14 طريقة لزيادة الرزق وجلب البركة بإذن الله تعالى
تاريخ النشر: 29th, October 2024 GMT
14 طريقة لزيادة الرزق وجلب البركة بإذن الله تعالى
#ماجد_دودين
مع أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة وازدياد نسبة التضخم إلى أعلى مستوياتها، أصبح الكثيرون منّا يهتمون أكثر بشؤونهم المالية، وهذا حق مشروع. وقد بدأ الكثيرون في محاولة الحصول على عمل إضافي، أو فكروا في تحويل إحدى هواياتهم إلى فكرة مشروع لرفع دخلهم.
إنّ النعم والأرزاق لا تصل إلينا بأفعال اللسان والجوارح فقط، بل تبدأ أولاً بأفعال القلوب، ومن ذلك: التوكل الكامل على الله سبحانه، والاعتماد عليه، ومعرفة أنه الرزاق الوحيد المطلق، ومصدر كل النعم التي ننعم ونتنعّم بها، وبالتوكل الكامل عليه يعدنا بالرزق والبركة فيه.
مقالات ذات صلة جمعة النفير العقيمة 2024/10/28قال صلى الله عليه وسلّم: “لو أنَّكم كنتُم توَكلونَ علَى اللهِ حقَّ توَكلِه لرزقتُم كما يرزقُ الطَّيرُ تغدو خماصًا وتروحُ بطانًا” الراوي: عمر بن الخطاب | المحدث: الألباني | المصدر: صحيح الترمذي – الصفحة أو الرقم: 2344 | خلاصة حكم المحدث: صحيح – التخريج: أخرجه الترمذي (2344) واللفظ له، وابن ماجه (4164)، وأحمد (205).
حَثَّ الشَّرعُ على التوكُّلِ على اللهِ تعالى والأخْذِ بالأسبابِ، وأنْ يكونَ المسلِمُ مُستعينًا باللهِ تعالى معترِفًا بأنَّ الله بيدِه كلُّ شيءٍ، وأنَّه هو الَّذي يقدِّرُ الأشياءَ. وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: “لو أنَّكم كُنتم تَوَكَّلون على اللهِ حقَّ توكُّلِه”، أي: لو حقَّقتُم معنى التَّوكُّلِ على اللهِ، واعتمَدتُم عليه بصِدقٍ، وأخَذتُم بما تيَسَّر لكم مِن أسبابٍ، وعَلِمتم أنَّ اللهَ بيَدِه العطاءُ والمنعُ، وأنَّ تَكَسُّبَكم وسعيَكم مِن أسبابِ اللهِ، وليسَت قوَّتُكم هي الرَّازِقةَ لكم، “لَرُزِقتُم”، أي: لرزَقَكم اللهُ ويسَّر لكم الأسبابَ، “كما يرزُقُ الطَّيرَ”، أي: كما يَأتي بالرِّزقِ إلى الطَّيرِ عندما “تَغدو”، أي: تذهَبُ بُكرةً في أوَّلِ نَهارِها، “خِماصًا”، أي: جِياعًا وبطونُها فارِغةٌ، “وتروحُ”، أي: وتأتي في آخِرِ النَّهارِ إلى بَياتِها “بِطانًا”، أي: وقد مُلِئَتْ بُطونُها بالطَّعامِ، وهذا نوعٌ مِن أنواعِ الأسبابِ في السَّعيِ لطلَبِ الرِّزقِ دون التَّواكُلِ والتَّكاسُلِ، والجلوسِ والزُّهدِ الكاذِبِ في الدُّنيا، لكنْ يَنبَغي على العبدِ الأخذُ بأسبابِ الرِّزقِ مع اليَقينِ في اللهِ وعدَمِ الانشغالِ بالدُّنيا عن الآخرَةِ.
إدامة الشكر لله تعالىمن أعمال القلب أيضاً الشكر، والشكر من أحب أنواع العبادة التي تقرّبنا إلى الله سبحانه، قال تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} (سورة البقرة: 152).
يجب أن نكون شاكرين لله المنعم الكريم على ما أنعم به علينا، ونسعى إلى تقدير كل نعمة نتمتع بها في حياتنا. وكثيراً ما نعتبر ما نملكه أمراً مسلماً به، ولا نخصص الوقت للتفكير في العديد من الهدايا والعطايا والهبات التي وهبنا الله إياها. كما ينبغي علينا أن نتذكر أننا إذا أظهرنا الشكر، فإن نعمنا ستزداد. يقول الله تعالى:” وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ “(سورة إبراهيم 14:7).
إن الحياة تواجهنا دوماً بالمحن والابتلاءات، ولكن بتغيير طريقة تفكيرنا سنتمكن من التركيز على الكم الهائل من النعم التي تغمرنا. وبالرضا بما قدر الله لنا سيزيدنا الله خيراً ويبارك لنا فيه. قال صلى الله عليه وسلّم:” إنَّ اللهَ تباركَ وتعالى يَبْتَلِي عَبْدَهُ بِما أعطاهُ، فمَنْ رضيَ بِما قَسَمَ اللهُ عزَّ وجلَّ لهُ بارَكَ اللهُ لهُ فيهِ ووسَّعَهُ، ومَنْ لمْ يَرْضَ لمْ يُبارِكْ لهُ فيهِ”. الراوي: أحد من بني سليم | المحدث: الألباني | المصدر: السلسلة الصحيحة – الصفحة أو الرقم: 1658 | خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح على شرط مسلم.
التوبة والاستغفار وطلب المغفرة من الله تعالىإن من أبسط الطرق التي يمكننا من خلالها زيادة رزقنا هي من خلال طلب المغفرة من ذنوبنا وتقصيرنا. لقد أوصى نوح (عليه السلام) قومه بالاستغفار وطلب المغفرة من الله تعالى، مؤكدًا لهم أنه نتيجة لذلك سيمنحهم النعم المادية. {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا (12)} [سورة نوح]
ذكر ابن القيم أنّ الاستغفار من أنجع الأذكار التي تجلب زيادة الرزق، وتدفع الكرب بإذن الله تعالى.
التقوىإن الإيمان بالله تعالى والتقوى عموماً من أسباب فضل الله على الإنسان، قال تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [سورة الأعراف: 96].
كما أن التقوى تغرس الأمل الكبير في قلب المؤمن والثقة بعون الله وتوفيقه لأولئك الذين يطيعونه.
” وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3) ” (سورة الطلاق 71: 2-3).
5. ترك الذنوب
إن النتيجة الطبيعية لتقوى الله والاستغفار هي ترك الذنوب واجتناب الآثام، ومن نتائج اقتراف الذنوب، الحرمان من الرزق في الدنيا، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (- إنَّ العَبدَ ليُحرَمُ الرِّزقَ بالذَّنبِ يُصيبُه، ولا يَرُدُّ القَدَرَ إلَّا الدُّعاءُ، ولا يَزيدُ في العُمُرِ إلَّا البِرُّ.) الراوي: ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم | المحدث: شعيب الأرناؤوط | المصدر: تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم: 22438 | خلاصة حكم المحدث: حسن لغيره دون قوله: “إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه”، | التخريج: أخرجه ابن ماجه (4022)، وأحمد (22438) واللفظ له.
خَلقَ اللهُ تعالى الخَلقَ وتَكَفَّل بأرزاقِهم، ومَعَ ذلك فقد أمر اللَّهُ تعالى بالسَّعيِ في طَلَبِ الرِّزقِ، فقال: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} [الملك: 15]، وكُلُّ هذا من بَذلِ الأسبابِ في تَحصيلِ الرِّزقِ الحَلالِ، فعلى العَبدِ أن يَتَحَرَّى الحَلالَ، ويَسألَ اللَّهَ أن يوفِّقَه للرِّزقِ الطَّيِّبِ، وإنَّ ممَّا يُحرَمُ به الإنسانُ الرِّزقَ المَقسومَ له: اقتِرافَ الذُّنوبِ والمَعاصي، فهي سَبَبٌ مانِعٌ من مَوانِعِ الرِّزقِ، وممَّا جاءَ في هذا الحَديثِ: أنَّ القدرَ لا يَرُدُّه ويَدفَعُه ويَرفعُه إلَّا الدُّعاءُ؛ فالدُّعاءُ له تَأثيرٌ عَجيبٌ في رَفعِ المُقدَّرِ على الإنسانِ، ولا يَزيدُ في العُمرِ إلَّا البِرُّ؛ فالبِرُّ بالوالِدَينِ من أسبابِ زيادةِ العُمرِ، وهذه الزِّيادةُ قد تَكونُ حَقيقيَّةً، بمَعنى: أنَّه لو لم يَكُنْ بارًّا لقَصَرَ عُمرُه عنِ القَدرِ الذي كان إذا بَرَّ، وقيل: إنَّ البارَّ يَنتَفِعُ بعُمرِه وإن قَلَّ أكثَرَ ممَّا يَنتَفِعُ به غَيرُه، فيَكونُ هناكَ بَرَكةٌ في عُمرِه، فمَن وُفِّقَ للإكثارِ منَ الأعمالِ الصَّالحةِ يَزيدُ اللهُ تعالى في أجرِه؛ حتَّى يَكونَ أكثَرَ من أجرِ مَن هو أطولُ منه عُمرًا.
عندما نواجه صعوبات في الحياة، سواء في الدخل المحدود، أو في علاقاتنا الشخصية، أو في عملنا أو حياتنا المنزلية، يجب علينا أن نفكر في أفعالنا وننظر أين قصّرنا ونتلافى التقصير.
قال تعالى:” مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ۖ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ ۚ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا” (القرآن، 4:79)
6.الإخلاص لله تعالى
من غير المستغرب أنه كما أن الذنوب تسبب حجب الرزق، فإنه بإخلاصنا لله وعبادته فإن الصعوبات المالية والنفسية التي نواجهها سوف تزول.
“تلا رسولُ اللهِ مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآَخِرَةِ الآية قال: يقولُ اللهُ: ابنَ آدمَ! تفرَّغْ لعبادتي، أملأْ صدرَك غِنًى، وأَسُدَّ فقرَك، وإلا تفعلْ، ملأتُ صدرَك شُغلًا ولم أَسُدَّ فقرَك” الراوي: أبو هريرة | المحدث: الألباني | المصدر: صحيح الترغيب- الصفحة أو الرقم: 3166 | خلاصة حكم المحدث: صحيح- التخريج: أخرجه الترمذي (2466)، وابن ماجه (4107)، وأحمد (8681) مختصراً، والحاكم (3657) باختلاف يسير.
عُبوديَّةُ اللهِ هي أعْلى المَقاماتِ وأشْرَفُها، وهي الغايةُ من خَلْقِ الإنسانِ، وعندَما يَتفرَّغُ لها الإنسانُ، ينالُ الخيْرَ العميمَ، لكن إنْ غَفَلَ عنها، وانْشَغَلَ بالدُّنيا، كان ذلك هو الخُسْرانَ الحقيقيَّ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ أبو هُرَيْرةَ رضِيَ اللهُ عنه: “تَلا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم”، أي: قَرَأَ على الصَّحابَةِ قوْلَهُ تَعالى: “{مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ} والمعنى: مَن كان يُريدُ بعَمَلِهِ الآخِرَةَ؛ نَزِدْ له في عَمَلِهِ الحَسَنِ، فنَجْعَلْ له الحَسَنَةَ بعَشْرٍ، إلى ما شاء ربُّنا من الزيادَةِ، {وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} [الشورى: 20]، أي: وَمَنْ كان يُريدُ بعَمَلِهِ الدُّنيا، ويَسعَى لها لا للآخِرةِ، نُؤتِه ما قَسَمْنا له منها. ثم قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: “يقولُ اللهُ: ابنَ آدَمَ!”، أي: يُنادي على ابنِ آدَمَ قائلًا له: “تفرَّغْ لعِبادتي”، والمُرادُ من التفرُّغِ للعِبادَةِ: إيثارُها على حُظوظِ الدُّنيا، والإتيانُ بما أَمَرَ به منها، فلا تُلْهيهِ عن ذِكْرِ اللهِ، لا أنَّه لا يَفعَلُ إلَّا العِبادَةَ، بل لا يَنشغِلُ عن ربِّهِ، فيكُونُ في كلِّ أحوالِهِ وأعمالِهِ في طاعتِه، فلا تُلْهِيهِ تِجارةٌ أو بيعٌ عن ذِكرِ اللهِ وفَرائضِهِ.
ثمَّ بيَّن سُبحانَه وتَعالى ما يُعطيهِ لفاعِلِ ذلك: “أَمْلأْ صَدْرَكَ غِنًى” والمُرادُ بالغِنى: غِنى النَّفْسِ والرِّضا بما قَسَمهُ اللهُ، ويحصلُ في قلبِهِ قَناعَةٌ تامَّةٌ، “وأَسُدَّ فَقْرَكَ” والمُرادُ أنَّه لا يَبْقى للفَقْرِ ضَرَرٌ، بل يُغْنيهِ اللهُ في نَفْسِهِ، ويُبارِكُ له في القليلِ من مالِه، “وإلَّا تَفْعَلْ” يعني: وإنْ لم تفْعَلْ ما أَمَرْتُك به من التَّفرُّغِ للطاعَةِ والعِبادَةِ، وآثَرْتَ الدُّنيا على الآخِرةِ “مَلأْتُ صَدْرَكَ شُغْلًا”، أي: كثَّرْتُ شُغْلَكَ بالدُّنيا، فظَلَلْتَ مُنشغِلًا بغَيرِ العِبادةِ، مُقبِلًا على الدُّنيا وأعمالِها وأشغالِها، ولا يَزالُ قَلْبُك غيرَ راضٍ “ولم أَسُدَّ فَقْرَكَ” فتُنزَعُ البَرَكةُ من مالِكَ، ويَبْقى القَلْبُ مُتلهِّفًا على الدُّنيا غيرَ بالِغٍ منها أمَلَهُ، فيَحرِمُكَ اللهُ مِن ثَوابِهِ وفَضلِهِ، وتَزيدُ تعَبًا في الدُّنيا دونَ شُعورٍ بالغِنى. “إنك لفي شغل دائم، ولكني لا أزيل فقرك” (أحمد)، وأخبرنا صلى الله عليه وسلم أنه: “لا يزيد في العمر إلا العمل الصالح” (الترمذي).
7. إقامة الصلاة
إننا نعلم أنّ أوّل ما نُسأل عنه يوم القيامة هو صلاتنا، فإذا صلحت الصلاة صلحت سائر أعمالنا، وفي الحديث القدسي: عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن اللهِ عز وجل أنه قال: ابنَ آدمَ اركعْ لي أربعَ ركَعاتٍ من أولِ النهارِ أكْفِكَ آخِرَه. الراوي: أبو الدرداء وأبو ذر الغفاري | المحدث: الترمذي | المصدر: سنن الترمذي الصفحة أو الرقم: 475 | خلاصة حكم المحدث: حسن غريب
أَجزلَ اللهُ سُبحانَه وتعالى المثُوبةَ والفَضلَ للطَّائعينَ له، الَّذين يُكثِرونَ مِنَ الطَّاعاتِ. وفي هذا الحديثِ يُنبِّئُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم عنِ اللهِ عزَّ وجلَّ أنَّه قال: “ابنَ آدمَ، اركَعْ لي”، أي: صلِّ مُخلِصًا لي “أربعَ رَكعاتٍ مِنْ أوَّلِ النَّهارِ”، قيلَ: صلاةُ الضُّحَى، وقيلَ: صلاةُ الفجرِ؛ سُنَّتُه وفرْضُه، “أكْفِكَ آخِرَه”، أي: أدفَعْ عنْكَ وأُرِحْكَ مِنْ هُمومِك وأمورِك الَّتي تُقلِقُك، وقيلَ: مِنَ الذُّنوبِ والآفاتِ إلى آخِرِ النَّهارِ.
8. الدعاء
ومن الوسائل التي أعطانا الله إياها لتحصيل الرزق أن ندعوه ونطلب منه فضله ورحمته، مع اليقين التام بأنه هو الرزاق والمعين، وأنه هو الذي ينبغي لنا أن نسأله ونستعين به.
كانَ – النبي صلى الله عليه وسلّم- يقولُ إذا صلَّى الصُّبحَ حينَ يسلِّمُ “اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ عِلمًا نافعًا ورزقًا طيِّبًا وعملًا متقبَّلًا” الراوي: أم سلمة أم المؤمنين | المحدث: الألباني | المصدر: صحيح ابن ماجه – الصفحة أو الرقم: 762 | خلاصة حكم المحدث: صحيح
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أحسنَ الناسِ تَعليمًا وتَربيةً، وقد كان يُربِّي أُمَّتَه على التَّوجُّهِ إلى اللهِ بالدُّعاءِ ويُعلِّمُها ما تقولُ في دُعائِها، وفي هذا الحديثِ تُخْبِرُ أُمُّ المُؤمنينَ أُمُّ سلَمَةَ رضِيَ اللهُ عنها، زَوْجُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: “أنَّه كان يقولُ إذا صَلَّى الصُّبحَ حين يُسلِّمُ”، أي: عَقِبَ الانتهاءِ مِن صَلاةِ الصُّبحِ: “اللَّهُمَّ إنِّي أسأَلُك عِلْمًا نافعًا”، والعِلْمُ النَّافعُ هو ما باشَرَ القلْبَ، فأوجَبَ له السَّكينةَ والخُشوعَ والإخباتَ للهِ تعالى، وإذا لم يُباشِرِ القُلوبَ وكان على اللِّسانِ فقط، فهو حُجَّةٌ على بني آدَمَ وليس بنافِعٍ؛ ولذلك قيَّدَه بالنافِعِ. “ورِزْقًا طيِّبًا”، أي: حلالًا، وقيد بالطيِّب؛ لأنَّ الرِّزقَ نوعانِ: طيِّبٌ، وهو ما يكونُ مِن مَكسَبٍ حلالٍ، وخبيثٌ، وهو ما يكونُ مِن مَكسَبٍ حرامٍ، واللهُ تعالى لا يقبَلُ إلَّا طيِّبًا، ومِن أعظَمِ الأسبابِ المُوجِبَةِ لإجابةِ الدُّعاءِ طِيبُ المأْكَلِ. “وعَمَلًا مُتقبَّلًا”، أي: أسأَلُك يا أللهُ أنْ تكونَ أعمالي مِن طاعاتٍ وعِباداتٍ ومُعاملاتٍ مَقبولةً عندَك، واللهُ عزَّ وجلَّ لا يقبَلُ مِن الأعمالِ إلَّا ما كان خالِصًا لوجْهِه سُبحانَه. وهذا الدُّعاءُ عَظيمُ النَّفعِ، كبيرُ الفائدةِ، وإذا كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يدعو بذلك، وهو مَن قد علَّمَه ربُّه، ورَزَقَه الرِّزقَ الحلالَ الطَّيِّبَ، ولم يُصِبْ خبيثًا قطُّ، وغفَرَ له ذَنْبَه، وتقَبَّلَ عمَلَه؛ فغيرُه أحوجُ إلى الدُّعاءِ بهذه الأُمورِ.
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَدْعو يقولُ: اللَّهُمَّ قنِّعْني بما رَزَقْتني، وبارِكْ لي فيه، واخلُفْ على كُلِّ غائبةٍ لي بخيرٍ. الراوي: عبدالله بن عباس | المحدث: الحاكم | المصدر: المستدرك على الصحيحين -الصفحة أو الرقم: 1902 | خلاصة حكم المحدث: صحيح الإسناد. وقال صلى الله عليه وسلّم:”لا يردُّ القضاءَ إلَّا الدُّعاءُ، ولا يزيدُ في العمرِ إلَّا البرُّ”. الراوي: سلمان الفارسي | المحدث: الألباني | المصدر: صحيح الترمذي – الصفحة أو الرقم: 2139 | خلاصة حكم المحدث: حسن – التخريج: أخرجه الترمذي (2139)، والبزار (2540)، والطبراني (6/251 (6128)
جعَل اللهُ سبحانه وتعالى بحِكمَتِه لكلِّ شيءٍ في هذه الدُّنيا سَببًا؛ فجعَل الولَدَ يأتي بالزَّواجِ، والمريضَ يُشْفى بالدَّواءِ، وكذلك جعَل القَضاءَ يُرَدُّ بالدُّعاءِ، والعُمرَ يَزيدُ بالبِرِّ، كما يقولُ الرَّسولُ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في هذا الحديثِ: “لا يَرُدُّ القضاءَ إلَّا الدُّعاءُ”، أي: الأمرَ المقدَّرَ، فالدُّعاءُ يَكونُ سببًا في عَدَمِ نُزولِ البلاءِ المقدَّرِ لذلك الشَّخصِ، وقيل: رَدُّه هو تَهْوينُ وتَخفيفُ ما نزَل على العبدِ مِنه، “ولا يَزيدُ في العُمرِ إلَّا البِرُّ”، أي: الطَّاعاتُ، والإحسانُ إلى الوالِدَينِ والأرحامِ وسائرِ النَّاسِ؛ فهي سَببٌ في زيادةِ العُمرِ، وقيل: الزِّيادةُ المَعنِيَّةُ هي البرَكةُ في وَقتِه وعُمرِه، وكلٌّ مِن رَدِّ القضاءِ بالدُّعاءِ، وزيادةِ العمرِ بالبِرِّ- إنَّما هُما مِن الأمورِ المكتوبةِ للشَّخصِ عندَ اللهِ سبحانه وتعالى في اللَّوحِ المحفوظِ، وقد سبَقَتْ في عِلمِ اللهِ سبحانه وتعالى، لكنَّ الأمرَ فيها من بابِ الأسبابِ والمسبِّباتِ، كالدَّواءِ للمَريضِ، ونحوِ ذلك. وينبغي أن ننتبه إلى اغتنام الأوقات والأماكن التي يستجاب فيها الدعاء، مثل: السجود، وبين الأذان والإقامة، واستقبال القبلة، وعند نزول المطر.
9. صلة الرحم
لقد أعطانا الله أيضًا وسيلة لزيادة رزقنا من خلال علاقاتنا ببقية خلقه. وهذه فرصة أخرى لإظهار تقوانا وإخلاصنا لله عمليًا في حياتنا. فنحن لا نختار أقاربنا، وقد نجد أنفسنا في كثير من الأحيان نختبر من قبل أقرب الناس إلينا. ولكن من خلال الحفاظ على صلة الرحم وروابط القرابة، يمكن زيادة رزقنا.
قال صلى الله عليه وسلّم: “مَن سَرَّهُ أنْ يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ، أوْ يُنْسَأَ له في أثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ.” الراوي: أنس بن مالك | المحدث: البخاري | المصدر: صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم: 2067 | خلاصة حكم المحدث: [صحيح] | التخريج: أخرجه مسلم (2557) باختلاف يسير.
صِلةُ الرَّحمِ مِن أفضلِ الطَّاعاتِ الَّتي يَتقرَّبُ بها العبدُ إلى ربِّه عزَّ وجلَّ، وقدْ أمَرَ اللهُ بها، وحذَّر مِن قَطْعِها، وجعَلَ قَطْعَها مُوجِبًا لِلعذابِ، ووَصْلَها مُوجبًا لِلمَثوبةِ. وفي هذا الحديثِ يُخْبِرُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بِفضْلِ صِلةِ الرَّحمِ في الدُّنيا، والمرادُ بالأرحامِ: أقاربُ الإنسانِ، وكلُّ مَن يَربِطُهم رابطُ نسَبٍ، سواءٌ أكان وارثًا لهم أو غيرَ وارثٍ، وتَتأكَّدُ الصِّلةُ به كُلَّما كان أقرَبَ إليه نَسَبًا. فيُخبِرُ أنَّه بصِلةِ الأرحامِ يُوسِّعُ اللهُ تعالَى الأرزاقَ ويُبارِكُ فيها؛ فمَن أحبَّ ذلك فلْيَصِلْ رَحِمَه. وقولُه: «ويُنسَأَ له في أثَرِه»، يعني: يُطوِّلُ اللهُ في عُمرِ الواصلِ، ومعنْى تَأخيرِ الأجَلِ وزِيادةِ العُمرِ: الزِّيادةُ بالبرَكةِ فيه، والتَّوفيقِ لِلطَّاعاتِ، وعِمارةِ أوقاتِه بما يَنفَعُه في الآخِرةِ، وصِيانتِه عَن الضَّياعِ في غيرِ ذلك. أو المرادُ: بَقاءُ ذِكرِه الجَميلِ بعدَه، فكأنَّه لم يَمُتْ، وقيل: الأجَلُ أجَلانِ: أجَلٌ مُطلَقٌ يَعلَمُه اللهُ، وأجَلٌ مُقيَّدٌ؛ فإنَّ اللَّهَ أمَرَ الملَكَ أنْ يَكتُبَ للإنسانِ أجَلًا، وقال: إنْ وصَلَ رَحِمَه زِدْته كذا وكذا. والملَكُ لا يَعلَمُ أيَزدادُ أمْ لا، لكنَّ اللَّهَ تعالَى يَعلَمُ ما يَستقِرُّ عليه الأمْرُ. وقد ورَدَ الحثُّ فيما لا يُحصَى مِن النُّصوصِ الشرعيَّةِ على صِلةِ الرَّحِمِ، وتكونُ الصِّلةُ بـمُعاوَدتِهم وتفقُّدِ أحوالِهم وزِيارتِهم، والكلامِ الطيِّبِ وإعانتِهم على الخَيرِ، وبذْلِ الصَّدَقاتِ في فُقَرائِهم، والهَدايا لأغنيائِهم، ونحوِ ذلك ممَّا يُعَدُّ صِلةً في العُرْفِ، وليسَ الواصِلُ بالمكافِئ؛ فقدْ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «ليس الواصِلُ بالمُكافِئ، ولكِنِ الواصِلُ الَّذي إذا قُطِعتْ رَحِمُه وصَلَها» كما رواه البُخاريُّ.
10. الإحسان إلى الفقراء والمساكين ومساعدة المحتاجين
ومن الطرق الأخرى التي يمكننا من خلالها زيادة رزقنا، من خلال علاقاتنا بالناس، دعم المحتاجين.
قال صلى الله عليه وسلّم:” ابغوني الضُّعفاءَ، فإنَّما تُرزَقونَ وتُنصَرونَ بضُعفائِكُم”. الراوي: أبو الدرداء | المحدث: الألباني | المصدر: صحيح أبي داود – الصفحة أو الرقم: 2594 | خلاصة حكم المحدث: صحيح
النَّظَرُ إلى ظاهِرِ حالِ الإنسانِ مِنْ فَقْرٍ ونحوِ ذلك مِنَ الأشياءِ الَّتي تُعْطي نظرةً قاصرةً في الحُكْمِ على النَّاسِ.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: “ابْغُوني”، أي: اطْلُبوا لي “الضُّعفاءَ”، أي: الفُقراءَ ومَنْ لا يُبالي النَّاسُ بِهم لِرَثاثةِ حالِهم وهيئتِهم، وطَلَبُه لهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إنَّما يَكونُ بالتَّقرُّبِ إليهِم وتَفقُّدِ حالِهم، وحِفْظِ حقوقِهم والإحسانِ إليهم قولًا وفعلًا؛ “فإنما تُرْزَقون”، أي: يَرْزُقُكم اللهُ عزَّ وجلَّ، “وتُنْصَرونَ”، أي: على عدوِّكُمْ في المعارِكِ ونحوِها “بضُعفائِكُم”، أي: بسَببِ كَونِهم بينَ أظْهُرِكم ورِعايتِكم لهم، وبَرَكةِ دُعائِهِم، والنُّصرةُ بالضُّعفاءِ تكونُ مع أخْذِ الأُمَّةِ بأسبابِ النَّصرِ الأخرى أيضًا؛ من إقامةِ دِينِ اللهِ جلَّ وعلا، والعدلِ، والأمرِ بالمعروفِ والنهيِ عن المنكرِ، وعدمِ التفرُّقِ أحزابًا وشِيعًا، وغيرِ ذلك من أسبابِ النَّصرِ.
نحن نعلم أن الفقراء والمحتاجين في هذه الحياة سيدخلون الجنة قبل أغنياء الأمة، وقد شجعنا القرآن والحديث كثيرًا على تخفيف معاناة أولئك الذين هم في ظروف أسوأ من ظروفنا.
11. الصدقة
إن إحدى الطرق التي يمكننا من خلالها مساعدة الفقراء والمساكين والمحتاجين بشكل خاص هي من خلال الصدقات. لقد أكد لنا النبي صلى الله عليه وسلم «ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفوٍ، إلا عزاً، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله” (مسلم)، بل إن الصدقة تجلب البركة وتطهر المال. إن مساعدة الآخرين لن تجلب معها المكافآت الروحية فحسب، بل إنها أيضًا سوف تشعر بالسعادة والإيجابية. وقد أوضح الإمام النووي أن هذا يعني أن ثروتنا سوف تبارك بسبب الصدقة التي نقدمها، وكذلك يتم دفع الضرر بسببها. وهذا يعني أيضًا أنه حتى لو بدا أننا أسوأ حالًا ماديًا لبعض الوقت، فسوف يتم تعويضنا مرات عديدة، مع الجزاء في الآخرة، ويذكرنا الله في القرآن الكريم عدة مرات أن من يتصدق يضاعف له أجره. يقول تعالى:” قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ ۚ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (39) ” سورة سبأ، ووعد بمضاعفة الأجر حتى (700) ضعف لمن يتصدق وذلك في قوله تعالى: { مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261) سورة البقرة}.
12. الكسب الحلال
يجب عليك التأكد من أن دخلك يتم الحصول عليه بطريقة حلال، وفقًا لتعاليم الإسلام، وهذا لا يتعلق فقط بالطريقة التي تكسب بها رزقك، بل أيضًا بالجهة التي تعمل لديها، وكيفية الحصول على الرزق. وقد أوضح النبي صلى الله عليه وسلم أهمية التعامل بالنزاهة والشفافية في المعاملات التجارية، فقال: «الْبَيِّعانِ بالخِيارِ ما لَمْ يَتَفَرَّقا، فإنْ صَدَقا وبَيَّنا بُورِكَ لهما في بَيْعِهِما، وإنْ كَذَبا وكَتَما مُحِقَ بَرَكَةُ بَيْعِهِما» (مسلم). وقد حذر الصحابي ابن عباس رضي الله عنهما من مغبة اتخاذ الأسباب المحرمة فقال: (ما من مؤمن ولا فاجر، إلا وقد كتب الله تعالى له رزقه من الحلال؛ فان صبر حتى يأتيه، آتاه الله تعالى؛ وإن جزع، فتناول شيئاً من الحرام، نقصه الله من رزقه الحلال.). (حلية الأولياء).
13. الاجتماع على تناول الطعام
يمكننا أن نبحث عن طرق لزيادة دخلنا وتوفير المال، ولكن يمكننا أيضًا أن نفكر في كيفية إعادة البركة إلى منازلنا. إن تناول الطعام معًا له فوائد روحية واجتماعية. يجب أن نشجع عائلتنا وأصدقائنا على مشاركة وجباتنا معًا، مع أزواجنا أو أطفالنا، لجلب البركة إلى بيوتنا. جاء في الحديث الصحيح أن أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم شكوا له من عدم البركة في الطعام وقالوا له: إنا نأكل ولا نشبع، فقال لهم: «لعلكم تفترقون؟» (أي: يأكل كل واحد منكم منفرداً).. قالوا: نعم، فرد عليهم صلوات الله وسلامه عليه قائلاً: «فاجتمعوا على طعامكم، واذكروا اسم الله عليه يبارك لكم فيه».. وفى رواية أخرى قال لهم: «كلوا جميعاً ولا تفرقوا، فإن طعام الواحد يكفي الاثنين»، ولذلك قال العلماء في شرح هذا الحديث: «الاجتماع على الطعام من أسباب البركة». وكذلك ينبغي لنا عند الأكل أن نراعي آداب الطعام التي علمنا إياها النبي صلى الله عليه وسلم، كأن نأكل مما هو أمامنا، قال صلى الله عليه وسلم: (البركة تنزل وسط الطعام فكلوا من حافتيه ولا تأكلوا من وسطه) رواه أبو داود، كما ينبغي لنا أن ندعو قبل الأكل وبعده، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
14. إفشاء السلام
ومن الوسائل الأخرى لزيادة البركة في البيوت، الحرص على إلقاء السلام عند الدخول، فقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم مثل هذا الشخص بأنه في رعاية الله وحفظه، فيقضي الله له حوائجه ويرزقه في الدنيا، ويكرمه بالجنة في الآخرة. قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ثلاثةٌ كلُّهم ضامنٌ على الله إن عاش رُزق وكُفي، وإن مات أدخله اللهُ الجنّة: من دخل بيته فسلّم، فهو ضامنٌ على الله، ومن خرج إلى المسجد فهو ضامنٌ على الله، ومن خرج في سبيل الله فهو ضامنٌ على الله). فحثوا أبناءكم وأزواجكم ووطّنوا أنفسكم على السلام عند دخول البيت حتى تكونوا من الذين ضمنوا من الرحمن، وأمنوا من ويلات الشيطان، ففي الحديث: (إذا دخلتم بيوتاً، فسلموا على أهلها، واذكروا اسم الله، فإن أحدكم إذا سلم حين يدخل بيته وذكر اسم الله تعالى على طعامه، يقول الشيطان لأصحابه: لا مبيت لكم ها هنا ولا عَشاء، وإذا لم يسلم إذا دخل ولم يذكر اسم الله على طعامه، قال الشيطان لأصحابه: أدركتم المبيت والعَشاء).
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: ماجد دودين
إقرأ أيضاً:
خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف
مكة المكرمة
أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد، المسلمين بتقوى الله وعبادته، والتقرب إليه بطاعته بما يرضيه وتجنب مساخطه ومناهيه.
وقال فضيلته: “اتقوا الله رحمكم الله، طهروا قلوبكم قبل أبدانكم، وألسنتكم قبل أيديكم، عاملوا الناس بما ترون لا بما تسمعون، اسمعوا من إخوانكم قبل أن تسمعوا عنهم ظنوا بإخوانكم خيرًا، واتقوا شر ظنون أنفسكم، ومن أدب الفراق دفن الأسرار، من أغلق دونكم بابه فلا تطرقوه، واكسبوا إخوانكم بصدقكم لا بتصنعكم، وكل ساق سيسقى بما سقى: (وَقُل لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَعُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوا مُّبِينًا).
وأضاف فضيلته أن الإيمان والعبادة، وعمارة الأرض، وإصلاحها أركان متلازمة، والمسلم يقوم بالإعمار قربة لله ونفعًا لنفسه ولعباده، فيستثمر في كل ما ينفع العباد والبلاد، الإيمان فينا مقرون بالعمل الصالح، والقراءة مقرونة باسم الله مستشهدًا بقوله تعالى (أقرأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)، والعلم مربوط بخشية الله، والإيمان هو قائد العقل حتى لا يطغى العقل فيعبد نفسه، والإيمان هو الضابط للعلم حتى لا تؤدي سلبياته إلى اضطراب تنهار معه البشرية.
وأفاد الشيخ بن حميد أن القرآن الكريم تكلم عن الأمم السابقة، وما وصلت إليه من القوة، والبناء، والإعمار، ثم بين ما كان من أسباب هلاكها وفنائها من أجل أن نعرف سنته سبحانه، فقد أخبر عن عظمة ما وصل إليه قوم عاد، فقال جل وعلا: (إرم ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا في البلاد)، مما يدل على عظمتها، وجمالها، وتقدمها، ولكنه في مقام آخر، قال جل وعلا: ﴿ فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُونَ )، غرتهم قوتهم وكذبوا رسل الله، وتنكروا لدعوة الإيمان استكبارًا وجحودًا، ومن أعرض عن ذكر الله يبقى مرتكسًا في الظلمات مهما أوتي من العلوم والقوى، حيث خاطب الله نبيه محمدًا- صلى الله عليه وسلم – بقوله: ﴿ كِتَبُ أَنزَلْتَهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ )، وقال جل وعلا: ﴿ هُوَ الَّذِي يُنزِلُ عَلَى عَبْدِهِ وَايَتٍ بَيِّنَتِ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ)، فالقوة والعزة بالإيمان والتقوى، والانتصار والبقاء بتعظيم شعائر الله، والعلوم مهما كانت قوتها، والصناعات مهما بلغت مخترعاتها وتقنياتها فإنها لا تجلب حياة سعيدة، ولا طمأنينة منشودة، مبينًا أن الدين الإسلامي ليس ذمًا للعلوم واكتشافاتها، ولا للصناعاتها وأدواتها، ولا للمخترعات وتطويرها، ولا تنقصا من مكانتها وقيمتها، وإنما هو التأكيد على أنه لا بد من نور الوحي لتزكية النفوس، وهداية البشرية، واستنارة الطريق.
وأشار إمام وخطيب المسجد الحرام إلى أن الازدها الذي أحرزته التراكمات المعرفية من بيت اللبن والطين إلى ناطحات السحاب وشاهقات المباني، وما حصل في وسائل النقل عبر التاريخ من التحول من ركوب الدواب إلى امتطاء الطائرات مرورًا بالسيارات والقاطرات، وفي بريد الرسائل: من الراجل والزاجل إلى البريد الرقمي، كل ذلك على عظيم اختراعه وعلى جماله، والراحة في استعماله لكنه لم يقدم البديل عن الإيمان، وتزكية النفس واحترام الإنسان، وتأملوا ذلك -حفظكم الله- في ميدان الأخلاق، وحقوق الإنسان، وضحايا الحروب، والتشريد، والتهجير، والفقر، والتسلط، والاستبداد، واضطراب المعايير.
وأوضح فضيلته أن القوة الحقيقة هي الربط بين الإيمان والأخذ بالأسباب، وليس التعلق بالأسباب وحدها، لأن الرب سبحانه هو رب الأرباب، ومسبب الأسباب ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، بيده الأمر كله، وإليه يرجع الأمر كله، ومن ثم فإن صدق التوكل على الله هو المدد الحقيقي في كل مسارات الحياة ودروبها، بل التوكل عليه سبحانه هو معيار الإيمان (وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)، والعزة الله ولرسوله وللمؤمنين، ونور الوحي أعظم النور وأعلاه وأغلاه، وعلى المؤمن أن يعرف قيمته ومنزلته وقوته، ولا يستصغر نفسه أمام الماديات، أو يشعر بالحرج تجاهها.
وأبان الشيخ بن حميد أن الإيمان هو القائد للعقل، وهو الحامي للعلم، وحين ينفصل العقل عن الإيمان ينهار العمران البشري، وحين يعبث العقل بالعلم تنهار الحواجز بين الحق، والباطل، والصالح، والفاسد، والظلم والعدل، وتضطرب المعايير، وتتحول السياسات من سياسات مبادئ إلى سياسات مصالح، وبالعلم والإيمان يستقيم العمران، وتسير القاطرة على القضبان، والله غالب على أمره.
وأفاد إمام وخطيب المسجد الحرام أن بناء العمران وانهياره مرتبط بالإنسان، فالله سبحانه استخلف الإنسان ليقوم بعمارة الأرض، ومن ثم فإن أسباب تقدم المجتمع وتأخره يعود -بإذن الله- إلى الإنسان نفسه، فالتغيير في الخارج لا يكون إلا حين يكون التغيير في النفوس (وإِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيْرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ)، وسنة الله أن الصالح يبقى لان فيه نفعًا للبشرية، وغير الصالح لا يبقى لأنه لا نفع فيه، واعلموا أن الصلاح لا يكون إلا بالإيمان الصحيح، فهو الذي يطبع النفوس على الصدق، والإخلاص، والأمانة، والعفاف، ومحاسبة النفس، وضبط نوازعها، وإيثار الحق، وسعة النظر، وعلو الهمة، والكرم، والتضحية والتواضع، والاستقامة، والقناعة، والسمع والطاعة، والتزام النظام.
كما أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور حسين آل الشيخ، المسلمين بتقوى الله تعالى، والمسارعة إلى مرضاته، مستشهدًا بقوله تعالى: (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ).
وقال: “أن من التوفيق الأعظم، والسداد الأتم، أن يحرص العبد على حفظ طاعاته لربه عز وجل، فيكون حريصًا أشد الحرص على حفظ طاعته، يجاهد نفسه على السلامة من حقوق الخلق، ويجاهدها على البعد التام عن الوقوع في ظلم المخلوقين، بأي نوع من أنواع الظلم القولية والفعلية، يقول تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ)”.
وأوضح فضيلته، أن من أعظم البوار، وأشد الخسارة، ترك العنان للنفس في ظلمها للآخرين وانتهاك حقوقهم، قال صلى الله عليه وسلم: (اتَّقُوا الظلم، فإنَّ الظُّلْمَ ظُلُماتٌ يَومَ القيامة)، مبينًا أن أعظم ما يجب على المسلم حفظ حسناته، وصيانة دينه والحفاظ عليه، مستشهدًا بقوله تعالى: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَسِينَ).
وأكّد الدكتور آل الشيخ، أن الإفلاس الحقيقي والخسارة الكبرى، أن توفّق للخيرات والمسارعة للطاعات، وتأتي يوم القيامة حاملًا حقوق الناس متلبسًا بظلمهم فتلك البلية العظمى والخسارة الكبرى، مستشهدًا بقوله -صلى الله عليه وسلم-: (أَتَدْرُونَ من المُفْلِسُ؟ قالوا : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال صلى الله عليه وسلم: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام، وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسَفَكَ دَمَ هذا، وضَرَبَ هذا، فيُعطى هذا من حسناته، وهذا مِن حَسَناتِهِ، فَإِن فَنِيَتْ حَسَناتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار ) رواه مسلم.
ودعا إمام وخطيب المسجد النبوي المسلمين إلى المبادرة بأداء حقوق العباد، والتحلل منهم، وكف اللسان عن شتم الخلق، وقذفهم، وغيبتهم، والطعن في أعراضهم، محذرًا من الظلم والاعتداء على الخلق، وأكل أموالهم، والتهاون في إرجاعها، مستشهدًا بقوله تعالى: (وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا).
وختم الخطبة، مبينًا أن الواجب على كل مسلم أن يجتهد في براءة ذمته من حقوق الخلق، فقد ورد في الحديث الصحيح أن الجهاد في سبيل الله يكفر الخطايا إلا الدين، وأن التساهل به يورد العبد الموارد المهلكة في الدنيا والآخرة، مستشهدًا بقوله صلى الله عليه وسلم: (من أخذ أموال الناس يُريد أداءها أدى الله عنه، ومَن أخذَ يُرِيدُ إتلافها أتْلَفَهُ الله) رواه البخاري.