قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه وأرضاه كان فيما أخرجه البخاري: أَنَّهُ مَرَّ عَلَى صِبْيَانٍ -أطفال صغار- فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ . وَقَالَ : كَانَ النَّبِىُّ -ﷺ- يَفْعَلُهُ .

كان النبي ﷺ يريد أن يربي الطفولة، فكان إذا مر على الصبيان سَلَّم عليهم ؛حتى يشعر أحدهم بأن رسول الله ﷺ وهو رئيس الدولة، والمعلم، والقاضي، وكان ﷺ كل شيء، يسلم على الصبيان، قد يقول بعضهم: يعني هذا شيء طبيعي، أو شيء فيه نوع من أنواع العطف والحنان على الصبيان، ليس فيه عطف وحنان فقط، بل كان يقول لهم: «أنا منكم مثل الوالد للولد» لصحابته الكبار، إنما فيه أيضًا نوع من أنواع التربية، فنحن نريد أن نربي أنفسنا وأن نربي أولادنا وأن نربي شبابنا وأن نربي معلمينا، وأن ندربهم على كيفية تحويل هذه القيم إلى حياة نعيشها، السلام عليكم، فإذ بالصبيان يدخل فيهم الثقة بالنفس واحترام الآخرين، واحترام الكبير، يشعرون بالحنان، ويشعرون بالأمان، والشعور بالحنان والأمان مفتقد الآن.

نريد أن نحول هذه القيم المتفق عليها التي لا يختلف فيها اثنان من المسلمين أو غير المسلمين، التي يحتاجها البشر في اجتماعهم البشري، بدونها لا يجتمع البشر في اجتماعٍ بشري سوي مستدام.

يسلم أنس ويقول: رأيت رسول الله ﷺ يفعله. وكان خادم رسول الله ﷺ ، كان ابن عشر سنين عندما جاء النبي ﷺ إلى المدينة، وعندما انتقل إلى الرفيق الأعلى كان أنس عنده 20 عام، وابن عباس كان صغيرًا أيضًا، فالنبي ﷺ فيما أخرجه الترمذي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَوْمًا فَقَالَ: «يَا غُلاَمُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ» تجده حاضرًا، يعني تجدك مع الله، وتجد الله معك «إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ».

إنه يعلمه القوة والرضا والتسليم وحسن التوكل على الله سبحانه وتعالى، يعلمه بأنه لا حول ولا قوة إلا بالله، وأنها مفتاح قوة، وأنه لا يهاب الناس ولا يخافهم، يعلمه كيف يكون أمام صدمات الحياة، وأمام التهديدات التي يُهددها، إنه يعلمه احترام النفس، وفي نفس الوقت هو يعلمه أن يحترم غيره وأن يحترم من حوله، وننظر فإذ برسول الله ﷺ كان معلمًا في كل لحظة من لحظات حياته، يركب الدابة لينتقل من مكان إلى مكان فمعه الطفل ابن عباس، فلا يترك هذه الفرصة للتعليم وللتربية، ويؤثر هذا في نفسية ابن عباس ويتأثر بها ويعيش حياته كلها بهذا الحديث، وكان كثيرًا ما يكرره، يعيش القيمة؛ وليس يعلم القيمة أو يصدق القيمة أو يفهم القيمة أو يعرف مدى أهميتها، بل يعيشها، فعاش التوكل وعاش القوة وعاش ابن عباس رضي الله تعالى عنه كما عاشت الصحابة تنفذُ أخلاق رسول الله ﷺ فكانوا خير جيل، وينبغي علينا أن نعود مرة أخرى إلى هذه المعاني الجليلة العالية.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: علي جمعة أخلاق النبي خادم النبي أنس بن مالك رسول الله ﷺ ابن عباس

إقرأ أيضاً:

علي جمعة: الكذب حرام والتلبيس أشد منه لانه من الكبائر

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الكذب حرام، والكذب من الأفعال البشرية الشائعة التي حرمها الله في كل دين، ولذلك كانت من الوضوح بمكان؛ بحيث إن التذكير بها، هو تذكير بالمتفق عليه، لكن النفس تحتاج إلى الذكرى من حين إلى آخر.

وأضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك،  أن التلبيس هو صفة تعد كبيرة من الكبائر؛ لأنها تمنع أساسا من أسس الاجتماع البشري، وهو التفاهم المبني أساسا على الفهم، والفهم حتى يكون صحيحا يجب أن يكون صورة صحيحة للواقع، فإذا قام أحدهم بموجب ظاهرة صوتية يتكلم كلاما يخلط فيه الحق بالباطل، فإن هذا هو التلبيس بعينه، الذي يعطل الفهم، فيعطل التفاهم، فيعطل بعد ذلك البحث عن مشترك بين البشر، فيعطل مع هذا الاتفاق والائتلاف، ويدعو إلى النفاق والاختلاف، قال تعالى : ﴿لِمَ تَلْبِسُونَ الحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران :71].

وأشار إلى أن من مظاهر تلبيس الحق بالباطل ذكر بعض الحقائق، وحذف بعضها الآخر بما يوجب أن يصل المعنى إلى السامع أو المتلقي على غير مراد المتكلم أو الكاتب، واجتزاء قبيح، له صور مختلفة، وضربوا له أمثالا منها اقتصار بعضهم وهو يتلو القرآن على وقف قبيح، كما لو قال : قال تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاةَ﴾ [النساء :43] والحقيقة أن النسبة لم تتم؛ حيث إن الله سبحانه وتعالى قال : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ﴾ [النساء :43]. أو يقول : ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ﴾ [الماعون :4] 

والحقيقة أن الله سبحانه وتعالى قال : ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ﴾. ففي الآية الأولى اكتفى بالنسبة الظاهرية، فحول الكلام إلى نهي عن الصلاة ولم ينظر إلى النسبة الحقيقية التي تنهى المصلي أن يصلي مع غياب عقله، والتي عللت لذلك بوجود علمه بما يقول حتى تحقق الصلاة غاياتها من كونها صلة بين العبد وربه، وفي الثانية حذف الصفة التي هي قيد في المسألة، ومع كثرة القيود يقل الموجود، فالويل إنما هو لمصل خاص يستهين بالصلاة ويتركها، ويجعلها في هامش حياته، لا في أساسها ولا في برنامجه اليومي كما هو شأن المسلمين الملتزمين بالإسلام.

ومنسوب إلى أبي نواس بيت من الشعر قد يكون قد حاول فيه أن يبرر لنفسه معصيته بما اشتهر عنه من مجون وحب لشرب الخمر : ما قال ربك ويل للأولى سكروا ** ولكن قال ويل للمصلين. 

وهذا نوع من أنواع تداعي التلبيس الذي نهينا عنه.

طباعة شارك التلبيس ما هو التلبيس ايهما اشد حرمه الكذب ام التلبيس علي جمعة

مقالات مشابهة

  • أذكار المساء كما ورد عن النبي.. رددها واغتنم ثوابها
  • فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة
  • عبارات عن أول جمعة من ذو القعدة
  • دعاء أول جمعة من ذي القعدة 1446
  • سنن ليلة الجمعة الثابتة .. 8 أمور أوصى بها النبي
  • الدكتور علي جمعة يشرح كيفية الخشوع في الصلاة
  • علي جمعة: قراءة السيرة والصلاة على النبي وتدبر القرآن مفاتيح محبة وتعظيم رسول الله
  • الدكتور علي جمعة: النظر لموضع السجود ليس حقيقة الخشوع
  • علي جمعة: قراءة السيرة والصلاة على النبي وتدبر القرآن مفاتيح محبة وتعظيم الرسول
  • علي جمعة: الكذب حرام والتلبيس أشد منه لانه من الكبائر