استشهاد صفي الدين وصلابة المقاومة
تاريخ النشر: 29th, October 2024 GMT
ما من شك بأن المجاهدين العظماء يدركون جيداً أن مسيرة الجهاد والمقاومة التي نهجوها وسلكوا دروبها، هي مسيرة العزة والكرامة، هي مسيرة الحق والعدل، هي مسيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مسيرة لا تقود إلا لخيارين أو بالأحرى نتيجتين لا ثالث لهما : النصر أو الشهادة، ويرى الكثير منهم أنفسهم مشاريع للشهادة وخصوصا عندما يتعلق الأمر بنصرة دين الله والجهاد في سبيله، دفاعا عن الأرض والعرض والشرف والكرامة، ونصرة للمستضعفين، فإن عانقوا النصر سجدوا لله سجدة شكر، وحمدوا الله وشكروه على نصره وتمكينه وعونه وتأييده وتوفيقه، وإن ظفروا بالشهادة فرحوا بها، فرحوا بما آتاهم الله من فضله، وما منحهم من عطايا، وماهم فيه من نعيم، ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون، يتمنون أن يلتحق بهم رفاقهم في درب الجهاد لعظيم ما شاهدوه من فضل وعطاء لا وصف له، وأن لا يحزنوا على تركهم للدنيا ومغرياتها، ولا خوف من الشهادة في سبيل الله، فالثمن الذي سيقبضوه والعوض الرباني الذي سيحصلون عليه فوق فوق الخيال .
ومن هؤلاء الشهداء العظماء الذين صدقوا الله عهدا، وضربوا أروع الأمثلة في البذل والعطاء والتضحية والفداء القائد الكبير والشهيد العظيم السيد العلامة هاشم صفي الدين رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله رضوان الله عليه، الذي ارتقى شهيدا على طريق القدس في غارة إجرامية وحشية غادرة شنها طيران كيان العدو الصهيوني على الضاحية الجنوبية والتي استخدمت فيها عشرات الأطنان من المتفجرات، ليلتحق برفيق دربه شهيد الإسلام والمسلمين سيد الشهداء السيد حسن نصر الله رضوان الله عليه، والذي كان له الأخ والعضد (وحامل رايته، ومحل ثقته، ومعتمده في الشدائد والكفيل في المصاعب، مضى على ما مضى عليه البدريّون ناصراً لدين الله، تقياً، صالحاً، رائداً، مدبّراً، مديراً، قائداً وشهيداً)، حيث كان خير خلف لخير سلف، ولكن مشيئة الله اقتضت بأن يظفر بوسام الشهادة الذي لطالما حلم بالحصول عليه، وسعى سعيه من أجل بلوغ هذه الغاية وهذا الهدف الأسمى، ففاز بالدرجات العليا في الجنة، في مقعد صدق عند مليك مقتدر .
لقد ارتقى المجاهد العظيم الشهيد هاشم صفي الدين الرقي الذي يليق به وبتاريخه النضالي ومواقفه الجهادية الخالدة التي كان من الطبيعي أن تتوج بالشهادة، أدار بكل كفاءة ومسؤولية وحكمة وإقتدار المجلس التنفيذي لحزب الله، بكل مؤسساته ووحداته العاملة، وكان المعتمد الأمين للسيد حسن نصر الله رضوان الله عليهما طيلة فترة عملهما الجهادي، ولعمري ما شاهدت ولا سمعت عن قادة عظماء لا يهابون الموت، ولا يحرصون على الحياة، قادة يحملون الروحية الإيمانية التي ترى في الحياة الدنيا دار ممر لا دار مقر، وأن الشهادة عطاء قابله الله بعطاء تفاصيله تفوق الخيال .
ظن الصهيوني أن اغتيال الشهيد هاشم صفي الدين سيفت من عضد المقاومة اللبنانية، وسيقضي على حزب الله، وهكذا كان ظنه عندما أقدم على ارتكاب جريمة اغتيال سيد الشهداء السيد حسن نصر الله، ولكن الله خيب كل ظنونه، فالمقاومة خالدة، والقضية التي تناضل من أجلها وتدافع عنها لن تموت بإستشهاد قياداتها، وهاهو العدو الصهيوني يشاهد وبصورة عملية على مسرح العمليات القتالية، كيف تمكن حزب الله من الصمود والثبات، وكيف نجح أبطال المقاومة الإسلامية اللبنانية في ترتيب صفوفهم، وتجميع قواهم، وتكثيف عملياتهم النوعية التي تستهدف عمق هذا الكيان، وصولا إلى مرحلة توجيه رسائل تحذير للمستوطنين الصهاينة في أكثر من 25مستوطنة بضرورة إخلاء المستوطنات حفاظا على أرواحهم كونها باتت هدفا لعملياتهم، في تحول نوعي وتطور في مجريات المواجهة مع هذا الكيان الذي درجت العادة بأن يقوم بهذه المهمة بهدف تجميل وتحسين وجهه القبيح الملطخ بدماء أطفال ونساء غزة ولبنان .
وهو ما يؤكد وبما لايدع أي مجال للشك، بأن المقاومة اللبنانية عصية على الانكسار، وأنها باتت تمتلك المناعة والقدرة التي تمكنها بعون الله وتوفيقه من تجاوز أي مصاعب أو تحديات قد تعترض مسارها، أو تتهدد وجودها ومستقبلها ودورها، فالتضحيات العظيمة التي قدمتها جعلت منها وقودا أشعل براكين الغضب في داخل عناصرها وكوادرها، ودفعها لتغيير خططها وتكتيكاتها وطريقة إدارتها للمعركة القائمة، وفق آلية جديدة عصية على الإختراق، أربكت حسابات كيان العدو الصهيوني، الذي لم يستوعب بعد ما يشاهده من تطورات ومتغيرات لم يتوقعها على الإطلاق، وخصوصا عقب سلسلة الجرائم التي استهدفت قادة ورموز المقاومة اللبنانية والتي ظن – وكل ظنه إثما وإجراما ؛ بأنها كفيلة بالقضاء عليها وإنهيار منظومتها، ليجد نفسه أمام مقاومة أكثر قوة وأشد بأسا وأصلب عودا من ذي قبل، مقاومة معها لم تتوقف صفارات الإنذار في مختلف مناطق فلسطين المحتلة، مقاومة أثبتت المعطيات بأنها تزداد قوة وصلابة، كلما ارتقى منها شهيد، ويزداد بأس أبطالها كلما راهن العدو على هزيمتها، وتزداد تماسكا وتلاحما كلما راهن العدو على تضعضعها وانهيارها، وفاء لتضحيات الشهداء القادة العظماء، ورفاقهم من الأحياء عند ربهم يرزقون، نصرة لله ولرسوله، ولغزة والضفة وكل فلسطين والجنوب اللبناني الحر المقاوم، أمام آلة القتل والإجرام والإرهاب والتوحش الصهيوأمريكية، التي يندى لجرائمها ومذابحها ومجازرها البشرية جبين الإنسانية .
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
العدو الصهيوني يحتجز جثامين 665 شهيداً فلسطينياً
الثورة /فلسطين- وكالات
قالت الحملة الوطنية الفلسطينية لاسترداد جثامين الشهداء إن الاحتلال الإسرائيلي يواصل احتجاز 665 جثمان شهيد في مقابر الأرقام والثلاجات.
وأضافت أن بعض الشهداء جثامينهم تعود لستينيات وسبعينيات القرن الماضي، وآخرهم شهداء مخيم الفارعة في الضفة الغربية الذين استشهدوا مساء الأربعاء.
وأوضحت أن هذه الأرقام لا تشمل الشهداء المحتجزة جثامينهم من قطاع غزة، حيث لا تتوفر معلومات دقيقة حول أعدادهم.
ويطلق مصطلح “مقابر الأرقام” على مقابر دفنت فيها بطريقة غير منظمة جثامين فلسطينيين وعرب قتلهم الجيش الإسرائيلي ودفنهم في قبور تحمل أرقاما وفق ملفاتهم الأمنية، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية في العقدين الأخيرين عن بعضها في منطقة الأغوار وشمال البلاد.
ويرجع تاريخ مقابر الأرقام إلى تأسيس كيان الاحتلال، ولم يكشف منها إلا القليل، وتحوي هذه المقابر أيضا جثامين لشهداء عرب.
وتريد إسرائيل من “مقابر الأرقام” أن يكون الموت بداية معاناة وأداة انتقام وعقابا لأسر الشهداء، وورقة للتفاوض والمساومة، في انتهاك للقيم الإنسانية والقوانين الدولية.
ويهدف العدو المحتل من خلال هذه الشروط القاسية لمنع تحويل جنازات الشهداء إلى مظاهرات شعبية يشارك فيها أهالي المدينة، ولمنع توثيق الحالة التي يُسلّم بها الشهداء بعدسات الكاميرات والهواتف بعد أشهر وسنوات طويلة من احتجاز الجثامين في صقيع الثلاجات.
وفي السنوات السابقة، كشفت الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء عن قيام السلطات الإسرائيلية بانتزاع أعضاء الشهداء الأسرى وبيع أجسادهم لمراكز طبية معنية بهذه الأمور، ومبادلة أعضاء الشهداء الأسرى من قبل معهد أبو كبير للطب الشرعي مقابل الحصول على أجهزة طبية.