الحماية الاجتماعية بين عمق المفهوم وسطحية التحليل
تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT
تمثّل الحماية الاجتماعية منعطفا اجتماعيا راسخا ومتينا لحماية الأسر فـي سلطنة عُمان من التحديات والصعوبات التي تواجهها فـي تلبية متطلبات الحياة الاجتماعية اليومية، وهي إحدى الأدوات الفاعلة والحلول المستدامة لضمان استمرار الرفاه الاجتماعي مع استمرار مبادرات البرنامج الوطني للاستدامة المالية؛ فالحماية الاجتماعية رغم ربطها بالمستوى المعيشي للأسر، إلا أنها عميقة المعنى ولا يمكن إقصاء المصطلح أو التقليل منه اجتماعيا ولا خطابيا، وهي صمام أمان أمام التحديات الاجتماعية الناتجة عن الإجراءات المالية المتخذة خلال الفترة الماضية.
ورغم أن منظومة الحماية الاجتماعية فـي بدايتها من حيث صرف المنافع، إلا أنها تواجه تحديا فـي تأصيل مفهوم الحماية الاجتماعية لفئة المستفـيدين من المنافع على أقل تقدير؛ ربما يعود ذلك إلى حداثة المفهوم فـي المجتمع العُماني، وإضفاء البعض الطابع المالي عن المنظومة بدلا من الجانب الاجتماعي الأهم فـي المنظومة، إضافة إلى غياب الدور المجتمعي ممثلا بمؤسسات المجتمع المدني فـي تكريس التوجهات الوطنية من إرساء منظومة الحماية الاجتماعية مثل تحقيق الأمان الاجتماعي، وضمان وجود دخل لكل فرد فـي الأسرة، وأنها مرنة فـي احتمالية ارتفاع دخل الأسرة مع التطورات التي تشهدها من حيث زيادة عدد أفرادها أو استحقاقها لمنفعة إضافـية، ما يربك الجمهور عند استحداث منفعة جديدة أو إجراء تعديل على شروط منفعة معينة هو كثرة التفسيرات والتأويلات التي تفتقد إلى الصحة والدقة فـي غالبيتها مما يقلل من أهمية منظومة الحماية الاجتماعية التي تعد منجزا وطنيا تم الاشتغال عليه خلال فترة شهدت ظروفا مالية واقتصادية صعبة لكنها فـي الوقت ذاته لم تغفل عن أي شريحة فـي المجتمع، وضمنت وجود دخل لكل فرد بدءًا من مرحلة الطفولة مرورا بمرحلة الشباب وصولا إلى مرحلة كبار السن. خلال الفترة الماضية، عانى مرتادو شبكات التواصل الاجتماعي من تحليلات سطحية وغير دقيقة أثّرت على الهدف النبيل من إطلاق منظومة الحماية الاجتماعية، تمثّلت هذه التحليلات فـي تكوين عاطفة سلبية تجاه المنظومة عموما ومنافعها على وجه الخصوص، ورغم يقيني بأن التفاعل غالبيته منبثق من حرص مجتمعي بأن تكون المنظومة تشمل جميع فئات المجتمع العُماني وهي كذلك فعلا، إلا أنني قلق من تحوّل التفاعل إلى نمط سلوكي سلبي فـي التفاعل يستهدف كل ما هو مرتبط بالمنظومة ويؤثر على الصورة المشرقة من إرساء منظومة الحماية الاجتماعية ويحجّم من الأهداف السامية والنبيلة التي أنشئت من أجلها، وهي للأسف سمة دخيلة على المجتمع العُماني لا تمثّلنا كعُمانيين فـي مجالسنا ونقاشاتنا وأطروحاتنا، وأرى من المهم معالجة الموضوع من زاويتين، الأولى: أن يقوم صندوق الحماية الاجتماعية بالتعاون مع الجهات الإعلامية بابتكار مواد إعلامية جديدة ترافقها أنشطة إعلامية متنوّعة؛ لضمان وصول الرسالة الإعلامية الصحيحة للجمهور بدون تضليل ولا اجتهاد فـي التحليل، مع ضرورة الوضع فـي الحسبان أن منافع الحماية الاجتماعية تتطلب جهدا تحليليا وأمثلة افتراضية تضمن إقناع الجمهور بمدى استحقاقها للمنفعة، وأقترح إطلاق تطبيق إلكتروني بالاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي يوضّح لكل حالة أسباب استحقاقها للمنفعة من عدمه. الزاوية الأخرى: من الجيد دراسة مقترح تحسين الصورة الذهنية لصندوق الحماية الاجتماعية عبر ابتكار طرق وأنشطة إعلامية تساعد على ذلك عبر قيام إدارة الصندوق بزيارة المحافظات والالتقاء بالشباب وبمؤسسات المجتمع المدني على أن يضمن الصندوق حضور جميع المواطنين؛ كون أن منظومة الحماية الاجتماعية تشمل جميع فئات المجتمع، وأرى أنه فـي حال تحقّق المعالجتين، سنضمن وعي أفراد المجتمع بأهمية الحماية الاجتماعية كمفهوم وسنضمن وقايتهم من استقبال الرسائل الإعلامية فـي شبكات التواصل الاجتماعي التي تتضمن تحليلا سطحيا عن المنظومة ومنافعها. |
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: منظومة الحمایة الاجتماعیة
إقرأ أيضاً:
«تنمية المجتمع ـ أبوظبي» تنظم خلوة للقطاع الاجتماعي
أبوظبي: «الخليج»
نظّمت دائرة تنمية المجتمع - أبوظبي الخلوة الاستراتيجية للقطاع الاجتماعي لعام 2025، بحضور الدكتور مغير الخييلي رئيس دائرة تنمية المجتمع، وقيادات القطاع الاجتماعي في الإمارة، وذلك تزامناً مع عام المجتمع، إذ كان الإنسان ولا يزال محور التنمية الشاملة والمستدامة في دولة الإمارات، حيث تبنّت القيادة الرشيدة نهجاً يرتكز على الاستثمار في الإنسان، وتعزيز رفاهيته، ليكون عنصراً فاعلاً في مسيرة التنمية الشاملة.
تهدف الخلوة الاستراتيجية للقطاع الاجتماعي 2025 إلى استعراض مستجدات القطاع الاجتماعي من مشاريع ومبادرات وبرامج، إضافة إلى الاطلاع على منجزات الجهات الاجتماعية، إضافة إلى رسم ملامح المرحلة القادمة وتعزيز التكامل في تقديم الخدمات الاجتماعية.
واستضاف مركز «نبض الفلاح»، الصرح المجتمعي الذي يتوسط منطقة الفلاح، والذي تم تدشينه مؤخراً، فعاليات الخلوة الاجتماعية، حيث زخرت قاعاته المتعددة بمختلف الورش والأنشطة التي تضمنتها الخلوة.
وابتدأت الخلوة بتسليط الضوء على مجموعة من قصص النجاح لأفراد المجتمع الذين استفادوا من الخدمات الاجتماعية في مجالات تكوين الأسرة، وأصحاب الهمم، والطفولة المبكرة، كما استعرض المشاركون أبرز التحديات التي يواجهها القطاع الاجتماعي، مسلطين الضوء على الموضوعات ذات الأولوية، وكيفية إيجاد حلول مبتكرة ومستدامة تعزز جودة حياة أفراد المجتمع. أكد الدكتور مغير خميس الخييلي أن الخلوة تمثل محطة حيوية لتوحيد الجهود بين مختلف الجهات في القطاع الاجتماعي، والعمل بروح الفريق الواحد لتحقيق تطلعات القيادة الرشيدة في بناء مجتمع متماسك ومزدهر، يرتكز على مبادئ العطاء والتلاحم الإنساني.
وقال الخييلي: تولي القيادة الرشيدة الإنسان أولوية قصوى، حيث تضع رفاهيته في صميم سياساتها التنموية، إيماناً منها بأن بناء مجتمع متقدم يبدأ بتمكين أفراده وتعزيز جودة حياتهم، ومن هذا المنطلق، تأتي الخلوة في نسختها لعام 2025 تزامناً مع عام المجتمع، حيث تم إشراك أفراد المجتمع في مناقشاتنا، والتعرف إلى آرائهم حول الخدمات الاجتماعية، وتجاربهم في عدد من الخدمات.
وأضاف أن القطاع الاجتماعي في أبوظبي يشهد تطوراً مستمراً، بفضل التوجيهات الحكيمة لقيادتنا التي ترسخ قيم التكاتف والتعاضد.
وتابع الخييلي أن التطوير الحقيقي ينبع من تضافر الجهود والاستماع إلى تطلعات مختلف شرائح المجتمع، بما في ذلك كبار المواطنين، وأصحاب الهمم، والشباب، والأسر، لضمان أن تكون السياسات والمبادرات انعكاساً حقيقياً لاحتياجاتهم وطموحاتهم.
ويعد «نبض الفلاح» مركزاً مجتمعياً رائداً يعكس رؤية دائرة تنمية المجتمع في توفير مساحات تفاعلية تجمع أفراد المجتمع وتعزز قيم التواصل والتلاحم الاجتماعي.