البيمارستان الصلاحي إرث طبي تاريخي في قلب القدس
تاريخ النشر: 29th, October 2024 GMT
يقع البيمارستان الصلاحي في البلدة القديمة للقدس. واختلفت المصادر فيما إذا كان تاريخه يعود إلى العهد الفاطمي أم الأيوبي، وقد قدم الرعاية الصحية للمقدسيين وزوار مدينة القدس.
والبيمارستان كلمة فارسية الأصل مركبة من مقطعين "بيمار" بمعنى مريض، و"ستان" بمعنى موضع أو دار، واصطلاحا يُعرف البيمارستان بأنه المكان الذي يعالج فيه المرضى تحت إشراف أطباء مختصين، ويقدم خدمات طبية متكاملة تشمل الدواء والطعام والماء، إضافة إلى الأدوات والخدمات المساعدة.
يقع البيمارستان الصلاحي في الجهة الجنوبية لكنيسة القيامة في البلدة القديمة للقدس.
التأسيس والتاريختباينت المصادر بشأن تاريخ إنشاء البيمارستان الصلاحي، إذ تشير بعض الروايات إلى أن تأسيسه كان في عهد صلاح الدين الأيوبي بعد فتح مدينة القدس عام 1187م.
فقد جاء في كتاب أحمد عيسى "تاريخ البيمارستانات في الإسلام" أن السلطان صلاح الدين، عند فتحه القدس، أمر بتحويل الكنيسة المجاورة لدار الأسبتار إلى بيمارستان للمرضى.
كما أوقف صلاح الدين على البيمارستان مواضع متعددة وزوده بالأدوية والعقاقير الوفيرة، وفوَّض القاضي بهاء الدين يوسف بن رافع بن شداد، الذي اشتهر بلقب ابن شداد نسبة إلى جده لأمه، بالإشراف على الأوقاف المخصصة للبيمارستان بفضل علمه وكفاءته.
في المقابل، تفيد مصادر أخرى بأن البيمارستان كان قائما في العهد الفاطمي، وأن صلاح الدين أعاد بناءه وتطويره بعد ذلك.
وأورد مجير الدين الحنبلي في كتابه "الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل" أن "البيمارستان الصلاحي كان موجودا منذ العصر الفاطمي، وقد تهدم جزء منه، فأمر الملك صلاح الدين بإعادة ترميم وبناء ما تهدم".
وبحسب المصادر، فقد كان الموقع كنيسة قديمة، وعندما تهدمت أُنشئ مكانها مستشفى صغير توسع خلال الفترة الصليبية، وأصبح مركزاً لفرسان القديس يوحنا، الفرقة التي أسسها الأب جرار، والتي عُرفت عند العرب بـ"الأسبتارية"، نظرا لسمعتهم في علاج المرضى من الفرسان الصليبيين.
وبعد تحرير صلاح الدين القدس، ظل المستشفى قائما، وأصبح يُعرف باسم "البيمارستان الصلاحي"، واستمر في العصور اللاحقة.
واستمر البيمارستان الصلاحي في القدس بتقديم خدماته الطبية أثناء فترة الدولة العثمانية الأولى (1516-1831م) للمقدسيين والزوار. ومع نهاية القرن الـ18 الميلادي توقف عن العمل.
وفي عام 1868، قدم السلطان عبد العزيز الجزء الشرقي من هذه المنطقة إلى ولي العهد فريدريك ويليام من بروسيا أثناء زيارته للقدس، وكان الأمير في ذلك الوقت رئيسا لفرسان "جونانتروردن"، الورثة البروتستانت لفرع سابق من فرسان المستشفى.
وأنشأ الفرسان الألمان طريقا يمر عبر البيمارستان من الشمال إلى الجنوب، وأطلقوا عليه اسم "شارع الأمير فريدريك ويليام"، وأصبح العقار مركزا للجالية الألمانية في القدس.
التنظيم والهيكلةوفقا للآلية المتبعة في البيمارستان، كان توظيف الأطباء يتم فقط بناء على أمر من السلطان العثماني، وكان رئيس الأطباء هو المسؤول عن تعيين الأطباء والصيادلة ومنحهم حق مزاولة المهنة.
ومن بين الذين شغلوا منصب رئيس الأطباء الشيخ شمس الدين محمد بن زين الدين، الذي كان يتقاضى أجرة مقدارها 3 أقجات في اليوم، وكذا محمد بن أحمد الذي تولى هذا المنصب في البيمارستان عام 1595م.
كان البيمارستان يتكون من مجموعة دعامات حجرية تعلوها عقود، وقد قُسِّمَت مساحته إلى عدد من القاعات المغطاة بسقوف ذات أقبية متقاطعة وسقوف برميلية. كل قاعة من هذه القاعات كانت مخصصة لعلاج أمراض مختلفة.
تنوعت الممتلكات الموقوفة على البيمارستان ما بين الدور والدكاكين والمدابغ وخان الزيت وقبانه وفرن وأراض زراعية وغيرها.
ومن بين أبرز الأطباء الذين عملوا في البيمارستان: يعقوب بن صقلاب النصراني وأصله من البلقاء، ولد في مدينة القدس وتعلم الطب فيها، ثم التحق للعمل في البيمارستان الصلاحي، وبقي فيه حتى نقله المعظم عيسى ابن العادل إلى دمشق للعمل في بيمارستانها.
ومنهم أيضا رشيد الدين الصوري، وهو ابن المنصور بن أبي الفضل، ولد في مدينة صور، وكانت له معرفة واسعة بالأدوية والصناعة الطبية، وكان من أبرز من اطلع على كتب غالينوس في زمانه، وأقام في القدس سنوات طويلة وعمل في بيمارستانها ثم نقله الملك العادل إلى مصر وخدم فيما بعد عند المعظم عيسى.
الاختصاصات والإنجازاتكانت البيمارستانات عموما، تقدم للسكان خدمات اجتماعية وطبية مختلفة، منها مجانية العلاج، خصوصا للضعفاء والفقراء، كما كانت مأوى للأيتام والنساء العاجزات، وكان يُغسل ويُكفن فيها الموتى ويكفنوا، إضافة إلى الدور العام الذي كان للبيمارستانات أثناء انتشار الأوبئة، التي كانت عاملا أساسيا لإنشائها.
ومع مرور الوقت تطورت البيمارستانات من كونها مؤسسات تقدم الخدمات الصحية والعلاجية إلى مؤسسات تقدم مبالغ مالية للمرضى وملابس عند خروجهم، حتى لا يضطروا للعمل طوال فترة الشفاء، كما ساهمت في انتشار العلوم الطبية.
وفيما يتعلق بالبيمارستان الصلاحي، فقد قُسّم إلى عدة أقسام متخصصة لمواكبة مختلف أنواع الأمراض، فكان فيه قسم للطب العام تقام فيه العمليات الجراحية، وقسم لجراحة العيون وقاعة لعزل المجانين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الجامعات صلاح الدین
إقرأ أيضاً:
تراجع تاريخي في بورصة إسرائيل وكل القطاعات تهوي
شهدت البورصة الإسرائيلية اليوم تراجعا حادا امتد إلى معظم القطاعات الاقتصادية، حيث انخفض مؤشر تل أبيب 35 بنسبة 1.7%، وسط موجة بيع واسعة النطاق أثرت على جميع المجالات، وفقا لما نشرته صحيفة كالكاليست الإسرائيلية.
يأتي هذا الانخفاض وسط تصاعد المخاوف من تأثير السياسات الاقتصادية الأميركية الجديدة، والتي شملت فرض رسوم جمركية مرتفعة على الواردات من المكسيك وكندا والصين، وهذا أدى إلى تذبذب الأسواق العالمية وزيادة الضغوط الاقتصادية على إسرائيل.
ضغوط متزايدةيأتي هذا التراجع وسط تدهور عام في البيئة الاقتصادية العالمية، حيث أدت سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التجارية إلى تصاعد المخاوف من تباطؤ اقتصادي عالمي.
الأسواق الإسرائيلية لم تكن بمنأى عن هذه الاضطرابات، حيث انعكس التأثير السلبي بشكل مباشر على الشركات الكبرى والبنوك وقطاعات الطاقة والتكنولوجيا، وهذا أدى إلى انخفاض ثقة المستثمرين وارتفاع موجة التصفية في البورصة.
تراجع واسع في القطاعات الاقتصادية
وتأثرت أسواق الأسهم في إسرائيل بشكل كبير نتيجة انخفاضات حادة في قطاعات الطاقة، التكنولوجيا، العقارات، والصناعات التحويلية.
أبرز التراجعات المسجلة اليوم:
قطاع الطاقة: شهد مؤشر النفط والغاز انخفاضا بنسبة 3%، حيث انخفضت أسهم مجموعة ديليك بنسبة 2.8%، وتراجعت نيوميد للطاقة بنسبة 1.8%، في حين سجلت نافيتاس بتروليوم خسارة بنسبة 4.2%، وتراجعت تمار بتروليوم بنسبة 2.6%. قطاع التكنولوجيا: انخفضت أسهم نوفا بنسبة 7%، في حين تراجعت كامتك بنسبة 5%، مما يعكس مخاوف المستثمرين من تأثير التعريفات الجمركية على الصناعة التكنولوجية الإسرائيلية. قطاع الصناعات الكيميائية: شهدت شركة "آي سي إل" (ICL)، الرائدة في مجال الكيميائيات والمعادن، انخفاضا بنسبة 5%، بينما تراجعت أسهم شركة إسرائيل القابضة بنسبة 4.2%. قطاع البنوك: سجل قطاع البنوك أداء متباينا، حيث أظهر بنك لئومي ارتفاعا طفيفا بنسبة 0.6% بعد الإعلان عن أرباح قياسية، في حين تراجعت أسهم بنك هبوعليم نتيجة الضغوط الاقتصادية المستمرة. إعلان الرسوم الجمركية واقتصاد إسرائيلومع دخول الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة حيز التنفيذ، تعرضت الأسواق العالمية لضغوط شديدة، انعكست بشكل مباشر على السوق الإسرائيلية. فقد فرضت إدارة ترامب تعريفات جمركية بنسبة 25% على الواردات من كندا والمكسيك، الأمر الذي دفع هاتين الدولتين إلى الرد بالمثل، وهذا زاد من حدة التوترات التجارية العالمية.
ترافق ذلك مع ارتفاع قيمة الدولار الأميركي مقابل الشيكل، حيث وصل إلى 3.61 شياكل، وهذا شكل ضغطا إضافيا على السوق المحلي، وأدى إلى ارتفاع تكاليف الاستيراد وتراجع القدرة الشرائية للمستهلكين.
ومع استمرار الضغوط الاقتصادية العالمية والمحلية، انخفضت ثقة المستثمرين في السوق الإسرائيلية، حيث بلغ حجم التداول اليوم 1.5 مليار شيكل (حوالي 414 مليون دولار). وجاء بنك هبوعليم في صدارة التداولات بقيمة 152 مليون شيكل (حوالي 42 مليون دولار)، تلاه بنك لئومي بـ122 مليون شيكل (حوالي 33.8 مليون دولار)، في حين سجلت إلبيت سيستمز تداولات بقيمة 59 مليون شيكل (حوالي 16.4 مليون دولار).
استمرار التباطؤ الاقتصاديويبدو أن الأسواق الإسرائيلية مقبلة على فترة من التحديات الصعبة، حيث تشير التوقعات إلى استمرار تأثير التوترات التجارية العالمية على أداء الاقتصاد المحلي.
محللون ماليون يحذرون من أن استمرار التوترات التجارية، وارتفاع تكاليف الاستيراد، وزيادة تكاليف الاقتراض بسبب سياسات الفائدة المرتفعة قد تؤدي إلى مزيد من التراجع في الأسواق، وهذا يفرض ضغوطا إضافية على الشركات والمستهلكين.