مستقبل العلاقة مع واشنطن: العراق يريد الشراكة لا الهيمنة
تاريخ النشر: 29th, October 2024 GMT
28 أكتوبر، 2024
بغداد/المسلة: العلاقة بين العراق والولايات المتحدة تحمل تحديات كبيرة في ظل التطورات الإقليمية والتغيرات السياسية الداخلية في كلا البلدين.
وهناك توجه عراقي لطرح علاقته مع واشنطن بشكل مختلف عما كان عليه سابقاً، حيث يسعى العراق إلى تنويع هذه العلاقة بعيداً عن البُعد العسكري والأمني الذي طالما طغى على التعاون الثنائي.
في هذا السياق، شكّلت الحكومة العراقية لجنة خاصة لمراجعة العلاقة مع واشنطن، معتمدة على اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقعة عام 2008، والتي كانت تسعى إلى إرساء شراكة قائمة على التعاون في مختلف المجالات، وليس فقط الشؤون الأمنية.
وتقول مصادر لـ المسلة، أن العراق يسعى إلى تحقيق شراكة متوازنة تتيح له بناء اقتصاد قوي ومستدام، عبر الاستفادة من خبرات واشنطن في المجالات الاقتصادية، والتعليمية، والصحية، بدلاً من الاعتماد المفرط على الجانب العسكري”، و هذا التوجه يعكس رغبة قوية في تحقيق تطلعات الشعب العراقي بعيدًا عن تأثيرات الصراعات الإقليمية.
علاوة على ذلك، أعلن العراق في وقت سابق من هذا العام إنهاء التحالف الدولي الذي تشكل عام 2014 لمحاربة تنظيم داعش، وهي خطوة تهدف إلى الحد من التواجد العسكري الأجنبي، واستعادة السيطرة الوطنية على القرارات السيادية.
ويأتي هذا الإعلان كجزء من خطة تهدف إلى تغيير نمط العلاقة مع الولايات المتحدة، مع السعي لتطوير آليات جديدة للتعاون عبر لجنة عسكرية ثلاثية تضم ممثلين من الطرفين.
وتفيد تحليلات انه “على هذه اللجنة أن تؤسس أسسًا قوية لشراكة حقيقية تبتعد عن الهيمنة وتستند إلى المصلحة المتبادلة، بحيث يشعر العراقيون بأثر هذه الشراكة في حياتهم اليومية”.
والتحول نحو الشراكة الاقتصادية بات مطلباً متزايداً، حيث تؤكد بعض الأصوات داخل الحكومة العراقية على ضرورة الانتقال من الاعتماد على الدعم العسكري إلى تعزيز التعاون في مجالات البنية التحتية والتكنولوجيا والطاقة، مما يساهم في تطوير قدرات العراق الاقتصادية وتوفير فرص عمل للشباب.
والعلاقة العراقية-الأمريكية تُعدّ من أكثر القضايا تعقيداً في المشهد السياسي العراقي، وتشكل مصدر خلاف بين القوى السياسية، حيث تتباين الرؤى حول كيفية التعامل مع هذه العلاقة وتوجيهها نحو مسار يخدم مصالح البلاد بعيداً عن التدخلات الخارجية.
تيارات سياسية ترى في واشنطن شريكاً أساسياً يجب الحفاظ على تعاونه، خصوصاً في المجالات الاقتصادية والصحية والتعليمية التي يفتقر فيها العراق إلى دعم مؤسسي طويل الأمد.
هذه القوى تدعو إلى توسيع مجالات التعاون خارج الإطار الأمني، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة يمكنها أن تكون حليفاً استراتيجياً لتنمية العراق من خلال استثمارات ضخمة، خاصة في مجالات البنية التحتية والطاقة.
ولعل هذا التوجه يُعبّر عنه ممثلون في البرلمان ومسؤولون يعتقدون أن بناء شراكة اقتصادية شاملة مع واشنطن يمكن أن يحقق استقراراً اقتصادياً بعيداً عن عائدات النفط.
على الجانب الآخر، هناك قوى تعتبر أن العلاقة مع الولايات المتحدة محفوفة بمخاطر السيادة. هذه الأطراف، التي تميل غالباً إلى خطاب وطني رافض للتواجد العسكري الأمريكي، و ترى أن السياسة الأمريكية في المنطقة تتعارض مع مصالح العراق وتوجهاته الإقليمية.
وبالنظر إلى النفوذ الإقليمي الواسع لهذه القوى، فقد شهدت الساحة السياسية مطالبات بإعادة تقييم العلاقة، وتحديد مدى الحاجة إليها.
وهذا الانقسام يظهر بشكل جليّ في قرارات الحكومة العراقية، التي تسعى من جهة إلى تهدئة المخاوف الداخلية عبر تشكيل لجان لمراجعة اتفاقية الإطار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، ومن جهة أخرى تواجه ضغوطات من أجل تأكيد التوجه نحو شراكات جديدة لا تخضع للضغوطات الخارجية.
وكانت اللجنة المشتركة عقدت 3 اجتماعات في واشنطن وبغداد، توصلت خلالها إلى آلية جديدة لتنظيم العلاقة بين الطرفين، وتقضي بانسحاب ما تبقّى من قوات قتالية أميركية في العراق، والإبقاء على عدد من المستشارين لأغراض المشورة والدعم اللوجيستي، بحسب اتفاقية الإطار الإستراتيجي الموقَّعة عام 2008 التي صادَق عليها البرلمان العراقي.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة العلاقة مع مع واشنطن
إقرأ أيضاً:
بين التجربة الخليجية والتردد العراقي.. أبن حلم الصندوق السيادي؟
5 فبراير، 2025
بغداد/المسلة: طرح ملف إنشاء صندوق سيادي عراقي للنقاش مراراً، لكنه لم يتجاوز مرحلة الحديث الإعلامي إلى التنفيذ الفعلي.
و تعاقبت الحكومات وتبدلت الأولويات، لكن الفكرة بقيت حبيسة التصريحات من دون ترجمة على أرض الواقع، رغم أن أغلب الدول النفطية لجأت إلى هذه الأداة المالية لحماية اقتصادها وضمان استدامة مواردها للأجيال المقبلة.
واعتبر مختصون أن غياب الإرادة السياسية وضعف التخطيط الاستراتيجي حالا دون إنشاء هذا الصندوق، رغم أن العراق شهد خلال الأعوام الماضية فوائض مالية كبيرة، كان يمكن استثمارها بدلاً من إنفاقها في نفقات تشغيلية متضخمة ومشاريع ذات طابع انتخابي لا تحقق عوائد اقتصادية طويلة الأمد.
وأكد خبراء ماليون أن العراق أضاع فرصة ذهبية بعد ارتفاع أسعار النفط عقب جائحة كورونا، حيث كان بالإمكان توجيه جزء من الإيرادات لإنشاء الصندوق بدلاً من استهلاكها بالكامل.
وذكر نواب في البرلمان أن تأسيس الصندوق يحتاج إلى تشريع قانوني يمر عبر مجلس النواب، لكن هذا الأمر لم يطرح بجدية على جدول أعمال الحكومة أو البرلمان، ما يعكس غياب رؤية اقتصادية واضحة لإدارة الموارد المالية.
وأوضح مختصون أن العراق يعتمد بشكل شبه كامل على إيرادات النفط، ومع ذلك لم يستغل الفوائض لإنشاء أصول استثمارية توفر مصادر دخل مستدامة تقلل من مخاطر تذبذب الأسعار العالمية.
وحذر اقتصاديون من أن غياب الصندوق السيادي يجعل الاقتصاد العراقي عرضة للاضطرابات العالمية، حيث أن معظم الموارد المالية تستهلك في الرواتب والمصاريف التشغيلية من دون وجود استثمارات طويلة الأجل تعزز الاستقرار المالي.
وأشاروا إلى أن دولاً نفطية أخرى، مثل السعودية والإمارات والكويت، استفادت من صناديقها السيادية في تعزيز اقتصاداتها وتنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط، بينما بقي العراق عالقاً في حلقة مفرغة من العجز المالي والإنفاق غير المنتج.
ورأى محللون أن العراق ما زال يمتلك فرصة لإنشاء صندوق سيادي إذا تبنّت الحكومة رؤية اقتصادية جديدة تركز على استثمار جزء من الإيرادات النفطية في أصول خارجية منتجة. وأكدوا أن الإصلاحات المالية يجب أن تبدأ من ضبط النفقات العامة وتوجيه الفوائض إلى مشاريع استثمارية حقيقية بدلاً من توظيفها في تعيينات غير مدروسة ومشاريع سياسية قصيرة المدى، وشددوا على أن بقاء العراق من دون صندوق سيادي يعني استمرار المخاطر الاقتصادية والاعتماد المفرط على مصدر دخل وحيد، وهو النفط، الذي لا يضمن الاستقرار على المدى الطويل.
و طالب مختصون الحكومة والبرلمان بالتحرك سريعاً لوضع إطار قانوني وتنفيذي لإنشاء الصندوق، مؤكدين أن الاستمرار في تجاهل هذا الملف سيؤدي إلى نتائج كارثية في المستقبل، خاصة إذا انخفضت أسعار النفط بشكل حاد. ورأوا أن الحل يكمن في استلهام تجارب الدول الناجحة وإيجاد آليات تمويل مبتكرة لضمان إطلاق الصندوق من دون التأثير على التزامات الدولة المالية الحالية.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts