علي جمعة: كان النبي معلما في كل حياته والصحابة اقتدوا بأخلاقه فكانوا خير جيل
تاريخ النشر: 29th, October 2024 GMT
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه وأرضاه كان فيما أخرجه البخاري: أَنَّهُ مَرَّ عَلَى صِبْيَانٍ -أطفال صغار- فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ . وَقَالَ : كَانَ النَّبِىُّ -ﷺ- يَفْعَلُهُ .
كان النبي ﷺ يريد أن يربي الطفولة، فكان إذا مر على الصبيان سَلَّم عليهم ؛حتى يشعر أحدهم بأن رسول الله ﷺ وهو رئيس الدولة، والمعلم، والقاضي، وكان ﷺ كل شيء، يسلم على الصبيان، قد يقول بعضهم: يعني هذا شيء طبيعي، أو شيء فيه نوع من أنواع العطف والحنان على الصبيان، ليس فيه عطف وحنان فقط، بل كان يقول لهم: «أنا منكم مثل الوالد للولد» لصحابته الكبار، إنما فيه أيضًا نوع من أنواع التربية، فنحن نريد أن نربي أنفسنا وأن نربي أولادنا وأن نربي شبابنا وأن نربي معلمينا، وأن ندربهم على كيفية تحويل هذه القيم إلى حياة نعيشها، السلام عليكم، فإذ بالصبيان يدخل فيهم الثقة بالنفس واحترام الآخرين، واحترام الكبير، يشعرون بالحنان، ويشعرون بالأمان، والشعور بالحنان والأمان مفتقد الآن.
نريد أن نحول هذه القيم المتفق عليها التي لا يختلف فيها اثنان من المسلمين أو غير المسلمين، التي يحتاجها البشر في اجتماعهم البشري، بدونها لا يجتمع البشر في اجتماعٍ بشري سوي مستدام.
يسلم أنس ويقول: رأيت رسول الله ﷺ يفعله. وكان خادم رسول الله ﷺ ، كان ابن عشر سنين عندما جاء النبي ﷺ إلى المدينة، وعندما انتقل إلى الرفيق الأعلى كان أنس عنده 20 عام، وابن عباس كان صغيرًا أيضًا، فالنبي ﷺ فيما أخرجه الترمذي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَوْمًا فَقَالَ: «يَا غُلاَمُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ» تجده حاضرًا، يعني تجدك مع الله، وتجد الله معك «إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ».
إنه يعلمه القوة والرضا والتسليم وحسن التوكل على الله سبحانه وتعالى، يعلمه بأنه لا حول ولا قوة إلا بالله، وأنها مفتاح قوة، وأنه لا يهاب الناس ولا يخافهم، يعلمه كيف يكون أمام صدمات الحياة، وأمام التهديدات التي يُهددها، إنه يعلمه احترام النفس، وفي نفس الوقت هو يعلمه أن يحترم غيره وأن يحترم من حوله، وننظر فإذ برسول الله ﷺ كان معلمًا في كل لحظة من لحظات حياته، يركب الدابة لينتقل من مكان إلى مكان فمعه الطفل ابن عباس، فلا يترك هذه الفرصة للتعليم وللتربية، ويؤثر هذا في نفسية ابن عباس ويتأثر بها ويعيش حياته كلها بهذا الحديث، وكان كثيرًا ما يكرره، يعيش القيمة؛ وليس يعلم القيمة أو يصدق القيمة أو يفهم القيمة أو يعرف مدى أهميتها، بل يعيشها، فعاش التوكل وعاش القوة وعاش ابن عباس رضي الله تعالى عنه كما عاشت الصحابة تنفذُ أخلاق رسول الله ﷺ فكانوا خير جيل، وينبغي علينا أن نعود مرة أخرى إلى هذه المعاني الجليلة العالية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: علي جمعة أخلاق النبي خادم النبي أنس بن مالك رسول الله ﷺ ابن عباس
إقرأ أيضاً:
محمد حامد جمعة: الراشدون
أذكر هذا الصباح جيدا قبل أشهر . كان الفجر الأول الذي ترقيت فيه بالعافية من الإكتفاء بالجلوس على كرسي للصلاة ـ ضمن مراحل ما بعد العملية الجراحية والعلاج ـ للهبوط سجودا وتمس ناصيتي الأرض .وتخيرت مسجدا بعيدا قليلا حيث صادفت يومها عملية ( العبور ) الشهيرة لجسور الحلفايا والنيل الأبيض والفتيحاب . كانت أصوات المعركة ورسائلها تحمل عبر أنسام الفجر لصوت الإمام الذي تخير أيات من ذات الطقس العام . لسبب ما تهجد صوت القارئ فغلبه البكاء الذي بعدها بالدعاء .وكنا نؤمن نسأل الله النصر لرجالنا .الأجواء كانت مشحونة بروح معنوية كأنها تتنزل من السماء حامية دفاقة . وجدت نفسي في طريق العودة ازرع المسافات بالدمع الذي كتبت به يومها تغريدة لاحظت أنها أحدثت حراكا . قابله زميل من أنصار الدعم السريع بتهكم واضح .إجتهد معه في إقناع سابلته أن الهجوم الذي وصفه بالبري الواسع قد فشل خاصة من ناحية المقرن وكوبري الفتيحاب . وكانت تلك المواجهة لم تكن قاعدة الخطة (وهذا حديث يترك لحينه) وكان المسار الأساسي ما تابعتم عبر بحري وإنتهى إلى ما ترون .
2
يومها تقدم الشهيد العقيد إبراهيم حسين راشد ومعه ثلة من الرجال .حرفيا كانوا الفداء والتضحية وكانوا (الجسر) المشاد بالأرواح والأجساد و(الشاخص) الذي تركزت عليه النيران لصالح إنفراجات أخرى . لن تجد لأغلب اولئك الشهداء صورة أو تسجيلا . هم مثل أخفياء عظماء في هذه المعركة كانوا كل البدايات وكل النهايات . سقطوا هناك قبضت أياديهم أخر (مصروف) من دنياهم التي كانوا يعلمون أنها تنتهي عند الجسر . بعض ذرات رمل ودم وربما شهقة اختتمت بمشهد ملمح أم أو والد أو أبن .وقطعا ملمح أخير من النهر العظيم . وكنا نحن هناك بالمسجد .أصواتنا عليهم أكفانا وغطاء ورافعة للمقام المجيد . كان صباح 26 سبتمبر هو الإشراق الذي طال الان سواد عتمة بددها بالانتصارات التي لم تتوقف .
3
صدقنا الله ما طلبنا يومها من سند وعون .وصدق رجالنا وكذب الذي قال أن الهجوم قد فشل ؛ ويومها تجنبت مغالطته فمن كان في أعمى في ضلالات الخيارات الخطأ هو أضل في التقديرات الصحيحة .وعدنا اليوم للحقيقة الناصعة ومضى ابراهيم حسين راشد ليعود لاحقا في كيس أسود ولافتة عند تقاطع الأبراج كلما عبرها قائد اللواء كمال يوسف . أوقف سيارته وإستقام يؤدي إليه التحية العسكرية ثم ينصرف . ولكمال حديث كثير وشهادة أرجو أن يوثقها لانه عاصر الشهيد وكل رفاقه ويعلم ما صنعوا وما كانوا يصنعون . الراشدون الذين نسبهم السودان . فلا نعرف لهم هوية غيره أو جهة أو قبيلة . فكأنهم يقبلون القسمة على الجميع وبالجميع
4
قريبا ستفتح هذه الجسور .والكباري .أعبروها يا اهلنا .بالصمت والدعاء فإن الكرام إذا أيسروا ذكروا من كان يألفهم في المرقد الخشن .وتذكروا أنها الان لا تقوم على الحديد .لقد صارت الان مغروسة في قلوبنا قبل النيل . حيا الله رجال ذاك اليوم العظيم .يوم الفتح
محمد حامد جمعة نوار
إنضم لقناة النيلين على واتساب