محاولة فضح خطاب التطرف وكشف عوراته
تاريخ النشر: 29th, October 2024 GMT
منذ مرحلة مبكرة، اتخذت دولة الإمارات العربيَّة المتّحدة كل التدابير الممكنة لتتلافى الإرهاب وتبعاته المؤذية، بل المهلكة، فلم تتساهل أو تتجاهل مكامن ونزعات التطرف والغلو مهما كان مصدرها.
امتدادات الإرهاب و«ذئابه المنفردة» ما زالت ناشطة
حيث تم تجفيف المنابع الفكريَّة والثقافيَّة التي تغذي التطرف، وتحرض على الكراهيَّة، ومكافحة التطرف بكل أشكاله وبدون انتقائيَّة، وتم ضبط الخطاب الدعوي والحفاظ عليه من أن تختطفه موجات التشدُّد من جديد، وأصبحت محاربة الإرهاب سهلاً أيّاً كان نوعه، لأننا تحركنا للقضاء عليه وهو في مهده، وقد تحققت نجاحات كبرى في تقويض الإرهاب وروافده ومحاربته على كل المستويات الوطنيَّة.وليعلم الجميع أن الحرب لم تضع أوزارها، فإن امتدادات الإرهاب و"ذئابه المنفردة" ما زالت ناشطة، وما زالت الهجمات الإرهابيَّة مستمرة في عدد من المدن العربيَّة والأوروبيَّة، والتعاطي العسكري والأمني لن يجعلها تتبخر أو تتلاشى، وهو ما يعزز الحاجة إلى تأطير فكري يقاوم انتشار أفكار الإرهاب المدمرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتكنولوجيا الاتصالات الحديثة.
ومن اكتوى بنار التطرف والإرهاب يعرف تماماً بأن من تطاول على الثوابت والأخلاق والقيم الكبرى وعمل على هدمها صار قنابل موقوتة لأوطانه، وهذا الفكر منقطع الصلة عن ملاحقة تجربة الإنسان المعاصر نحو البناء والتنمية والتطور، ومنافٍ لنموذج العيش من أجل الحياة الحديثة والكريمة، بعد أن أسهموا في نشر الظلم والقتل والصراع الطائفي.
ويعتبر الدين وجوهر رسالته تكريم الإنسان، فلا يصحَّ أن نضحي بهذه القيمة السامية، إكراماً لقول فقيه أو خوفاً من عالم يحاول بجهل أو بعلم نشر الفتنة وإثارة الاحتقانات الطائفيَّة أو له مآرب في السعي إلى ترويج الكراهيَّة باسم "الدين"، أو ربما خرج عن انتهازيَّة ظاهرة أو مبطنة، للاستفادة من مردودها المادي والمعنوي، أو من أجل الدفع بمصالحه الذاتيَّة!
من تبعات التطرف والغلو الانحراف الفكري وحصول العنف؛ لأن التطرف والغلو تجاوزا حد الاعتدال، ما جعل مفاهيمنا مختلة للطبيعة الإنسانيَّة السويَّة، سواء من حقوق الإنسان، ومبدأ التعايش وحريَّة الاعتقاد والتسامح والمساواة.
من الضروري فهم العلاقة بين التطرف والإرهاب، من أجل تمحيص الحقائق من الخبائث. هناك القليل الذي ينظر إلى التطرف، ويحاكمه محاكمة عقليَّة متوازنة، وهو دون شك مرادف للغلو الذي نقده الإسلام ونفر منه، وجعله منافياً للشرع القويم، فالتطرف الحاضن الطبيعي للإرهاب، ومادة صانعة للعنف والموت، وهذا الفكر المتشدد يحمل عوامل انحداره وانهياره داخل أدبياته وضمن منظومته، لأنه أخفق في فهم الدين الصحيح، وألغى القيم العليا، وأنكر حقائق التاريخ، وجمَّد العقول على ظواهر النصوص، ولم يستوعب من الدين غاياته ومقاصده. فقد استغلتها جهات خارجيَّة ومنظمات تكفيريَّة جهاديَّة على حساب التعدديَّة والوسطيَّة والاعتدال.
فالحاجة إلى خطاب توعوي مضاد يفضح خطاب التطرف، ويعرّف ماهيَّة التشدد والتطرف في رؤية هؤلاء المغالطين المغالين، وهي دعوة لمراجعة شريحة من المفاهيم الخاطئة في فكر المتطرفين، ولهذا من الضرورة الكشف عن عورات التطرف وتعرية تفاصيله، من أجل القدرة على مواجهتها.
واعتزازاً بالمنهج العقلاني الصافي عن شوائب النصوص، لا بدَّ من حصر ماهيَّة الغلو والتطرف عند الجماعات التكفيريَّة الضالة، وغالباً ما تنحصر فيمن عبدوا الشيطان، والمنكرين والملاحدة، ويعددون الألهة والأوثان والأحجار، وتعلُّقهم بالأوهام والخرافات، وأصبحوا دهريين، وأنكروا الآخرة، بالإضافة إلى البدع والشركيات .. إلخ. ما يؤكد بأن هناك خللاً في المفاهيم الفقهيَّة والأخلاقيَّة، فالقضية بالنسبة لهم انتقائيَّة.
من الأهميَّة بمكان ملاحقة الظروف التي أنتجت طبيعة التحولات للجماعات المتطرفة، وقطع كل شريان الحياة لهذه الظاهرة، وأهمها كان حينئذ عندما تم تأسيس منابر دعويَّة إعلاميَّة براقة، فكانت معاول هدم وتحطيم، تجلت بظاهرة الشيخ النجم الذي يعدُّ خطراً على الدعوة، حيث يملك الصلاحيات في نشر الفتاوى الضالة، واستصدار الأحكام الإرهابيَّة، وتمَّ تطبيق هذا النهج وترويجه، من خلال تنظيمات "طالبان" و"القاعدة" و "داعش" حينما كانت في مرحلة وهجها الذي خبا، وبريقها الذي انطفأ!
في السياق ذاته، الوسطيَّة تعني العدل والخيريَّة، وبالنسبة لهؤلاء الغلاة هم أهل الخيريَّة وخواصه في هذه الأمة "الفرقة الناجية" وهم العدول الخيار بين الأمة، بدون الأخلاق أو الاعتدال والتوسط في التعاطي مع تديننا، فلا يمكن أن يستقيم السلوك، أو تُحفظ الدماء، والأموال، أو تُصان الأعراض، ولا يتحقق الأمن بكافة جوانبه، فضلاً عن أن مظاهر الاعتدال ليست شريعة وعقيدة وأحكاماً وعبادات فقط، بل هي أيضاً معاملات وأخلاق وطريقة ومنهج حياة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله السنوار الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الإمارات من أجل
إقرأ أيضاً:
باحث بمرصد الأزهر: احترام العلم الوطني والوقوف له أثناء تحيته أمر مشروع
أكد الدكتور إبراهيم عبد الوهاب، الباحث بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، أن أعلام الدول ليست مجرد قطع قماش تحمل ألوانًا أو كلمات، بل هي رموز وطنية تعبّر عن تاريخ الأمم وحضارتها، وتعكس انتماء الشعوب واعتزازهم بأوطانهم.
وأوضح الباحث بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، خلال حلقة برنامج «فكر»، المذاع على قناة الناس، أن احترام العلم الوطني والوقوف له أثناء تحيته أمر مشروع ولا حرج فيه من الناحية الشرعية، بخلاف ما تزعمه الجماعات المتطرفة.
وأشار إلى أن الرايات كانت موجودة منذ القدم، حتى في السيرة النبوية، حيث كان للنبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر رايتان، إحداهما سوداء حملها الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكانت تسمى «العقاب»، والأخرى بيضاء حملها الأنصار، وهذا يؤكد أن الأعلام ليست قضية دينية، بل هي من العادات والتقاليد التي تعكس كفاح الشعوب وتاريخها.
وأضاف أن الإسلام لم يقدّس شكلاً معينًا للرايات، ولم يربطها بأحكام شرعية خاصة، حيث كانت تستخدم في العهود السابقة كرمز للتنظيم والقيادة في ساحات القتال وليس كرموز دينية. كما استدل بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: الحلال ما أحل الله في كتابه، والحرام ما حرم الله في كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفا عنه"، موضحًا أن ما لم يُحرم بنص صريح فهو من الأمور المباحة.
وشدد على أن تحية العلم والوقوف له من الوسائل المشروعة للتعبير عن حب الأوطان والانتماء إليها، وهو من القيم التي أكدتها الشريعة الإسلامية، مؤكدا أن التنظيمات المتطرفة تحاول استغلال الرموز الدينية لتضليل الشباب وتبرير أفعالها الإجرامية، في حين أن الأعلام الوطنية للدول تمثل رموزًا حضارية تعبّر عن وحدة الشعوب واستقرارها.
وتابع: حب الوطن قيمة عظيمة في الإسلام، واحترام رموزه الوطنية امتداد لهذا الحب، فكونوا مخلصين لأوطانكم ومدركين لقيمتها وعظمتها.
اقرأ أيضاًرئيس جامعة الأزهر: التشبيه في القرآن الكريم ليس إلحاق الناقص بالكامل «فيديو»
هل راية داعش السوداء هي نفسها التي كان يرفعها النبي؟.. «مرصد الأزهر» يوضح الحقيقة «فيديو»
رئيس جامعة الأزهر: بني إسرائيل لم يؤمنوا رغم كل المعجزات «فيديو»