بغداد اليوم - متابعة

أفادت وسائل إعلام، اليوم الثلاثاء (29 تشرين الأول 2024)، عن فشل محاولات الحد من انبعاثات الميثان، بما يحمله من مخاطر كبيرة تدمر جهود السيطرة على الاحترار.

وكتب السياسي الأمريكي والكاتب ديفيد فيكلينغ مقالاً بعنوان "قنبلة الميثان بدأت بالانفجار"، قائلا، إن "البشرية تطلق 9.6 مليار طن متري من الكربون إلى الغلاف الجوي سنوياً، فضلاً عن 58 تريليون طن مخزن في البيئة".

وأضاف أنه "لعدة عقود، قدمت هذه المعطيات إشارة إلى مستقبل مقلق؛ فمع زيادة حرارة كوكب الأرض، نواجه خطر تغير الظروف الحساسة التي تحتجز هذه التريليونات من الأطنان في التربة والنباتات والمياه البحرية".

وتابع "إذا تعرض هذا التوازن للخلل بشكل كبير، قد نطلق العنان لانبعاث هذه المخزونات الطبيعية الهائلة، بما يشبه زجاجة صودا تحدث فوراناً عند فتحها. والنتيجة قد تكون "قنبلة ميثان"، تتمثل في إطلاق سريع ومدمر للغازات الدفيئة، ما يمكن أن يحبط أفضل جهودنا في السيطرة على الاحترار".

وذكر فيكلينغ  أن "الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ وجدت  في تقييمها الأخير لعام 2021 أن التغذية الراجعة التي تسبب الاحترار، وتلك التي تسبب التبريد تتوازن تقريباً؛ فمع ارتفاع درجات الحرارة، يُطلق المزيد من رذاذ البحر والغبار والجزيئات الدقيقة الأخرى إلى الغلاف الجوي، مما يساعد على انعكاس المزيد من أشعة الشمس إلى الفضاء. كما أن كوكباً أكثر دفئاً يشع طاقة أكبر، بفضل تأثير جانبي لميكانيكا الكم، ما يُعد كافياً لمواجهة آثار أي "قنابل ميثان" محتملة".

ولفت أنه "مع ذلك، فإن هذا الافتراض غير مؤكد للغاية، وهناك دلائل مثيرة للقلق تشير إلى أن الوضع قد يكون آخذاً في التغير".

واستعرض الكاتب أدلة قدمها فريق بقيادة باحثين من جامعة "كولورادو بولدر" الأسبوع الماضي، حيث درسوا التغير في نسب نظيرين من الكربون في الميثان، وهو أحد الغازات الدفيئة القوية ويسبب حوالي ربع الاحترار الحالي. 

ويمكن أن يصدر الميثان المعروف بالرمز CH4 من الآبار النفطية المتسربة ومناجم الفحم، ولكنه يُنتج أيضاً بواسطة الميكروبات في أمعاء الأبقار، وفي أوحال حقول الأرز ومكبات النفايات، وكذلك عبر العمليات الطبيعية في المستنقعات وغيرها من الأراضي الرطبة.

وتختلف نسب النظائر في الميثان الناتج عن المواد الأحفورية عنها في المصادر الطبيعية، لذا فإن التحليل الدقيق للغازات الجوية في محطات مثل "مونا لوا" في هاواي يمكن أن يحدد تقريباً مصدر هذه الانبعاثات.

وأشار ديفيد فيكلينغ إلى أن هناك أدلة وافرة على فشل محاولات الحد من انبعاثات الميثان الصادرة عن المواد الأحفورية، لكن الباحثين يشيرون إلى أن هذا لم يكن السبب الرئيسي لزيادة الانبعاثات في السنوات الأخيرة. فقد ارتفعت تركيزات الميثان في الغلاف الجوي بمعدل قياسي منذ عام 2020، ووجد الباحثون أن العمليات الطبيعية هي السبب؛ وهي أن "زيادة الميثان بعد عام 2020 ناجمة بشكل شبه كامل عن زيادة الانبعاثات الميكروبية".

وقال "لم يتمكنوا من تحديد ما إذا كانت هذه الميكروبات تستوطن المزارع ومكبات النفايات التي يتحمل الإنسان مسؤوليتها مباشرة، أم في الأراضي الرطبة التي لا نملك السيطرة الكبيرة عليها. ومع ذلك، تشير أدلة أخرى إلى الاحتمال الأخير".

كما لاحظت دراسة عام 2022، تسارع في تركيزات الميثان في عام 2020، على الرغم من أن معظم الوقود الأحفوري شهد تراجعاً كبيراً نتيجة جائحة "كوفيد-19"، بينما زاد إنتاج النفايات بمعدلات طبيعية.

هذا يشير إلى أن الطقس الأكثر مطراً (الذي يزيد مساحة الأراضي الرطبة) وارتفاع درجات الحرارة (الذي يزيد نشاط الميكروبات المنتجة للميثان) قد يكونان العاملين الرئيسيين. وجدت دراسة أخرى في العام الماضي، بعد إضافة ملاحظات الطقس الأخيرة في نموذج يحسب كميات الميثان التي تنتجها المستنقعات، أن هذه الأراضي تنبعث منها الغازات بمعدلات تتماشى مع بعض التوقعات الأكثر تشاؤماً لمناخ أكثر دفئاً.

ويرى الكاتب ديفيد فيكلينغ أنه "يتعلق العديد من السيناريوهات الأكثر إثارة للخوف لهذه التغذية الراجعة المناخية بإطلاقات غازية من بيئات نائية يعرفها القليلون، مثل التربة المجمدة في القطب الشمالي، أو رواسب الميثان المجمدة المدفونة تحت المحيط. لكن الأدلة تشير إلى أنه ينبغي أن نولي اهتماماً مماثلاً للبيئات الرطبة الشائعة، مثل مستنقعات سوندربان في البنغال، وإيفرغليدز في فلوريدا، ودلتا النيجر في نيجيريا، والأراضي الرطبة في نورفولك برودز بالمملكة المتحدة".

وأضاف أنه "لطالما اعتمدنا على هذه البيئات الطبيعية لامتصاص الكربون الأحفوري الذي ننتجه. لكن ليس هناك سبب يدعو للاعتقاد أنها ستستمر في ذلك. فقد أدت حرائق الأمازون، وضعف امتصاص الكربون من قبل الغطاء النباتي في نصف الكرة الشمالي إلى توقف شبه كامل لهذه "المغسلة الكربونية الأرضية" العام الماضي. وقد يكون الكوكب الأكثر دفئاً يفقد قدرته على امتصاص التلوث الناجم عن أنشطتنا."

وخلص الكاتب ديفيد فيكلينغ  في مقاله إلى أن "التدفقات الطبيعية للكربون بين التربة والنباتات والمحيطات والغلاف الجوي تتجاوز بكثير كميات الانبعاثات التي تنتجها الصناعة في العالم بأسره. ولكن بمرور الأعوام، تدفع انبعاثاتنا المتواضعة نسبياً هذه الدورات الطبيعية القديمة نحو فقدان التوازن. وإذا تحولت هذه الدورات ضدنا، فقد تكون الآثار مدمرة. كنا نرقص على ظهر وحش نائم، ويبدو أنه قد بدأ يستيقظ".

المصدر: وكالات

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: الأراضی الرطبة إلى أن

إقرأ أيضاً:

رمضان عند الأدباء.. الرافعي يرصد حكمة الصيام

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في مقاله الشهير بمجلة "الرسالة"، قدّم الأديب مصطفى صادق الرافعي رؤية فلسفية مدهشة للصيام، حيث اعتبره نوعا من الدواء يؤخذ سنويا لتجديد طاقة الجسد وتنقيته، وكأن أيام رمضان الثلاثون ليست سوى حبات علاجية تعمل على تقوية المعدة، تصفية الدم، وإعادة ترميم أنسجة الجسم المنهكة طوال العام.

 الصيام في نظر الرافعي، ليس مجرد عبادة جسدية، بل يحمل في طياته حكمة إنسانية عميقة، إذ إنه يضمن استمرار الفكرة الإنسانية وسط تقلبات الحياة، فلا تنحرف النفس بتغير الظروف، ولا يطغى القوي على الضعيف في دوامة المصالح.

ويشير الرافعي إلى واحدة من أعظم معجزات القرآن، وهي قدرته على حمل حقائق خالدة في ألفاظ بسيطة، فيكشف معانيها في الوقت المناسب، حتى إذا ضجّ العلم الحديث في متاهاته، وجد في القرآن إجابات غفل عنها العقل البشري.

يطرح الرافعي رؤية اجتماعية غير تقليدية، إذ يرى أن الصيام هو أقوى نظام اشتراكي عرفه البشر، فهو فقر اجباري تفرضه الشريعة على الجميع، بحيث يتساوى الغني والفقير في إحساس الجوع والعطش، فلا فرق بين من يملك الملايين ومن لا يملك شيئا، تماما كما تحقق الصلاة المساواة الروحية، ويفرض الحج التواضع والتجرد من الفوارق الاجتماعية.

يفسر هذا الفقر الإجباري بأنه درس عملي للنفس، يذكرها بأن الحياة الحقيقية ليست في امتلاك الأموال، بل في الشعور المشترك بين البشر، فالتكافل لا يتحقق حين يتباين الناس في رغباتهم، بل حين يتوحدون في الإحساس بالألم والمعاناة، فيصبح التراحم فطرة، لا مجاملة.

يؤكد الرافعي أن البشر لا يختلفون في عقولهم، ولا في أنسابهم، ولا في أموالهم، لكنهم يختلفون في بطونهم! فالبطن هو الذي يحكم العقل والعاطفة، وهو الذي يقود الإنسان إما للسمو الروحي أو الانحدار في الجشع والطمع.

وإذا دخلت شهوة الطعام في صراع مع العقل، فإنها تُفسده وتحوله إلى خادم لرغبات الجسد، وهنا تكمن نكبة الإنسانية، حيث يصبح "العقل العلمي" عبدًا للشهوة، وتتحكم الغرائز في مصير البشر.

وفي ختام مقاله، يؤكد الرافعي أن الصيام ليس حرمانا، بل تدريب للنفس، فهو يروض الجسد، ويهذب الروح، ويوحد الشعور بين البشر، إذ يُحكم السيطرة على الجسد، فيمنع البطن من التغذية، ويُمسك أعصاب الجسد عن لذاتها، ليخرج الإنسان من رمضان بروح أكثر نقاءً، ونفس أكثر اتزانًا.

ويرى  أن  الصيام ليس مجرد عبادة، بل فلسفة حياة، تجعل الإنسان أقرب إلى ذاته، وإلى غيره، وإلى الله.

مقالات مشابهة

  • رمضان عند الأدباء.. الرافعي يرصد حكمة الصيام
  • حدث وأنت نائم| حبس سوزي الأردنية في الانضمام لجماعة إرهابية.. وإحالة المتهمين بدفن موظف بالصحراء
  • مدبولي: توقعات بعودة إيرادات قناة السويس لمعدلاتها الطبيعية تدريجيًا اعتبارًا من إبريل
  • الزين أعلنت فتح أبواب المحميات الطبيعية مجاناً يوم الاثنين
  • فوائد تناول العصائر الطبيعية على الإفطار في رمضان
  • حدث وأنت نائم| «الرقابة الإدارية» تضبط قضيتي فساد كبرى
  • في غزة رجالٌ يختلفون عن بقية البشر
  • الجن زمن الإنسانية المتحولة
  • عوض باعمر.. من شغف الابتكار إلى ريادة صناعة المنظفات الطبيعية
  • الخوارزمية الأولى: أساطير الذكاء الاصطناعي