطورة، مثل محاولة اغتيال شخصية بارزة.
تلك هي تقنية "الاستمرارية المعرفية" التي يتحدث عنها الباحثون النفسيون، فبمجرد بدء المهام الصغيرة، ينشأ لدى المجندين شعور بالالتزام للقيام بمزيد من المهام الصعبة والخطيرة، للحفاظ على الصورة الذاتية.
عوامل اختيار المستهدفينوأضافت الكاتبة أن اختيار الأهداف استند إلى عوامل محددة بدقة، ففي حالة ميمان، رجل الأعمال الكبير الذي عاش في تركيا، من الواضح أن اختياره جاء بناء على سهولة انتقاله إلى إيران بحكم علاقاته التجارية الواسعة.
أما في حالة فيكتورسون وبرنشتاين، فهما شابان قد لا يكون لديهما رغبة كبيرة في أن يعيشا حياة "عادية"، ويبحثان عن تجارب تمنحهم شعورا بالقيمة والإثارة.
كما أن الجهة التي تقوم بالتجنيد لها دور مهم -حسب الكاتبة- فقبل عامين، تم تجنيد نساء إسرائيليات لفائدة شبكة تجسس إيرانية من خلال شخصية غامضة تدعى "رامبود نيمدار"، بينما تصرف ميمان وفيكتورسون بناء على تعليمات من أشخاص قدموا أنفسهم على أنهم أصحاب نفوذ في إيران، وهو ما يمنح للمجند إحساسا بالقوة ويقوده لاتخاذ قرارات جريئة.
وختمت الكاتبة بأن الحالتين المذكورتين تؤكدان أن التكنولوجيا والتطورات الحديثة في عالم التجسس لا يمكن أن تخفي حقيقة أن الحلقة الأضعف هي دائما العنصر البشري، إذ إن الرغبات البشرية -سواء الإثارة، أو الشعور بالمعنى، أو الربح المادي- هي التي تقود في النهاية إلى تجنيد الجواسيس.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات الکاتبة أن
إقرأ أيضاً:
مع تراجع الاستجابة.. الاحتلال ينشر إعلانات تجنيد بمنصات التواصل
#سواليف
كشف تحقيق أجرته صحيفة “هآرتس” العبرية أنه مع تراجع الاستجابة لطلبات الخدمة الاحتياطية بالجيش الإسرائيلي فإن بعض وحداته لجأت إلى إعلانات عبر منصات التواصل الاجتماعي لتجنيد أفراد.
وقالت الصحيفة، الأربعاء: “يتم الإعلان عن وظائف الخدمة الاحتياطية بشكل علني عبر الإنترنت، وتقدم وظائف في العديد من الوحدات والألوية”.
وأشارت إلى أن هجوم 7 أكتوبر/تشرين أول 2023 جلب معه استجابة كبيرة من قبل جنود الاحتياط للمشاركة في الحرب على غزة.
مقالات ذات صلة لجنة تحقيق أممية: وثقنا انتهاكات إسرائيلية واسعة بحق الفلسطينيين 2025/03/13وفي 7 أكتوبر وردا على “اعتداءات الاحتلال على الشعب الفلسطيني والمسجد الأقصى” نفذت حركة “حماس” هجوما مباغتا على مستوطنات وقواعد عسكرية إسرائيلية، ما أسفر عن مقتل وأسر عسكريين ومستوطنين، دون أن يتمكن الجيش من التنبؤ بذلك ومنع حدوثه أو التعامل معه.
ونقلت الصحيفة عن ضابط احتياط، لم تنشر اسمه: “جلبت صدمة 7 أكتوبر معها استجابة مجنونة (من جنود الاحتياط)، ومع ذلك، مع مرور أشهر الحرب كان هناك تغيير، لقد بدأ الدافع يتبدد ومعه جنود الكتيبة”.
وأردف قائلا: “ففي الجولة الثانية (من استدعاء الجنود) انخفضنا إلى 90 بالمئة، وفي الجولة الثالثة إلى 70 بالمئة، وفي الجولة المقبلة، لا أعرف ما إذا كنا سنتمكن من الوصول إلى نسبة 50 بالمئة”.
ولفتت الصحيفة إلى أنه منذ بدء حرب الإبادة بغزة، أبلغت معظم الكتائب في ألوية العملية البرية بثلاث جولات من الخدمة لجنود الجيش الاحتياط، وبعضها أربعة.
وأضاف الضابط: “كل جندي احتياط له أسبابه، فأحدهم لا يريد أن يأتي بسبب قضية المختطفين (الأسرى المحتجزين بغزة)، والآخر لأن أعماله تنهار، وهناك طلاب ليسوا على استعداد لتفويت مزيد من الدروس، وفي معظم الحالات تكون مشكلة في المنزل، ولا يمكن للناس الغياب مرة أخرى لفترة طويلة”.
وتهدد إسرائيل باستئناف الحرب على غزة و”بقوة”، وهو ما يتطلب تجنيد قوات كبيرة من جيش الاحتياط.
وأشار ضابط الاحتياط إلى أنه نظرا للانخفاض في عدد المستجيبين لدعوة الخدمة، فإنه أدرك أنه بحاجة لإيجاد طرق مبتكرة لتجنيد جدد في الكتيبة حتى تنجح في أداء المهام، وقال: “نعمل ليلا ونهارا في محاولة للعثور على المزيد من الأشخاص”.
وبهذا الصدد قالت الصحيفة: “رسميا، يدرك الجيش الإسرائيلي النقص الحاد الذي ينشأ في نظام الاحتياط، وأنشأ نظام توظيف على موقع الجيش، لكن معظم الوحدات والكتائب تفضل القيام بذلك من خلال مجموعات خاصة تم فتحها على مواقع التواصل الاجتماعي، دون أي أمن معلوماتي أو إخفاء أوجه قصور أو رقابة من قبل مديرية القوى العاملة في الجيش الإسرائيلي”.
وأضافت: “في الواقع، يتم نشر العشرات من إعلانات الوظائف يوميا على الإنترنت، وأحيانا حتى المئات، للعديد من الوحدات في الجيش الإسرائيلي ولوظائف متنوعة.
ونقلت عن مجموعة فيسبوك التي تتعامل مع هذه الإعلانات وتضم عشرات الآلاف من الأعضاء: “عشرات الآلاف من جنود الاحتياط قد تم تجنيدهم بالفعل من خلالنا”.
وبحسب الصحيفة جاء في أحد الإعلانات: “الوحدة التي حققت إنجازات هائلة في غزة ولبنان تحتاج إلى جنود” و”كتيبة مدرعة تقاتل في لبنان تبحث عن مسعف وقائد دبابة ورجل مدفعية” و”تحتاج كتيبة مناورة أخرى في غزة ولبنان إلى سائقي ناقلات الجنود المدرعة”.
وبحسب الصحيفة “يقدر الجيش أن النقص في الجنود في وحدات الاحتياط سيشعر به بشكل أكثر حدة في العام المقبل بسبب العبء المتوقع أن يقع عليهم”.
وقالت: “يرجع ذلك إلى مطالبة المستوى السياسي بالعودة إلى القتال في غزة، والحاجة إلى تعزيز أمن الحدود من أجل منع هجوم آخر على غرار 7 أكتوبر، والمطالب الجديدة الناجمة عن قرار إبقاء القوات داخل أراضي دول الجوار، في هضبة الجولان وعلى جبل الشيخ السوري، وفي جنوب لبنان”.
وفي 2 مارس صدقت الحكومة الإسرائيلية على مشروع قانون يسمح للجيش باستدعاء 400 ألف جندي إضافي، وسط مماطلة تل أبيب ببدء مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق وقف النار في قطاع غزة والتي تشمل انسحاب قواتها.
وقالت القناة 14 الإسرائيلية (خاصة) إن قرار الحكومة يأتي “على خلفية احتمال استئناف القتال” في قطاع غزة.
ومطلع مارس انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار رسميا والتي استغرقت 42 يوما، دون موافقة إسرائيل على الدخول في المرحلة الثانية وإنهاء الحرب.
ويعرقل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ذلك، ويريد تمديد المرحلة الأولى من صفقة التبادل للإفراج عن أكبر عدد ممكن من الأسرى الإسرائيليين دون تقديم مقابل أو استكمال الاستحقاقات العسكرية والإنسانية المفروضة في الاتفاق خلال الفترة الماضية.
فيما ترفض حركة حماس ذلك، وتطالب بإلزام إسرائيل بما نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار، وتدعو الوسطاء للبدء فورا بمفاوضات المرحلة الثانية بما تشمله من انسحاب إسرائيلي من القطاع ووقف الحرب بشكل كامل.
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 160 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.