لا تتوقف مسارات العلاقات بين دولتين شقيقتين علي مناسبة رياضية أو فعالية معينة، وإن كان من المهم استخلاص الدروس من واقعةٍ ما قد تطرأ وتستحوذ علي إهتمام إعلامي غير مُجدي، وربما تكون تلك الواقعة مقدمة لتحديث الجانب الثقافي والرياضي، وفي حين تشهد مجمل العلاقات الثنائية مجموعة من التطورات الإيجابية التي تتناقلها وكالات الأنباء الدولية بإهتمامٍ بالغ، فإن ما حدث الأحد الماضي يشجعنا علي التذكير بحجم الأنشطة والفعاليات الرياضية والشبابية التي تم تنظيمها بشكل مشترك وتهدف للإرتقاء بهذه الجانب من العلاقات ليتناسب والمستوي المتميز من العلاقات المتأصلة في الجانبين الاقتصادي والاستثماري، وبما يعكس القيمة الخاصة للعلاقات بين مصر والإمارات.

هذا لا يعني أن الأمور في كرة القدم تسير كما هو مخطط لها أيًا كانت طبيعة المنافسات وشكلها التنظيمي، نظرًا لغلبة العامل البشري علي المنافسات سواء في النواحي الإدارية والفنية وهي أمور يدركها جيدًا القائمين علي شئون التعاون والإستثمار الرياضي، ومع التسليم بأن الأخطاء والسلبيات من الأمور الواردة في عالم المستديرة، فالتعامل مع الأزمات الطارئة يرتكز - في جانب مهم منه - علي المراجعة الحتمية للمشاهد التي عكرت صفو بطولة تنال متابعة كبيرة في كل الدول العربية ودول أفريقية، نظرًا لقيمتها الفنية والتسويقية، فضلا عما يلمسه الجميع من حسن تنظيم وتنسيق من الجهات المعنية في البلدين علي مدار عدة أعوام.

ويأتي في مقدمة المسائل الواجب مراجعتها لتلافي السلبيات وضمان عدم التكرار، إعادة التأكيد علي أن هيبة رجال الأمن وحفظ النظام لا تعد رفاهية وتحقيق الإنضباط أولوية متقدمة لدي الجميع سواء داخل الاستاد أو خارجه، ومراعاة الإلتزام بالتدابير التنظيمية من الأمور التي لا غني عنها، وكان من الأجدر بالمنابر الإعلامية ووسائل التواصل الإجتماعي إلقاء الضوء أكثر علي مشاهد وصور الحضور الجماهيري الذي أضفي علي إمارة أبو ظبي - الهادئة والمتطورة - مزيجًا من البهجة والضوضاء المحمودة وما إلي ذلك من سمات تجذب الجميع لشغف جمهور الكرة في مصر وتتسابق الدول لاستضافته وإن كانت الإمارات سباقة في ذلك الجهد التنظيمي الذي يُعلي من قيمة العلاقات الرياضية والشبابية بين مصر والإمارات،ولهذا، فإن الاعتذار عن أي خطأ فردي يزيد من قوة العلاقات العميقة بين دولتين شقيقتين، خصوصًا إذا جاء سريعًا، دون مكابرة، ومعبّرًا عن التقدير الكامل لتلك العلاقة القوية وحسن الضيافة. فالاعتذار دائمًا من شيم الكبار، وهو يعكس التقدير المتبادل وحرص الجانبين على صون العلاقة المميزة بين البلدين الشقيقين.

وفي هذا السياق، فإن الإعراب عن الإعتذار  للبلد المضيف وكذلك الجمهور - سواء المقيم في الإمارات أو من سافر خصيصًا - الذي ينتظر البطولة المتميزة كل عام، يضع علي الجميع أعباءً مضاعفة من خلال استمرار التنسيق لتنظيم بطولة أكثر تميزًا العام المقبل بمشيئة الله، ولتأكيد أن ما حدث نتوقف عنده للتطوير فقط، ولا يمثل تعطيلًا لما حققه تنظيم البطولة في الإمارات - علي مدار الأعوام الماضية - من نجاحات متنوعة ومتواصلة تزيد من أواصر الدبلوماسية الرياضية وقيم التفاهم والتعاون التي تجمع البلدين.

لا جدال أن هناك خطأ قد حدث، ولكن تناول هذه الواقعة قد شغل من إهتمام الإعلام أكثر مما ينبغي علي مدار عدم أيام، في حين أن الأيام المقبلة تشهد فعالية جديدة - لا تقل أهمية - تجمع الرياضة المصرية والإماراتية، إذ تحمل زيارة نادي العين إلي القاهرة في الإطار الأفرو- آسيوي وبطولة الإنتركونتيننتال رسالة صداقة إضافية لرصيد التقدير المتبادل بين الشعبين الشقيقين.

المصدر: بوابة الفجر

إقرأ أيضاً:

الملاكم محمد علي وحرب فيتنام: البطل الذي رفض التجنيد فعوقب على مواقفه ثم انتصر

الملاكم محمد علي وحرب فيتنام: البطل الذي رفض التجنيد فعوقب على مواقفه ثم انتصر

مقالات مشابهة

  • المجد للبندقية التي حرست المواطن ليعود الى بيته الذي كانت قحت تبرر للجنجويد احتلاله
  • تحولات اجتماعية عميقة في المجتمع المغربي.. ارتفاع نسب الأسر التي تعيلها النساء وتزايد الشيخوخة
  • الملاكم محمد علي وحرب فيتنام: البطل الذي رفض التجنيد فعوقب على مواقفه ثم انتصر
  • الماضي الذي يأسرنا والبحار التي فرقتنا تجربة مُزنة المسافر السينمائية
  • د. عصام محمد عبد القادر يكتب: جبهة داخلية متماسكة .. أمن واستقرار
  • رئيس الدولة: الإمارات حريصة على مواصلة التعاون مع أستراليا
  • رئيس الدولة يبحث مع الحاكمة العامة لكومنولث أستراليا تعزيز العلاقات الثنائية والقضايا المشتركة
  • وزير البلديات: أكثر من 500 ألف فرصة وظيفية في الأنشطة التي تشرف عليها الوزارة
  • محمد كركوتي يكتب: في الإمارات النمو أسرع
  • إسبانيا تستقبل أكثر من 200 ألف زائر من الإمارات في 2024