جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-16@15:33:31 GMT

سينما الأحقاف.. أولى نوافذنا الثقافية

تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT

سينما الأحقاف.. أولى نوافذنا الثقافية

 

 

خالد بن سعد الشنفري

سينما الأحقاف التي كانت تربض أسفل جبال ظفار "الأحقاف قديمًا" في بداية السبعينيات وعلى بعد أمتار قليلة من شاطئ بحر العرب السهل ركوبه والاصطياد منه في كل الفصول والممتنع ركوبه في فصل الخريف؛ حيث يتعذر ركوبه وحتى السباحة فيه ويكون هائجا مزمجمرا مزبدًا، يتعذر على البحارة (الصيادين) ركوب بقواربهم صيدهم الصغيرة آنذاك (الهواري) فيتجهون بها قبل بدء موسم الخريف إلى ريسوت؛ حيث تكون مذرى أمن لهم بجبالها.

وكانوا يستأجرون في سبيل ذلك الحمير للذهاب والجيئة من الحافة إلى ريسوت لجلب أسماكهم التي يصطادونها يوميًا إلى سوق "ماركيت الحافة" المخصص حينها لبيع الأسماك ومشتقاتها من اللخام (سمك القرش المجفف) والمالح (سمك مملح محفوظ بعناية في صفائح معدنية لمدة لا تقل عن 40 يومًا) ليعمر بعد ذلك، ويمكن أكله لأشهر دون فساد (شخصيا قد استفدت من ريع تأجير حماري ورفيق دربي (البطران) في أواخر الستينيات لهم وكان الكثير منهم يتسابقون لحجزه لصلابته وسرعته ورشاقته، وقد أفردت للبطران قصة قصيرة من كتابي القصصي سوالف الستينات، هي قصتي معه وذلك وفاءً وعرفانًا لدوره في تلك المرحلة)، إضافة إلى بيع اللحوم التي تذبح طازجة يوميًا؛ حيث لا وجود للثلاجات وحافظات التبريد حينها، علاوة على بيع الخضراوات والفواكه الموسمية.

سوق "ماركيت الحافة" سوق قديم في ظفار وكان أشبه بالهبطة في شمال عمان وكان يسمى قديمًا "العرصة" ويقع خارج أسوار قصر الحصن الحالية، هذا السور الذي يحتضن بين جنباته مرافق الدولة من المحكمة والبرزة والجوازات والبريد ومحطة كهرباء القصر الوحيدة في ظفار كلها، عدا القاعدة الجوية في صلالة، وسوق ظفار الرئيسي الذي أسسه السلطان تيمور في بداية القرن الماضي لغرض تجميع الدكاكين التي كانت موزعة بالمناطق لتكون داخل أسوار القصر بالقرب من الفرضة، ولاستفادة الدولة من العشور (الضريبة) وتأجير أراضي السوق لدعم دخل الدولة، الذي كان اقتصادها يعاني. وبعد أن امتنع أو تعذر تجميع عشور من سكان الجبال على إنتاجهم من السمن البلدي. وكان هذا السوق يباع فيه كل شيء تقريبًا حتى التمور، ما عدا الأسماك واللحوم والخضراوات والفواكه.

وتحتضن أسوار القصر كذلك سكك حارات ثلاث هي: حارة النبات، وحارة السجن، وحارة سكة عيريت، وهو لفظ باللغة الجبالية أطلقته عليه إحدى العجائز من الجبل، والتي زارتها قديمًا ومعناه بالعربي السكة العمياء أو المقفلة؛ حيث لا يوجد إلّا بوابة واحدة للدخول والخروج محاطة بسور الحصن الخارجي من الأربعة جهات. والطريف في هذه السكة أنه حتى بعد عصر النهضة بعدة سنوات ودخول السيارات إلى صلالة كان الذي يدخل بسيارة لهذه السكة يضطر للخروج منها بالرجوع بالسيارة للخلف، رغم امتدادها طوليًا لمئات الأمتار، وكان يقطن هذه السكك فقط عسكر الحكومة (السركال) وبعض مقدمي الخدمات للحصن والحكومة.

ومن المفارقات في أواخر الستينيات أن احترقت سكة عيريت، وبما أن معظم بيوتها عشش، فقد انتشرت فيها النيران كالهشيم؛ مما دعا الحكومة للاستعانة بسيارات مطافئ القاعدة الجوية البريطانية بصلالة (RF)؛ لإخماد هذا الحريق الهائل. ولعدم تمكن سيارات الإطفاء من الدخول للسكة فقد اضطروا للاستعانة بشباب المنطقة ليتسلقوا أشجار نخيل النارجيل المحيطة بها طوليًا من الجنوب حاملين معهم خراطيم مياه الإطفاء والرش بالمياه من أعلى النخيل، وقد كانت إحدى هذه البيوت التي احترقت تمامًا بيت شاعر الموروث الغنائي الشعبي الظفاري جمعان ديوان أبومانع- رحمة الله عليه- الذي أرَّخ لهذه الحادثة بقصيدته الغنائية الشهيرة التي يقول في مطلعها:

الحمد لله سلم راسي

على المال ماشي حسوفيه

 

نزلوا المحطة وأهل الفوج     

نزلوا نزلة الدوج عاشوا عيال الظفارية      

 

مثال قالت يا عنوة (مثال وعنوة هما بنات الشاعر)

كل من بلانا تجيه بلوة والنار صبحت مطفيه.

 

وعودًا على بدء في موضوعنا عن سينما الأحقاف التي قامت بإنشائها شركة الشنفري في بداية السبعينيات والتي تعتبر أولى دور السينما الصيفية بدون أسقف في ظفار، بعد أن أغلقت سينما صغيرة (لا يحضرني اسمها) فوق سطح أحد المباني داخل منطقة سور الحصن. وكانت هذه السينما متنفسنا الوحيد آنذاك، نحن ذلك الجيل؛ حيث يكفينا أن نتسكع حولها مساءً كل يوم؛ حيث شهدت المنطقة توسعًا، ووزعت حولها أراضٍ تجارية، وابتدأت منها تأسيس أوائل المطاعم والمقاهي وبعض المحلات المتعددة الأغراض.

ورغم أن معظم الأفلام التي كانت تعرض فيها هندية لكون مشغليها من أبناء الجالية الهندية، إلّا أنها كانت أفلام قديمة ملونة في منتهى الروعة والإخراج، لأبطال مشاهير، كنَّا نطلق عليهم مسميات من عندنا قبل أن نتعرف على أسمائهم مثل البطل الطويل (أميتابتشان) والممثل الشهير دليب كومار والممثلة هيما ماليني والممثل الهندي دارا سينج، وأفلام سوراج وماذر أوف إنديا، وغيرها بأغانيها الشجية بصوت المغنية الهندية الشهيرة لاتا مانغيشكار.

والجميل في سينما الأحقاف أنها قبل بدء عرض الفيلم بفترة طويلة تصدح جنباتها بأغاني أم كلثوم الشهيرة، بحيث يسمعها كل من في المنطقة لقوة مكبراتها الصوتية، فتطرب الجميع حتى حفظنا معظم أغاني "الست" في تلك الفترة، وكنَّا نتعمّد دخول دار العرض قبل بدء عرض الفيلم بساعة على الأقل وكل منَّا يحمل معه من المطعم الباكستاني في كيس من الورق المقوى السمبوسة الباكستانية المحشوة بالبطاطا اللذيذة الطعم، والباكورا (معجنات بالبصل والفلفل الحار) مع زجاجة كوكاكولا (مال زمان) بغازاتها القوية النفاذة، فنستمتع بقرمشتها، وكانت هذه الأكياس تصنعها حصريًا عائلة بنجالية، كانوا من بقايا الحجيج البنجلادشيين الذين يستقرون عادة بظفار لفترة في طريق عودتهم إلى بلادهم بعد الحج أو العمرة، في فترة الستينيات، وكنَّا نسميهم "الحجاجيين"، ويفترشون أرض الشاطئ تحت أشجار النارجيل حتى الحصول على عبرة بإحدى سفن البضائع الخشبية لتُقِلَهُم. وبعد عصر النهضة المباركة احتضنتهم عُمان ومُنحوا الجنسية العمانية، وأصبح لهم اليوم أحفاد الأحفاد، ولطالما احتضنت ظفار من مرَّ بها وطاب له المقام فيها.

على الله عودة الماضي، مهما كانت العودة!

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ظفار يتعادل مع مسقط في دوري الأولى

تمكن الفريق الكروي الأول بنادي ظفار من الخروج متعادلا أمام مسقط في الوقت بدل الضائع من زمن اللقاء في المباراة التي انتهت بهدفين لمثلهما والتي أقيمت على ملعب مجمع السعادة الرياضي بصلالة ضمن الجولة الخامسة من منافسات المرحلة النهائية لدوري الدرجة الأولى لكرة القدم.

تقدم مسقط بهدف نيران صديقة عندما تحولت رأسية لاعبه المحترف السنغالي مصطفى سال لمرمى فريقه، وعدل ظفار النتيجة عبر المحترف الأردني عدي القرا باصما على أول أهدافه منذ انضمامه لظفار، ومن ثم أحرز عبدالله المشرفي الهدف الثاني لمسقط، وفي البدل الضائع تمكن حمد الحبسي من تعديل النتيجة لظفار.

افتقر الشوط الأول للمباراة إلى الفرص الحقيقية، بالرغم من المستوى المتكافئ الذي قدمه الفريقان من خلال الهجمات المتبادلة التي لم تشكل تهديدا مباشرا على المرميين، وفي الدقيقة ١٢ أجرى المدرب الوطني عصام السناني مدرب مسقط تغييرا اضطراريا بسبب إصابة الحارس نبيل المشايخي ودخل بديلا له عمر الغابشي.

واصل الفريقان بحثهما عن هز الشباك، ولعل أبرز الفرص في هذا الشوط التي تحصل عليها ظفار في الوقت بدل الضائع من الشوط عندما تهيئة الكرة للاعب محمد الحبسي لكنه سدد كرة ضعيفة بين أحضان الحارس عمر الغابشي، ليطلق بعدها حكم المباراة صافراه معلنا عن انتهاء الشوط الأول بالتعادل السلبي.

الشوط الثاني شهد تحسن في الأداء واحتدم التنافس فيه بصورة أكبر، وسنحت فرصة أظفار عبر لاعبه حمد الحبسي عندما تلقى تمريرة في منطقة الجزاء مسددا كرة تمكن منها الحارس عمر الغابشي. الدقيقة ٥٤ شهدت أول أهداف المباراة جاء لصالح مسقط بعد عرضية متقنة من عيسى الناعبي ارتطمت برأس مدافع ظفار المحترف السنغالي مصطفى سال وتحولت لشباك الحارس مازن الكاسبي مسجلا هدفا عكسيا على فريقه، وبعد الهدف واصل مسقط افضليته، ومن هجمة منظمة في الدقيقة ٥٧ أضاع مسقط فرصة إضافة هدف ثاني عندما سدد كرة على مشارف المرمى لم تجد طريقها للشباك.

وفي الدقيقة ٥٩ تمكن المحترف الأردني عدي القرا من تعديل النتيجة لظفار بعدما استقبل كرة عرضية بمقصية جميلة استقرت في مرمى مسقط، وحاول مسقط الرد سريعا بفرصة سانحة للتسجيل في الدقيقة ٦٠ أطلق من خلالها صلاح العريمي تسديدة أخرجها الكاسبي إلى ركنية.

وعند الدقيقة ٨٠ كاد اللاعب البديل في صفوف ظفار حاتم الحمحمي أن يحرز الهدف الثاني لكن تصويبته مرت بجوار مرمى عمر الغابشي.

الهجمات المرتدة لمسقط شكلت تهديدا مباشرا على مرمى ظفار، ومن إحداها تمكن اللاعب عبدالله المشرفي من تعزيز النتيجة عندما استقبل كرة عرضية برأسية استقرت في شباك الحارس مازن الكاسبي حارس ظفار، ونجح ظفار في تعديل النتيجة خلال الوقت بدل الضائع عبر حمد الحبسي بتسديدة جميلة عانقت الشباك، لتنتهي المباراة بالتعادل الإيجابي ٢ / ٢.

أدار المباراة طاقم تحكيمي مكون من حكم الساحة ياسر بن علي المجرفي وساعده على الخطوط كل من الحكم المساعد الأول جاسم بن يعقوب العامري والحكم المساعد الثاني صالح بن علي البلوشي، والحكم الرابع محمد بن خميس الريامي، ومحمد بن سالم مفلح مقيما، وعبدالله بن محمد المخيني مراقبا، وزين العابدين الحداد منسقا عاما للمباراة

مقالات مشابهة

  • محافظ القاهرة: مكتبة «اقرأ نون السحار» خطوة مهمة لتعزيز البنية الثقافية والتعليمية بمصر
  • ظفار يتعادل مع مسقط في دوري الأولى
  • في ذكرى وفاته.. حسين صدقي واعظ سينما «الأبيض والإسود» «بروفايل»
  • ثريا آل سعيد لـ"الرؤية": الأزياء تسهم بدور فاعل في تعزيز الهوية الثقافية
  • الهوية الثقافية ومعركة البقاء والتجديد
  • أمير جازان يتجول في معرض الكتاب ويطّلع على برامجه الثقافية
  • الفياض: فتوى الجهاد الكفائي كانت الصوت الذي ايقظ ضمير الامة
  • وسائل إعلام مصرية: مصر وقطر نجحتا في تذليل العقبات التي كانت تواجه استكمال تنفيذ وقف إطلاق النار
  • قصور الثقافة تواصل فعاليات القافلة الثقافية لفتيات العريش
  • أسما إبراهيم: شخص قريب مني لعب في دماغي وكان سبب طلاقي