جدل في السودان حول استخدام الاغتصاب «أداة في الحرب» .. «الوصمة» تشوش على الأرقام الحقيقية لحالات الانتهاكات
تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT
الشرق الاوسط:
يدور في السودان جدل حول الاتهامات باستخدام الاغتصاب «أداة في الحرب»، حيث توجه أصابع الاتهام إلى «قوات الدعم السريع» التي تنفي، وتعدّها اتهامات «كيدية لتشويه سمعتها». ونددت هيئة حكومية سودانية معنية بمكافحة العنف ضد المرأة وهيئات طوعية أخرى، بالانتهاكات الجنسية التي تُتهم «قوات الدعم السريع» بارتكابها، وأشارت إلى ازدياد حالات العنف الجنسي ضد النساء بعد المعارك التي دارت في شرق ولاية الجزيرة بوسط البلاد.
وبينما تضاربت الأرقام الرسمية مع أرقام منظمات المجتمع المدني النسوية الطوعية حول عدد وحجم هذه الانتهاكات، نفت «قوات الدعم السريع» الاتهامات، وعدّتها «كيدية ودعاية مضادة لتلطيخ سمعتها».
وقالت مديرة «وحدة العنف ضد المرأة والطفل» سليمى إسحاق، لـ«الشرق الأوسط»، إن ما تشهده ولاية الجزيرة من عنف يمكن وصفه بأنه «حملات انتقامية ضد النساء مارسته (قوات الدعم السريع) خلال الأيام الماضية». وأضافت: «عدم توفر الخدمات الصحية يجعل من الصعب جداً تحديد أرقام دقيقة لحالات الاغتصاب والعنف في ولاية الجزيرة، بجانب تستر المجتمعات على حالات الاغتصاب».
309 حالات اغتصاب
النزاع الدائر بالسودان تسبب في نزوح نحو 8.5 مليون شخص (أ.ف.ب)
وأوضحت سليمى إسحاق أن عدد حالات الاغتصاب الموثقة منذ بداية الحرب بلغ 309 حالات، «هذا الرقم يمثل قمة جبل الجليد فقط، ونأمل في وقف الحرب اليوم قبل الغد». ونددت المسؤولة الحكومية بعدم التصديق والاستخفاف بأرقام الاغتصابات، وأضافت: «كما أن محاولات تجريم الضحية وإيجاد الأعذار للمغتصب تسهم في انتشار ظاهرة الاغتصاب بالسودان». وقالت سليمى إسحاق إن الاغتصاب أصبح أداة حربية في ظل الإفلات من العقاب، ومعظم الانتهاكات ضد النساء في مناطق الحروب يتم داخل المنازل. وقال: «أشعر بالذنب لأني في مناطق أكثر أمناً، بينما تتعرض الكثيرات للاغتصاب في مناطق النزاعات».
من جهتها، نفت «قوات الدعم السريع» أنها تعتدي على النساء، ووصفت الاتهامات الموجهة لها بأنها «كيدية ودعاية مضادة». وقال مستشار قائد «قوات الدعم السريع» إبراهيم مخير، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الاغتصاب جريمة بشعة منافية للدين والأعراف والإنسانية، وإن (قوات الدعم السريع) لا علاقة لها بهذه الجرائم. وأي عنف ضد امرأة أو طفل أو شيخ مدان من جانبنا تماماً».
واتهم مخير «وحدة مكافحة العنف ضد المرأة» بأنها تستخدم الدعاية المضادة «لتلطيخ سمعة (الدعم السريع)، وحرف الأنظار عن أدائها الباهر في الميدان وانتصاراتها المتسارعة في الساحة الدولية». وأبدى مخير الاستعداد لأي تحقيقات محايدة محلية أو دولية، قائلاً: «نحن منفتحون قلباً وعقلاً على أي تحقيق محايد، محلي أو دولي، يعمل على كشف أي قصور في عمل قواتنا أو ممارساتها، ليس بغرض الدفاع عن أنفسنا فقط، بل للعمل على تلافي مثل هذا الأمر إذا وجد. وكنا قد أعلنا استعدادنا لقبول دخول لجان تحقيق دولية للسودان أكثر من مرة في السابق».
وحدة قانونية
أرشيفية لدورية لـ«قوات الدعم السريع» في إحدى المناطق القتالية بالسودان (رويترز)
وأشار مخير إلى وجود «وحدة قانونية وشرطة عسكرية في (قوات الدعم السريع)، بجانب وحدة خاصة لمجابهة الأعمال المنافية للأخلاق والانتهاكات، ووحدة أخرى لحماية المدنيين. وجميعها يعمل بكفاءة ويستجيب لأي شكوى أو نداء من المواطنين».
بدورها، عززت شبكة المبادرة الاستراتيجية لنساء القرن الأفريقي المعروفة اختصاراً بـ«صيحة»، ما ذهبت إليه مسؤولة «وحدة مكافحة العنف ضد النساء»، بيد أنها قدمت إحصاءات وأرقاماً أكبر للانتهاكات. وقالت عضوة الشبكة نعمات أبو بكر، إن عدد حالات الاغتصاب التي تم توثيقها في السودان بلغ 350 حالة منذ بداية الحرب. وأضافت لـ«الشرق الأوسط»، أن أكثر من 70 في المائة من حالات الاغتصاب يعد اغتصاباً جماعياً. وأشارت نعمات إلى وجود حالات حمل نتيجة الاغتصابات، وثقتها «وحدة مكافحة العنف ضد المرأة» ومكتب الأمم المتحدة للسكان.
وبجانب الانتهاكات الجنسية، قالت نعمات إن منظمتها وثقت 134 حالة اختفاء، مشيرة إلى أن الأسر لا تبلغ عن الاختفاء بسبب الخوف من الوصمة الاجتماعية، وتزعم أن البنات قد قتلن. وأضافت أن مناطق الجنينة في ولاية غرب دارفور وولايتي الخرطوم والجزيرة، بالإضافة إلى جنوب ولاية سنار وشمال كردفان، قد شهدت النسبة الكبرى من الانتهاكات، مشيرة إلى أن المعلومات غير مكتملة حتى الآن، بسبب انقطاع الاتصالات والخوف من الانتقام.
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع العنف ضد المرأة حالات الاغتصاب ضد النساء
إقرأ أيضاً:
حمدوك يطلق مبادرة جديدة لإنهاء الحرب في السودان تحت عنوان "نداء سلام السودان"
في خطوة تهدف إلى إنهاء الحرب المستمرة في السودان منذ عامين، أطلق رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك يوم الثلاثاء دعوة جديدة تحت اسم "نداء سلام السودان".
تأتي هذه الدعوة في وقت بالغ الحساسية، حيث يواجه السودان تدهورا غير مسبوق في الوضع الإنساني، مع تدمير واسع للبنية التحتية، نزوح جماعي للسكان، وارتفاع حاد في معدلات الجوع والعنف.
ماذا ينص "نداء سلام السودان"؟ضمن "نداء سلام السودان"، حدد حمدوك مجموعة من الخطوات التي تسهم في دفع العملية السياسية والإنسانية للأمام. وأولى هذه الخطوات هي دعوته إلى عقد اجتماع مشترك بين مجلس الأمن الدولي ومجلس السلم والأمن الإفريقي.
وسيشمل الاجتماع الأطراف الرئيسية في النزاع، وهم: قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، وقائد الحركة الشعبية لتحرير السودان في شمال السودان عبد العزيز الحلو، بالإضافة إلى القائد عبد الواحد نور.
ويهدف الاجتماع إلى تحقيق هدنة إنسانية ووقف فوري لإطلاق النار، فضلاً عن إنشاء آليات لبناء الثقة بين الأطراف المتنازعة، في خطوة تهدف إلى وقف التصعيد وتحقيق السلام في البلاد.
وفيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية، دعا حمدوك إلى فتح ممرات آمنة لإيصال المساعدات إلى المناطق المتضررة سواء داخل السودان أو عبر الحدود.
هذه المساعدات تشمل الأغذية، الأدوية، والمساعدات الأساسية التي تساهم في دعم المدنيين المتضررين. كما شدد على ضرورة التنسيق مع القوى الإقليمية والدولية لضمان الحصول على الدعم اللازم.
وأوضح حمدوك، أن الاتفاق سيتضمن ترتيبات دستورية انتقالية تستند إلى توافق بين الأطراف السودانية، العسكرية والمدنية، لإعادة البلاد إلى مسار ثورة ديسمبر 2018، التي طالبت بانتقال إلى حكومة مدنية ديمقراطية وتحقيق تطلعات الشعب السوداني في الحرية والعدالة والسلام.
كما أشار إلى ضرورة إعادة بناء النظام الأمني والعسكري في السودان بشكل موحد بعيدًا عن التسييس. وشدد على أهمية تفعيل عملية العدالة الانتقالية التي تشمل محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، واستعادة الحقوق إلى أصحابها.
وفي ختام دعوته، أكد حمدوك على ضرورة تشكيل حكومة مدنية انتقالية تتمتع بصلاحيات كاملة لقيادة البلاد إلى انتخابات حرة بعد تصفية آثار الحرب وإعادة الإعمار.
وفي وقت تعصف فيه الحرب بالسودان، وقّعت "قوات الدعم السريع" السودانية والجماعات الحليفة لها اليوم دستورا انتقاليا يعكس توجهاتها نحو تأسيس حكومة موازية.
وقد تسببت الحرب في نزوح جماعي للمدنيين، فضلا عن تفشي الجوع والعنف، بما في ذلك العنف العرقي والجسدي. في هذا السياق، شنت "قوات الدعم السريع" هجوما على محطة توليد الكهرباء في سد مروي باستخدام الطائرات المسيرة، ما أسفر عن انقطاع التيار الكهربائي في عدة مناطق بشمال السودان، مما يزيد من تعقيد الوضع الإنساني في البلاد.
يهدف الدستور الذي طرحته "قوات الدعم" إلى استبدال الدستور الموقع بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير في 2019. ويشمل الدستور الجديد خططًا لإنشاء دولة فيدرالية علمانية مقسمة إلى 8 مناطق، مع ضمان حقوق الإقليم في تقرير مصيره في حال عدم تحقيق شروط أساسية مثل فصل الدين عن الدولة.
كما ينص الدستور على ضرورة وجود جيش وطني موحد ويعتبر الموقعين عليه "نواة" هذه القوات.
وبينما يشير الدستور إلى الانتخابات كإحدى مخرجات الفترة الانتقالية، فإنه لا يحدد جدولًا زمنيًا واضحًا لها، مما يترك الغموض قائمًا بشأن تفاصيل الحكومة المقترحة، والأسماء التي ستشغل المناصب الحكومية أو مكان الحكومة المنتظرة.
وعلى الرغم من إعلان" قوات الدعم السريع" عن نيتها تشكيل حكومة في الأسابيع القادمة، إلا أن التفاصيل المتعلقة بمن سيشغل المناصب الحكومية والمكان الذي ستعمل منه هذه الحكومة تبقى غير واضحة.
ومع استمرار التوترات العسكرية، تبقى مخاطر الانقسام السياسي قائمة، مما يجعل من الصعب التنبؤ بمستقبل الوضع السياسي في السودان.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية السودان: أكثر من 60 قتيلا في هجوم لقوات الدعم السريع على سوق شعبي في أم درمان الصحة العالمية تدعو لوقف الهجمات على المنشآت الصحية في السودان بعد مقتل 70 شخصاً أبرزها مصر والإمارات.. كيف تستغل القوى الإقليمية الحرب السودانية لتحقيق مكاسبها؟ قوات الدعم السريع - السودانمحمد حمدان دقلو (حميدتي)عبد الفتاح البرهان محادثات - مفاوضاتجمهورية السودان