موسكو– انتهت الانتخابات البرلمانية في جورجيا بتحقيق حزب "الحلم الجورجي" الحاكم انتصارا مقنعا فيها، لكن ردود أفعال قوى المعارضة على نتائجها تشير إلى أن التوتر السياسي في البلاد سيستمر، بل قد يتصاعد أكثر على وقع اتهامات بتزوير الانتخابات وبتدخل روسيا فيها.

وبحسب بيانات لجنة الانتخابات المركزية، حصل حزب "الحلم الجورجي" على 54.

26% من أصوات الناخبين بعد فرز 90.42% من الأصوات، يليه "ائتلاف التغيير" المعارض بنسبة 10.80%. وفي المركز الثالث جاء "الوحدة – الحركة الوطنية" (10.04%)، وبعده "جورجيا القوية" (8.7%) و"من أجل جورجيا" (7.73%)، أما باقي الأحزاب فلم تتجاوز حاجز الـ5%

رئيسة جورجيا سالومي زورابيشفيلي (وسط) وأحزاب المعارضة رفضوا الاعتراف بنتائج الانتخابات واتهموا الحكومة بتزويرها (الفرنسية) اتهام بالانتهاك

وصفت رئيسة البلاد، سالومي زورابيشفيلي، نتائج الانتخابات بأنها مزورة ورفضت الاعتراف بها، واتهمت روسيا بالتدخل فيها، داعية الجورجيين إلى الاحتجاج.

وكما كان متوقعًا، دعت واشنطن وبروكسل إلى إجراء تحقيق في ما اعتبرتاه انتهاكات ارتُكبت خلال الانتخابات. وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في بيان إن بلاده "تدين جميع انتهاكات الأعراف الدولية وتنضم إلى دعوات المراقبين الدوليين والمحليين لإجراء تحقيق كامل في جميع المخالفات الانتخابية المبلّغ عنها"، بما في ذلك "إساءة استخدام الحزب الحاكم للموارد العامة ورشوة الناخبين والترهيب".

أما روسيا، فردت على الاتهامات الموجهة لها بالتدخل في الانتخابات، وقال السكرتير الصحفي الرئاسي، ديمتري بيسكوف، إن موسكو ترفض بشدة الاتهامات بالتدخل في الانتخابات البرلمانية في جورجيا، وإنه لا أساس لها من الصحة على الإطلاق.

وتعليقا على كلام الرئيسة الجورجية بأنها لا تعترف بنتائج الانتخابات، قال بيسكوف "إنه لا يعرف ما إذا كان من صلاحيات رئيسة جورجيا الاعتراف بالانتخابات أم لا".

استقطاب خارجي

ويتوقع مراقبون روس وجورجيون احتمال بدء اضطرابات واحتجاجات في البلاد مرتبطة باستياء المعارضة الموالية للغرب من فوز حزب "الحلم الجورجي" الحاكم، وما يعتبرونه نتائج "روسية" للانتخابات.

ولهذه الانتخابات أهمية جيوسياسية بالغة الحساسية بالنسبة لمستقبل العلاقات الخارجية لجورجيا مع كل من روسيا والاتحاد الأوروبي، لا سيما أنها تأتي وسط أجواء استقطاب حاد بين موسكو وبروكسل على النفوذ في الجمهورية السوفياتية السابقة.

وبرأي الباحث في مركز مشاكل القوقاز والأمن الإقليمي، نيقولاي سيلايف، فإن نتائج التصويت متوقعة، على الرغم من كل تقلبات الأشهر الأخيرة والضغوط من الغرب، في ظل عدم وجود برنامج سياسي واقتصادي واجتماعي متكامل للمعارضة، التي انحصرت جهودها بانتقاد الحكومة الحالية، بينما قام حزب "الحلم الجورجي" بحملة انتخابية مؤثرة.

تتزامن الانتخابات البرلمانية في جورجيا مع تأزم العلاقات مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي (وكالة الأناضول) بين نارين

ولكن فوز الحزب الحاكم في الانتخابات البرلمانية، والذي يطلق عليه الغرب "الموالي لروسيا"، سيضع جورجيا أمام أزمة سياسية جديدة على ضوء رفض الرئيسة وأحزاب المعارضة قبول نتائج الانتخابات، مما سيؤدي إلى احتجاجات حاشدة وتوتر الوضع في البلاد، حسب سيلايف.

كما أن تصريحات الدبلوماسيين الغربيين حول بعض الانتهاكات في الانتخابات البرلمانية في جورجيا، تهدف -وفق المتحدث- إلى الضغط على لجنة الانتخابات وإجبارها على إعادة النظر في النتائج لصالح قوى المعارضة في البلاد، وهذا تدخل واضح وسافر في الشؤون الداخلية لدولة تريد رسم مسارها مع مراعاة مصالحها الوطنية.

وجاءت الانتخابات البرلمانية في جورجيا في وقت تأزمت فيه علاقاتها مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في ربيع العام الحالي، عندما بادر الحزب الحاكم إلى اعتماد قانون "شفافية النفوذ الأجنبي" الذي ينص على منح صفة العميل الأجنبي لأي منظمة غير حكومية أو وسيلة إعلامية إذا تلقت أكثر من 20% من دخلها من "جهة أجنبية".

كما تم اعتماد قانون يحظر الدعاية للمثليين في جورجيا. وعلى إثر هذين القرارين أعلنت بروكسل تعليق عملية انضمام تبليسي إلى الاتحاد الأوروبي.

يُذكر أن نظام الحكم في جورجيا برلماني، ويعتمد اتجاه السياسة الخارجية للدولة على من يسيطر على البرلمان يشكل الحكومة. ووفقًا للنتائج شبه النهائية للانتخابات، فقد ضمن فوز "الحلم الجورجي" حصوله على 89 مقعدا من أصل 150 في البرلمان، وهو ما يكفي لحكم البلاد، لكنه ليس كافيا للحصول على الأغلبية المطلقة اللازمة لإجراء تغييرات دستورية واسعة النطاق.

جماعات المعارضة الجورجية تسعى للتقارب مع الغرب بدل روسيا وتؤيد الانضمام للاتحاد الأوروبي (رويترز) تكرار السيناريو الأوكراني

ولكن من وجهة نظر المختص في الشؤون الجورجية، غيفي أباشيدزه، فإنه مع وصول حزب "الحلم الجورجي" مجددًا إلى السلطة، فقد بات من الممكن نسيان انتقال البلاد إلى الاتحاد الأوروبي، على الرغم من أن هذا الحزب سيظهر رسميًا أنه يأمل في انضمام جورجيا إلى الاتحاد الأوروبي، ولكن دون الانجرار إلى مواجهة مع روسيا.

ويتابع في تعليق للجزيرة نت، أنه من الواضح أن المعارضة الجورجية قد هُزمت، إلا أن الغرب سوف يبذل قصارى جهده لنقل المعركة بين الحكومة والمعارضة إلى شوارع المدن الجورجية في محاولة لإلغاء نتائج الانتخابات.

وبرأيه، فإن ذلك سيكون وفق السيناريو الذي حصل في أوكرانيا عام 2004، عندما فاز فيكتور يانوكوفيتش بالانتخابات الرئاسية، ولكن تحت ضغط المعارضة، كان لا بد من إلغاء نتائج التصويت، وأصبح فيكتور يوشينكو رئيسا، وهو ما مهد في وقت لاحق لصعود القوى الموالية للغرب والمعادية لروسيا إلى السلطة في كييف.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الانتخابات البرلمانیة فی جورجیا نتائج الانتخابات الحلم الجورجی فی الانتخابات فی البلاد

إقرأ أيضاً:

القضاء يمدد عقوبة سجن رئيس جورجيا السابق ميخائيل ساكاشفيلي إلى 12 سنة ونصف

أُدين ساكاشفيلي بتهمة عبور الحدود بطريقة غير مشروعة وحُكم عليه بالسجن لمدة أربع سنوات ونصف يوم الاثنين، بالإضافة إلى الحكم الصادر بحقه بتهمة إساءة استخدام السلطة والاختلاس.

اعلان

حكمت محكمة جورجية الاثنين على الرئيس السابق ميخائيل ساكاشفيلي بالسجن مرة أخرى، لتمتد فترة حبسه إلى 12 عامًا ونصف.

وكان ساكاشفيلي، الذي شغل منصب رئيس جورجيا في الفترة من 2004 إلى 2013، قد حُكم عليه سابقًا بتهم إساءة استخدام السلطة والاختلاس لكن الزعيم الجورجي السابق وفريق الدفاع عنه رفضا تلك التهم باعتبارها ذات دوافع سياسية.

كما حكم القاضي بدري كوتشلامازاشفيلي على ساكاشفيلي البالغ من العمر 57 عامًا بالسجن أربع سنوات وستة أشهر إضافية بتهمة عبور الحدود بشكل غير قانوني، مضيفًا بذلك مدة أخرى إلى عقوبته الحالية.

وفي حديثه عبر الفيديو، رفض ساكاشفيلي الحكم ووصفه بأنه "حكم غير قانوني وغير عادل بحقّي وعلى جرائم لم أرتكبها".

وقال: "إنهم يريدون القضاء عليّ في السجن". وتعهد بالاستمرار في نضاله قائلاً: "لكن مهما حدث، سأقاتل حتى النهاية".

وفقًا لمحاميه، بيكا باسيليا، فإن الحكم الصادر يوم الاثنين "أظهر مرة أخرى أن ساكاشفيلي سجين سياسي".

ساكاشفيلي الإصلاحي المثير للجدل

واتُهم ساكاشفيلي أيضًا بقمع المتظاهرين الذين زعموا أن حماسته في الحكم تحوّلت إلى ديكتاتورية.

وقد تزعّم الرئيس السابق، الذي قاد البلاد في اتجاه أكثر موالاة للغرب، ما يسمى باحتجاجات ثورة الورود عام 2003 التي أطاحت بسلفه وسنّ سلسلة من الإصلاحات الطموحة التي كانت تهدف لمعالجة الفساد المستشري داخل نظام الحكم.

في هذه الصورة المأخوذة من شريط فيديو، يظهر الرئيس الجورجي السابق المسجون ميخائيل ساكاشفيلي على شاشة عبر رابط فيديو من السجن خلال جلسة استماع في محكمة في تبليسي، جورجياAP/TV formula

أثناء فترة حكمه، خاضت بلاده عام 2008 حربا قصيرة ولكن مكثفة مع روسيا انتهت بخسارة مهينة للقواعد الجورجية المتبقية في منطقتين انفصاليتين.

ومع انتخابات عام 2012، انتهى عهد ساكاشفيلي عندما هزم حزب الحلم الجورجي الذي كان قد تشكّل حديثاً آنذاك حزب الحركة الوطنية المتحدة الذي كان يتزعمه ساكاشفيلي.

غادر الرئيس الخاسر إلى أوكرانيا عام 2013 وأصبح مواطنًا أوكرانيًا. قبل أن يتولى الفترة من 2015 إلى 2016، منصب حاكم منطقة أوديسا الجنوبية.

لكن سرعان ما تم اعتقاله عندما عاد إلى جورجيا في أكتوبر 2021 وسعى لإيجاد مكان له في صفوف قوى المعارضة قبل الانتخابات البلدية الوطنية.

الحلم الجورجي متهم بالتأثير على الحكم

وقد اتهمت محامية ساكاشفيلي الاثنين حزب "الحلم الجورجي" الحاكم بأنه له يد في حكم التمديد الأخير لفترة سجن الزعيم الجورجي السابق.

وقال باسيلايا: "طالما بقي الحلم الجورجي في السلطة، فإن القضاء مهزلة وسيتخذ أي قرار يُطلب منه".

Relatedرئيس وزراء جورجيا يتحدث لـ "يورونيوز" عن الانتخابات والهوية المسيحية ورغبة الانضمام للاتحاد الأوروبي"لن نخضع للابتزاز".. جورجيا تجمد محادثات الانضمام للاتحاد الأوروبي لمدة 4 سنوات

منذ عام 2012، عندما أطيح بساكاشفيلي من منصبه، بقي حزب الحلم الجورجي في السلطة ما جعله يواجه انتقادات واحتجاجات شعبية في الآونة الأخيرة بسبب قمعه للحريات الديمقراطية حسب ما يقول معارضوه.

اعلان

كما اتُهم الحزب أيضًا بإبعاد البلاد عن الطريق نحو مساعي نيل عضوية الاتحاد الأوروبي والعودة إلى الدوران في فلك النفوذ الروسي.

بعد أن دخل في إضراب عن الطعام عدة مرات، يخضع ساكاشفيلي حاليًا للعلاج في مصحة فيفاميدي حيث يوجد قيد المتابعة الطبية بسبب إصابته بعدة أمراض مزمنة، وفقًا للعيادة.

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية ارتفاع أسعار النفط الخام وسط تصاعد التوترات في البحر الأحمر مؤتمر بروكسل... اختبار لإعمار سوريا وسط التوترات حوارٌ بلغة الحديد والنار.. قتلى وقصف على الحدود بين سوريا ولبنان أي مصير ينتظر المنطقة؟ أسرىميخائيل ساكاشفيليجورجيااعلاناخترنا لكيعرض الآنNext مؤتمر بروكسل... اختبار لإعمار سوريا وسط التوترات يعرض الآنNext حوارٌ بلغة الحديد والنار.. قتلى وقصف على الحدود بين سوريا ولبنان أي مصير ينتظر المنطقة؟ يعرض الآنNext التوتر يعود إلى الحدود.. الجيش اللبناني يرد على مصادر النيران في سوريا ويسلم دمشق جثامين 3 قتلى يعرض الآنNext ليتوانيا: أدلة على تورط المخابرات الروسية في حريق متجر "إيكيا" العام الماضي يعرض الآنNext لماذا يتهم رواد مواقع التواصل الجنود الأوكرانيين بفبركة مشاهد الحرب؟ اعلانالاكثر قراءة حريق مأساوي في ملهى ليلي بمقدونيا الشمالية.. والأهالي يرفضون تسليم جثث أبنائهم كوريا الجنوبية: تصادم بين مسيرة إسرائيلية الصنع ومروحية ولا إصابات اليمن: ضحايا ما زالوا تحت الأنقاض جراء الغارة الأمريكية وعمليات البحث مستمرة هل اقتربت نهاية الحرب الروسية الأوكرانية؟ اتصال مرتقب بين ترامب وبوتين يوم الثلاثاء ردًا على ضربات ترامب.. الحوثيون يستهدفون حاملة الطائرات "هاري ترومان" للمرة الثانية خلال 24 ساعة اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومسورياإسرائيلغزةدونالد ترامبحزب اللهأبحاث طبيةحركة حماسضحاياالصحةإيرانالأمم المتحدةالاتحاد الأوروبيالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025

مقالات مشابهة

  • الجمعيات الأهلية ومتابعة الانتخابات البرلمانية.. ورشة عمل للائتلاف المصري لحقوق الإنسان
  • القضاء يمدد عقوبة سجن رئيس جورجيا السابق ميخائيل ساكاشفيلي إلى 12 سنة ونصف
  • أمريكا تستنجد الاتحاد الأوروبي.. ما الحكاية؟
  • الاتحاد الأوروبي: سنمضي قدماً في خطة تخفيف العقوبات على سوريا
  • المركز الأوروبي للدراسات: يجب على الناتو دفع تعويضات لليبيين لتحقيق العدالة
  • القانونية البرلمانية: لا يوجد توجه لتعديل قانون الانتخابات
  • القانونية البرلمانية: لا يوجد توجه سياسي لتعديل قانون الانتخابات - عاجل
  • بمشاركة حكومة دمشق لأول مرة.. المؤتمر الأوروبي لدعم سوريا.. ماذا يريد الطرفان؟
  • القيم والتقاليد عند مفترق الطرق.. كيف ندير التغيير؟!
  • الاتحاد الأوروبي ينوي تعزيز صناعاته الدفاعية.. وتحذير من نتائج الحرب التجارية