القوات المسلحة اليمنية تُرسّخ مكانتها الإقليمية، في رسالةٍ قارعةٍ للعدو
تاريخ النشر: 29th, October 2024 GMT
لم تعد أمريكا وإسرائيل وحلف الناتو مجرد أسماء تُذكر في الأخبار، بل أصبحت أهدافًا حقيقية لقواتنا المسلحة، التي تُجهز لهم مفاجآت مدوية. فقد أصبحت "القارعة" – الغواصة المسيرة رمزًا للانتصار، وتُمثل قفزة نوعية في قدراتنا العسكرية البحرية، وصولًا إلى سلسلة من الأسلحة المتطورة التي كشفت عنها مناورات "ليَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ".
فهي دليل على أنّنا نُطور قدراتنا العسكرية باستمرار، ونُجهز أنفسنا لمواجهة أي عدوان.
شهدت هذه المناورات محاكاة عمليات قتالية متنوعة في بيئات وتضاريس مختلفة، شملت القصف المدمر على مواقع افتراضية للعدو، واستخدام الطيران المسير، والدبابات، والآليات العسكرية المتطورة. ولم تقتصر المناورات على البر فقط، بل امتدت لتشمل ساحل اليمن الغربي، حيث نفذت قواتنا البحرية والبرية سلسلة مناورات تكتيكية، محاكية تصديها لعمليات هجومية معادية واسعة، مع التركيز على الدفاع عن سواحل اليمن ومدنه وجباله.
تُمثل مناورات "ليَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ" صفعة مدوية للعدو الصهيوني، الذي يواصل عدوانه الغاشم على الشعب الفلسطيني، وعملائه الذين باعوا أنفسهم مقابل حفنة من الدولارات. وتؤكد هذه المناورات أن اليمن لن يقف مكتوف الأيدي أمام جرائمهم، وأن أي عدوان على اليمن سيُقابل برد فعل قوي وحاسم.
تُعدّ هذه المناورات جزءًا من معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس التي تخوضها قواتنا المسلحة إسنادًا لشعبنا الفلسطيني وشعبنا اللبناني، وبمناسبة مرور عام على عملية "طوفان الأقصى" البطولية. وتُطمئن حركات المقاومة والجهاد في غزة ولبنان بأنهم ليسوا وحدهم، فاليمن لن يتوقف مطلقاً عن مساندتهم.
كشفت قواتنا المسلحة خلال المناورات عن سلاح بحري جديد، وهو طوربيد يحمل اسم "القارعة"، يُظهر قدرة تدميرية هائلة، ويُعدّ إضافة نوعية لأسلحة قواتنا المسلحة، خاصة البحرية. ويرى مراقبون ومحللون عسكريون أن "ليَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ" تُمثل قفزة نوعية في قدرات قواتنا المسلحة، وأنها تُرسل رسالة قوية للعدو الصهيوني وحلفائه بأن اليمن لن يتردد في الدفاع عن نفسه، وعن القضية الفلسطينية، وعن حلفائه في محور المقاومة.
تأتي هذه الانجازات المتتالية بفضل الله الذي ينزل بركته على شعبنا اليمني العظيم، ومحور المقاومة الذين يجاهدون في سبيل الله ويدافعون عن كرامة المظلومين في فلسطين. فقد أصبح القرآن الكريم سلاحًا فعالًا في ساحات القتال، يُلهم جنودنا ويُعطيهم القوة والثبات. إنّها معجزة إلهية تُثبت أنّ الله مع الحقّ، وأنّ الظلم لابدّ أن يُهزم.
إنّ هذه الانتصارات ليست سوى بداية، فلدينا المزيد من المفاجآت التي ستُذهل العدو. فقد حان الوقت لأن يُعيد الكيان الصهيوني حساباته، وأن يُدرك أنّ عهد الظلم والعدوان قد انتهى. ندعو كلّ أحرار الأمة للتضامن مع غزة ولبنان، ودعم المقاومة حتى تحرير كلّ شبر من أرضنا. فإنّ النصر قادم لا محالة، وسنُحرر فلسطين من دنس المحتلين، وسنُعيد الحقّ لأهله.
ختامًا، تُرسل صنعاء من خلال "القارعة" و"ليَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ" رسائل قوة وتحدٍّ للعالم أجمع، مُؤكدةً على جاهزيتها لمواجهة أي عدوان، ودفاعها عن القضية الفلسطينية، ودعمها لحلفائها في محور المقاومة. إنّها معركة الحقّ والباطل، ونحن على ثقة تامة بالنصر.
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
كلمات دلالية: قواتنا المسلحة
إقرأ أيضاً:
الحرب الخفية في غزة: الحسابات على الأرض والحسابات الإقليمية
ما يزال حلم سرقة أرض غزة من أهلها وطردهم منها حاضرا أمامنا، وكأننا أمة لقيطة لا أصل لها، ولا حضارة، يستهين بها رعاع الأرض. لكن ما يقدمه صمود شعبها يؤكد، أن المقاومة لا تزال هي الرقم الصعب، القادرة على نقل الحرب إلى داخل إسرائيل، على الرغم من كل الجروح النازفة التي أصيبت بها، والهمجية الوحشية الإسرائيلية في حرق الأرض وقتل السكان وتجويع الأحياء منهم، لجعل غزة مكانا غير قابل للحياة ودفع شعبها للرحيل.
وقد وجهت حماس إلى نتنياهو رسالة واضحة وهو في طريقه إلى واشنطن، بضرب عسقلان، تقول له: لا تخطئ الحسابات، فالمقاومة تملك القدرة على الرد. زيارة نتنياهو، الذي استُدعي على عجل، تسبق زيارة ترامب المرتقبة للرياض، تترافق مع تغييرات كبيرة على الأرض في غزة وسيناء والضفة الغربية والقدس الشرقية وجنوب لبنان وسوريا والعراق واليمن وإيران وفي داخل اسرائيل نفسها، حيث اشتعلت المعركة في المحكمة العليا بين مدرسة «حكم الأغلبية» ومدرسة «حكم القانون». في واشنطن رفض ترامب طلب نتنياهو إلغاء الرسوم الجمركية، رغم تعهد الأخير بتصحيح الميزان التجاري، وأثنى على اردوغان الذي يكرهه نتنياهو، وأعلن بدء مباحثات أمريكية مع إيران يوم السبت المقبل في مسقط، في مخالفة لتوقعات نتنياهو بأنه سيوجه ضربة عسكرية أمريكية قاصمة إلى إيران. في اليوم نفسه تقدم الهجوم الدبلوماسي المصري خطوة للأمام، بعرض جديد لحل المعضلة في غزة، بوقف إطلاق النار وإدخال الإمدادات الإنسانية وتبادل الأسرى والمحتجزين، وبدء مفاوضات المرحلة الثانية لإنهاء الاحتلال وإعادة بناء القطاع.
قدرة المقاومة على نقل الحرب
اعتقد نتنياهو أنه بتغيير كل من وزير الدفاع ورئيس الأركان، يستطيع تعويض العجز العسكري، وتحقيق أهداف الحرب بواسطة العملية العسكرية الجديدة التي أُطلِق عليها اسم «القوة والسيف»، بعد فشل عملية «السيوف الحديدية» التي أُطلِقت قبل 18 شهرا. من الناحية العسكرية فإن القوات الإسرائيلية تعيد في عملية «القوة والسيف» تكرار ما فعلته في عملية «السيوف الحديدية»، لكن في أرض محروقة تقريبا، قدمت أكثر من 2.5 في المئة من أهلها شهداء وجرحى خلال العملية السابقة في غضون أقل من 18 شهرا. الجيش الإسرائيلي يحاول التغطية على فشله بالمزيد من حرق الأرض وقتل المدنيين الفلسطينيين، خصوصا الأطفال والنساء. الجنرال زامير يعتمد استراتيجية لتدمير المزيد من المنشآت المدنية، وقتل المزيد من المدنيين خصوصا الأطفال والنساء والجرحى، وتوسيع الهجوم البري على غزة، ودفع السكان إلى النزوح تحت مبرر حماية أنفسهم من الوقوع في مصيدة مناطق العمليات، التي تغطي حاليا أكثر من ثلثي مساحة قطاع غزة، وحشر مئات الآلاف في مساحات ضيقة جدا، مثلما هو الحال في مخيم المواصي في مدينة رفح، التي تم احتلالها. الرئيس الأمريكي يستغرب بقاء الفلسطينيين وعدم رحيلهم، وكأن الشرعية هي للاحتلال وليست للمقاومة. ومن المؤكد أن تنظيمات حماس العسكرية والإدارية في قطاع غزة، إلى جانب غيرها من منظمات المقاومة تتعرض لخسائر يومية في المواجهات مع القوات الإسرائيلية، ومع ذلك فإن صمودها، واستمرار قدرتها على الرد، جعل قوات الجيش في حالة توتر متزايد، خصوصا مع استمرار تمسك المقاومة بعدم إطلاق سراح المحتجزين، إلا وفقا لشروط اتفاق يضمن وقف الحرب أولا. يقول مئير بن شبات الرئيس الأسبق لمجلس الأمن القومي وجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) في مقال أخير (معهد مسغاف – 3 من الشهر الحالي) إن توسيع العمليات البرية للجيش الإسرائيلي في جنوب قطاع غزة، التي تشمل إجلاء السكان إلى المواصي، والاستيلاء على ممر موراج، الذي يفصل خان يونس عن رفح، تهدف إلى زيادة الضغط على قيادة حماس لقبول مطالب إسرائيل بشأن تسليم المحتجزين، إضافة إلى تمهيد الطريق لعملية برية كبرى في حال فشل المفاوضات. نتنياهو قال بوضوح (تصريحات مصورة في 2 من الشهر الحالي) إن سيطرة القوات على محور موراج، تهدف لتقطيع أوصال قطاع غزة بإنشاء محور أمني جديد يفصل رفح عن باقي القطاع، في محاولة لزيادة الضغط على حركة حماس للإفراج عن المحتجزين، ثم إنشاء محور «فيلادلفيا ثان»، لفصل قطاع غزة تماما عن مصر. ومع ذلك فإن إطلاق الصواريخ بواسطة حماس على عسقلان مساء الأحد الماضي، يثبت أن العملية العسكرية الجديدة ستلقى مصير السابقة.
وفي مواجهة فشلها تشن إسرائيل حربا خفية على حماس، تهدف إلى تحريك جزء من السكان ضدها، ما يخلق جبهة معادية داخل قطاع غزة تسهم في تفكيك الصمود الفلسطيني، وقد عمدت إسرائيل وأجهزة دعاية متواطئة معها إلى تضخيم حجم وقيمة التحركات المعادية لحماس، بهدف تكثيف تأثيرها على الحالة المعنوية، وتوسيع نطاق الحرب النفسية التي تستهدف المدنيين ورجال المقاومة على السواء. ويقترح واحد من خبراء علم النفس، الذين عملوا سابقا مع المخابرات الإسرائيلية، أن يكون الهدف من الحرب الخفية، خلق حالة نفسية في غزة والضفة الغربية، يخشى فيها الناس من الانخراط في المقاومة، خوفا من أن شخصا ما سيبلغ عنهم على الفور ويسلمهم، ويخشى فيها أعضاء حماس من إبلاغ السكان عنهم. هذه الفرضية تقوم على أساس المطابقة بين «المقاومة» و»الإرهاب»، وهي مطابقة تمثل مصيدة قد يقع فيها القارئ الأجنبي وليس المواطن، الذي يعيش تحت الاحتلال، المؤمن بأن «التعاون» مع الاحتلال «خيانة» تستحق العقاب. ومن الضروري الإشارة هنا إلى مسؤولية منظمة فتح عن المشاركة في مكافحة الحرب الخفية، بما لها من نفوذ داخل قطاع غزة، ذلك أن الحرب الخفية تستهدف فتح ومنظمات المقاومة جميعا وليس حماس فقط.
خيارات إسرائيل محدودة
يعتبر مئير بن شبات، أن الحرب النفسية ضد حماس، قد تزيد من غضب بعض الناس وتشجعهم على الاحتجاج ضدها، لكنه حذر من المبالغة في تعليق الآمال عليها. وأوضح أن الاحتجاجات التي تطورت خلال الأسبوعين الماضيين، لم تُشكل تحديا حقيقيا لحكم حماس. وأرجع بن شبات ذلك إلى أن المتظاهرين غير منظمين تحت قيادة موحدة، ويفتقرون إلى القدرات والوسائل اللازمة لتصعيد احتجاجهم. وقال إن حماس تقف في مواجهتهم قوة كبيرة وقوية وماهرة ومسلحة، قادرة على وقف أي تنظيم يُشكل تهديدا لها. ونقل عن عزت الرشق عضو المكتب السياسي لحماس قوله، إن «العدو لن يحقق بالحرب والدمار ما عجز عنه بالمفاوضات». واستنتج بن شبات أنه مع استئناف القتال في المرحلة الحالية، لا بد من الاعتراف بأن التحدي الذي تواجهه إسرائيل ليس بسيطا، وأن البديل الذي تتمسك به حماس يقلل من الخيارات المتاحة لإسرائيل. وطبقا لتقييم بن شبات فإن الرهائن الذين بحوزة المقاومة هم السلاح الوحيد المتبقي لها، لفرض مطالبها على إسرائيل. وهنا يقع بن شبات في الخطأ، لأن المقاومة لديها أوراق أخرى إلى جانب المحتجزين، من أهمها قدرتها على الرد، وتحالفاتها الخارجية، والتعاطف العالمي الكاسح، الذي تعترف إسرائيل بأنه أكبر التهديدات التي تواجهها في الخارج، خصوصا في الولايات المتحدة. وربما كان حديث نتنياهو بعد لقائه ترامب في واشنطن مساء الاثنين الماضي عن جهود للتوصل إلى صفقة جديدة لتبادل الأسرى والمحتجزين، إشارة إلى احتمال حدوث تغيير عسكري مؤقت في غزة تكتيكيا، لإفساح المجال لمفاوضات وقف إطلاق النار وإدخال الأغذية والأدوية ومياه الشرب والوقود، وتبادل أعداد محدودة من الأسرى والمحتجزين، وهو ما يعني عمليا إسقاط مبدأ نتنياهو بأن تجري المفاوضات «تحت النار».
وقد انشغلت مراكز الفكر الاستراتيجي الإسرائيلية في الأسابيع الأخيرة بعمل دراسات لاستكشاف الخيارات المتاحة أمام الحكومة الإسرائيلية، مع انخفاض قدرة الجيش على تحقيق اختراق أو تغيير استراتيجي لقواعد اللعبة في غزة. وقال الجنرال (احتياط) تامر هايمان، الذي يرأس حاليا معهد الدراسات الاستراتيجية التابع لجامعة تل أبيب، وشغل من قبل منصب مدير المخابرات العسكرية (2018 – 2021) أن إسرائيل تواجه ثلاثة خيارات استراتيجية محتملة لتحقيق أهداف الحرب: الأول هو احتلال قطاع غزة وفرض نظام عسكري (وهو ما يفضله صراحة نتنياهو)؛ والثاني هو حصار القطاع، ما يُضعف حماس ويردعها (وهو الخيار الواقع فعلا على الأرض)؛ والثالث هو الاتفاق على مناقشة الاقتراح المصري لإعادة إعمار القطاع، وإقامة سلطة حكم بديلة لحماس. وبعد دراسة كل من تلك الخيارات أكد هايمان أن المسار الدبلوماسي هو الخيار الوحيد الذي يمكن أن يحقق أهداف الحرب، بتكلفة منخفضة نسبيا. هذا الاستنتاج يعني أن هايمان يرى فشل عملية «القوة والسيف» يلوح في الأفق، وأنه لا مكان لحلم ترامب بتحويل غزة إلى مشروع استثمار عقاري عالمي.
(القدس العربي)