29 أكتوبر، 2024

بغداد/المسلة: تشير التقارير والتحليلات الأخيرة إلى تفاقم أزمة التمويل في قطاع الصحة العراقي، حيث تتأخر التخصيصات المالية والتشغيلية الضرورية، مما يهدد بوقف الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين. وقد أبدى أعضاء في لجنة الصحة والبيئة النيابية قلقهم المتزايد من تداعيات هذا التأخير، مؤكدين أن تأمين الأدوية والعلاجات الطبية اللازمة بات في خطر كبير.

وفي هذا السياق، حذّر باسم الغرابي، عضو لجنة الصحة والبيئة، قائلاً: “دوائر الصحة في عموم البلاد لم تتلقَ تخصيصاتها المالية لأكثر من ثلاثة أشهر”، مضيفًا أن “جميع المؤسسات الصحية في المحافظات تواجه تحدياً كبيراً في استمرارية تقديم خدماتها”.

ولزيادة الضغط على وزارة المالية، تقدّم النائب عن محافظة النجف، هادي السلامي، بشكوى رسمية ضد وزيرة المالية طيف سامي، مطالباً بتوضيحات حول تأخير التخصيصات.

وأوضح السلامي أن “الوضع في النجف خصوصاً خطر، حيث تضم المحافظة مراكز متخصصة كالأورام والقلب المفتوح التي تستقبل حالات من مختلف المحافظات”، مشدداً على أن “قطع التمويل عن هذه المراكز يُعرّض حياة المواطنين للخطر”.

وفي خطوة رمزية للتعبير عن مدى غضبه، أفادت مصادر مقربة بأن السلامي قرر الاعتصام ليوم كامل داخل مجلس النواب.

من جانبه، أكد رئيس لجنة الصحة ماجد شنكالي على ضرورة تعزيز الرقابة على المنافذ الحدودية لمنع تهريب الأدوية، متهماً بعض مافيات التهريب بالتحكم في استيراد الأدوية وتحقيق أرباح طائلة على حساب سلامة المواطنين.

وطالب شنكالي بفرض رقابة أكثر صرامة على المنافذ الحدودية، ووجه بضرورة تقديم إعفاءات جمركية للمواد الخام اللازمة للمصانع الدوائية، مؤكدًا أن العراق بحاجة إلى بنية تحتية لصناعة دوائية محلية، يمكن أن تُساهم في سد الحاجة المتزايدة للأدوية والمستلزمات الطبية.

وفي خضم هذه الأزمة، أظهرت بعض التقارير أن مؤسسات صحية عدة، خاصة في المناطق النائية، لجأت إلى شراء الأدوية عبر الديون من شركات توريد خاصة.

ويحكي أحد موظفي المستشفى في محافظة ميسان، قائلاً: “أصبحنا نواجه ضغوطاً كبيرة مع ارتفاع أعداد المرضى وقلة الموارد، لدرجة أننا نعتمد على الديون لتأمين الأدوية”، مشيراً إلى أنهم يعملون تحت ضغط مستمر لتلبية احتياجات المرضى رغم التحديات المالية.

وفي ظل هذه التحديات، يُثار الجدل بين المواطنين حول فعالية النظام الصحي.

ويقول المواطن علي جواد، أحد سكان بغداد: “نحن في بلد غني، لكن نجد أنفسنا نعاني من أبسط الحقوق الصحية. المسؤولون يتحدثون عن خطط وإجراءات، لكننا لا نرى نتائج ملموسة”.

ويعاني القطاع الصحي من أزمات كثيرة، وأبرزها نقص العلاج، إذ يعتمد العراق على الاستيراد على نحو شبه تام، وتعد شركة كيماديا، هي الجهة الأبرز لاستيراد وتوفير العلاج في العراق، وهي تابعة لوزارة الصحة، ومسؤولة عن توفير كافة الأدوية للمستشفيات أو المذاخر الأهلية، ودائما ما يثار لغط حول هذا الملف، وتطرح شبهات فساد كبيرة فيه.

وأعلن رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني في مطلع العام 2023، أن العراق ينفق نحو ثلاثة مليارات دولار سنوياً لاستيراد الأدوية، فيما أشار إلى أن معظم تلك الأدوية المستوردة لا تخضع إلى الفحص، دعا إلى ضرورة توطين وتطوير الصناعة الدوائية في البلاد.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

ايقاف الإعفاء الاستثنائي: هل تدفع واشنطن الشعب العراقي إلى الشوارع؟

10 مارس، 2025

بغداد/المسلة: يشهد العراق مرحلة حساسة بعد قرار الإدارة الأميركية عدم تجديد الإعفاء الاستثنائي المؤقت الذي كان يسمح للعراق باستيراد الكهرباء والغاز من إيران. هذا القرار جاء ليزيد من تعقيد الوضع الاقتصادي في العراق، الذي يعتمد بشكل كبير على هذه الإمدادات لضمان تلبية احتياجاته من الطاقة.

ومع اقتراب فصل الصيف، الذي أصبح موازياً لانطلاق الاحتجاجات الشعبية السنوية بسبب تردي خدمات الكهرباء، تبرز الحاجة الملحة إلى إيجاد بدائل لضمان استقرار الطاقة وتخفيف الضغوط الاجتماعية.

هذا القرار الأمريكي يأتي في وقت حساس للغاية، حيث تواجه الحكومة العراقية تحديات سياسية واقتصادية متعددة. فالعراق يعيش في صراع مستمر مع شبح العجز في الطاقة الكهربائية الذي يتفاقم في فترات الذروة الصيفية. وقد تحوّلت هذه الأزمة إلى نقطة انطلاق رئيسية لاحتجاجات واسعة كانت تتسارع في الأعوام الأخيرة، حيث يخرج آلاف المواطنين إلى الشوارع مطالبين بتوفير الطاقة وتحسين الخدمات الأساسية التي يعاني منها الشعب العراقي.

وفي الوقت الذي تسعى فيه الحكومة العراقية للبقاء على الحياد، هناك تحالفات محلية تتباين في مواقفها تجاه هذه الأزمة. فبعض القوى الشيعية التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بإيران ترى في استمرار العلاقة مع طهران ضرورة استراتيجية، بينما ترى قوى أخرى، سواء كانت سنية أو شيعية محايدة، أن من الضروري فتح قنوات تواصل مع دول أخرى في المنطقة، وخصوصًا دول الخليج، لتأمين إمدادات كهربائية بديلة. هذه القوى تدعو إلى تقوية العلاقات الاقتصادية والتجارية مع دول مثل السعودية والإمارات لتخفيف اعتماد العراق على إيران.

لكن التحدي الأكبر لا يكمن فقط في إيجاد بدائل للغاز والكهرباء، بل في تجاوز تأثير الضغوط السياسية الأمريكية التي تسعى إلى تقليص النفوذ الإيراني في المنطقة. فالعراق يتواجد في موقف دقيق، حيث يحاول الجمع بين تأمين احتياجاته الأساسية وحماية علاقاته مع إيران من جهة، وبين الانفتاح على دول أخرى في المنطقة من جهة أخرى.

التوجه نحو خيارات بديلة يتطلب تخطيطًا استراتيجيًا طويل المدى، بدءًا من تنويع مصادر الطاقة إلى تطوير البنية التحتية الكهربائية محليًا، وهو ما يتطلب دعمًا ماليًا وتقنيًا. في هذا السياق، تسعى الحكومة العراقية إلى تحفيز التعاون مع دول الخليج لبحث إمكانية توصيل شبكة كهربائية تضمن تغطية احتياجات البلاد في المستقبل، وتقليل المخاطر المرتبطة بالاعتماد على إيران.

الوقت يضغط، وما زال الطريق إلى تأمين إمدادات كهربائية مستقلة وآمنة للعراق طويلاً، ولكن قرار الإدارة الأميركية يعد بمثابة فرصة لتسريع البحث عن حلول جذرية تراعي مصالح العراق وشعبه، وتضمن استقرارًا في الخدمات الأساسية التي تضررت طويلاً بسبب الاعتماد على مصدر واحد للطاقة.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • رئيس “الغذاء والدواء” يبحث تعزيز التعاون مع وكالة الأدوية والأجهزة الطبية اليابانية ووزارة الصحة والعمل والشؤون الاجتماعية
  • حين تتحكم الطائفية بالمواقف.. لماذا تعاطفت الأحزاب الشيعية مع العلويين في سوريا؟ - عاجل
  • مواعيد عمل الوحدات الصحية في شهر رمضان 2025
  • تداول قرابة مليار سهم بسوق العراق خلال جلسة اليوم
  • بغداد أمام تحدي التوازن بين واشنطن وطهران
  • سوريا ترفض الاعتداء على مواطنيها في العراق
  • «عبدالغفار» يبحث مع «اليونيسيف» تعزيز التعاون في الرعاية الصحية والتغذية
  • العراق يتجه لاستيراد الغاز من قطر وعُمان بدلاً من إيران
  • وزير الصحة يبحث مع ممثل اليونيسيف تعزيز التعاون في الرعاية الصحية والتغذية
  • ايقاف الإعفاء الاستثنائي: هل تدفع واشنطن الشعب العراقي إلى الشوارع؟