محمد محمود عبد الوهاب يكتب: مصر والإمارات علاقات عميقة لا يعكرها خطأ فردي
تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT
لا تتوقف مسارات العلاقات بين دولتين شقيقتين علي مناسبة رياضية أو فعالية معينة، وإن كان من المهم استخلاص الدروس من واقعةٍ ما قد تطرأ وتستحوذ علي إهتمام إعلامي غير مُجدي، وربما تكون تلك الواقعة مقدمة لتحديث الجانب الثقافي والرياضي، وفي حين تشهد مجمل العلاقات الثنائية مجموعة من التطورات الإيجابية التي تتناقلها وكالات الأنباء الدولية بإهتمامٍ بالغ، فإن ما حدث الأحد الماضي يشجعنا علي التذكير بحجم الأنشطة والفعاليات الرياضية والشبابية التي تم تنظيمها بشكل مشترك وتهدف للإرتقاء بهذه الجانب من العلاقات ليتناسب والمستوي المتميز من العلاقات المتأصلة في الجانبين الاقتصادي والاستثماري، وبما يعكس القيمة الخاصة للعلاقات بين مصر والإمارات.
هذا لا يعني أن الأمور في كرة القدم تسير كما هو مخطط لها أيًا كانت طبيعة المنافسات وشكلها التنظيمي، نظرًا لغلبة العامل البشري علي المنافسات سواء في النواحي الإدارية والفنية وهي أمور يدركها جيدًا القائمين علي شئون التعاون والإستثمار الرياضي، ومع التسليم بأن الأخطاء والسلبيات من الأمور الواردة في عالم المستديرة، فالتعامل مع الأزمات الطارئة يرتكز - في جانب مهم منه - علي المراجعة الحتمية للمشاهد التي عكرت صفو بطولة تنال متابعة كبيرة في كل الدول العربية ودول أفريقية، نظرًا لقيمتها الفنية والتسويقية، فضلا عما يلمسه الجميع من حسن تنظيم وتنسيق من الجهات المعنية في البلدين علي مدار عدة أعوام.
ويأتي في مقدمة المسائل الواجب مراجعتها لتلافي السلبيات وضمان عدم التكرار، إعادة التأكيد علي أن هيبة رجال الأمن وحفظ النظام لا تعد رفاهية وتحقيق الإنضباط أولوية متقدمة لدي الجميع سواء داخل الاستاد أو خارجه، ومراعاة الإلتزام بالتدابير التنظيمية من الأمور التي لا غني عنها، وكان من الأجدر بالمنابر الإعلامية ووسائل التواصل الإجتماعي إلقاء الضوء أكثر علي مشاهد وصور الحضور الجماهيري الذي أضفي علي إمارة أبو ظبي - الهادئة والمتطورة - مزيجًا من البهجة والضوضاء المحمودة وما إلي ذلك من سمات تجذب الجميع لشغف جمهور الكرة في مصر وتتسابق الدول لاستضافته وإن كانت الإمارات سباقة في ذلك الجهد التنظيمي الذي يُعلي من قيمة العلاقات الرياضية والشبابية بين مصر والإمارات،ولهذا، فإن الاعتذار عن أي خطأ فردي يزيد من قوة العلاقات العميقة بين دولتين شقيقتين، خصوصًا إذا جاء سريعًا، دون مكابرة، ومعبّرًا عن التقدير الكامل لتلك العلاقة القوية وحسن الضيافة. فالاعتذار دائمًا من شيم الكبار، وهو يعكس التقدير المتبادل وحرص الجانبين على صون العلاقة المميزة بين البلدين الشقيقين.
وفي هذا السياق، فإن الإعراب عن الإعتذار للبلد المضيف وكذلك الجمهور - سواء المقيم في الإمارات أو من سافر خصيصًا - الذي ينتظر البطولة المتميزة كل عام، يضع علي الجميع أعباءً مضاعفة من خلال استمرار التنسيق لتنظيم بطولة أكثر تميزًا العام المقبل بمشيئة الله، ولتأكيد أن ما حدث نتوقف عنده للتطوير فقط، ولا يمثل تعطيلًا لما حققه تنظيم البطولة في الإمارات - علي مدار الأعوام الماضية - من نجاحات متنوعة ومتواصلة تزيد من أواصر الدبلوماسية الرياضية وقيم التفاهم والتعاون التي تجمع البلدين.
لا جدال أن هناك خطأ قد حدث، ولكن تناول هذه الواقعة قد شغل من إهتمام الإعلام أكثر مما ينبغي علي مدار عدم أيام، في حين أن الأيام المقبلة تشهد فعالية جديدة - لا تقل أهمية - تجمع الرياضة المصرية والإماراتية، إذ تحمل زيارة نادي العين إلي القاهرة في الإطار الأفرو- آسيوي وبطولة الإنتركونتيننتال رسالة صداقة إضافية لرصيد التقدير المتبادل بين الشعبين الشقيقين.
المصدر: بوابة الفجر
إقرأ أيضاً:
كريم خالد عبد العزيز يكتب: البيت والوطن.. هوية عميقة تتجاوز الجدران والحدود
عندما ننظر إلى الأمور من حولنا نظرة تحليلية عميقة، سنفهم الحياة بشكل أعمق وأفضل من غيرنا الذي لا ينظر إلا إلى قشور الأشياء. وبالرغم من الجهد الذي نبذله في التفكير الزائد لأننا نهتم بالتفاصيل، إلا أننا نكتشف تميزنا فيما بعد، عندما نجد أنفسنا لدينا فلسفة خاصة في فهم الأشياء من حولنا وفي فهم الحياة بشكل عام .... حتى لو وجدنا صعوبة في التعامل مع الآخرين من أصحاب الفكر السطحي.
التعلق والارتباط بالمكان دائمًا يبرز عمق الفكر، والعاطفة والحساسية مصدر للفكر العميق .... البيت ليس فقط جدرانًا تحتوينا بأجسادنا، بل مكان له روح يشهد على كثير من ذكرياتنا ومشاعرنا العائلية، ومراحل حياتنا المختلفة، بدءًا من الطفولة مرورًا بالشباب إلى النضج وحتى إلى الشيخوخة .... مكان يتميز بالمشاعر العائلية الدافئة التي لا تقدر بثمن .... عالم صغير موازٍ نتأهل فيه نفسيًا لمواكبة عالمنا الخارجي في الواقع.
وكذلك الوطن ليس مجرد تقسيم جغرافي أو أرض نعيش عليها، بل هو التاريخ والماضي المرتبط بمن سبقونا من الأجيال الذين صنعوا حضارته وثقافته .... وهو علاقات إنسانية تربطنا بأحبابنا وأصدقائنا الذين فرحنا وعشنا معهم .... وشعور بالانتماء والارتباط الذي يعزز من قيمتنا وهويتنا وشخصيتنا.
الذي ينظر هذه النظرة العميقة للحياة من حوله لا بد وأن يكون شخصًا حساسًا بطبعه وعاطفيًا يحب الارتباط ويتعلق بالمشاعر الموجودة خلف هذه الأشياء .... وبقدر ما يعتبر هذا الشيء جميلًا، بقدر ما نفتقده هذه الأيام بين أشخاص يميلون للعملية والمادية بسبب طبيعتهم السطحية .... أشخاص استسلموا للظروف التي صنعت منهم أشخاصًا يخافون من التمسك والارتباط.
لذلك يجب أن نعزز انتماءنا بأوطاننا ونرسخ في أذهاننا أن الوطن جزء من هويتنا وشخصيتنا .... ويجب أن نسعى للاستقرار النفسي داخل بيوتنا ونعزز الترابط الأسري من خلال المشاركة والتفاعل الإيجابي الذي يجعل أهل البيت كيانًا وجسدًا واحدًا .... للأسف الشديد، طبيعة الحياة العملية السريعة جعلت من البيت محطة للراحة المؤقتة ولم تعد بيوتنا كالماضي .... وكذلك أجيال اليوم تترك أوطانها وتهاجر على أمل إيجاد حياة أفضل في الخارج ولا تضع في الحسبان أنها تتخلى عن هويتها بشكل غير مباشر .... يا رب احفظ أوطاننا وبيوتنا.