وزير الخارجية الأردني: الكيان الصهيوني انتهك القانون الدولي
تاريخ النشر: 29th, October 2024 GMT
دعا أيمن الصفدي، وزير الخارجية الأردني، إلى ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي على غزة وحماية القانون الدولي الإنساني، مشيرا إلى أن إسرائيل انتهكت بنود القانون الدولي كافة.
وبحسب"روسيا اليوم"، قال الصفدي، خلال كلمة له في المنتدى الإقليمي التاسع لوزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد من أجل المتوسط، والذي استضافه وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس اليوم الاثنين في برشلونة: "حماية القانون الدولي، وحماية القانون الدولي الإنساني، لا بد أن تكون أولوية لنا جميعا.
أكد الصفدي "ضرورة أن يعمل الجميع وفقا للقانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة، والقيم الإنسانية، لمنع إسرائيل من القتل دون عقاب"، مشيرا إلى أن "الحكومة الإسرائيلية الحالية هي الأكثر تطرفا في تاريخ إسرائيل".
وتابع: "بالأمس فقط كان أحد أعضاء تلك الحكومة يدعو علنا إلى طرد الفلسطينيين من غزة، وإعادة احتلال غزة وطرد جميع الفلسطينيين من فلسطين، وإقامة ما يراه إسرائيل الكبرى.. هذا وزير في السلطة، وكيف لا نقف ضد ذلك ونقول كفى ونفعل كل ما يتعين علينا فعله من أجل وقفه".
وتطرق الصفدي خلال كلمته إلى "الأزمة الإنسانية في شمال غزة وانتهاك إسرائيل المستمر للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، مشيرا إلى "ما حدث في شمال غزة خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، حيث جاع سكان بالكامل
، ولم يُسمح لشاحنة واحدة من المواد الغذائية أو الأدوية بالدخول إلى غزة لأسابيع".
وأضاف: "تجاوز عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي الآن 43 ألفا، إضافة إلى عشرات الآلاف من الأشخاص الذين دفنوا تحت الأنقاض، فضلا عن تجويع شعب بأكمله، ولم نشهد العدوان يستمر فحسب، بل شهدنا تصعيده ضد الأبرياء في غزة، وشهدنا حربا أكثر هدوءا تدور ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية وضد كل أساسيات وأسس السلام، وبالطبع شهدنا العدوان يتصاعد الآن ويمتد إلى لبنان، وأن السلام والاستقرار يتعرضان للخطر الآن بسبب عدوان لا هدف له سوى المزيد من الحروب والمزيد من القتل والمزيد من الدمار، والعواقب وخيمة ، ليس فقط من حيث الخسائر البشرية غير المقبولة التي نراها حاليًا، ولكن أيضا من حيث الآثار المترتبة على نظامنا الدولي والقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني".
وأوضح أن "إسرائيل انتهكت كل بنود القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وإن ما تفعله لا يتحدى القانون الدولي فحسب، بل إنه يتحدى القيم الأوروبية.. كاتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل؛ هل تنتهك إسرائيل هذه الاتفاقية أم لا؟".
كما شدد الصفدي على ضرورة وقف القتل والدمار وتقويض آفاق السلام، وانتهاك القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني والقيم الأوروبية، لافتا إلى أن "عدد العاملين في المجال الإنساني الذين قتلوا، وهو أكبر عدد في أي صراع شهده العالم منذ عقود، وعدد الصحفيين الذين قتلوا، وعدد النساء والأطفال الذين قتلوا وبُترت أطرافهم والأطفال الذين تركوا بلا آباء ليعتنوا بهم، في وسط منطقة بأكملها تحولت إلى أنقاض، حيث لا توجد لا كهرباء ولا مياه ولا مستشفيات عاملة".
واختتم الصفدي، كلمته بالقول "هذا هو الواقع الذي يتعين علينا أن نتحدث ضده بفعالية كبيرة، وعلينا أن نتخذ إجراءات فورية للتأكد من توقفه، وتوقفه الآن لأنه مع كل يوم يستمر فيه، يتغير كل شيء فينا، هذا هو الواقع الذي يتعين علينا مواجهته.. لا يوجد بديل لحل الدولتين؛ إن البديل الوحيد هو المزيد من الحرب، والبديل الآخر هو الفصل العنصري، وهو ما نراه الآن في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولا ينبغي لنا أن نسمح بحدوث التطهير العرقي، ولا ينبغي لنا أن نسمح بحدوث الإبادة الجماعية".
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أيمن الصفدي وقف العدوان الإسرائيلي إسرائيل القانون الدولي غزة الأعضاء الدولی والقانون الدولی الإنسانی القانون الدولی الإنسانی إلى أن
إقرأ أيضاً:
موقف ترامب من فلسطين في ميزان القانون الدولي
د. عبدالله الأشعل **
لا بُد من الإشارة إلى جريمة الولايات المتحدة في إبادة السكان الأصليين في أمريكا الشمالية، لكي نفهم موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الأراضي العربية المحتلة.
والواقع أن ترامب يُعبِّر عن أجهزة الدولة الأمريكية؛ فقد سبق أن أصدر الكونجرس الأمريكي قانونًا في شهر نوفمبر 2024 يُهدد قضاة الجنائية الدولية بالعقوبات إن هم أقدموا على تجريم قادة إسرائيل، فلمَّا تصدى هؤلاء القضاة للولايات المتحدة وأصدروا أمرًا بالقبض على بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه المُقال، تحديًا لها في ديسمبر 2024، أصدر الكونجرس قانونًا بمعاقبة قضاة المحكمة بالفعل، وحذر الدول الأعضاء من القبض على نتنياهو عند زيارتها. لكن الدول الديمقراطية غير الخاضعة للتوجهات الأمريكية أعلنت أنها سوف تُنفِّذ أمر المحكمة عند زيارة نتنياهو لها مثل ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا وهولندا وإسبانيا؛ بل إن المحكمة العليا في هولندا في أكتوبر 2024 أبطلت قانونا كان قد سنَّه البرلمان الهولندي بأن تُصَدِّر الحكومة الهولندية الأسلحة لإسرائيل وبالفعل عقدت الحكومة الهولندية عدة اتفاقيات لتنفيذ لهذا القانون ولكن منظمات حقوق الإنسان رفعت دعوى أمام المحكمة العليا الهولندية طالبت إبطال هذا القانون وهذه المعاهدات، على أساس أن هذه الأسلحة تستخدم في إبادة الفلسطينيين. ويترتب على ذلك أن هولندا شريكة لإسرائيل في الإبادة فلما دفعت الحكومة الهولندية دفعا عن موقفها بنظرية أعمال السيادة رفضت المحكمة هذا الدفع، وقالت إن أعمال السيادة لا بد أن تنسجم مع القانون الدولي علما بأن أعمال السيادة يتم التوسع فيها بانتهاك السيادة في الدول المتخلفة مثل دول العالم العربي وأبطلت المحكمة العليا الهولندية المعاهدات والقانون الذي تفرعت عنه هذه المعاهدات، وكان ذلك فتحا جديدا في نظرية أعمال السيادة التي نادرا ما تدفع بها الحكومات الديمقراطية.
معنى ذلك أن ترامب أول صهيوني بالوراثة على أساس أن الصهيونية تعني إبادة السكان الأصليين وأن يحل محلهم على الأرض من اللصوص الذين يزعمون ملكية هذه الأرض، ونجح هذا العمل في الولايات المتحدة منذ آواخر القرن الخامس عشر.
أرادت الولايات المتحدة تطبيق هذه النظرية في فلسطين والمنطقة العربية عمومًا على اساس النظرة الاستعمارية الاستعلائية وهذا قسم جديد في الاستعمار الأوروبي، فقد ألف العالم أن الاستعمار يأتي بجيوشه لكي يستعبد الشعوب الأخرى التي لا يعترف بها ولكن الاستعمار لم يدع مطلقا تبعية الأرض له. فقد احتلت فرنسا الجزائر 150 عامًا وقتلت الآلاف، ولكنها لم تدع أن الجزائر جزء من فرنسا وإن كانت فرنسا كانت تطمح فوق طموح المستعمر التقليدي بالقول إن الفرنسيين المستوطنين للجزائر لهم الحق في حماية الدولة الفرنسية لولا صمود الشعب الجزائري وتضحياته التي بلغت المليون ونصف من الشهداء حتي اقتنع شارل ديجول بعدم جدوى هذه النظرية واتخذ قراراه الجريء بمنح الجزائر الاستقلال في اليوم الأول من يوليو 1962 وسحب القوات الفرنسية العاملة في الجزائر.
عناصر موقف ترامب
يشمل موقف ترامب ثمانية عناصر:
الأول: تهجير سكان غزة وإفراغ غزة من أهلها حتى تستولي عليها الولايات المتحدة وتخلص أمريكا إسرائيل من المقاومة.
الثاني: إنشاء أمريكا لمنتجع سياحي عالمي في غزة حتى يمكن أن يخصص دخله لدعم إسرائيل.
الثالث: اقتطاع الجولان السوري المحتل لإسرائيل.
الرابع: القضاء على المقاومة خدمة لإسرائيل.
الخامس: الموافقة على قرار إسرائيل بإلغاء وكالة الأونروا، ومنطقه أن الوكالة نشأت بمساعدة اللاجئين الفلسطينيين وهم سوف يُهجَّرون إلى مصر والأردن أو دول أخرى.
السادس: السكوت؛ بل الموافقة على إبادة الشعب الفلسطيني وهو خط أمريكي دائم بغض النظر عن اسم الرئيس.
السابع: أن الفلسطينيين يهجرون إلى مصر التي طلب ترامب أن تخصص لهم سبعة آلاف كيلو متر مربع شمال سيناء وطلب من الأردن استيعاب الضفة الغربية.
الثامن: أنه وافق ضمنيًا على استيطان غزة والضفة الغربية.
موقف القانون الدولي من عناصر موقف ترامب:
أولًا: إن تهجير الفلسطينيين يعتبر قسريًا وفي ميثاق روما يمثل جريمة حرب.
ثانيًا: إن استيلاء الولايات المتحدة على غزة يعد احتلالًا غير مشروع بالقوة حتى تحت غطاء تطوير قطاع غزة وتعميره.
ثالثًا: إعطاء الجولان السوري لإسرائيل عملٌ ينتهك تمامًا قرارات الأمن التي تؤكد أنها أراض سورية محتلة.
رابعًا: نقل السفارة الأمريكية من القدس الغربية إلى القدس الشرقية المحتلة عمل متعمد ينتهك جميع قرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن بدءًا من قرار التقسيم عام 1947 ومرورًا بقرارات مجلس الأمن خاصة القرار رقم 478 الذى قدمت مشروعه الولايات المتحدة وصدر في 20 أغسطس 1980، وكان بتوجيه مباشر من الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر بناءً على اتصال من الرئيس المصري أنور السادات مع كارتر، وحصل هذا القرار على إجماع أعضاء مجلس الأمن الدائمين وغير الدائمين، وهذا القرار أبطل القانون الإسرائيلي بضم القدس الشرقية، خلافًا للقرار الذى صدر عام 1967 ورقمه 242 والذى وصف القدس الشرقية بالأراضي المحتلة، وهذا الموقف تنظره محكمة العدل الدولية في دعوى منذ 2018 في ولاية ترامب الأولى وهذه الدعوى رفعتها الدولة الفلسطينية ولا تزال منظورة أمام المحكمة العالمية.
خامسًا: القضاء على المقاومة جريمة مُركَّبة من عدد جرائم: جريمة مصادرة الحق في المقاومة، وجريمة حصانة المقاومة في القانون الدولي بصفتها حركة تحرر وطني، وجريمة مصادرة حق الشعب في تقرير مصيرة، وجريمة المجاهرة بانتهاك القانون الدولي الذي يحمي المقاومة.
سادسًا: إلغاء الأونروا، وهذه الوكالة نشأت بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948 على أساس مساعدة اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم في الشرق الأدنى. ومما يذكر أن قرار مجلس الأمن 242 نظر إلى الشعب الفلسطيني كله على أنه قضية لاجئين فألغى نتنياهو الأونروا إيذانًا بتهجير اللاجئين بصفة نهائية وإفراغ فلسطين منهم.
سابعًا: موافقة ترامب على قرار نتنياهو الخاطئ يضع نفسه مع المُخطئ ضد المجتمع الدولي كله، فلا يجوز إلغاء قرار الجمعية العامة من جانب إحدى الدول، خاصة إن كانت دولة عظمى تتمتع بالعضوية الدائمة في مجلس الأمن وينظر إليها على أنها حامية للقانون الدولي.
ثامنًا: موافقة ترامب على قرار نتنياهو بإلغاء الأونروا معناه مصادرة حق الحياة للشعب الفلسطيني، ومصادرة حق العودة إلى وطنه وأرضه، وانتهاك لجميع القرارات التي أصدرتها الأمم المتحدة بشأن حق العودة وخاصة القرار 194 وإعلان الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في 10 ديسمبر 1948.
تاسعًا: المشاركة في إبادة الشعب الفلسطيني المُتمَسِّك بأرضه وقد اعترف ترامب بهذه الجريمة، عندما قال إن غزة لا يمكن العيش فيها بعد تدمير إسرائيل لها؛ فكأن التدمير والابادة يُمهِّدان للتهجير والإبادة جريمة من جرائم النظام الدولي العام ووردت في ميثاق روما وكذلك في اتفاقية الأمم المتحدة لإبادة العرق البشري عام 1948.
الخلاصة.. إن ترامب بموقفه من فلسطين كلها يحاول أن ينصر الباطل على الحق ويهدر تراث البشرية في قواعد القانون الدولي ويفلت إسرائيل من العقاب. ويقع المُعلِّقون العرب في خطأ فادح وهو التمييز في مواقف الجمهوريين والديمقراطيين من إسرائيل؛ فكلهم على مذهب واحد وهم صهاينة قبل أن تظهر الصهيونية الحديثة، كما أن إسرائيل تجتذب ضحايا المشروع الصهيوني الوهمي، ولا فرق بين متطرف ومعتدل؛ فكلهم يتبعون المشروع الصهيوني، ولا علاقة لهم باليهودية، كما أن قادة الولايات المتحدة يتبعون الصهيونية الأساسية، وخاصة عبثهم بالمسيحية فأطلقوا اسم الصهيونية المسيحية على أمثالهم والمسيحية منهم براء.
وأخيرًا.. أرجو أن نلفت نظر كبار المحاميين الدوليين الذين ينتصرون للحق بالحق أن يقدموا ترامب وزمرته إلى الجنائية الدولية بناءً على هذا التحليل وإسنادًا بمواد قانونية محددة.
** أستاذ القانون الدولي ومساعد وزير الخارجية المصري سابقًا
رابط مختصر