هل تنجح إسرائيل وحلفاؤها في فصل مساري الحرب في غزة ولبنان؟!
تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT
تأتي زيارات المبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين إلى لبنان، ومع كل تصريح يصدر من مسؤول لبناني ردا أو تعقيبا على العروض التي يقدمها، أو ما يمكن تسميته بالتهديدات التي ينقلها إلى لبنان بفرض الرؤية الإسرائيلي لتطبيق القرار 1701، بمعنى منع حزب الله من تجاوز نهر الليطاني ونشر الجيش اللبناني في المنطقة، وفرض تطبيق القرار 1559 القاضي ينزع سلاح حزب الله وتحويله إلى حزب سياسي مدني، لتكون محصلة المطالب الإسرائيلية هي استسلام لحزب الله وإخضاعه سياسيا لمقتضيات التحكم الخارجي بالمؤسسة الحاكمة في لبنان، من دون أن يكون أي تأثير للحزب الله.
ترحيب المسؤولين اللبنانيين أو بعض التصريحات المبهمة أحيانا والتي صدرت من مسؤولين في الحزب في لحظة معينة؛ جعلت البعض في حالة تشكك وحالة ريبة من أن يقبل حزب الله بمعادلة فصل المسارات ووقف الحرب في لبنان مقابل التخلي عن دعم غزة.
هنا يمكن طرح السؤال الكبير: هل يمكن لحزب الله أن يقبل مثل هذه المعادلة؟!
للإجابة على هذا التساؤل لا بد من أخذ بعض المعطيات للإجابة على هذا السؤال، والذي يأتي أحيانا من باب الخوف وبحسن نية، وأحيانا من باب التشكك من بعض كارهي الحزب. قد يكون الفلسطيني أكثر الناس اهتماما بالحصول على إجابة على هذا السؤال، ولأن الفلسطيني هو أكثر الناس قلقا في هذه المرحلة، فمخاوفه مشروعة لأن الفلسطيني خاصة في غزة بما يواجهه من وقتل وتدمير وتجويع، لديه الأمل بأن تكون جبهة لبنان الأكثر قدرة على الضغط على الاحتلال لإجباره على وقف العدوان.
المنطق السياسي السليم يقول: ما كان يمكن أن يكون قابلا للنقاش قبل أسابيع لم يعد اليوم قابلا لمجرد النظر فيه والحديث فيه، ومن يرقب تصريحات الناطقين المقربين من حزب الله هذه الأيام يشهد موقفا واضحا بأن الحزب متمسك بمواقفه السابقة ولن يتراجع مهما كان الثمن
فحزب الله هو الطرف الوحيد الذي يمكنه الضغط على الاحتلال، خاصة بعد أن بدأ الحزب يظهر تعافيا واستفاقة من الصدمة التي تعرّض لها قبل المواجهة الأخيرة، هذه الاستفاقة بما فيها من أمل بدأت تثير الخوف عند البعض، بأن يبدأ نتنياهو إعادة حساباته بعد الخسائر الكبيرة التي يُمنى بها جيش الاحتلال في المناورة البرية في جنوب لبنان خاصة في الأيام الأخيرة، وتعاظم الرشقات الصاروخية بكافة أنواعها كمّا وكيفا وفي عمق الحدود، والتي بدأت بالفعل تربك حسابات الاحتلال.
وقد بدا هذا التأثير من خلال ما يثيره العديد من الخبراء الاستراتيجيين الإسرائيليين بالدعوة للبحث عن مخرج من هذه الحرب المكلفة، خاصة بعد تصريحات رئيس الأركان هيرتسي هليفي، وحديثه عن إمكانية الانتهاء من العملية البرية في جنوب لبنان خلال أسبوعين أو ثلاثة!!
هل يمكن لحزب الله بعد أن استعاد جزءا مهما من قدراته وهو يُظهر يوميا تقدما وإنجازات مهمة في ساحة المواجهة، أن يقبل بأن يستسلم للمطالب الإسرائيلية بالاستسلام؟ إن المنطق السياسي السليم يقول: ما كان يمكن أن يكون قابلا للنقاش قبل أسابيع لم يعد اليوم قابلا لمجرد النظر فيه والحديث فيه، ومن يرقب تصريحات الناطقين المقربين من حزب الله هذه الأيام يشهد موقفا واضحا بأن الحزب متمسك بمواقفه السابقة ولن يتراجع مهما كان الثمن.
لو اتخذ الحزب قرار التخلي عن غزة، فإن الحزب سيواجه سؤالا كبير؛ إذا لماذا دخلتَ بنا الحرب وجلبت كل هذه الدمار والخراب والشهداء بالآلاف من اللبنانيين المدنيين، وكوادر الحزب وقادته بدء من زعيم الحزب السيد حسن نصر الله وانتهاء بأصغر مقاتل في الحزب؟ سيكون هذا السؤال من أبناء وأنصار الحزب علاوة على معارضيه. إن تراجع الحزب عن دعم غزة سيكون كارثيا على الحزب وقدرته على البقاء في ظل تغير خريطة القوة الميدانية
اليوم بعد أن تجاوز الحزب المحنة، وأصبح الآن في موقف أكثر قوة وأكثر فاعلية وتأثيرا في الميدان، وانتقل إلى أخذ زمام المبادرة في عدة جوانب، خاصة بعد أن وسع دائرة الاستهداف في شمال الكيان بتحذير 25 مستوطنة جديدة وطالب المستوطنين بمغادرتها بعد أن تحولت مستوطناتهم إلى أهداف عسكرية.. بعد هذه التحولات الميدانية هل يمكن لأحد أن يقبل منطق الحديث عن تنازلات ويقبل بتسويات رُفضت في مرحلة الضعف؟ فكيف يقبل في مرحلة القوة؟!
هل يُعقل بعد كل هذه التضحيات التي جاءت نتيجة لمعركة الانتصار لغزة بأن يذهب الحزب إلى التخلي عن غزة؟ ولو سلمنا بمنطق البعض بأن الحزب سيتراجع عن دعم غزة، ولو اتخذ الحزب قرار التخلي عن غزة، فإن الحزب سيواجه سؤالا كبير؛ إذا لماذا دخلتَ بنا الحرب وجلبت كل هذه الدمار والخراب والشهداء بالآلاف من اللبنانيين المدنيين، وكوادر الحزب وقادته بدء من زعيم الحزب السيد حسن نصر الله وانتهاء بأصغر مقاتل في الحزب؟ سيكون هذا السؤال من أبناء وأنصار الحزب علاوة على معارضيه. إن تراجع الحزب عن دعم غزة سيكون كارثيا على الحزب وقدرته على البقاء في ظل تغير خريطة القوة الميدانية.
السؤال الآن بعد كل هذه المعطيات، من تغير البيئة الميدانية وارتباط مبررات الحرب بغزة: هل يمكن الاعتقاد بأن الحزب يمكن أن يفرط في ورقة الدفاع عن غزة في أي مفاوضات تجري لوقف إطلاق النار؟!
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه لبنان الإسرائيلي حزب الله غزة لبنان إسرائيل غزة حزب الله مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة تفاعلي سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هذا السؤال عن دعم غزة بأن الحزب التخلی عن حزب الله أن الحزب أن یقبل هل یمکن ما کان بعد أن عن غزة کل هذه
إقرأ أيضاً:
هل تنجح المقاومة السورية في قلب المعادلات الصهيو-أميركية؟
جمال واكيم
تمر الحالة المناهضة للمشروع الصهيوني في المنطقة بوضع حرج، نتيجة انهيار ركن رئيسي في محور المقاومة والمتمثل بالنظام البعثي في سورية قبل نحو شهرين، ما أدى إلى كشف ظهر المقاومة الإسلامية وحلفائها في لبنان، والتي كانت تعتمد على دمشق كشريان لوجستي رئيسي لتدعيم وضعها في مواجهة العدو الصهيوني.
وإذا كان العدو الصهيوني قد عجز عن التقدم ولو لبضعة كيلومترات في جنوب لبنان بعد 66 يومًا من القتال الضاري، بالمقارنة مع وصوله إلى بيروت في العام 1982 خلال بضعة أيام، إلا أن الإنجاز الذي حققه بالتعاون مع تركيا والولايات المتحدة جعله يقترب إلى بعد بضعة كيلومترات من العاصمة السورية دمشق، عقب الإطاحة بالنظام السابق وتنصيب أبي محمد الجولاني لنفسه رئيسًا لسورية بمباركة تركية قطرية أميركية وغربية.
هذا، وضع حزب الله وحلفاءه في لبنان في وضع غير مريح، في ظل الضغوطات الأميركية التي تمارس على أركان السلطة الجديدة وعدد كبير من القوى اللبنانية لعزله، وقد وصل الحد بالأميركيين إلى الإعلان صراحة أنهم يعارضون مشاركة حزب الله ولو بشكل غير مباشر في الحكومة العتيدة التي يحاول نواف سلام تشكيلها.
ما يدفع الأميركيين و”الإسرائيليين” وحلفاءهم الإقليميين واللبنانيين إلى التعنت في مطالبهم ينبع من الشعور بأنهم حققوا إنجازاً إستراتيجياً في دمشق، عبر إيصال الجولاني إلى السلطة، قلب المعادلات الإقليمية وعوض عن الإخفاقات “الإسرائيلية” في مواجهة حزب الله في لبنان والمقاومة الفلسطينية في غزة، بما يشبه حالة النشوة التي شعروا بها في العام 1982 حين تمكنت القوات الصهيونية من احتلال بيروت وإخراج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان وانتخاب حليف “تل أبيب” بشير الجميل رئيسًا للجمهورية. كل هذا يجعلنا نفهم ما سبق وأعلنه رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو من أنه عبر حربه على غزة ولبنان فإنه يقوم بتصحيح المسار الذي انحرف عما كان مرسومًا له “إسرائيليًا” في العام 1982.
لكن استذكار الأميركيين و”الإسرائيليين” لما حدث في العام 1982 لا يتضمن تذكرهم للمقاومة التي انطلقت في ذلك العام من بيروت والتي ساهمت بقلب المعادلات التي كان الأميركيون و”الإسرائيليون” يحاولون فرضها في لبنان والمنطقة. فلقد نجحت هذه المقاومة في إخراج العدو من بيروت ومن بعدها من مناطق أخرى من جنوب لبنان، كما أن حليف “إسرائيل” بشير الجميل اغتيل بعد ثلاثة أسابيع على انتخابه، تبعه صراع بين أطراف محلية وإقليمية في لبنان أدت في شباط فبراير 1984 إلى إسقاط اتفاق 17 أيار الذي وقعته حكومة الرئيس أمين الجميل مع “إسرائيل”، لتجهض بذلك كل مفاعيل اجتياح العام 1982.
واليوم، وبعد شهرين على تقدم قوات الاحتلال “الإسرائيلي” للسيطرة على أراضٍ سورية جنوب العاصمة دمشق ووصولها إلى مسافة 12 كيلومترًا من طريق دمشق – بيروت الدولي، اعترف جيش العدو بوقوع عملية فدائية ضده في مدينة القنيطرة المحتلة. ولقد أطلقت المجموعة التي نفذت العملية بيانًا تبنت فيه العملية مطلقة على نفسها اسم “المقاومة السورية.” هذا الإعلان بحد ذاته بادرة تحول في مسار الصراع سيؤدي إلى تفعيل جبهة جديدة ضد العدو هذه المرة انطلاقاً من جنوب سورية. فهل تسلك المقاومة السورية السبيل الذي سلكته من قبلها المقاومة اللبنانية؟ وهل تنجح في قلب المعادلات كما فعلت من قبلها نظيرتها اللبنانية؟.