استثمارات عُمان في أيدٍ أمينة
تاريخ النشر: 14th, August 2023 GMT
راشد بن حميد الراشدي **
حقق جهاز الاستثمار العُماني عائدات جيدة خلال 2022 وتقدم على صناديق سيادية كبيرة عالمية في متوسط مُعدل العائد، بفضل نجاح استراتيجية مواجهة تقلبات السوق والأداء المتوازن للاستثمارات، فقد تصدر جهاز الاستثمار العُماني قائمة أعلى معدل في العائد من الاستثمارات في مختلف بلدان العالم؛ لتبرز محافظ جهاز الاستثمار كأحد أبرز الصناديق السيادية في المنطقة والعالم.
وحققت المحافظ الاستثمارية "التنمية الوطنية والأجيال" المركز الأول من حيث الأداء المالي مُقارنة بمجموعة من الصناديق السيادية العالمية وذلك بفضل الإستراتيجية الناجعة التي اتبعها الجهاز لمواجهة تقلبات السوق، ليُسجّل معدل عائد على استثماراته الداخلية والخارجية بلغ 8.8%، وفق تقرير نشرته منصة بيانات صناديق الثروة السيادية "SWF" العالمية.
ومع الإعلان عن تحقيق الميزانية العامة للدولة فائضًا ماليًّا بلغ 656 مليون ريال عُماني، مقارنةً بتسجيل فائض بلغ 784 مليون ريال عُماني في الفترة ذاتها من عام 2022م. والذي سُجل بنهاية النصف الأول من عام 2023، ومع تمكن وزارة المالية بنهاية النصف الأول من العام الجاري من سداد أكثر من 1.5 مليار ريال عُماني من القروض الحكومية؛ لينخفض بذلك الدين العام إلى نحو 16.3 مليار ريال عُماني، فإننا نقول إن الاستثمارات والعوائد المالية للسلطنة في أيدٍ أمينة.
تلك الأخبار تثلج صدر كل عماني، وخاصة تحقيق تلك الوفُورات المالية التي نأمل أن تنعكس إيجابًا على راحة المواطن ومعيشته وفق رؤية واضحة المعالم لمستقبل أفضل.
وتحقيق الوطن لهذا التقدم المالي في توفير أرصدة مالية تخفف من الدين العام وتدعم المشاريع والتنمية الشاملة وتحقق مزيد من النمو في الإيرادات، هو فخر لأبناء الوطن ومحبيه وبشائر طيبة مفرحة.
والتخطيط المالي السليم ووجود إستراتيجية بعيدة المدى ووجود الأجهزة الرقابية وتسخير موارد الوطن لأبنائه ووجود الشفافية التامة والوضوح في جميع المجالات والمؤسسات، كل ذلك سوف يُسهم في تحقيق ما يصبو له الوطن والمواطن.
ومع هذه البشائر السعيدة يتطلع المواطنون إلى معالجة ملف التوظيف والتعمين ووجود قوانين صارمة تنظم الاستثمارات الأجنبية وتحارب الفساد والتجارة المستترة وتلغي الاحتكار والمحسوبية بكل أشكالها وتدعم وتتبنى أبناء الوطن في مختلف المشاريع والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، لنرى عُمان رائدة ومتقدمة في شتى مناحي ومجالات الحياة نحو بناء اقتصاد يشار إليه بالبنان.
اليوم تظهر السياسات المالية الحكيمة التي ينتهجها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله- منذ توليه الحكم في عمان، جليةً للعيان، في ما تحقق من منجزات، والتي نأمل أن يتحسن من خلالها دخل الفرد وتخفيف الضرائب والرسوم ودعم الخدمات التي تمُس المواطن مباشرة وتشكل هاجسًا يؤرقهُ وخاصة متوسطي ومحدودي الدخل.
منجزات تضاف لمنجزات كثيرة تحققت في ظل نهضة متجددة الأركان.. فشكرًا لجلالة السلطان وشكرًا لجهود المخلصين من أبناء هذا الوطن من مسؤولين وموظفين في تحقيق هذه العوائد المالية الكبيرة وإلى مزيد من الإنجازات والمنجزات لوطن معطاء ومواطنين أجلاء ضربوا أروع المُثل الخيرة للعالم أجمع في صدقهم مع الله ووطنهم وسلطانهم.
حفظ الله عمان وسلطانها وشعبها وجعلها واحة للخير والنماء فعُمان بحمد الله في أيدٍ أمينة.
** عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
فاينانشال تايمز ترصد الاقتصادات الصاعدة التي ولدت خلال الأزمة المالية
نشرت صحيفة "فاينانشال تايمز" تقريرًا يناقش كيف تؤدي الأزمات المالية إلى إصلاحات اقتصادية تُمهّد للتعافي في بعض الدول الناشئة، مشيرًا إلى أن العديد من البلدان النامية اضطرت إلى تبني سياسات تقشف صارمة بعد الجائحة، مما أدى إلى تحسن الأسواق المالية وتقليص العجز فيها.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن ظهور علامات التباطؤ في الولايات المتحدة الأمريكية والهند وغيرهما من النجوم الاقتصادية الحديثة جعل الكثيرين يبحثون عن قصص النمو الواعدة القادمة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الركود التضخمي في السبعينيات أدى إلى إصلاح السوق الحرة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والصين، وألهمت الانهيارات التي شهدتها الدول الناشئة في الثمانينيات والتسعينيات الموجة الكبيرة التالية من التجديد، من البرازيل إلى المكسيك وروسيا وتركيا. واليوم، نجد أيضًا تغييرات مدفوعة بالأزمات نحو الأفضل في جميع أنحاء العالم.
فقد أدت أزمة منطقة اليورو في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين إلى إجراء إصلاحات، بالأخص في إسبانيا واليونان. ومؤخرًا، فرضت صدمات الجائحة عملية تطهير مالي في العديد من الدول الناشئة، بما في ذلك الأرجنتين وجنوب أفريقيا ونيجيريا وسريلانكا؛ حيث يظهر الانتعاش في جميع هذه الدول مع ارتفاع أسواق الأسهم وتحسن ظروف الائتمان.
وأوضحت الصحيفة أن هذه البلدان اضطرت إلى الإصلاح وضبط ميزانيتها لأن مواردها المالية كانت مرهقة للغاية بسبب الجائحة، مما أدى إلى تحقيق أرباح في الميزان الأولي - وهو مقياس رئيسي للعجز الحكومي الذي يركز على الإنفاق فقط - وهي في طريقها الآن لتحقيق فائض أولي للمرة الأولى منذ أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
وحسب الصحيفة، فإن كل دولة لها أسلوبها الخاص في ضبط النفس؛ حيث فرضت اليونان تخفيضات في الإنفاق وزيادات ضريبية كبيرة بما يكفي لعكس سجل من التخلف المزمن عن السداد يعود إلى تأسيسها كدولة مستقلة.
أما إسبانيا فقد خفضت مزايا المتقاعدين، وحولتهم لواحدة من أكثر فئات السكان فقرًا في أوروبا، لكنه نهج أدى إلى انخفاض العجز والدين بشكل كبير. ونظرًا لصعوبة استقطاب المواهب في عالم يتقدم في السن، فإنها ترحب بالمهاجرين في الوقت الذي تغلق فيه الكثير من الدول الأوروبية أبوابها، وخففت من قواعد التوظيف والفصل من العمل والعمل بدوام جزئي.
وأضافت الصحيفة أن سريلانكا، التي تخلفت عن سداد ديونها في سنة 2022 وسط أسوأ أزمة اقتصادية لها على الإطلاق، قامت بإعادة هيكلة نظامها بشكل جذري؛ حيث ألغت جميع الإعانات وفرضت ضرائب أعلى على الممتلكات والثروات الموروثة وصناعة القمار.
وخفضت نيجيريا أيضًا دعم الوقود ورفعت الإيرادات الحكومية عن طريق زيادة إنتاج النفط، وعملت البلاد على استقرار عملتها المتذبذبة من خلال السماح بتداول النيرة بحرية أكبر في الأسواق العالمية والقضاء إلى حد كبير على السوق السوداء المحلية.
واعتبرت الصحيفة أن الحالة الأكثر إثارة للاهتمام هي عملية "فولندليلا" في جنوب أفريقيا، وهي كلمة من الزولو تعني "مسح الطريق"؛ حيث صُممت هذه العملية لإزالة العوائق في أنظمة السكك الحديدية والطرق والمياه والطاقة الكهربائية، مما قلل بشكل كبير من حالات انقطاع التيار الكهربائي المزمن.
والهدف من كل ذلك هو تعزيز الإنتاجية - وهي مفتاح النمو المستدام على المدى الطويل - بدلاً من الاستمرار في تعزيزها بشكل مصطنع بالإنفاق الحكومي. ومن المقرر أن يرتفع نصيب الفرد من الدخل في جميع هذه الدول بعد انخفاضه أو ركوده لسنوات، وقد بدأت أسواق الأسهم في هذه البلدان تعكس هذا التحول الإيجابي؛ حيث تفوقت على المؤشر العالمي بنسبة 20 بالمائة خلال السنتين الماضيتين، وكانت الأرجنتين وسريلانكا هما السوقان الأفضل أداءً في العالم من حيث القيمة الدولارية خلال هذه الفترة.
وأفادت الصحيفة أن التصنيفات الائتمانية السيادية لهذه الدول اتجهت إلى الارتفاع باستثناء جنوب أفريقيا ونيجيريا، لكن الأنباء المتداولة تشير إلى أن الدولتين قد تكونان في طريقهما إلى رفع التصنيف الائتماني أيضًا.
ولا تقتصر هذه القائمة على تلك الدول؛ حيث تشمل الدول الأخرى التي تقوم بالإصلاح تحت الضغط تركيا ومصر وباكستان، وتعد ألمانيا هي أحدث مثال على "دائرة الحياة": فقد كانت ألمانيا نموذجًا يُحتذى به قبل 10 سنوات، ثم تهاونت وسقطت في حالة من التدهور، وبحلول الأسبوع الماضي كانت تبذل جهودًا كبيرة للإصلاح لدرجة أدت إلى رفع معنويات السوق في جميع أنحاء أوروبا.
وختمت الصحيفة التقرير بأن أيًا من تجارب هذه الدول الناشئة لا تخلو من العيوب؛ فمن المتوقع أن يتضاعف النمو في جنوب أفريقيا ثلاث مرات في السنوات القادمة، ولكن بنسبة 2 بالمئة فقط، وهي نسبة بعيدة كل البعد عن الإبهار. لكن هناك ميلًا انعكاسيًا للعثور على أخطاء أي بلد وقيادته، خاصة في عصر تتفشى فيه السلبية والاستقطاب الشديد.