مليشيات الحوثي تفرغ كوابيس الرعب في سواحل الحديدة
تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT
مع تراجع الضربات الغربية التي تقودها الولايات المتحدة لإضعاف قدرة الحوثيين على مهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، نفذت الجماعة المدعومة من إيران استعراضاً لقوتها في محافظة الحديدة الساحلية (غرب)، تحت مزاعم توصيل رسالة تحدٍّ إلى واشنطن والقوات الحكومية اليمنية.
وحشدت الجماعة آلافاً من عناصرها لتنفيذ مناورة عسكرية بحرية وبرية، مدعية امتلاكها أسلحة جديدة، بما فيها طوربيدات وألغام وغواصات صغيرة غير مأهولة وزوارق، في ظل مخاوفها من أي عملية عسكرية يمكن أن يدعمها المجتمع الدولي لتحرير الحديدة.
وإلى جانب الاستعراض البحري الذي تزعم الجماعة أنه يحاكي صد أي عملية إنزال بحري، نفذت مناورات برية في مناطق جبلية وصحراوية بالقذائف، والطائرات المسيّرة، والمدفعية، وعبر الدبابات، ومختلف أنواع الأسلحة الرشاشة المتوسطة والثقيلة والقناصات.
وكانت تحركات الجماعة الحوثية أظهرت خلال الأسابيع الأخيرة، إضافة إلى تصريحات كبار قادتها، مخاوف من إطلاق عملية عسكرية لتحرير الحديدة وموانئها، وهو ما أكده نقلها تعزيزات كبيرة إلى المحافظة الساحلية التي تسيطر عليها باستثناء مديريتَي الخوخة والتحيتا، الخاضعتين للحكومة الشرعية.
و تشير العديد من التقارير إلى أن إيران تزود الحوثيين بأنواع مختلفة من الأسلحة، بما في ذلك الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار، بالإضافة إلى تقديم الدعم التقني لتطوير قدراتهم العسكرية باشراف مباشر من قبل خبراء عسكريين إيرانيين يقومون بتدريب المليشيات على استخدام الأسلحة المتقدمة وتنفيذ العمليات الارهابية التي ادت إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن واستمرار الصراع.
وكررت الحكومة اليمنية نداءاتها للمجتمع الدولي على مدار الأشهر الماضية منذ بدء التهديد الحوثي للملاحة البحرية، مؤكدة أن الحل الأنجع لوقف هجمات الجماعة ضد السفن هو دعم القوات الحكومية، وليست الضربات الغربية التي تقودها الولايات المتحدة منذ يناير (كانون الثاني) الماضي.
ومؤخراً نقلت الجماعة المدعومة من إيران تعزيزات كبيرة من محافظات الجوف وذمار وصنعاء وإب باتجاه محافظة الحديدة، كما قوّت تحصيناتها على خطوط التماس، وحفرت مزيداً من الخنادق وزرعت مزيداً من حقول الألغام؛ تحسباً لأي معركة مفاجئة يمكن أن تخوضها القوات الحكومية بإسناد دولي.
وعلى الرغم من أن معركة من هذا القبيل تحتاج إلى دعم دولي واسع لتشكيلات الجيش اليمني من أجل تحقيق هذا الهدف، خصوصاً بالنظر إلى اتساع الرقعة الجغرافية التي تمثلها محافظة الحديدة، فإن باحثين يمنيين يرون أن الفرصة سانحة لإطلاق مثل هذه المعركة، شريطة أن تتلقى القوات الحكومة الإسناد الكافي والغطاء الدولي.
وتثور المخاوف من نيات الجماعة التي كانت حشدت خلال الأشهر الماضية عشرات آلاف المجندين الجدد، الأمر الذي قد يدفعها إلى استباق أي هجوم بالسعي إلى توسيع مناطق سيطرتها على الشريط الساحلي باتجاه الخوخة والمخا وباب المندب.
وشهدت الأيام الأخيرة هدوءاً من حيث العمليات الأميركية ضد مواقع الجماعة الحوثية، مما مكن الجماعة من تنفيذ مناورتها الواسعة في الحديدة دون تلقي أي ضربات.
وكانت واشنطن لجأت إلى استخدام القاذفات الشبحية لأول مرة في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي في استهداف المواقع المحصنة للجماعة الحوثية في صنعاء وصعدة، في رسالة استعراضية فُهمت على أنها موجهة إلى إيران بالدرجة الأولى.
يذكر أن الجماعة أقرت بأكثر من 770 غارة غربية عليها ابتداءً من 12 يناير (كانون الثاني) الماضي؛ سعياً من واشنطن؛ التي تقود تحالف «حارس الازدهار»، إلى تحجيم قدرات الجماعة على مهاجمة السفن.
ويزعم الحوثيون أنهم يشنّون هجماتهم نصرة للفلسطينيين في غزة، وأخيراً لمناصرة «حزب الله» اللبناني، في حين تتهم الحكومة اليمنية الجماعة بتنفيذ أجندة إيران في المنطقة، والهروب من استحقاقات السلام المتعثر حتى الآن جراء تصعيد الجماعة البحري والإقليمي.
وادعت الجماعة قصف أكثر من 195 سفينة خلال عام. وأدت الهجمات في البحر الأحمر إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، وإصابة آخرين.
كما تبنت إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل خلال الأشهر الماضية، لكن كلها لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.
واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.
وتكررت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى، كما استهدفت إسرائيل محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
هل سيكون هناك اجتياحاً برياً أمريكياً لردع الحوثيين في اليمن؟
رجح الخبير العسكري العقيد حاتم الفلاحي أن تكون الضربة التي وجهتها الولايات المتحدة وحلفاؤها أمس السبت لجماعة الحوثي مقدمة لعملية برية تستهدف تقليص مناطق سيطرة الجماعة في اليمن.
وقال الفلاحي -في تحليل للجزيرة، إن الولايات المتحدة لا تستهدف فقط ردع الحوثيين وإيران من خلال هذه الضربات، ولكنها أيضا قد تمهد الطريق لعملية برية تنفذها قوات الشرعية اليمنية.
وأمس السبت، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه أمر بتوجيه ضربة قوية إلى قادة الحوثيين وقواعدهم العسكرية، لكن الجماعة قالت إن الغارات استهدفت أحياء سكنية في العاصمة صنعاء.
وأكد الرئيس الأميركي أن إدارته "لن تتسامح مع هجوم الحوثيين على السفن الأميركية، وسنستخدم القوة المميتة الساحقة حتى نحقق هدفنا".
ودعا ترامب إيران إلى وقف دعم هذه الجماعة و"عدم تهديد الشعب الأميركي أو رئيسه أو ممرات الشحن العالمية".
واستهدفت الضربات الأميركية مواقع كانت معروفة بوجود قادة الحوثيين الكبار فيها -خصوصا منطقة الجيراف شمال صنعاء- "لكنهم انسحبوا منها قبل 6 أشهر، وبقيت المنطقة للتدريب والتحشيد"، بحسب الفلاحي.
كما أن لدى الحوثيين منصات صواريخ متحركة، مما يمكنهم من نقلها وشن هجمات بها من أي مكان، مما يعني أن استهداف بعض القواعد لن يوقف هجمات الجماعة، برأي الخبير العسكري.
وعلى عكس إدارة جو بايدن أعادت إدارة ترامب وضع الحوثيين على قوائم الإرهاب، وهي أيضا تعمل فعليا على تقليص نفوذ إيران في المنطقة، بما في ذلك القدرات التي حصل عليها الحوثيون من إيران.
لذلك، لا يستبعد الفلاحي أن تكون الضربات الاستباقية نهجا أميركيا في المنطقة خلال عهد ترامب، و"قد نشهد مزيدا من الضربات في مناطق مختلفة، وربما تستمر هذه العملية لفترة طويلة".
وقد يشمل توسيع العمليات ضرب أهداف اقتصادية إستراتيجية مثل ميناء الحديدة الذي يمثل رئة الجماعة حاليا، فضلا عن إمكانية الانتقال إلى عمل عسكري بري ربما يتوقف على تعاطي الجماعة مع الهجوم الأخير.
وأشار الخبير العسكري أيضا إلى أن صحيفة واشنطن بوست تحدثت عن امتلاك الحوثيين تقنية حديثة جدا ستجعل طائراتهم المسيرة أكثر خطرا على إسرائيل وعلى القوات الأميركية في المنطقة.
وخلص إلى أن هذه العملية قد تتوقف في حالة توقف الحوثيين عن استهداف السفن في البحر الأحمر والنأي بأنفسهم عن الحرب في قطاع غزة.
كما لم يستبعد الفلاحي أن تصل الأمور إلى مواجهة عسكرية بين واشنطن وطهران ما لم يتم التوصل إلى تفاهمات في عدد من الأمور، بما فيها نفوذ إيران في المنطقة وبرنامجها النووي، وهي أمور قال ترامب صراحة إن كل الخيارات متاحة في التعامل معها.
في الأثناء، نقلت وكالة "سي إن إن" الأميركية عن مصدر مطلع قوله إنه لا توغل بريا أو غزوا سيحدث في اليمن، وإن ما سيحدث هو توجيه سلسلة من الضربات الإستراتيجية.
ومساء أمس السبت، قالت الجماعة اليمنية إن الغارات التي تعرضت لها صنعاء أدت إلى سقوط "9 شهداء و9 جرحى مدنيين".