جريدة الرؤية العمانية:
2025-07-04@01:55:04 GMT

سينما الأحقاف.. أولى نوافذنا الثقافية

تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT

سينما الأحقاف.. أولى نوافذنا الثقافية

 

 

خالد بن سعد الشنفري

سينما الأحقاف التي كانت تربض أسفل جبال ظفار "الأحقاف قديمًا" في بداية السبعينيات وعلى بعد أمتار قليلة من شاطئ بحر العرب السهل ركوبه والاصطياد منه في كل الفصول والممتنع ركوبه في فصل الخريف؛ حيث يتعذر ركوبه وحتى السباحة فيه ويكون هائجا مزمجمرا مزبدًا، يتعذر على البحارة (الصيادين) ركوب بقواربهم صيدهم الصغيرة آنذاك (الهواري) فيتجهون بها قبل بدء موسم الخريف إلى ريسوت؛ حيث تكون مذرى أمن لهم بجبالها.

وكانوا يستأجرون في سبيل ذلك الحمير للذهاب والجيئة من الحافة إلى ريسوت لجلب أسماكهم التي يصطادونها يوميًا إلى سوق "ماركيت الحافة" المخصص حينها لبيع الأسماك ومشتقاتها من اللخام (سمك القرش المجفف) والمالح (سمك مملح محفوظ بعناية في صفائح معدنية لمدة لا تقل عن 40 يومًا) ليعمر بعد ذلك، ويمكن أكله لأشهر دون فساد (شخصيا قد استفدت من ريع تأجير حماري ورفيق دربي (البطران) في أواخر الستينيات لهم وكان الكثير منهم يتسابقون لحجزه لصلابته وسرعته ورشاقته، وقد أفردت للبطران قصة قصيرة من كتابي القصصي سوالف الستينات، هي قصتي معه وذلك وفاءً وعرفانًا لدوره في تلك المرحلة)، إضافة إلى بيع اللحوم التي تذبح طازجة يوميًا؛ حيث لا وجود للثلاجات وحافظات التبريد حينها، علاوة على بيع الخضراوات والفواكه الموسمية.

سوق "ماركيت الحافة" سوق قديم في ظفار وكان أشبه بالهبطة في شمال عمان وكان يسمى قديمًا "العرصة" ويقع خارج أسوار قصر الحصن الحالية، هذا السور الذي يحتضن بين جنباته مرافق الدولة من المحكمة والبرزة والجوازات والبريد ومحطة كهرباء القصر الوحيدة في ظفار كلها، عدا القاعدة الجوية في صلالة، وسوق ظفار الرئيسي الذي أسسه السلطان تيمور في بداية القرن الماضي لغرض تجميع الدكاكين التي كانت موزعة بالمناطق لتكون داخل أسوار القصر بالقرب من الفرضة، ولاستفادة الدولة من العشور (الضريبة) وتأجير أراضي السوق لدعم دخل الدولة، الذي كان اقتصادها يعاني. وبعد أن امتنع أو تعذر تجميع عشور من سكان الجبال على إنتاجهم من السمن البلدي. وكان هذا السوق يباع فيه كل شيء تقريبًا حتى التمور، ما عدا الأسماك واللحوم والخضراوات والفواكه.

وتحتضن أسوار القصر كذلك سكك حارات ثلاث هي: حارة النبات، وحارة السجن، وحارة سكة عيريت، وهو لفظ باللغة الجبالية أطلقته عليه إحدى العجائز من الجبل، والتي زارتها قديمًا ومعناه بالعربي السكة العمياء أو المقفلة؛ حيث لا يوجد إلّا بوابة واحدة للدخول والخروج محاطة بسور الحصن الخارجي من الأربعة جهات. والطريف في هذه السكة أنه حتى بعد عصر النهضة بعدة سنوات ودخول السيارات إلى صلالة كان الذي يدخل بسيارة لهذه السكة يضطر للخروج منها بالرجوع بالسيارة للخلف، رغم امتدادها طوليًا لمئات الأمتار، وكان يقطن هذه السكك فقط عسكر الحكومة (السركال) وبعض مقدمي الخدمات للحصن والحكومة.

ومن المفارقات في أواخر الستينيات أن احترقت سكة عيريت، وبما أن معظم بيوتها عشش، فقد انتشرت فيها النيران كالهشيم؛ مما دعا الحكومة للاستعانة بسيارات مطافئ القاعدة الجوية البريطانية بصلالة (RF)؛ لإخماد هذا الحريق الهائل. ولعدم تمكن سيارات الإطفاء من الدخول للسكة فقد اضطروا للاستعانة بشباب المنطقة ليتسلقوا أشجار نخيل النارجيل المحيطة بها طوليًا من الجنوب حاملين معهم خراطيم مياه الإطفاء والرش بالمياه من أعلى النخيل، وقد كانت إحدى هذه البيوت التي احترقت تمامًا بيت شاعر الموروث الغنائي الشعبي الظفاري جمعان ديوان أبومانع- رحمة الله عليه- الذي أرَّخ لهذه الحادثة بقصيدته الغنائية الشهيرة التي يقول في مطلعها:

الحمد لله سلم راسي

على المال ماشي حسوفيه

 

نزلوا المحطة وأهل الفوج     

نزلوا نزلة الدوج عاشوا عيال الظفارية      

 

مثال قالت يا عنوة (مثال وعنوة هما بنات الشاعر)

كل من بلانا تجيه بلوة والنار صبحت مطفيه.

 

وعودًا على بدء في موضوعنا عن سينما الأحقاف التي قامت بإنشائها شركة الشنفري في بداية السبعينيات والتي تعتبر أولى دور السينما الصيفية بدون أسقف في ظفار، بعد أن أغلقت سينما صغيرة (لا يحضرني اسمها) فوق سطح أحد المباني داخل منطقة سور الحصن. وكانت هذه السينما متنفسنا الوحيد آنذاك، نحن ذلك الجيل؛ حيث يكفينا أن نتسكع حولها مساءً كل يوم؛ حيث شهدت المنطقة توسعًا، ووزعت حولها أراضٍ تجارية، وابتدأت منها تأسيس أوائل المطاعم والمقاهي وبعض المحلات المتعددة الأغراض.

ورغم أن معظم الأفلام التي كانت تعرض فيها هندية لكون مشغليها من أبناء الجالية الهندية، إلّا أنها كانت أفلام قديمة ملونة في منتهى الروعة والإخراج، لأبطال مشاهير، كنَّا نطلق عليهم مسميات من عندنا قبل أن نتعرف على أسمائهم مثل البطل الطويل (أميتابتشان) والممثل الشهير دليب كومار والممثلة هيما ماليني والممثل الهندي دارا سينج، وأفلام سوراج وماذر أوف إنديا، وغيرها بأغانيها الشجية بصوت المغنية الهندية الشهيرة لاتا مانغيشكار.

والجميل في سينما الأحقاف أنها قبل بدء عرض الفيلم بفترة طويلة تصدح جنباتها بأغاني أم كلثوم الشهيرة، بحيث يسمعها كل من في المنطقة لقوة مكبراتها الصوتية، فتطرب الجميع حتى حفظنا معظم أغاني "الست" في تلك الفترة، وكنَّا نتعمّد دخول دار العرض قبل بدء عرض الفيلم بساعة على الأقل وكل منَّا يحمل معه من المطعم الباكستاني في كيس من الورق المقوى السمبوسة الباكستانية المحشوة بالبطاطا اللذيذة الطعم، والباكورا (معجنات بالبصل والفلفل الحار) مع زجاجة كوكاكولا (مال زمان) بغازاتها القوية النفاذة، فنستمتع بقرمشتها، وكانت هذه الأكياس تصنعها حصريًا عائلة بنجالية، كانوا من بقايا الحجيج البنجلادشيين الذين يستقرون عادة بظفار لفترة في طريق عودتهم إلى بلادهم بعد الحج أو العمرة، في فترة الستينيات، وكنَّا نسميهم "الحجاجيين"، ويفترشون أرض الشاطئ تحت أشجار النارجيل حتى الحصول على عبرة بإحدى سفن البضائع الخشبية لتُقِلَهُم. وبعد عصر النهضة المباركة احتضنتهم عُمان ومُنحوا الجنسية العمانية، وأصبح لهم اليوم أحفاد الأحفاد، ولطالما احتضنت ظفار من مرَّ بها وطاب له المقام فيها.

على الله عودة الماضي، مهما كانت العودة!

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

البابطين الثقافية تفتح الترشح لجائزة الإبداع الشعري

كتب- محمد شاكر:

أعلن مجلس أمناء مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية، عن فتح باب الترشح لجائزة عبدالعزيز سعود البابطين للإبداع الشعري في دورتها العشرين، والمقرر إعلان نتائجها خلال النصف الأول من عام 2026م، وذلك استمرارًا لمسيرة المؤسسة في رعاية الإبداع العربي والاحتفاء بالشعراء والنقاد المتميزين.

وتُعد الجائزة من أعرق الجوائز الشعرية العربية وأكثرها مصداقية، حيث تبلغ قيمتها الإجمالية في هذه الدورة (270 ألف دولار أمريكي)، موزعة على عدد من الفروع هي:

جائزة الإبداع في مجال نقد الشعر (80 ألف دولار)،

جائزة أفضل ديوان شعر (40 ألف دولار)،

جائزة أفضل قصيدة (20 ألف دولار)،

جائزتا الشعراء الشباب: أفضل ديوان (20 ألف دولار) وأفضل قصيدة (10 آلاف دولار)،

الجائزة التقديرية الكبرى للإبداع الشعري (100 ألف دولار)، والتي تمنح لشاعر أثرى الحركة الشعرية العربية، ولا تخضع للتحكيم التقليدي، بل تُمنح بآلية خاصة يشرف عليها رئيس مجلس الأمناء ويقتصر الترشيح لها على أعضاء المجلس فقط.

وفي هذا السياق، صرّح سعود عبدالعزيز البابطين، رئيس مجلس أمناء المؤسسة، قائلاً: لقد دأبت مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية، منذ تأسيسها، على دعم الشعر العربي، من خلال جوائز رصينة تؤمن بالكفاءة وتكافئ التميز.

شروط وآلية الترشح

وحددت المؤسسة يوم 31 يناير 2026م كآخر موعد لتلقي طلبات الترشح، مشددة على أن الجائزة مفتوحة أمام الشعراء والنقاد من مختلف الأقطار العربية، وفقًا لجملة من الشروط والمعايير المعلنة، ومن أبرزها:

أن تكون الأعمال المقدمة باللغة العربية الفصحى.

أن لا يكون المتقدم قد فاز بالجائزة نفسها خلال السنوات العشر الأخيرة.

أن يلتزم المتقدم بإرسال نسخة ورقية من العمل، إلى جانب السيرة الذاتية، وصورة من الهوية، وخطاب الترشح، مع الالتزام بعدم الترشح لأكثر من فرع واحد.

طريقة التقديم

يُرسل طلب الترشح باسم الأمين العام للمؤسسة على بالقاهرة، أو من خلال الايميل الرسمى للجائزة.

وسيتم إعلان أسماء الفائزين خلال النصف الأول من عام 2026، عقب انتهاء أعمال التحكيم واعتماد النتائج من مجلس الأمناء، على أن يُعلن عن ذلك عبر المنصات الرسمية للمؤسسة.

اقرأ أيضًا:

السيسي ونظيره الأوكراني يؤكدان ضرورة تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران

طرد بعد 7 سنوات.. ننشر النص الكامل لقانون الإيجار القديم بعد إقراره نهائيًا

لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا

لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا

مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية جائزة الإبداع الشعري الجوائز الشعرية العربية

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

الخبر التالى: البلشي: لست مسؤولًا عن تظاهرات أحمد دومة على سلم نقابة الصحفيين

إعلان

الثانوية العامة

المزيد جامعات ومعاهد تعاون بين صندوق تطوير التعليم وأكاديمية الفنون لدعم مهارات الشباب مدارس أقوى مراجعة في الكيمياء للثانوية العامة 2025.. تعرف على الأسئلة المتوقعة كلية النانو تكنولوجي بجامعة القاهرة تنظم مؤتمراً حول"مستقبل تكنولوجيا النانو مدارس عبداللطيف أمام البرلمان: لا صلاحيات مطلقة لوزير التعليم في القانون الجديد مدارس وزير التعليم أمام البرلمان: مجانية التعليم خط أحمر

أخبار رياضية

المزيد مصراوي ستوري سنتين خطوبة ولقب عقب الزواج مباشرة.. 12 صورة وأبرز المعلومات عن قصة حب رياضة محلية بعد أزمة مستحقاتها مع الزمالك.. من هي اللاعبة البرازيلية ميلكا لوبيسكا؟ مصراوي ستوري 15 صورة لظهور محمد صلاح مع ملكات جمال وممثلة تركية ومذيعة لبنانية رياضة محلية "توفت خطيبته ومنشور مات اكلينيكيًا".. قصة مؤثرة لمهاجم الزمالك المنتظر رياضة عربية وعالمية قناة مجانية تذيع مباريات دور ربع نهائي كأس العالم للأندية

إعلان

أخبار

"البابطين الثقافية" تفتح الترشح لجائزة الإبداع الشعري

روابط سريعة

أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلاميات

عن مصراوي

اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصية

مواقعنا الأخرى

©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا

طرد بعد 7 سنوات.. ننشر النص الكامل لقانون الإيجار القديم بعد إقراره نهائيًا أسدل الستار.. البرلمان يقر نهائيًا تعديلات قانون الإيجار القديم نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس.. تعرف علي التفاصيل 36

القاهرة - مصر

36 26 الرطوبة: 30% الرياح: شمال المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب الثانوية العامة فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك

مقالات مشابهة

  • عبد الهادي: معرض الإسكندرية للكتاب بات من طقوس الصيف الثقافية
  • عبد الباسط حمودة يرثي أحمد عامر: "محترم ومؤدب.. عمره ما شرب سيجارة وكان بيجري لعياله"
  • البابطين الثقافية تفتح الترشح لجائزة الإبداع الشعري
  • ٣٠/ يونيو، ليلة القبض علی جَمْرَة!!
  • جمال عبدالحميد: ميدو عنده فكر أوروبي وكان لازم يكمل في تخطيط الزمالك
  • الأجندة الثقافية في سوريا ليوم الأربعاء 2 تموز 2025
  • فرنسا تواصل انسحابها من ثاني دولة بالعالم وتسلم قواعدها العسكرية التي كانت تستخدمها
  • دافيد أنشيلوتي: فينيسيوس ساعدنا كثيرًا.. وكان دائمًا في قلب الملعب رغم الانتقادات
  • ترامب يفتح النار على ماسك: شركاته تعيش على الإعانات وكان سيغادر أمريكا والأخير يرد
  • بكر لطيف.. من بائع كتب على الرصيف إلى حارس ذاكرة كركوك الثقافية (صور)