ما معنى قوله تعالى: «وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه»؟ أمر نبرزه في التقرير التالي حول معاني القرآن الكريم، حيث سلط الإمام ابن كثير في تفسيره على معنى الآية 39 من سورة سبأ.

ما معنى قوله تعالى: «وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه»؟

يقول الحق جل وعلا: {وَمَآ أَنفَقْتُم مِّن شَىْءٍۢ فَهُوَ يُخْلِفُهُۥ ۖ وَهُوَ خَيْرُ ٱلرَّٰزِقِينَ} [سبأ: 39] أي: مهما أنفقتم من شيء فيما أمركم به وأباحه لكم، فهو يخلفه عليكم في الدنيا بالبدل، وفي الآخرة بالجزاء والثواب، وفى الحديث الصحيح أن رسول الله ﷺ قال: «ما من يوم يصبح العباد فيه، إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم اعط منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكًا تلفًا».

 

وتابع: «قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ ۚ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (39)»، وقوله : ( قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له ) أي : بحسب ما له في ذلك من الحكمة ، يبسط على هذا من المال كثيرا ، ويضيق على هذا ويقتر على هذا رزقه جدا ، وله في ذلك من الحكمة ما لا يدركها غيره ، كما قال تعالى : ( انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا ) [ الإسراء : 21 ] أي : كما هم متفاوتون في الدنيا : هذا فقير مدقع ، وهذا غني موسع عليه ، فكذلك هم في الآخرة : هذا في الغرفات في أعلى الدرجات ، وهذا في الغمرات في أسفل الدركات . وأطيب الناس في الدنيا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قد أفلح من أسلم ورزق كفافا ، وقنعه الله بما آتاه " . رواه مسلم من حديث ابن عمرو .

ما معنى إذا حدث الرجل بالحديث ثم التفت؟.. الأزهر للفتوى يوضح بعد جدل هدم قبة مستولدة محمد علي.. ما معنى كلمتي «مستولدة» و«قرافة»؟

وقوله : (وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه) أي : مهما أنفقتم من شيء فيما أمركم به وأباحه لكم ، فهو يخلفه عليكم في الدنيا بالبدل ، وفي الآخرة بالجزاء والثواب ، كما ثبت في الحديث : يقول الله تعالى : أنفق أنفق عليك " . وفي الحديث : أن ملكين يصيحان كل يوم ، يقول أحدهما : " اللهم أعط ممسكا تلفا " ، ويقول الآخر : " اللهم أعط منفقا خلفا " وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنفق بلالا ولا تخش من ذي العرش إقلالا " .

وقال ابن أبي حاتم عن يزيد بن عبد العزيز الطلاس ، حدثنا هشيم عن الكوثر بن حكيم ، عن مكحول قال : بلغني عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا إن بعدكم زمان عضوض ، يعض الموسر على ما في يده حذار الإنفاق " . ثم تلا هذه الآية : ( وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين ).

وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي : حدثنا روح بن حاتم ، حدثنا هشيم ، عن الكوثر بن حكيم عن مكحول قال : بلغني عن حذيفة أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا إن بعد زمانكم هذا زمان عضوض ، يعض الموسر على ما في يديه حذار الإنفاق " ، قال الله تعالى : ( وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين ) ، وينهل شرار الخلق يبايعون كل مضطر ، ألا إن بيع المضطرين حرام ، ألا إن بيع المضطرين حرام المسلم أخو المسلم . لا يظلمه ولا يخذله ، إن كان عندك معروف ، فعد به على أخيك ، وإلا فلا تزده هلاكًا إلى هلاكه". هذا حديث غريب من هذا الوجه ، وفي إسناده ضعف .

وقال سفيان الثوري، عن أبي يونس الحسن بن يزيد قال : قال مجاهد : لا يتأولن أحدكم هذه الآية : (وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه) : إذا كان عند أحدكم ما يقيمه فليقصد فيه ، فإن الرزق مقسوم .

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: معاني القرآن معاني القرآن الكريم قال رسول الله صلى الله علیه وسلم فی الدنیا ما معنى ألا إن

إقرأ أيضاً:

المفتي: الزعم بأن الإنسان مجبر على المعصية باطل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكد الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن البلاء سنة إلهية، وهو في حقيقته اختبار وتمحيص وتهذيب، وليس عذابًا في كل حال. واستشهد بقوله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ • الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ • أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}، ففي هذه الآيات يتضح أن البلاء قد يكون رحمة من الله ومطية للفوز بالجنة، إذا قابله العبد بالصبر والرضا.

جاء ذلك خلال حديثه الرمضاني اليومي على قناتي DMC والناس في برنامج «حديث المفتي»، حيث أشار فضيلته أن من الأسئلة التي كثيرًا ما تتردد في أذهان الناس: لماذا خلق الله تعالى البلاء؟ ولماذا يكون العذاب أبديًّا رغم أن الجُرم محدود في الزمن؟.

وأوضح المفتي أن الابتلاءات تختلف وتتنوّع، وقد يظنها الإنسان ظلمًا أو شرًّا، لكنها في ميزان الله عدلٌ وخيرٌ مطلق، وإن خفي وجهه علينا. وضرب مثالًا بما دار بين موسى عليه السلام والخضر، حيث بدا في الظاهر أن أفعال الخضر غير مبررة، ثم انكشف في النهاية وجه الحكمة الإلهية.

وأضاف أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نبّه إلى أن الابتلاء علامة على القرب من الله، فقال: "أشد الناس بلاءً الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يُبتلى الرجل على حسب دينه"، وفي الحديث الآخر: "إذا أحبّ الله قومًا ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط."

كما تطرّق إلى السؤال عن أبدية العذاب رغم أن الذنب مؤقت، فأوضح أن العقوبة لا تُقاس بزمن الفعل، بل بخطورته وآثاره، تمامًا كما أن بعض الجرائم في الدنيا قد تقع في لحظة واحدة، ويُحكم على صاحبها بالسجن فترة طويلة.

وأكد أن من كفر بالله أو جحد رسله باختياره، فإن إرادته في الكفر دائمة، ولو عاد إلى الدنيا لعاد إلى ما نُهي عنه، كما قال تعالى: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ ۚ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}، لافتًا إلى أن هذا الكفر ليس اضطرارًا، بل اختيار مستمرّ، يستحق صاحبه عذابًا دائمًا، وذلك من تمام عدل الله تعالى، إذ الجزاء من جنس العمل، كما قال تعالى: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ}، وقوله تعالى: {مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ}.

وبيّن ردًّا على من يزعم أنه مجبر على المعصية، أن هذا زعم باطل لا دليل عليه، لأن الله أرسل الرسل، وأنزل الكتب، وبيّن الطريق، وأعطى الإنسان العقل والحرية في الاختيار، كما قال تعالى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا}.

وفي ختام حديثه، أكد مفتي الجمهورية أن: البلاء قد يكون نعمة، والعذاب الأخروي هو عدل إلهي، لا ظلم فيه، قائم على علم الله بما تُخفيه القلوب وتُثبته الأفعال.

ودعا إلى أن نرضى بقدر الله، ونسلّم لحكمته، فهو اللطيف الخبير، الذي لا يظلم أحدًا، ولا يُحاسب إلا بعد البيان والتمكين.

مقالات مشابهة

  • العبادة والتدين الصحيح.. كيف نلتزم بهما؟
  • رزق تطلبه ورزق يطلبك
  • أفضل عبادة في رمضان ويحبها الله تعالى.. لا تكلفك شيئا
  • حقيقة إعفاء الميت من عذاب القبر في شهر رمضان.. اعرف رأي الدين
  • رمضان شهر اغتنام الفرص
  • رئيس جامعة الأزهر: اللغة العربية تاج البيان وأعظم وسيلة للتعبير عن الندم في القرآن
  • المفتي: الزعم بأن الإنسان مجبر على المعصية باطل
  • شيخ الأزهر يوضح معنى اسم الله "الحسيب" ويؤكد ثبوته بالقرآن والسنة والإجماع
  • ثابت بالقرآن والسنة.. شيخ الأزهر يوضح معنى اسم الله الحسيب.. فيديو
  • سُنَن الفطرة