بقلم : حسين الذكر ..

( كل ما في الكون عجيب وغفلة الناس فيها اعجب ) ..
علي بن ابي طالب .

من الأرقام القياسية السياسية والاجتماعية العالمية غير المشار لها بالبنان ان جميع دول العالم بكل القارات وبمختلف الحضارات لا توجد حدود لدولة ما دون ان تكون هناك مشكلة مع احد جيرانها .. اذ المرجعية الفكرية لترسيم الحدود الدولية منذ الاف السنين مسألة تتعلق باستراتيج متبع وليس لتثبيت حقوق .

. فان الجهات المعنية تضع نقاط خلافية يمكن ان تثار باي وقت يخدم تلك القوى وتحويلها لالغام حدودية والإفادة منها وفقا لفلسفة واضحة وناجعة جدا .
بمعنى آخر ان البلدان المتجاورة لاي بقاع العالم لا يمكن ان تتم تسوية مشاكلها الحدودية بيسر ومن خلال أدوات الدول المعنية ذاتها وفقا للقانون او عبر المصالح المشتركة .. فذلك غير متاح ولا متيسر بيدها بل ليس من صلاحياتها لان كل الملفات الملغمة عالميا تدار بعيدا عن منطق التجاور .. اذ ان عقلية المخطط الاستعماري من الذكاء الكافي ان لا يترك اهم الملفات تسير على هداها .
( الجلاق ) باللهجة العراقية يعني الركل على الارداف .. العملية لا تمثل خطر حقيقيا على ( المجلوق ) لان التنفيذ بباطن القدم .. لكن المفهوم العام يحمل تبعات نفسية .. اذ ان الضربة تنفذ من الخلف بمفهوم غادر ويستهدف منطقة الارداف التي تشكل حساسية خاصة في المفهوم العربي .. مما يجعل انعكاسها النفسي اقوى من تاثيرها المادي عرفيا وقانونيا ..
الكثير من الدولة العربية تم تغيير أنظمة الحكم فيها على طريقة ( الجلاق ) بيسر لا يتناسب مع تبجحات تلك الأنظمة وسلطاتها وصلاحياتها وامكاناتها وحمايتها خلال عقود .. لقد هوت بمجرد فكر الآخر بركلها على طريقة ( الجلاق ) . كما حدث في دول وأنظمة في التاريخ الحديث والمعاصر والقديم .
العلة لا تعود الى ضعف المنظومة الأمنية والدفاعية وميزانيات تلك الدول الاستبدادية التي بدت محصنة تماما امام أي تحرك او إصلاح داخلي .. لكنها انهارت بذات اذلال الجلاق السياسي بسرعة مهينة . ذلك يعود لأسباب منها : –
1- قرقوزية بناء المؤسسات جعلها هشة تتلاشى تحت تاثير اول (بصقة ) خارجية .
2- الاسلحة المكدسة دوما تكون رهينة باجندات ليست وطنية لذا تعطل بزر خارجي تجرد النظام من كل قواه .
3- علاقة النظام بالشعب موتورة تكون فيها أدوات النظام دوما مطلوبة لقوى الشعب الذي يعجز احداث أي تغييرات داخلية الا عبر الاذرع والأدوات الخارجية .
4- ان النظام يكون دوما مفتوح بكل ملفاته للاخر المتغلغل بأعماق مؤسساته حتى تبدو الاكمة وما خلفها مكشوفة كما يقول ( نابليون بونبارت ) .
5- الثقة بين الاستبداد والمجتمع مفقودة لذا يعتمد على الأجهزة القمعية التي لا تعزز ثقافة الوعي والوطنية والرمزية مما يجعل المجتمع يتحرك للانقضاض عليها تحت شعار ( بالروح بالدم نفديك يا هو الكان ) .
6- الإدارة الإعلامية تحيل الأسد والبطل المصنوع الى مجرد بناء كارتوني يهوى تحت وابل اول جلاق سياسي .. سيما وان الاحداث تثبت ان جميع مؤسسات النظام الإعلامية عبثية مزخرفة مبهرجة لا تملتك أي قوة مهنية حقيقية مع تخصيص ميزانيات ضخمة لها لكنها تبدو مجرد ابواق خاوية مزيفة تغلق وتتلاشى كالهشيم تحت موج الاعلام الحقيقي .
7- اقوى واهم نقطة يمكن تستوعب جميع النقاط أعلاه .. تتمثل بغياب التواصل الروحي بين المجتمع ومؤسسات النظام الذي يسعى بكل قواه لفصل الشعب عن قواه الروحية والثقافية .. مما يجعل الطبقات المسحوقة تبحث وتسعى عن فرص الخلاص باي وسيلة ممكنة دموية كانت او ثورية .. او انتخابية وذلك اضعف الإجراءات وابعدها عن التحقق ..

حسين الذكر

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات

إقرأ أيضاً:

موسم التشرذم السياسي في السودان

موسم التشرذم السياسي في السودان

فيصل محمد صالح

تعاني الأحزاب والتيارات السياسية في السودان من حالة تشرذم عامة منذ زمن طويل، لكن وصلت هذه الحالة الآن إلى حدها الأقصى، حتى لم يبقَ حزب على حاله، وتمزقت بعض الأحزاب والكتل إلى مجموعات صغيرة يصعب تجميعها، ثم ساهمت الحرب الدائرة منذ ما يقرب من عامين في زيادة حدة التمزق وتوسيع مداه، وذلك بسبب اختلاف المواقف التي، في كثير من الأحيان، لا تتم على أساس القراءات والتحليلات السياسية المختلفة، ولكن على أسس جهوية وعرقية واجتماعية.

آخر هذه الانشقاقات التي خرجت للعلن كان في حزب الأمة القومي الذي قررت بعض أجهزته عزل رئيس الحزب المكلف فضل الله برمة ناصر، في حين قام الرئيس من جانبه بحل الأجهزة التي أعلنت عزله، وانقسم الحزب إلى ثلاث مجموعات تتصارع حول الشرعية. مسببات الانشقاق عديدة، كان أحدها الصراع داخل أسرة زعيم الحزب الراحل الإمام الصادق المهدي حول خلافته، ثم انتقل الصراع لمرحلة جديدة بسبب الحرب؛ إذ تباينت المواقف بين قيادات الحزب، ثم تفجر الصراع بعد توقيع رئيس الحزب على التحالف مع «قوات الدعم السريع» والقوى السياسية والحركات المسلحة التي اجتمعت في نيروبي وكوّنت «تحالف تأسيس»، والذي أعلن نيته تكوين حكومة لتنازع حكومة الفريق البرهان حول الشرعية.

هذه الحال تنطبق تقريباً على معظم الأحزاب السياسية السودانية، بلا استثناء، مع اختلاف درجة التشرذم ونوعه؛ فقد وجدت الحرب الحزب الاتحادي الديمقراطي، وهو أحد الحزبين الكبيرين في البلاد، في حالة يُرثى لها؛ فقد تمزق إلى أشلاء حتى لم يعد ممكناً حصر الأحزاب التي تحمل اسم الحزب مع إضافة صغيرة للتمييز. ووصل الشقاق إلى بيت زعيم طائفة الختمية وزعيم الحزب السيد محمد عثمان الميرغني، فتقاسم الشقيقان جعفر والحسن ما تبقى من الحزب، وذهب أحد أبناء البيت الختمي الكبير، إبراهيم الميرغني، ليوقع على ميثاق نيروبي وينضم إلى «تحالف تأسيس».

ويعاني الحزب الشيوعي السوداني، والذي كان في مقام أكبر أحزاب اليسار في المنطقة، من أزمة صامتة بين تيارين داخله، يبحث أحدهما عن تحالف واسع للحزب مع القوى السياسية التي تقف ضد الحروب وتأمل عودة الحكم المدني، وتيار آخر متشدد يقوده السكرتير العام محمد مختار الخطيب، ينطلق من موقف تخوين كل القوى السياسية التي كانت حليفة له ويرفض التحالف معها. وقد ظهرت كتابات ناقدة من بعض عضوية الحزب لتيار السكرتير العام، لكن التزم الطرف الآخر الصمت ورفض الدخول في مناقشة عامة، حسب تقاليد الحزب.

وانقسمت الحركة الإسلامية من قبل إلى حزبين؛ المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي، ثم انقسم كل حزب منهما إلى قسمين. وتعاني أحزاب اليسار الأخرى من التشتت ذاته؛ فقد انقسم حزب البعث إلى ثلاثة أحزاب، وانقسم الناصريون لحزبين، وضعفت أو اختفت تنظيمات يسارية أخرى كانت ناشطة في فترة الثورة.

تتشابه الأمراض التي تفتك بالأحزاب السياسية السودانية القديمة، والتي وصلت إلى مرحلة الشيخوخة، ولم تستطع أن تجدد دماءها وبرامجها. ويكفي أن الأحزاب الأربعة الكبرى، بما فيها الحركة الإسلامية والحزب الشيوعي، تربع على زعامتها رؤساء امتدت فترتهم بين الأربعين والخمسين عاماً.

عجزت الأحزاب عن استقطاب الشباب لعدم قدرتها على تحديث خطابها، كما أن معظمها ليس لديه برنامج معروف يستقطب به العضوية؛ لأنها تعتمد على الانتماءات الجهوية والطائفية والعرقية، أو على شعارات آيديولوجية قديمة لم يتم تحديثها ومواءمتها مع الواقع السوداني. وتكتسب بعض الأحزاب عضويتها بالوراثة؛ فالانتماء للحزب الذي يُفترض أنه تكوين حديث قائم على البرنامج، يتم في واقع الأمر بناء على انتماء الأسرة أو القبيلة. وتفتقد معظم الأحزاب الديمقراطية الداخلية؛ فهي إما أنها لا تعقد مؤتمراتها بانتظام لانتخاب القيادات ومناقشة البرامج الحزبية، أو تعقد مؤتمرات شكلية لإضفاء الطابع الديمقراطي، في حين يتم توزيع المناصب وحسم التحالفات خارج المؤتمر.

من المؤكد أن فترة ما بعد الحرب، متى ما توقفت، ستشهد هزة كبيرة في الواقع السياسي السوداني، وإعادة ترسيم للمشهد بطريقة تشهد تصدع الولاءات القديمة، واختفاء أحزاب كبيرة، وظهور أخرى، وبالذات الأحزاب والحركات المناطقية والجهوية التي تكاثرت في فترة الحرب. إنه طوفان قادم لن يبقى فيه حياً إلا من استعد بالتحديث والتجديد، وتطوير البرامج، والقدرة على التعامل مع الواقع الجديد والمعقد.

* نقلاً عن صحيفة الشرق الأوسط

الوسومأحزاب اليسار الحركة الإسلامية الحزب الاتحادي الأصل الحزب الشيوعي السوداني السودان القوى السياسية المؤتمر الشعبي المؤتمر الوطني حزب الأمة القومي حزب البعث فيصل محمد صالح

مقالات مشابهة

  • هدف خرافي لنيمار من ركلة حرة وإدارة الملعب تحتفظ بالكرة.. فيديو
  • وكالة الأنباء الجزائرية: روتايو يجعل من حقده على الجزائر عنوانا لحساباته السياسية
  • طوفان الأقصى: السياسي والإيديولوجي
  • ترامب يجعل اللغة الإنجليزية لغة رسمية للولايات المتحدة
  • ولاد الشمس الحلقة 1.. اكتشاف حقيقة صاحب الدار الذي يجعل الأطفال يعملون في المخدرات
  • موسم التشرذم السياسي في السودان
  • مشادة كلامية في استوديو أكشن مع وليد .. والسبب ركلة جزاء غير محتسبة للهلال أمام الأهلي
  • «ركلة ركنية» عقوبة إهدار الوقت!
  • فيفا يعتمد تعديلا جديدا يمنح ركلة ركنية عند إضاعة حارس المرمى للوقت
  • واتساب يجعل روابط الملف الشخصي أكثر خصوصية.. تفاصيل