لماذا لم تضرب إسرائيل إيران حيث توجعها حقا؟
تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT
من المعهود فـي البلاد المسيحية أن تؤجَّل الأمور إلى «ما بعد الكريسماس» وبداية السنة الجديدة. أما فـي إسرائيل فالمعادل لهذا هو «ما بعد الأعياد»، وتبدأ أعياد الخريف اليهودية مع رأس السنة اليهودية، يليه يوم الغفران ثم عيد السوكوت أو المظلات الذي يستمر لثمانية أيام. فـي هذا العام، لاذ الإسرائيليون بملاجئهم فـي الأول من أكتوبر، أي اليوم السابق على رأس السنة اليهودية، حيث انهمر على البلد مائة وثمانون صاروخا بالستيا إيرانيا.
فلم يكن من بديل عن رد عسكري إسرائيلي. وكانت إسرائيل بعد ضربة مماثلة فـي أبريل قد قصرت ردها على ضربة رمزية للدفاعات الجوية الإيرانية دمرت نظام إس 300 الباهظ لكنها لم تتسبب فـي أضرار أوسع. وكان الأمر مختلفا هذه المرة. وكان السؤالان الكبيران هما «ماذا» و«متى». توقع كثيرون فـي إسرائيل إرجاء الهجمة المضادة إلى ما بعد فترة الأعياد. وذلك ما كان. ففـي الإجازة الأسبوعية الأخيرة ضربت الطائرات الإسرائيلية أهدافا داخل إيران. غير أن الأهم من ذلك كان الجدال حول (ماذا)، أي ما يجب ضربه. ذهبت التكهنات الأولية إلى أن إسرائيل قد تستهدف إنتاج النفط الإيراني، وكان من شأن ذلك أن يلحق ضررا حقيقيا بمصدر الدخل الرئيسي للنظام، لكن إيران بدورها هددت بضرب أهداف نفطية فـي الدول العربية المجاورة، بما قد يؤدي إلى أزمة عالمية بسبب ارتفاع تكاليف الوقود قبل الشتاء. وحثت إدارة بايدن والعالم الغربي بأكمله على اجتناب هذه الخطوة. والخيار الثاني الذي نوقش كثيرا هو ضرب البرنامج النووي الإيراني. وقد كان التقدم النووي المدني والعسكري الإيراني على رأس قائمة التهديدات التي تواجهها إسرائيل منذ عقود من الزمان. وكان بنيامين نتنياهو، حتى قبل رجوعه إلى السلطة فـي 2009، من أشد أنصار فرض العقوبات المعيقة والعمل العسكري لمنع إيران من الحصول على الأسلحة النووية. وأخيرا، قد تكون هذه فرصة إسرائيل لعرقلة طموحات إيران النووية لسنوات عديدة. راج هذا الخيار لدى اليمين المتطرف فـي إسرائيل الذي يؤمن حقا أن حربا حضارية قد تبشر بنهاية العالم وإعادة بناء الهيكل فـي القدس. ولكنه كان أيضا الخيار المفضل لدى العديد من اليمينيين المعتدلين ممن يعتقدون أن الحرب بين النظام الإيراني وإسرائيل أمر لا مفر منه، وأن الانتظار لمدة عشرين عاما أخرى حتى يحصل هذا النظام على صواريخ نووية هو أمر أحمق وقصير النظر، وأن من الأفضل اتخاذ إجراء الآن. عارضت القوى الغربية هذا الخيار أيضا. ورغم أنه قد يكون مبررا، فإنه ينطوي على تصعيد الموقف، ويزيد من حدة التوتر على نحو قد يجبر إيران على الرد بما قد يؤدي إلى حرب مستمرة. فلم يبق من خيار غير الأهداف العسكرية وما أكثرها فـي إيران. وهذا هو الخيار الذي اختارته إسرائيل فـي نهاية المطاف هذا الأسبوع، فضربت مواقع فـي مختلف أنحاء البلد. ولزمت إيران الصمت فـيما يتعلق بالأهداف، زاعمة أن أربعة من أفراد الجيش قد لقوا مصرعهم، لكن سكان طهران شاهدوا وسمعوا الانفجارات فـي ضواحي المدينة. بحلول صباح يوم الأحد، أظهرت صور الأقمار الصناعية مباني مدمرة فـي قواعد عسكرية بالقرب من طهران وفـي بارشين، وبدأت المصادر الإسرائيلية فـي الإعلام بما ضربوه: خلاطات كوكبية. هذه الآلات عالية الدقة هي أبناء عمومة متحولة لخلاط المطبخ، وتستخدم لصنع الوقود الصلب المستخدم فـي الصواريخ الباليستية. ووفقا للصحفـي الإسرائيلي باراك رافـيد، استهدفت إسرائيل كل خلاط وقود صاروخي فـي إيران، وربما اثنين فـي سوريا أيضا. ومن شأن تدميرها أن ينهي إنتاج الصواريخ الإيرانية لشهور أو سنوات. هذا خبر سيئ لإيران وخبر جيد لإسرائيل. ولكنه أيضا من سوء الحظ للحوثيين فـي اليمن، الذين يعتمدون على أسلحة إيران، ولروسيا التي كانت تسعى لشراء صواريخ باليستية إيرانية لاستخدامها ضد أوكرانيا. كما تم تدمير اثنين من أنظمة دفاع إس-300 الجوي «المتقدمة»، التي لم تحقق لإيران نفعا كبيرا فـي المقام الأول، إذ لم يتم إسقاط أي طائرة إسرائيلية فـي الهجوم. يبدو أن إيران اليوم فـي مأزق. لا يوجد تهديد فوري من النظام بالانتقام، فما هي غير لغة عدوانية ولكنها مبهمة. وفـي الوقت نفسه، انتقدت أجزاء من اليمين الإسرائيلي الضربات باعتبارها غير شديدة بما فـيه الكفاية، وألقت باللوم فـي الغالب على جو بايدن لتقييده نتنياهو. لكن نتنياهو كان رئيسا للوزراء لمعظم السنوات الخمس عشرة الماضية. ولو أنه أراد حقا قصف المواقع النووية الإيرانية بالطائرات الحربية، لكان قد فعل ذلك الآن. ولكن موهبة نتنياهو، على مدار حياته المهنية، تتلخص فـي أنه يعثر على من يمكنه إلقاء اللوم عليهم فـي تقييده: فقد يكونون شركاء ائتلاف يساريين أو قضاة إسرائيليين أو رؤساء للولايات المتحدة. على مدى أغلب العام الماضي، لم ترغب إسرائيل أو حزب الله فـي حرب أوسع نطاقاً فـي لبنان. وعندما تغير هذا، وقرر القادة الإسرائيليون أن الوقت قد حان لمواجهة حزب الله، لم يكن الأمر خفـياً، بل استغرق أسبوعين من تفجير البيجر وأجهزة الاتصال اللاسلكية والاغتيالات الدرامية. وفـي الوقت الحالي، لا تريد إسرائيل وإيران حرباً مفتوحة - حتى الآن. ولا يزال الجانبان يبحثان عن أسباب لخفض التصعيد. ولكن الضربات الإسرائيلية أثبتت أنه إذا اندلعت الحرب، فلن يكون بوسع النظام أن يفعل الكثير لمنع القوات الجوية الإسرائيلية من ضرب ما تريد وقت أن تريد. |
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فـی إسرائیل
إقرأ أيضاً:
ما هي وحدة "سابير" التي أنقذت إسرائيل من صواريخ إيران؟
حين هاجمت إيران إسرائيل بصواريخ بالستية ضخمة خلال عام 2014، فشلت في التسبب في أضرار نوعية خطيرة لقوات الجيش الإسرائيلي، فكيف حدث هذا الأمر؟.
وكشفت صحيفة "جيروزاليم بوست" من خلال إجراء سلسلة من المقابلات مع كبار ضباط استخبارات الجيش الإسرائيلي، أن المدى الكامل لتباعد القدرات العسكرية وتحصين الجيش الإسرائيلي لمواقعه السرية تحت الأرض لا يزال غير معروف تماماً.
ماذا فعلت إسرائيل؟في عام 2020، كانت هناك تقارير متعددة عن اتجاه استخبارات الجيش الإسرائيلي لنقل العديد من عملياتها إلى مرافق سرية تحت الأرض. لكن وحدة أقل شهرة في استخبارات الجيش الإسرائيلي تسمى "سابير"، والتي كانت مسؤولة منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر(تشرين الأول) 2023، عن تسريع انتقال أجهزة الاستخبارات العسكرية إلى مرافق تحت الأرض بشكل كامل وتوفير المزيد من المرافق الطارئة تحت الأرض لهم.
وبحلول الوقت الذي أطلقت فيه إسرائيل أول 120 صاروخاً باليستياً على إسرائيل في أبريل(نيسان) 2024، كانت غالبية ما كان يجب أن يكون تحت الأرض جاهزاً للعمل بالفعل.
ولدى وحدة سابير عدد من المهام لاستخبارات الجيش الإسرائيلي، لكن أحد المكونات الرئيسية لمهمتها هو ضمان استمرار العمليات في العمل حتى في أسوأ الأزمات.
Sapir: The enigmatic Israeli military unit moving IDF intelligence underground - exclusive https://t.co/aBFcDhUaLO #Israel #defense pic.twitter.com/HTsYdiz7rZ
— Eli Dror (@edrormba) February 14, 2025 التكنولوجيا تعلب دوراًوقالت مصادر في الجيش الإسرائيلي إن هجوم إيران في أبريل(نيسان) 2024 ساعد في توضيح النسبة المطلوبة للعمليات التي تحتاج إلى تعزيزات أفضل أو تدخلات تكنولوجية تحت الأرض، بحيث تم معالجة معظم هذه القضايا بحلول هجوم إيران في أكتوبر(تشرين الأول) 2024.
وأوضحت المصادر أن قاعدة سابير نفسها تضم عدة ضباط برتبة مقدم، أغلبهم من استخبارات الجيش الإسرائيلي، ولكن أقلية كبيرة منهم "معارون" من قيادة الاتصالات في الجيش الإسرائيلي. وقد تضاعف عدد جنودها تقريباً بعد السابع من أكتوبر(تشرين الأول) لدعم كل العمل المطلوب حديثاً.
وقالت مجندة في وحدة سابير إن المئات من جنود الخدمة النظامية يعملون في الوحدة ومنذ الحرب، اكتسبت 250 جندي احتياطي آخر. وأضافت: "نحن أقوياء جداً في العمليات العسكرية والتكنولوجيا ونعمل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع".
وفي حديثها عن التحركات نحو مناطق أكثر حماية، قالت: "لقد أجرينا بالفعل العديد من التدريبات للانتقال في حالات الطوارئ إلى مساحات تحت الأرض. المرونة مهمة جداً".
وعندما سُئلت عما إذا كان التحدي الأكبر في هذا المجال هو إيران، قالت "إن التحدي الأصعب ليس فقط التعامل مع إيران ولكن التعامل مع جميع خصومنا في نفس الوقت. كل شيء يحتاج إلى أن يحدث بسرعة كبيرة".
وقالت مصادر في الجيش الإسرائيلي، إن استخبارات الجيش الإسرائيلي لا ينبغي لها أن تعمل فوق الأرض في الأمد البعيد إذا كان الجيش يريد ضمان استمرارية العمل.
وقالوا إن الجيش الإسرائيلي بأكمله يحتاج إلى التحرك في اتجاه أكثر سرية، ولكن بشكل خاص استخبارات الجيش الإسرائيلي والبنية التحتية الحيوية ذات الصلة.
هل ينسف نتانياهو خطة ترامب ويضرب إيران؟ - موقع 24في خضم كل هذه الضجة في البيت الأبيض، بدا العالم كأنه لم يلاحظ الأسبوع الماضي عندما هدد الرئيس دونالد ترامب بعمل عسكري أمريكي وإسرائيلي ضد إيران إذا لم توافق على إلغاء برنامجها للأسلحة النووية. ما هي أهمية سابير؟وتعد وحدة سابير مسؤولة عن إنشاء البنية التحتية التكنولوجية للاستخبارات في الجيش الإسرائيلي، أينما كان ذلك. وقد تم الإبلاغ على نطاق واسع عن وجود انتقال دائم مستمر لآلاف ضباط استخبارات الجيش الإسرائيلي إلى الجنوب.
ولقد تم بناء أجزاء كبيرة من المواقع الجديدة لاستخبارات الجيش الإسرائيلي تحت الأرض منذ البداية. وقالت مصادر في الجيش الإسرائيلي إن الدروس المستفادة من هذه الحرب لن تؤدي إلا إلى تعزيز هذا الاتجاه ولن تتطلب إعادة التفكير في الهندسة المعمارية أو المفاهيم الرئيسية.
والأمر الحاسم هو أنه بعد السابع من أكتوبر(تشرين الأول)، تلقت شركة سابير مبلغاً هائلاً من الأموال الإضافية لإنجاز مهمتها، وقالت مصادر في الجيش الإسرائيلي إن وزارة المالية أدركت أهمية الاستعداد لأسوأ السيناريوهات.
ويعمل لصالح وحدة سابير العشرات من المهندسين ومحللي الاستخبارات ومحللي البيانات، وخاصة فيما يتعلق بسحابة الاستخبارات التابعة للجيش الإسرائيلي.
وانضم العشرات من جنود الاحتياط خلال الحرب. بالإضافة إلى ذلك، تضع خططًا لكيفية إنشاء البنية التحتية بشكل احترافي.
كما يدعم وحدة سابير العشرات من التطبيقات الرقمية المتميزة التي تستخدمها استخبارات الجيش الإسرائيلي. وقالت مصادر إن دور سابير هو "تمكين تدفق المعلومات الاستخباراتية" من خلال جميع التطبيقات الرقمية.
وتتعامل سابير مع التكنولوجيا التشغيلية، ويُنظر إلى أعضائها غالباً على أنهم جنود دعم المعركة، حيث يوفرون الألياف الضوئية ووحدات التكنولوجيا المحمولة والبنية الأساسية لشبكة الأقمار الصناعية والراديو ومنصات الاتصال.
وتوفر "سابير" قدرات التشفير لجميع خطوط الاتصالات الاستخباراتية المختلفة في الجيش الإسرائيلي، وفي المجال الرقمي، توفر الدفاع السيبراني الخاص باستخبارات الجيش.
هل تستطيع إسرائيل تدمير "النووي الإيراني" بمفردها؟ - موقع 24تناولت صحيفة "غلوبس" الإسرائيلية، التقييمات الاستخبارية الأمريكية، التي تفيد بأن إسرائيل تنوي مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية خلال الأشهر المقبلة، مستعرضة قدرة إسرائيل حول وقف البرنامج النووي الإيراني بمفردها، وموقف إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من "تغيير قواعد اللعبة بالشرق ...وباعتبارها جناحًا رئيسيًا للبنية التحتية التكنولوجية لاستخبارات الجيش الإسرائيلي، حظيت وحدة "سابير" باهتمام كبير لدورها في عملية تفجير أجهزة بيجر ضد حزب الله.