د. مرتضى الغالي

هذا هو ثمن مواصلة الحرب.. إزهاق مئات الأرواح في خلال ساعات ونزوح الآلاف وتشريد النساء والأطفال وانتقال الحرب إلى ساحات جديدة، مع ولوغ البرهان والكيزان في إثارة النعرات العنصرية والقبلية.. بينما يعلن جيش الانقلاب رفع يده عن حماية المواطنين والاكتفاء بالدعوة إلى تسليح بعض القبائل ضد أخرى.

.! كل ذلك من أجل إعلان هروب شخص واحد من معسكر مليشيا الدعم السريع والانضمام إلى مليشيا البراء وكرتي والبرهان..!

هذه حرب رديئة يديرها ويناصرها أشخاص رديئون..! إنها ليست رديئة فقط، بل هي حرب فاجرة بلغت في الفجور والرداءة والدناءة والخسّة والوضاعة والقذارة والنتانة واللؤم والرذالة والسفه والعُهر مبلغاً متسفلاً لا يحفظ كرامة ولا حرمة لبشر أو حجر…!

إنها حرب لا تستثني أطفالا ولا نساء ولا مرضى أو عجزه.. ولا تعرف حدوداً ولا أسوار.. ولا تبالي بمباحات أو محظورات..! فهي حرب تهتك الأعراض، وتنتهك الأعراف وتكشف خدور العذارى والإبكار، وتبقر الحوامل والمرضعات، وتستقوي على المشلولين والمعاقين، وتجري على أجساد الصبايا والصبيات.. فكيف بالله يدعو بعضنا إلى مواصلتها وهم يعلمون كل ذلك.. وأكثر منه..؟!

موقفٌ غريب وأمر محيّر تعجز عن وصفه مقامات الشاهنامة، وكل قواميس الدنيا وتقويمات البلدان وتتقاصر عن تفسيره المعاجم والأطالس وأخبار المسالك والممالك وعجائب الأمم والأمصار..!

بعد كل جرائم الكيزان ومذابحهم المروعة وسفكهم لدماء السودان واضعاتهم لكرامة الوطن وتمزيق أوصاله وشرشحة نسيجه الاجتماعي وإهدار موارده وتدمير مرافقه وفسادهم الذي أجمع الناس على أنه (طاعون العصر) الذي لم تشهد بلاد الدنيا مثيلاً له في الاستباحة الشاملة وسرقاتهم التي شملت الثاغية والراغية والسائل والجامد والحار والبارد تجد بعض إخوتنا (المثقفاتية والنشطنجية) يقفون في صف الحرب مع الكيزان، وفي حذاء الطابور كتفاً بكتف مع كتائب الظل وكتائب البراء وطمبور ومناي وجبريل وكيكل ونيكل.. ويقولون أن هؤلاء أفضل من القوى المدنية المناهضة للحرب.. أفضل بايش وليش..؟ لا تعرف.. ماذا تقول لهم..؟!

أحدهم وهو مثقف جهود قال كلاماً عجيب في تأييده لحرب الكيزان والمليشيات لا تدري هل تبكي منه..؟ أم تولول..؟! أم تضحك في زمن الموت والجثث التي تتحلل خارج اللحود.. (أمور يضحك السفهاء منها/ ويبكي من عواقبها اللبيب)..!

تحدث هذا الأخ عن الوعي والجهل وعن المشكلة والمعضلة، وأكد مناصرته لصف الفلول والإرهابيين ضد “منافسيه المدنيين” (الذين يغار منهم ويغار عليهم)..! ثم وصف دعاة إيقاف الحرب بأنهم يتميزون بالغباء الاستراتيجي.!!

ماذا تقول غير أن تلعن الإستراتيجية ومعها كل مصطلحات القرون المتأخرة.. وتتمنى من كل قلبك أن تتسلط على هذه المصطلحات دواب الأرض، فتأكلها كلها، ولا تبقى منها على إستراتيجية ولا تكتيك.. وتقضي عليها حتى آخر مثيولوجيا وبيداغوجيا..!

بهذه المناسبة كان الصحفي الكبير (بتاع الشرق الأوسط) قد قال في مقاله الأخير حرفياً إن أحد بعض قادة تقدّم دعوا إلى تدخل دولي وإرسال قوات أممية إلى السودان، وأن بعضهم أعلن تأييده لوضع السودان تحت الفصل السابع..!

نعم تقدم وقادتها يقتلون الناس الآن في تمبول والجزيرة والفاشر وبقصفونهم بالطائرات.. ويدعون إلى تسليح السودانيين ضد بعضهم..!

إذا قال هذا الكلام (أي خبرة) في سوق الزلعة لوجدنا له العذر.. ولم نلاحقه بسؤال أو تفسير.. ولكن أن يلقى صحفي كان نائباً لرئيس تحرير صحيفة دولية الكلام هكذا جزافاً في أمور غاية في الدقة والحساسة السياسية بلا أسانيد.. فهنا لا بد أن يقف حمار الشيخ في العقبة.. ويسأل هذا الصحفي الكبير: أعطنا أسماء طالما قمت بإسناد تصريح بعينه للشخص بعينه في تنظيم سياسي بعينه معلوم للكافة.. من الذي صرح من قادة تقدم بأنه يؤيد تطبيق البند السابع.. أعطنا أسماء فأنت تعلم كيف تتم كتابة الأخبار، وكيف تنسب الأقوال إلى مصادرها الحقيقية (أعطنا أسماء) أنت تسجل ما تقول في صحيفة رسمية وعليك إثبات ما تقول فأنت لا تتحدث داخل (دكان حلّاق)..!

ثمن ما هي المشكلة ما المشكلة إذا دعا كادر سياسي إلى تدخل قوات من الأمم المتحدة من أجل إيقاف آلة القتل والفظائع في بلاده وحماية أعناق المدنيين من الذبح الذي يدور من كلا طرفي الحرب..؟! أنت بنفسك ذكرت في ذات مقالك هذا أن عدة دول شهدت حتماً فيها استقدام قوات أممية للفصل بين المتحاربين، وذكرت بالاسم التجارب الدولية السابقة في لبنان وقوات اليونيفيل، وبعثة الأمم المتحدة في مالي (مينوسما) وقوات فرض السلام في البوسنة وفي كوسوفو، وتدخل الاتحاد الإفريقي بقوات في الصومال عبر بعثة أميسوم، فلماذا ترى أن حالة السودان خاصة..؟!

هل لأن الكيزان يريدون استمرار الحرب ويخافون من الرقابة الدولية على المجازر، ويخافون من نبش جرائمهم في دارفور..؟!

أم أنك ترى أن وتيرة القتل في السودان تحتاج إلى عدد أكبر من القتلى والمصابين والمشردين واللاجئين والنازحين.. فجماعة البرهان والبراء وياسر العطا وكرتي يرون أن موت الناس في السودان (مش مشكلة كبيرة) تستحق الاهتمام..!

هروب عسكر البرهان، وفي كل من تمبول كان ثمنه مقتل المئات وتشريد الآلاف من أبناء المنطقة ونسائها وأطفالها وشبابها في الجزيرة والبطانة وانتقال الحرب إلى ساحات جديدة وإثارة النعرات التي تعجّل بالحرب الأهلية الشاملة… ومع ذلك يدقون الطبول احتفالاً بعودة (الابن الضال) كيكل من التمرد إلى رفقة الإرهاب والانقلاب والكباب.. ماذا يساوي كيكل في موازين الدنيا..؟! وما قيمته حتى تنصب له السرادق، وتعزف له الطبول.. الله لا كسّبكم دنيا وأخرى..!

murtadamore@yahoo.com

الوسومد. مرتضى الغالي

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: د مرتضى الغالي

إقرأ أيضاً:

مجلس الأمن الدولى نادى للكلام وقِلة الأفعال

الرأى اليوم

صلاح جلال

???? لقد تابع ملايين السودانيين جلسة مجلس الأمن الدولى أمس بخيبة أمل كبيرة *كل من ينظر لمجلس الأمن الدولى ونظامه القائم يتأكد أن النظام العالمى القديم لكى يكون قادر لحفظ الأمن وتحقيق السلام بكفاءة وفاعلية يحتاج إلى إصلاح جذرى* يؤهلة ليقوم بدوره، نظام *الفيتو* المستخدم كتعبير عن توازن القوة لما بعد الحرب العالمية الثانية الذى أعطى خمسة دول منفردة حق النقض أمام إرادة دول العالم مجتمعة غير عادل وغير منصف وغير عملى ، هذا النظام قد إنتهت صلاحيته وأصبح عبأ على مهام وواجبات مجلس الأمن الدولى فقد صار نادى للكلام
ومنبر للمساومات على حساب القضايا والحقوق يسقط الضحايا Fail الذين ينتظرون الدعم والسند منه ، فهو تعبير واضح عن أزمة النظام العالمى القديم ، أصبح كالبطة العرجاء لايتخذ قرارات حاسمة فى صميم واجباته *ولامقدرة له لإستخدام القوة الجبرية لضبط الإجرام الدولى* ، فأصبح مرتكبى المخالفات التى تهدد الشعوب والسلم والأمن الدوليين متحالفين مع واقع العجز فى مجلس الأمن الدولى ، فهو كالبطة العرجاء تزحف على بطنها حين يحتاجها الواقع أن تكون فى سرعة البرق وحِدة السيف ، المنتظر من مجلس الأمن الدولى علاج أزمة كالمنتظر للمنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى ، طالما الفيتو فى يد دولة شمولية مثل جمهورية روسيا الإتحادية التى لا تعنيها مسئولية حماية المدنيين ، ولا مفاهيم حقوق الإنسان ، دولة ونظام حكم من الماضى البعيد فى عصر الشعوب وإحترام حق الحياة والعيش الكريم .

(٢)
???? لقد دعت الولايات المتحدة الأمريكية لجلسة خاصة لمجلس الأمن الدولى على مستوى وزراء الخارجية
ترأس الجلسة وزير الخارجية الأمريكية أنتونى بلينكن
وخاطبتها ممثلة مكتب الطوارئي بالأمم المتحدة وممثلة للمجتمع المدنى وسلطان قبيلة المساليت بالسودان ، لم يأتوا بجديد يذكر فى وصف مأساة أهل السودان ، كما تمت دعوة كل من جمهورية مصر العربية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة تركيا لمخاطبة المجلس ، فقد تناول وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن فى كلمته أهمية وصول الدواء والطعام للنازحين فى الداخل ومناطق الحرب واللاجئين فى الخارج ، كما تحدث عن اهمية إجبار المتحاربين على إحترام القانون الإنسانى الدولى لحماية المدنيين أثناء الحرب
وتحدث عن ضرورة عدم الإفلات من العقاب وتناول أهمية الوصول لوقف دائم لإطلاق النار وإنهاء الحرب ، ومن ثم إقامة حكومة إنتقالية يقودها المدنيين ، كلام صحيح وممتاز ولكنه وقع على أذن صماء فى مجلس عاجز عن إتخاذ القرار الحاسم والملزم
لقد أعلن وزير الخارجية الأمريكى لتأكيد جدية الولايات المتحدة فى مواجهة ازمة السودان عن زيادة مساهمة الولايات المتحدة فى العون الإنسانى بمبلغ ٢٠٠ مليون دولار ، ليتجاوز ال ٢ مليار دولار خلال العشرين شهر الماضية عمر الحرب العبثية وأعلن عن تخصيص مبلغ ٣٠ مليون دولار لدعم منظمات المجتمع المدنى السودانى التى مدح دورها فى حماية المدنيين .

(٣)

???? فى مقابل الحديث الطيب والمسئول من كل ممثلى الدول المتحدثين فى مجلس الأمن عن ضرورة وقف الحرب وحماية المدنيين
جاءت كلمة ممثل دولة روسيا مخيبة للآمال
ومعبرة عن إفلاس على المسرح الدولى ومتحدية للإرادة الدولية متوعدا بقطع الطريق أمام أى قرارات من مجلس الأمن الدولى لوقف الحرب ، ووصول المعونات للضحايا وحديث بتسفيه فكرة تأسيس حكم إنتقالى فى السودان بقيادة مدنية ، وقد بنى خطابه على أساس الحفاظ على سيادة السودان ، السيادة التى لا يعلم ممثل روسيا أنها تقوم على مسئولية حماية المدنيين ، دولة عاجزة عن حماية مواطنيها لاسيادة لها لإبادتهم ، لا يعلم ممثل روسيا أن السيادة ليست وجبة مجانية Free Meal بل ترتبط بواجبات وحقوق ، المضحك المبكى أن ممثل روسيا يدافع عن سيادة السودان ، فى الوقت الذى تنتهك قواته سيادة دولة جاره له فى أوكرانيا بغزو جائر على أراضيها ، نحن بإسم الشعب السودانى نعلن عن دعمنا ومساندتنا للهجمة البربرية الروسية على اراضيه ، وفرض الحرب والتشرد عليه من دولة لا تحترم حقوق حماية المدنيين مع جيرانها وتنتهك سيادتهم وتدافع فى ذات الوقت عن سيادة دول وشعوب أخرى فى مجلس الأمن الدولى .

(٤)
???? لقد عجز مجلس الأمن الدولى فى جلسته على المستوى الوزارى أمس فى الإجابة على أسئلة الساعة التى يطرحها الشعب السودانى وهو يواجه *النزوح واللجوء والمجاعة* *والموت بالقصف* *العشوائي*
* كيف يتم إجبار طرفى الحرب للجلوس على طاولة التفاوض لوقف القتال؟
* كيف يتم التدخل لحماية المدنيين بما يضمن الإلتزام بالقانون الإنسانى الدولى ؟؟
* كيف يتم ضمان عدم الإفلات من العقاب على كل جرائم الحرب الحالية والسابقة ؟
* كيف يتمكن مجلس الأمن من وقف تدفق السلاح لطرفى الحرب ؟
* كيف سيتمكن مجلس الأمن من محاصرة آثار حرب السودان من الإنتشار فى دول الجوار ومحاصرة آثارها من لجوء وإنزلاق فى حرب إقليمية ؟
*خمسة أسئلة محورية كانت على منضدة مجلس الأمن الدولى أمس الخميس ١٩ ديسمبر فى مواجهة الأزمة السودانية ، مازالت واقفة مكانها على باب المجلس تنتظر الإجابة ياسيادة الأمين العام للأمم المتحدة .

(٥)
????????ختامة
تزامنت جلسة مجلس الأمن الدولى أمس ١٩ ديسمبر مع يوم إعلان إستقلال السودان من داخل البرلمان ، الإستقلال الذى لم نتمكن من الحفاظ عليه
بإقامة دولة للعدالة والمواطنة المتساوية ، دولة قادرة على حماية مواطنيها وإحترام حقوق الإنسان ، والشعب اليوم بين
لاجئي ونازح ومحبوس كدروع بشرية تحت القصف العشوائي .
*نتطلع لعمل دولى جاد وحاسم بخصوص وقف الحرب فى السودان* بتفعيل تحالف الراغبين Alps وبتنسيق كامل مع الإتحاد الأفريقى والإتحاد الأوربى وحلف النيتو ، لفرض حظر كامل على الطيران No Fly Zone , وحظر كامل لتوريد السلاح لطرفى الحرب جواً وبحراً Arms Embargo ، هذه حلول ممكنة وأقل تكلفة ، وأكثر فاعلية لوقف جنون الحرب فى السودان ، ومواجهة نزق القادة وعدم مسئوليتهم بشكل عملى لحل الأزمة وليست إدارتها .

#لاللحرب
#لازم_تقيف
٢٠ ديسمبر ٢٠٢٤م

   

مقالات مشابهة

  • السودان وحرب الأمر الواقع
  • الحرب في السودان: تداعيات الأفلات من العقاب من منظور سياسي/ أقتصادي
  • مجلس الأمن الدولى نادى للكلام وقِلة الأفعال
  • الحوثي تؤكد مواصلتها استهداف المقرات الحيوية والعسكرية الإسرائيلية
  • اليوم نرفع راية استقلالنا (1)
  • تقدم: ندعو أطراف الحرب لاتخاذ قرار شجاع بوقفها
  • استخدموا مواردكم لتخفيف معاناة السودان وليس تعميقها.. بلينكن يعلن هذا الإجراء الذي ستتخذه الولايات المتحدة حيال الأمر
  • مجلس الأمن، والسودان
  • مواقف دول الجوار من حرب السودان (1)
  • حوار مع صديقي ال ChatGPT الحلقة (68)